قصة آخر سفينة معروفة نقلت الرقيق من أفريقيا إلى الولايات المتحدة
[ad_1]
- زوي غوتو
- بي بي سي
اكتشاف حطام السفينة “كلوتيلدا”، بعد 160 عامًا من غرقها، يجلب حياة جديدة واهتماما كبيرا بالمدينة التي بناها الناجون الأصليون.
قال دارون باترسون، وهو يسحب سيارته على قطعة من العشب تطل على نهر موبايل الغامض: “من الجنون أن نعتقد أنهم كانوا سيبحرون إلى هنا”. يشغل باترسون منصب رئيس جمعية أحفاد الناجين من السفينة كلوتيلدا، وبالتالي فهو على دراية تامة بالحديث عن رحلة كلوتيلدا – آخر سفينة رقيق معروفة تصل إلى الولايات المتحدة.
كان جده الأكبر هو كوبولي، الذي سمي فيما بعد بولي آلين، واحدا من 110 رجال ونساء وأطفال اختطفوا بالقوة من بنين في غرب أفريقيا وجُلبوا إلى الولايات المتحدة على متن السفينة سيئة السمعة.
بدأت قصة وصول جد باترسون إلى الولايات المتحدة على متن سفينة لتجارة الرقيق بطريقة غير شرعية، كرهان فاشل بشكل صادم. فبعد 52 عامًا من حظر الولايات المتحدة استيراد العبيد، في عام 1860، راهن مالك أعمال ثري في ولاية ألاباما يُدعى تيموثي ميهير على أنه يمكن أن ينسق لنقل أفارقة مختطفين للإبحار تحت أعين الضباط الفيدراليين بدون أن يُقبض عليه.
وبمساعدة الكابتن ويليام فوستر على رأس سفينة شراعية بطول 80 قدمًا ذات صاريتين، وبعد مرور ستة أسابيع مرهقة عبر المحيط الأطلسي، نجح ميهير في ذلك. تسللت السفينة إلى خليج موبايل في التاسع من يوليو/تموز تحت ستار من الظلام. ولإخفاء أي دليل على تلك الجريمة، أضرمت النيران في السفينة الشراعية المصنوعة من إطارات من خشب البلوط الأبيض وألواح خشب الصنوبر الأصفر الجنوبي – ونزلت إلى أعماق نهر موبايل واختفت عن الأنظار تحت الماء.
استمر ذلك إلى ما يقرب من 160 عامًا، عندما اكتشف مراسل محلي يُدعى بن رينز، أثناء مد منخفض بشكل غريب، قطعة كبيرة من حطام سفينة في نهر موبايل، وكان يُعتقد في البداية أنه حطام السفينة كلوتيلدا.
اتضح أن الأمر لم يكن كذلك، لكن هذا الاكتشاف أعاد إثارة الاهتمام بهذه السفينة وأدى إلى بحث مكثف شارك فيه العديد من الأطراف، بما في ذلك لجنة ألاباما التاريخية، وجمعية ناشيونال جيوغرافيك، وشركة البحث، ومشروع حطام السفن. وبعد جهود مضنية، وفي مايو/أيار 2019، أُعلن أخيرًا عن اكتشاف حطام السفينة كلوتيلدا.
والآن، وبعد ثلاث سنوات، بدأت مدينة موبايل تشهد طفرة سياحية كبيرة، بسبب الاهتمام بقصة السفينة كلوتيلدا، وحياة أسراها.
وافق باترسون على اصطحابي في جولة حول أفريكاتاون، وهي منطقة استقر فيها العديد من أسرى السفينة أخيرًا، وتربى فيها باترسون نفسه. بدأنا الجولة في قطعة أرض بجوار نهر موبايل، وتحت جسر مرتفع، وهي المنطقة التي كانت تلتقي فيها مجموعة من أحفاد الرقيق الذين كانوا على متن السفينة كلوتيلدا سنويًا في مهرجان “تحت الجسر”، “للحديث عن كيفية وصول أسلافنا إلى هنا والاستمتاع ببعض الطعام والرقص”.
ومع ذلك، لم يكن هناك مهرجان في ذلك اليوم وكان الجو هادئًا – كانت امرأة واحدة وحفيدها يلعبان على حافة مياه المستنقعات في ظل صخب حركة المرور المستمرة.
وبينما كان باترسون، وهو كاتب رياضي سابق في الستينيات الآن من عمره، في طريق العودة إلى سيارته تذكر أن منطقة أفريكاتاون كانت مكانًا مزدهرًا ومكتفيًا ذاتيًا عندما كان صغيرا، مضيفا أن “الوقت الوحيد الذي كنا نحتاج فيه إلى مغادرة هذا المكان كان عندما نذهب لدفع فاتورة المرافق”، إذ كان كل ما هو مطلوب في متناول اليد، باستثناء مكتب البريد.
تقع أفريكاتاون على بُعد ثلاثة أميال شمال وسط مدينة موبايل، وقد أسسها 32 من الناجين الأصليين من السفينة كلوتيلدا بعد التحرر في نهاية الحرب الأهلية في عام 1865.
وبدافع الحنين إلى الوطن الذي انتزعوا منه بوحشية، أقام السكان مجتمعا متماسكا لمزج تقاليدهم الأفريقية مع العادات الشعبية الأمريكية، وتربية الماشية وزراعة الأرض. وكانت أفريكاتاون واحدة من أولى المدن التي أسسها الأمريكيون الأفارقة في الولايات المتحدة وسيطروا عليها، وكانت هذه المدينة تضم كنائس وصالونات حلاقة ومتاجر خاصة بها (كان أحدها مملوكًا لعم باترسون)، بالإضافة إلى مدرسة تدريب مقاطعة موبايل، وهي مدرسة عامة أصبحت العمود الفقري للمجتمع.
ومع ذلك، مر هذا الحي الذي كان نابضًا بالحياة بأوقات عصيبة عندما جرى إنشاء طريق سريع في وسطه في عام 1991، وكان التلوث الصناعي يعني أن العديد من السكان المتبقين حزموا أمتعتهم ورحلوا في نهاية المطاف.
يقول باترسون: “لم نتمكن حتى من نشر ملابسنا حتى تجف، لأنها كانت ستُغطى بالرماد [منتج من صهاريج تخزين النفط والمصانع في ضواحي أفريكاتاون]”. ومع إغلاق مصنع “الورق الدولي” في عام 2000، وما تلاه من دعوى قضائية رفعها السكان تتعلق بالصحة العامة، انخفض عدد سكان أفريكاتاون بشكل ملحوظ، فبعدما وصل إلى 12,000 شخص في الستينيات من القرن الماضي وصل الآن إلى حوالي 2000 شخص.
وكان النزوح الجماعي والفقر والمشاكل البيئية ظاهرة للعيان عندما انتقل باترسون إلى أفريكاتاون، إذ كان جانب الطريق مملوءا بالمصانع المهجورة، وكانت الشوارع السكنية الهادئة مليئة بالأراضي الخالية والمنازل الشاغرة، بعضها في حالة سيئة للغاية وجدرانها متهالكة.
لكن أفريكاتاون بدأت تتغير مرة أخرى، إذ أدى اكتشاف حطام السفينة إلى إعادة الاهتمام بالمدينة وإعادة بناء هذا المكان التاريخي والمحافظة عليه؛ وتدفقت الأموال التي بدأت أثارها تظهر على كل شيء، بدءا من العلاقات الشخصية وصولا إلى الأماكن التاريخية.
وعلى الرغم من أن قصة كلوتيلدا كانت معروفة – وكانت حياة الركاب الأصليين موثقة جيدًا لدرجة وجود بعض الصور والمقابلات الشخصية، بل ومقاطع فيديو – بدون دليل على وجود السفينة، إلا أن التاريخ كان مدفونا، ولم يكن من مصلحة السكان البيض أن يعترفوا بحقيقة كيفية وصول الرقيق. لكن العثور على حطام السفينة أدى إلى تأكيد قصتهم واستعادة الحقيقة بعد عقود من الإنكار.
وخلال ما يقرب من ثلاث سنوات منذ اكتشاف كلوتيلدا، خضع الحطام لاستكشافات أثرية واسعة النطاق لتحديد إمكانية رفعه بأمان. وأدى التأثير المتواصل لوسائل الإعلام إلى ظهور عدد كبير من المبادرات للتمويل الحكومي والمجتمعي والخاص لتنشيط أفريكاتاون، بما في ذلك التمويل من جانب شركة “أفريكاتاون لإعادة التطوير”، التي تستخدم المنح لترميم المنازل التي كانت في حالة سيئة وهدم وإعادة بناء الكثير من الأماكن المهجورة.
ويُضاف إلى ذلك مبلغ 3.6 مليون دولار تسوية التسرب النفطي لشركة “بريتيش بتروليوم” والذي خُصص لإعادة بناء مركز الترحيب بأفريكاتاون، الذي اجتاحه إعصار كاترينا في عام 2005.
قادني باترسون إلى منزل جدته وتوقف للدردشة مع جارة مسنة على شرفة منزلها (طلبت بأدب عدم التصوير). وعلى عكس بعض العائلات الأخرى، أخبرني باترسون أنه لم يستمع إلى الكثير من الحكايات والأخبار عن أسلافه أثناء نشأته، وقال “أعتقد أن أهلي ربما كانوا محرجين”، مشيرًا إلى أن الأسرى المهربين قد واجهوا العديد من الإذلال، بما في ذلك تجريدهم من ملابسهم أثناء الرحلة. ويضيف: “لابد أن هذا قد كسر إرادتهم”.
[ad_2]
Source link