إسرائيل وتركيا: هل تنجح دبلوماسية الجواسيس في إعادة الدفء للعلاقات بين البلدين؟
[ad_1]
- شهدي الكاشف
- بي بي سي نيوز عربي – اسطنبول
وصل إبراهيم كالين كبير مستشاري الرئيس التركي وبرفقته سادات أونال، مساعد وزير الخارجية التركية إلى إسرائيل، في زيارة تستمر يومين، تحضيرا للزيارة الهامة التي سيقوم بها الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ إلى تركيا في التاسع والعاشر من مارس – آذار المقبل.
الوفد التركي بحسب مصادر سياسية، يحمل إلى القدس، ردودا على أسئلة كثيرة طرحها وفد من الخارجية الإسرائيلية كان زار تركيا في ديسمبر – كانون الأول من العام الماضي، في محاولة لبحث ملفات الخلاف التي تعكر صفو العلاقات بين البلدين.
ويرى مراقبون أن الوقت قد حان لإعادة العلاقات التي تدهورت في عام 2018، بعد أن طردت تركيا السفير الإسرائيلي لديها احتجاجا على مقتل عشرات الشبان الفلسطينيين عند حدود غزة، وهو ما ردت عليه تل أبيب بالمثل، فتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة متعددة الأطياف، خلفا لحكومة بنيامين نتنياهو الذي حكم طويلا في إسرائيل وفشل في إيجاد نقاط التقاء تجمعه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عززت من فرص التقارب،
كما أن علاقة الرئيس الإسرائيلي بأردوغان، توصف بالجيدة، وهو ما شجع أردوغان لدعوة هيرتسوغ لزيارة أنقرة، لكن محللين في إسرائيل يرون أنه من المبكر الحديث عن إمكانية عودة العلاقات مع تركيا إلى سابق عهدها، دون الحصول على ضمانات تتعلق بتغيير أردوغان لسياسته التي توصف بالحادة تجاه تل أبيب.
فإسرائيل لم تنس موقف أردوغان خلال منتدى دافوس الاقتصادي عام 2009، وكيف خاطب الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريتس بلغة هجومية واصفا إياه بقاتل الأطفال، بعد أشهر من قيام إسرائيل بعملية عسكرية واسعة النطاق في غزة، وما تلاه من قيام تركيا بإرسال سفينة (مافي مرمرة) الى شواطئ غزة، في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها، حيث هاجمت البحرية الإسرائيلية السفينة ما أدى الى مقتل عشرة من المواطنين الأتراك.
ورغم قيام إسرائيل بتقديم اعتذار رسمي لأنقرة عن الهجوم، ودفعها لتعويضات مالية لأسر القتلى عام 2015، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتهدئة الموقف، فأنقرة لعبت دورا محوريا في إدانة العمليات العسكرية الإسرائيلية على غزة في عامي 2012 و2014، في الأمم المتحدة، كما عبرت عن رفضها لمشروع الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، لإيجاد تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل ونددت باتفاقات السلام التي وقعتها إسرائيل مع دول عربية كالإمارات والبحرين والمغرب والسودان، معتبرة إياها طعنة في ظهر الفلسطينيين.
غير أن متغيرات كثيرة حصلت في عام 2021، بعد أن وجدت أنقرة نفسها مضطرة لإعادة صياغة سياستها الخارجية وعلاقاتها الإقليمية، تحت وطأة أزمة حادة يمر بها اقتصاد البلاد، وذلك من خلال اعتماد منهج تصفير لمشاكلها مع دول تعتبرها وازنة في المنطقة، فأطلقت فرص الحوار مع مصر ودول الخليج واليونان وأرمينيا، ويبدو أن الوقت قد حان لإعادة الروح إلى علاقاتها مع إسرائيل، مستذكرة بأنها كانت ثاني أكبر دولة مسلمة تعترف بحق إسرائيل في الوجود عام 1949، أي بعد تأسيسها بعام واحد فقط، والمفارقة هي أن أول دولة إسلامية اعترفت بإسرائيل في عام 1948 هي إيران.
دبلوماسية الجواسيس
التوترات الأخيرة، عكست رغبة تركية في بعث رسائل إلى تل أبيب، في محاولة لجلب الطرف الإسرائيلي إلى مائدة الحوار، فبعد أسابيع قليلة، من إعلان تركيا تفكيك شبكة للتجسس على أراضيها تتبع لجهاز الموساد الإسرائيلي مكونة من 16 شخصا، وبدأت إجراءات محاكمتهم في تركيا، قبل أن يخرج جهاز المخابرات التركي ليعلن إلقاء القبض على مواطن إسرائيلي وزوجته بتهمة التجسس لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلية، بعد ضبطهما وهما يصوران منزل الرئيس التركي في إسطنبول من أعلى برج سياحي في الطرف الآسيوي من المدينة، وهي حادثة دفعت كلا من الرئيس الإسرائيلي ورئيس وزرائه للاتصال بأردوغان لحل المسألة وقد نجحت الاتصالات بالفعل في إقناع أنقرة بالإفراج عنهما وترحيلهما إلى تل أبيب، غير أن دبلوماسية الجواسيس، لم تقف عند هذا الحد، فقد أعلنت تركيا قبل أيام، عن نجاحها في احباط عملية كانت تستهدف اغتيال رجل اعمال إسرائيليا في تركيا، بعد ضبط خلية تابعة لإيران مكونة من ثمانية أشخاص، كانت تخطط لاستهداف مصالح وشخصيات إسرائيلية في تركيا، كرد على اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده، قرب طهران في تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
ونُسبت عملية اغتيال فخري زاده إلى إسرائيل التي اعتبرته عرّاب البرنامج النووي الإيراني.
ونددت أنقرة باغتيال العالم الإيراني باعتباره “عملا إرهابيا”.
صحيفة “يديعوت احرونوت” الإسرائيلية قالت إن جهاز الموساد ساعد في إحباط 12 مخططا لشن هجمات على مواطنين إسرائيليين في تركيا خلال العامين الماضيين فقط، وإن جهاز الموساد قد عزز علاقته بنظيره التركي “جهاز الاستخبارات الوطنية التركية (MIT)”.
فيما أشارت القناة العبرية 12، إلى أنه رغم توتر العلاقات التركية – الإسرائيلية خلال الأعوام القليلة الماضية، فإن العلاقة بين الموساد ونظيره التركي “جهاز الاستخبارات الوطنية التركية (MIT)” قد توطدت وتعززت، بشكل واضح.
وأوضحت القناة على موقعها الإلكتروني أن وفدا رفيع المستوى من مسؤولي جهاز الموساد زار تركيا مؤخرا، على رأسه ديفيد بارنيع، رئيس الجهاز نفسه، الذي يشرف، بشكل شخصي، على العلاقات الاستخبارية مع تركيا، ما يشير إلى أن التنسيق المتبادل بين البلدين، قد بدء في وقت مبكر وقبل زيارة المسؤولين الأتراك إلى إسرائيل.
ونقل موقع “والا” الإسرائيلي، عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع مطلع على الاتصالات مع تركيا حول الزيارة المقبلة للرئيس هرتسوغ إلى أنقرة، أن إسرائيل منفتحة على التقارب “ونحن نرى على سبيل المثال أن هناك تضاعفاً للنشاط التركي ضد الإرهاب الذي يستهدفنا في أراضيهم”.
ماذا تريد أنقرة؟
مراقبون يرون أن سياسة أنقرة الهادفة إلى تصفير مشاكلها الخارجية تمر عبر ممر إسرائيلي إجباري، كيف لا وتل أبيب تقيم تحالفا هاما، لاستثمار مصادر الطاقة في شرق المتوسط، مع خصوم تركيا في المنطقة وفي المقدمة منهم اليونان، بعد توقيع كل من إسرائيل وقبرص واليونان، على اتفاق يقضي بإنشاء خط لتصدير الغاز باسم (ايست ميد) ينطلق من أمام السواحل الإسرائيلية وصولا إلى أوروبا ويمر عبر موانئ قبرص واليونان، وهو أمر رفضته تركيا، بدعوى أن المشروع سيخترق مناطق الصلاحيات البحرية والنفوذ الاقتصادي بين تركيا وليبيا، ولأن المشروع لا يصب في صالح توجهات تركيا الراغبة بالحصول على حصة من موارد الطاقة في شرق المتوسط،
غير أن الموقف الحاسم جاء من واشنطن، بعد أن عبرت إدارة بايدن مؤخرا عن قناعتها بعدم جدوى المشروع، الأمر الذي سيدفع دول المنطقة، للبحث عن طريقة أخرى للبحث عن طرق أخرى لتسويق حصصها من الغاز المكتشف أمام سواحلها، وهنا تسعى تركيا للدخول على خط التحالف وتقديم بدائل تصب في مصلحتها،،
حماس وإسرائيل
وبينما تواصل إسرائيل اتهاماتها لأنقرة، بتقديم تسهيلات لقادة حماس، وتوفير ملجئ لهم على أراضيها، بدا أن تقدما حصل في هذا الخصوص، بعد أن كشفت صحيفة حورييت التركية، المقربة من الحكومة النقاب عن أن أنقرة أبلغت قيادة حركة حماس مؤخرا بأنها لا ترغب بإبقاء أي من عناصر الجناح المسلح للحركة داخل تركيا، بعد اتهامات تل أبيب لهم، باستخدام الأراضي التركية كقاعدة للتخطيط لشن هجمات داخل إسرائيل.
وقال الصحيفة، إن أنقرة أطلقت منذ أكثر من عام محادثات سرية مع عدة دول في المنطقة، من بينها إسرائيل، لإخراج قيادات حماس، المقيمة على أراضيها.
وحسب ما نقل موقع “i24News” الإسرائيلي، أبلغت أنقرة حماس بأنها لا تريد بقاء العسكريين من الحركة على أراضيها، و”لن توفر مساعدات عسكرية للحركة”، ولكنها ستسمح فقط باستمرار النشاط السياسي لحماس على أراضيها.
ورغم عدم اصدار أنقرة أو حماس، أي نفي أو تأكيد لتلك الأنباء، إلا أن مصادر إسرائيلية أخرى، أكدت أن من بين المطالب التي تقدمت بها إسرائيل، هي إبعاد تركيا لتسعة من عناصر حماس الذين يقيمون في تركيا، بناء على اتفاق تبادل الأسرى الذي تم التوصل إليه بين حماس وإسرائيل عام 2011، والمعروف بصفقة الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث أفرجت إسرائيل بموجب ذلك الاتفاق عن 1027 معتقلا فلسطينيا، وتم التوافق على إبعاد عشرة منهم الى تركيا، من بينهم تسعة من عناصر حماس وفتاة فلسطينية تنتمي لحركة فتح.
القضايا الخلافية
الوفد التركي سيزور مقر المقاطعة في رام الله، للقاء محمود عباس دون الحديث عن إمكانية لإعادة اطلاق محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فنفتالي بينت، لا يدعم فكرة حل الدولتين، ولا يلقي بالا للاتصالات التي تجري بين أردوغان وهيرتسوغ، والأخير لا يملك صلاحيات سياسية، ويحظى بمنصب شرفي وليس تنفيذي، لكنه سيقود مهمة استكشافية من الطراز الأول، فيما رأى محللون إسرائيليون أن نفتالي يرى في زيارة هيرتسوغ الى أنقرة أمرا جيدا، في هذا التوقيت، رغم دعواته للحذر في خطوات التقارب مع تركيا.
ويسعى الوفد التركي الى بحث إمكانية إعادة بناء جسور الثقة بين عباس وبينت، في مهمة تبدو ممكنة نظرا للدور الداعم الذي تلعبه أنقرة تجاه القضية الفلسطينية، فيما تتصدر ملفات التعاون الأمني والاقتصادي وقضايا التعاون في ملف الصناعات الدفاعية، وكذلك الملف النووي الإيراني، وتأسيس لجان أمنية واقتصادية واستراتيجية تمهد الطريق لعودة الدفء الى العلاقات، من بين الملفات التي سيبحثها كالين واونال مع المسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية واخرين من مكتب الرئيس الإسرائيلي.
[ad_2]
Source link