قصة القرية التي تجعل لكل مولود جديد من اسمه أغنية
[ad_1]
- ساتاروبا بول
- بي بي سي
في إحدى القرى النائية بولاية ميغالايا الهندية، يكون لكل شخص ثلاثة أسماء: اسم عادي، ولحن مميز، ونغمة أقصر أقرب إلى الكنية.
بينما كانت سيارتي تسير بشكل غير مستقر عبر طريق ضيق في تلال شديدة الانحدار، وصلت أصوات حشرات الزيزيات الحادة إلى أذني من الأدغال شبه الاستوائية الكثيفة. وحول منعطف، سمعت نغمة مختلفة عبر الوادي، وكانت هذه النغمة أكثر نعومة ورخامة وغرابة. وبعد عدة منعطفات أخرى محفوفة بالمخاطر، ظهرت المنازل الأولى لقرية كونغثونغ، مصحوبة بمزيد من الألحان التي تنطلق في الهواء بينما كان أحد القرويين ينادي على آخر.
تقع قرية كونغثونغ وسط تلال شرق خاسي الخضراء في ولاية ميغالايا في شمال شرقي الهند، ولا يمكن الوصول إلى هذه القرية إلا من خلال قيادة السيارة لمدة ثلاث ساعات من عاصمة الولاية، شيلونغ. وتُحاط القرية بتلال عالية رائعة ووديان عميقة بشكل مذهل. كما أنها موطن لتقليد فريد من نوعه يسمى “جينغرواي إياوبي”، متبع هنا منذ عدة قرون.
ووفقًا لهذا التقليد، فإن كل مولود جديد في قرية كونغثونغ يكون له اسم عادي وأغنية مميزة عند الولادة من قبل الأم. وبينما يُستخدم الاسم العادي للأغراض الرسمية فقط، تصبح هذه الأغنية هي الهوية التي تميز الشخص طوال حياته. وبمجرد أن يموت الشخص، تموت الأغنية معه إلى الأبد، ولا تتكرر أبدًا لأي شخص آخر على الإطلاق.
تقول شيدياب خونغسيت، التي تنتمي لقبيلة الخاسي، وهي واحدة من ثلاث قبائل في ميغالايا، وتعيش في قرية كونغثونغ: “إنه تعبير عن حب الأم الجامح وسعادتها عند ولادة طفلها. إنه مثل أغنية في قلب الأم، مليئة بالحنان، مثل التهويدة التي تغنيها الأم لتشجيع طفلها على النوم”.
دعتني خونغسيت إلى منزلها المتواضع لتناول كوب من الشاي. وداخل منزلها، وهو عبارة عن كوخ من غرفة واحدة بسقف مائل من القش، جلسنا القرفصاء على الأرضية الخشبية. وفي إحدى الزوايا، انشغلت كونغسيت وزوجها، برينغ خونغجي، بإشعال النار. وأثناء وضع الأخشاب في النار وإشعالها عن طريق نفخ الهواء عبر أنبوب طويل، كانت خونغسيت تتحدث عن أطفالها الأربعة وتغني أغنياتهم لي – مدة كل منها تتراوح بين 14 و18 ثانية وتختلف بشكل ملحوظ عن الأخرى. وأوضحت: “هذه هي الأغنيات الأصلية الأطول التي نغنيها في الحقول، عندما يحتاج المرء إلى منادة شخص آخر عبر التلال والوديان”.
في الماضي، كانت هذه الألحان تُستخدم لمساعدة الأشخاص على تتبع بعضهم بعضا في الغابة أثناء الصيد، وأيضًا “لدرء الأرواح الشريرة”.
تقول خونغسيت: “نعتقد أن الأرواح الشريرة التي تسكن الغابات لا يمكنها تمييز نغماتنا عن بعضها بعضا أو عن أصوات الحيوانات. وبالتالي، لا يصيبك أي ضرر عندما تُنادى باستخدام النغمة المخصصة لك في الغابة”.
وأوضحت أن هناك نسخة أقصر أيضًا، وهي عبارة عن مقطع من اللحن الطويل يكون أقرب إلى الكنية أو الاسم المستعار، ويُستخدم عندما يكون الشخص قريبا من الشخص الذي يناديه، على سبيل المثال في المنزل أو في الملعب. وعند سماع هذه النغمات من بعيد، تبدو وكأنها صفارات، ولهذا أطلق على قرية كونغثونغ اسم “قرية الصفير”.
وعندما أعطتني خونغسيت كوبًا من الشاي الأحمر الساخن، يُقدم بدون حليب وبكمية كبيرة من السكر، سألتها عن أصل هذه الممارسة، فردت قائلة: “لا يمكن لأحد أن يقول على وجه اليقين متى بدأت، لكن معظم الناس يتفقون على أنها كانت موجودة منذ نشأة قرية كونغثونغ. كما أن القرية نفسها موجودة حتى قبل إنشاء مملكة زوهرا من قبل شعبنا ومن قبل سكان قرى أخرى في المنطقة”.
وبالنظر إلى أن مملكة زوهرا تأسست في مدينة تشيرابونغي المجاورة، التي اشتهرت بكونها أكثر الأماكن رطوبة على وجه الأرض، في وقت ما في أوائل القرن السادس عشر، فإن عمر هذه القرية – وبالتالي أصل هذه الممارسة – يعود إلى أكثر من 500 عام. ومع ذلك، ورغم كل هذا الوقت الطويل، لم تُوثق هذه العادة حتى وقت قريب.
وُلدت الدكتورة بياشي دوتا ونشأت في مدينة شيلونغ، وهي حاليًا أستاذة مساعدة في مدرسة أميتي للاتصالات في نويدا، بالقرب من دلهي. قرأت دوتا عن قرية كونغثونغ أثناء بحثها عن أحد الموضوعات للحصول على درجة الدكتوراه. وتقول عن ذلك: “ميغالايا مجتمع أمومي، حيث تكون المبادئ والأخلاقيات والتقاليد والعادات الأمومية متأصلة في النظام وتنتقل شفهياً عبر الأجيال المختلفة. وكونغثونغ ليست استثناء، فهنا تتجذر ممارسة الألحان أو الأغاني كأسماء في روحهم الثقافية وتنتقل شفهيًا من جيل لآخر”.
أما المعنى الحرفي لتقليد “جينغرواي إياوبي” فهو لحن يُغنى تكريما للأم الأولى للعشيرة، “لذلك، هناك دلالة رمزية مرتبطة بهذه الممارسة أيضًا – أنك لا تخصص نغمة لحديثي الولادة فحسب، بل تحترم أيضًا أسلافك وتسعى للحصول على بركاتهم”.
في الواقع، تعد الورقة البحثية التي كتبتها دوتا ونُشرت في نشرة علم الاجتماع الهندية في عام 2016، أول توثيق لهذه الممارسة. وفي نفس العام، أخرج المخرج الهندي أوينام دورين فيلما وثائقيا مدته 52 دقيقة بعنوان “اسمي إيووو” عن قرية كونغثونغ وتقاليدها الفريدة. ويستكشف الفيلم، الحائز على جائزة الثقافة الملموسة في مهرجان راي السينمائي الخامس عشر في بريستول، ما يحدث لهذا التعبير من الحب من جانب الأمهات عندما يسافر الأبناء إلى مدن أكبر ويتعرضون لأنماط الحياة الحديثة.
وحتى وقت قريب، لم يكن الانتقال من القرية إلى شيلونغ أو مدن أخرى معروفًا عمليًا في كونغثونغ، على الرغم من أن القرية لا تضم سوى مرافق تعليمية للمرحلة الابتدائية فقط. لكن في الآونة الأخيرة، يغادر عدد متزايد من الشباب للحصول على الدراسات العليا أو البحث عن فرص عمل، ويفقد الكثيرون منهم الاتصال بتقاليدهم.
تقول دوتا: “هذا شيء يجب على المجتمع معالجته. ربما يمكنهم حضور جلسات مجتمعية تناقش أهمية هذه الممارسة القديمة وتُقيم الخيارات فيما يتعلق بكيفية الحفاظ عليها حتى عندما تعيش في مكان آخر”.
وبالنسبة لمجتمع زراعي إلى حد كبير، فإن خلق فرص عمل في قطاعات أخرى مثل السياحة قد يساعد القرية أيضًا في الاحتفاظ برونقها أو جذب أبنائها للعودة.
وبينما كنت في كونغثونغ، قابلت روثيل كونغسيت الذي انتقل إلى مدينة شيلونغ من أجل التعليم العالي والحصول على وظيفة حكومية، قبل أن يترك كل هذا ويعود مجددا إلى القرية، وهو الأمر الذي أثار استياء والدته. والآن، يشغل كونغسيت منصب رئيس لجنة تنمية قرية كونغثونغ وسكرتير الجمعية التعاونية للسياحة الزراعية للسكان الأصليين في القرية. يقول كونغسيت: “لم أكن راضيا عن الوظيفة الحكومية الجيدة في المدينة الكبيرة. كان قلبي هنا معلقا بقريتي، وكنت متحمسًا لتعزيز ثقافتنا”.
يقول كونغسيت إنه حتى وقت قريب، لم يكن القرويون على دراية بأن ممارستهم الفريدة يمكن أن تكون بمثابة بطاقة جذب للزوار. ويضيف: “بالنسبة لنا، هذه الممارسة متأصلة في حمضنا النووي. لا تتعلم المرأة كيفية تأليف لحن، فهذا الأمر يأتي بشكل طبيعي إليها بعد الولادة. إننا نتعلم الألحان المخصصة لنا وكذلك لأفراد عائلتنا وأصدقائنا، تمامًا كما نتعلم لغتنا الأم – من خلال الاستماع إليها منذ الولادة”.
وفي الآونة الأخيرة، ومع الاهتمام المتزايد بالمكان من قبل الغرباء، بدأت القرية في إدراك إمكاناتها السياحية. وفي عام 2014، شُيد طريق إلى كونغثونغ ليحل محل مسار المشي السابق عبر الجبال. وقبل عام، بُنى منزل في القرية على الطراز التقليدي باستخدام مواد محلية مثل الخيزران. وشهدت القرية منذ ذلك الحين تدفقًا بطيئًا للمسافرين من جميع أنحاء الهند.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، رُشحت القرية لجائزة منظمة السياحة العالمية لأفضل قرية سياحية، والتي تكرم “القرى التي تتخذ مناهج مبتكرة وتحويلية للسياحة في المناطق الريفية بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة”.
[ad_2]
Source link