ما قصة أرخبيل تشاغوس الذي استأجرت أمريكا إحدى جزره من بريطانيا لإقامة قاعدة عسكرية عليها؟
[ad_1]
أرسلت حكومة موريشوس (الثلاثاء) قاربا لأرخبيل جزر تشاغوس المتنازع عليها مع بريطانيا، في رحلة هي الأولى من نوعها. وتسيطر بريطانيا على الأرخبيل الواقع في المحيط الهندي، ولكن موريشوس تمكنت من حشد تأييد دولي لحملتها الرامية إلى استعادة الجزر. ومن المقرر أن يقوم القارب بإجراء أبحاث علمية، ولكنه يحمل على متنه أيضا مجموعة من سكان الأرخبيل الذين أجبرتهم بريطانيا على مغادرته قبل نحو نصف قرن.
الهدف الرسمي لهذه البعثة البحرية غير المسبوقة هو البحث العلمي، حيث تقول حكومة موريشوس إنها تعتزم رسم خرائط للشعاب المرجانية المحيطة بالأرخبيل النائي.
ولكن البعض قد ينظر إلى هذه الخطوة على أنها سياسية ومستفزة من قبل موريشوس التي تسعى بشكل متزايد لتأكيد عدالة مطالبتها بفرض سيادتها على الجزر.
فما قصة ذلك الأرخبيل؟ ولماذا تتمسك بريطانيا به؟
الموقع وتاريخ النزاع
يقع أرخبيل تشاغوس في المحيط الهندي، على بعد نحو 1000 كيلومتر جنوب المالديف، وحوالي 2000 كيلومتر شرق السيشيل، وعلى بعد نحو 2000 كيلومتر شمال شرق موريشوس. يحتوي الأرخبيل على أكبر جزيرة مرجانية في العالم، والتي يطلق عليها جرف تشاغوس العظيم. وأكبر جزر الأرخبيل التي يبلغ عددها نحو 60 هي جزيرة دييغو غارسيا.
رغم أن البحارة البرتغاليين هم أول من اكتشف الأرخبيل في القرن السادس عشر، إلا أنه لم يصبح جزءا من الإمبراطورية البرتغالية، ربما لأنه لم يكن يمثل أي أهمية اقتصادية أو سياسية لها.
وكان الفرنسيون هم أول من أعلنوا سيادتهم عليه وعلى موريشوس في القرن الثامن عشر. وكان الأرخبيل غير مأهول إلى أن أنشأ الفرنسيون مزارع جوز الهند هناك، مستخدمين عمال سخرة من العبيد. وكانوا يديرون جزر تشاغوس من موريشوس التي أطلقوا عليها اسم”جزيرة فرنسا” (Ile De France).
في عام 1810، احتلت بريطانيا “جزيرة فرنسا” وأعادت تسميتها موريشوس، ثم انتقلت السيادة على أرخبيل تشاغوس إليها بعد أن تنازلت فرنسا عن موريشوس وعن كل الجزر التابعة لها إداريا (بما في ذلك الأرخبيل)، بموجب معاهدة باريس الموقعة في عام 1814.
وكانت بريطانيا تدير الأرخبيل باعتباره أراضي تابعة لموريشوس كما كانت تفعل فرنسا. وتشير مراجع تاريخية إلى أن أغلبية سكان جزر تشاغوس الأوائل جاءوا من بلدان أفريقية كموزمبيق ومدغشقر والسنغال وموريشوس. ولكن الحكومة البريطانية تقول إن أول من سكن الأرخبيل كانوا عمالا موسميين من كل من موريشوس والسيشيل.
وبعد حصول دولة موريشوس على استقلالها عن بريطانيا في عام 1968، احتفظت بريطانيا بأرخبيل تشاغوس، ودفعت لموريشوس “منحة” قدرها 3 ملايين جنيه إسترليني مقابل فصل الأرخبيل عنها.
وبين عامي 1967 و1973، تعرض ما بين 1500 و2000 من سكان الجزر للترحيل القسري لكي يتم بناء قاعدة جوية أمريكية على كبرى جزر الأرخبيل، جزيرة دييغو غارسيا. ولم يسمح لهم بالعودة منذ ذلك الحين.
وتقول بريطانيا إنها دفعت لموريشوش ولصندوق ائتماني يمثل مصالح سكان الأرخبيل المرحلين مبالغ مالية في السبعينيات والثمانينيات على سبيل التعويض وللمساعدة في إعادة توطينهم. ولكن المرحلين يقولون إنهم عانوا من التفرقة والفقر المدقع. وتقول موريشوس إنها أجبرت على التخلي عن الأرخبيل مقابل الحصول على استقلالها في عام 1968.
وقد أعلنت بريطانيا أكثر من مرة أنها ستعيد الأرخبيل إلى موريشوس عندما تنتفي الحاجة الأمنية إليه.
قاعدة عسكرية مهمة
اتفقت بريطانيا والولايات المتحدة سرا في ستينيات القرن الماضي على استخدام الأرخبيل للوفاء باحتياجاتهما الدفاعية. وأظهرت رسائل متبادلة بين الطرفين نشرت في عام 2004 أن البلدين اتفقا عن استخدام أمريكا لجزيرة دييغو غارسيا لمدة أولية تبلغ 50 عاما قابلة للتمديد لمدة 20 عاما أخرى بعد عام 2016.
وكتب جون بريسكوت النائب السابق لرئيس الوزراء البريطاني (1997-2007) في مقال نشر في صحيفة الميرور عام2013 أن الاتفاق بين البلدين ظل طي الكتمان لسنوات عديدة، وأنه في مقابل سماح بريطانيا لأمريكا ببناء قاعدة عسكرية في الأرخبيل “حصلت حكومة حزب العمال بقيادة هارولد ويلسون على تخفيض على صواريخ بولاريس”.
وفي عام 2016، تم تمديد فترة إيجار القاعدة الأمريكية حتى عام 2036.
الموقع النائي والمنعزل للأرخبيل من الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة تختاره لإنشاء قاعدة عسكرية من السهل حمايتها هناك. كما أنه يقع في وسط المحيط الهندي، ما يجعله غير بعيد عن مناطق مختلفة من العالم – من جنوب أفريقيا وغربها إلى الشرق الأوسط إلى شرق آسيا.
وقد تحدثت تقارير عن وجود في جزيرة دييغو غارسيا لكل من وكالة الأمن القومي الأمريكية “إن إس إيه”، ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي إيه”، ووكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، وقوة الفضاء التي شكلها الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2019.
استخدمت الولايات المتحدة قاعدتها الجوية بجزيرة دييغو غارسيا في إرسال طائرات لتنفيذ غارات جوية على كل من أفغانستان والعراق. وأشارت تقارير إلى استخدام القاعدة من قبل السي آي إيه لاستجواب أشخاص يشتبه في أنهم إرهابيون.
تأييد دولي
في مارس/آذار عام 2015، أصدرت المحكمة الدائمة للتحكيم المعنية بتسوية النزاعات بين الدول، قرارا ينص على أن المنطقة البحرية المحمية التي أعلنتها المملكة المتحدة حول أرخبيل تشاغوس في عام 2010 تنتهك القانون الدولي.
وفي فبراير عام 2019، طالبت محكمة العدل الدولية بريطانيا بإنهاء ما وصفته “بالاحتلال غير القانوني” لأرخبيل تشاغوس. بعد ذلك بثلاثة أشهر، صوتت الجمعية العامة بأغلبية 116 دولة على قرار يطالب إعادة الأرخبيل لموريشوس بدون قيد أو شرط في غضون فترة لا تزيد عن ستة أشهر.
لم تلتزم بريطانيا بأي من القرارين، وقالت إن الأرخبيل جزء من أراضيها وظل تحت السيادة البريطانية منذ عام 1814، وإن موريشوس لم تكن لها سيادة عليه في أي وقت من الأوقات، وإنها لا تعترف بحقها في ذلك.
وأعرب الاتحاد الأفريقي وحركة عدم الانحياز مرارا عن تأييدهما لحق موريشوس في السيادة على الأرخبيل.
وقد اعتذرت بريطانيا أكثر من مرة عن الترحيل الإجباري لسكان الجزيرة، ولكن رئيس وزراء موريشوس برافيد جاغنوت انتقد بريطانيا مرارا، ووصف ترحيلها لسكان الجزيرة بأنه جريمة في حق البشرية.
وصدر في بريطانيا عام 2002 قانون يسمح لسكان تشاغوس المولودين بين عام 1969 وعام 1982 والذين أعيد توطينهم في موريشوس بالحصول على الجنسية البريطانية، ولكنه ترك بعض العائلات مقسمة نظرا لقصر الفترة الزمنية التي يغطيها.
وبرأي كثير من المراقبين، فإن الهدف من الرحلة الاستشكافية التي أرسلتها موريشوس إلى الأرخبيل أبعد بكثير من مجرد رسم خرائط لجزر تشاغوس وشعابها المرجانية. فهي ترغب على ما يبدو في حشد التأييد الدولي لما يعتبره كثيرون، ولا سيما في أفريقيا، خطوة تأخرت كثيرا لإنهاء الاستعمار.
[ad_2]
Source link