بيتكوين وأخواتها: لماذا تكرهها معظم الحكومات؟
[ad_1]
- حسام فازولا
- بي بي سي نيوز عربي
هل يمكن لأي أحد أن يصنع عملات رقمية؟ لا أعرف. ما هي آلية تداولها؟ ومن هو الضامن لها؟.لا أعرف”
هكذا يقول أحد المشاة في أحد شوارع القاهرة، مرددا أسئلة قد تخطر على بال كثيرين. ولكن ماذا لو كانت الحكومات هي من يصنع هذه العملات؟ ربما تنقلب الآية.
بشكل عام، تتعامل أغلب دول العالم بشكل عدائي مع العملات الرقمية المشهورة، مثل بيتكوين Bitcoin والإيثيريوم Ethereum.
ودولة السلفادور هي الوحيدة التي تعترف بالبيتكوين كعملة رسمية، وتعتبر الولايات المتحدة وكندا هذه العملات قانونية، أما بقية الدول فإما تفرض قيودا على شرائها وبيعها مثل فيتنام وجورجيا، أو تعمل على قوانين للتحكم فيها مثل بريطانيا والاتحاد الأوروبي، أو تمنع التعامل مع تلك العملات بشكل حاسم مثل الصين وبنغلاديش.
وتنتمي أغلب الدول العربية إلى هذا التصنيف الأخير ومن ضمن هذه الدول العراق وقطر وعمان والمغرب والجزائر وتونس، أما مصر فهي لم تكتف بمنع العملات الرقمية، بل أفتى جامع الأزهر بتحريمها.
لماذا كل هذا المنع؟
تعد العملات الرقمية المشفرة أصولا متقلبة، تتفاوت أسعارها بشكل سريع وتتأثر بعدة عوامل خارجية، ما يجعل الاستثمار بها محفوفا بالمخاطر. فهناك من حقق أرباحا تزيد بأضعاف عما اشترى به، وهناك من خسر كل ما استثمر. لكن هذا التقلب يحدث أيضا لدى الاستثمار في أسهم بعض الشركات المطروحة في البورصات الدولية والمحلية، دون أن يُمنع أو يُجرم رسميا.
وقد يرى بعضهم أنه من الصعب مقارنة أسهم الشركات بالعملات الرقمية المشفرة، إذ أن هناك استخداما واضحا وقيمة متفقا عليها لتلك الأسهم. و يجادل مستثمر العملات الرقمية أنه يمكن قول المثل على العملات الرقمية المشفرة.
فالإيثيريوم مثلًا، أتاح حل لمشكلة استبيان أصلية الفن الرقمي من عدمها بتقنية الـ NFT. ويرى آخرون أن العملات الرقمية تبعدهم عن مخاطر خسارة النقود التقليدية لقيمتها نتيجة للتضخم.
ربما يكمن السبب الأساسي لهذا المنع في أن هذه العملات الرقمية المشفرة تنتمي إلى نظام غير مركزي، يقع خارج سيطرة الحكومات، والبنوك المركزية، وشركات الأموال الكبيرة.
ويسمى هذا النظام بالاقتصاد غير المركزي أو “ديفاي” Defi. وهو نظام معزز بمئات من تطبيقات الصرافة الرقمية، وآلاف العملات الرقمية ونسب فائدة وإقراض.
يقول كولين ستون، الباحث الاقتصادي في حواره مع بي بي سي عربي، أنه من المنطقي أن تحارب الدول العملات الرقمية، “فالبنوك المركزية، والاقتصاد الرسمي هم من يتحكم في العرض والطلب والسعر ونسب الفائدة. ثم تأتي العملات الرقمية لتبين أنه يمكن إقامة نظام مثل هذا بدون متحكم”. ولكن يمكن أن يكون هناك نظام مالي متكامل بدون وجود آلية للتحكم؟
ماذا تعني البلوك تشين والتعدين والـNFTs ؟
بينما تعتمد النقود التقليدية على غطاء من الذهب محفوظ في البنوك المركزية، بحيث تعبر كل ورقة بنكنوت عن نسبة من هذا الذهب. تتمثل قيمة العملات الرقمية الغير مركزية في تشفيرها، وهو ما يعتمد على تقنية تسمى الـ”بلوك تشين”.
والبلوك تشين هو شبكة من الحواسيب المتصلة بنفس السجل النقدي المتجدد بشكل آني. يتجدد هذا السجل بالمعاملات الحسابية للنقود الرقمية، من اشترى ومن باع وما السعر الحالي بناء على العرض والطلب، ويتجدد هذا الحساب أيضًا بالعملات التي تم تصنيعها جديدًا.
وتعرف عملية تصنيع العملات الرقمية بالتعدين وهو عملية التشفير المعقدة التي تحتاج إلى حواسيب متخصصة قوية، وتستهلك الكثير من الكهرباء، ويستغرق “المعدِّنون” فترات طويلة من أجل صناعة عملة واحدة، أصلية، يصعب اختراقها، أو تقليدها.
و إذا نجح أحد المخترقين في تقليد عملة ما، أو اختراق أحد الحواسيب لسرقة العملات الرقمية، تكتشف باقي الأجهزة المتصلة بالبلوك تشين هذا الاختراق وتبين مصدر هذه العملات أو صاحبها الأصلي إن وجد، وتصحح السجل. وهذا هو المبدأ الذي تعتمد عليه الـNFTs، فالآن يمكن أن يكون هناك كيان رقمي أصلي، لا يمكن نسخه ولصقه.
سباق الحكومات
هكذا يفسر ستون اتجاه الحكومات المختلفة نحو العملات الرقمية الرسمية. إذ أن شراء العملات الرقمية المشفرة وتبادلها يتم من خلال تطبيقات صرافة رقمية عديدة، لا يمكن تطبيق منع الدول لهذه المعاملات بشكل كامل. وهو الشيء الذي ربما أدركته الحكومات المانعة. فظهر اتجاه جديد في تبني الدول لنظام عملات رقمية رسمية مركزية، ولا يعني ذلك مجرد الاعتماد على بطاقات الائتمان والحسابات الإلكترونية في مقابل النقود الورقية والمعدنية. بل يعني تغييرا جذريا في منظومة النقود بشكل عام.
فوفقًا لمشروع تعقب العملات الرقمية الرسمية لمنظمة المجلس الأطلسي للتنمية، فإن 68 دولة حول العالم تعمل على تطوير عملاتها الرقمية المركزية، ومن ضمنها الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، وروسيا، والولايات المتحدة. بينما طرحت 23 دولة بالفعل عملتها الرقمية، مثل الصين والسويد وسنغافورة وماليزيا.
وبالنسبة للدول العربية فإن السعودية والإمارات في مرحلة تجربة العملات الحكومية الرقمية، بينما لا تزال البحرين تعمل على تطوير نظام عملاتها الرقمية. كما بدأت كل من تونس والمغرب مرحلة البحث. أما مصر، فتعطل مشروعها، بعد وصول نتائج البحث للتحول للعملات الرقمية إلى نتيجة مفادها أن أكثر من 80 في المئة من المواطنين لا يتعاملون مع البنوك.
لكن، هل تنجح هذه المحاولات لتأسيس اقتصاد رقمي رسمي في السيطرة على الاقتصاد الرقمي ومنافسة العملات الرقمية العالمية مثل البيتكوين والإيثيريوم؟
مصير النقود
يتوقع كولين ستون أن تنجح هذه العملات الرسمية الرقمية “حيث يثق الناس في النقود الرسمية ويعرفونها جيدًا، يثقون في ثبات سعرها بنسبة ما، ويثقون في المؤسسات التي تديرها، فنحن نتحدث عن عملات مثل الدولار والاسترليني واليورو.”
لكنه يرى أن اختيار العملات الرقمية الغير مركزية يظل ملجأ لمن يريد أن يستثمر أو يحفظ أمواله خارج سيطرة الحكومة.
ولكن ماذا عن العملات الرقمية العربية؟ في لقاء بي بي سي مع منظمة “زيفاي” للاقتصاد الرقمي العربي، يقول خليل حمود الباحث بالمنظمة، إن الأمر قد يكون أكثر تعقيدًا في الدول العربية” ففي الدول التي لديها استقرار ولدى عملتها الوطنية ثقة معينة، هناك احتمال أكبر أن يميل الناس إلى العملات الرسمية الرقمية، ولكن في الدول التي لا يثق المواطنون في حكوماتها، سيتجه الناس للديفاي. الديفاي يمنح هذا المتنفس للناس بعيدا عن سلطة الحكومات.”
ويطرح أحمد ساس الباحث بالمنظمة تساؤلًا يتعلق بخصوصية المستخدم في الدول القامعة للحريات الشخصية، فيقول “ماذا إذا كانت كل تعاملاتك مسجلة ولدى الحكومة؟” مشيرا إلى أن العملات الرقمية الرسمية اتية لا محالة”.
ويقول أحمد كرم مؤسس “زيفاي” إن “الهدف الأساسي للمنظمة كان تقديم محتوى عربي عن الاقتصاد الرقمي”. ثم تطور المشروع لتتحول زيفاي إلى أكاديمية رقمية عربية لإيمانهم بأن “الاقتصاد الرقمي هو المستقبل”
ربما يرى البعض أن العملات المشفرة هي المستقبل، بينما يرى أخرون أن النظام النقدي المركزي لا غنى عنه، لكن لا شك في أن النقود كما نعرفها قد تكون مجرد مرحلة في تطور الاقتصاد.
[ad_2]
Source link