تعرّف على تجربة إدارة نسائية لقرية بريطانية لمدة نحو قرن
[ad_1]
- لورنس كولي ولويز بيرت
- بي بي سي
قبل حوالي 100 عام، نشرت صحيفة “وستمنستر غازيت” اللندنية، مقالا عن قرية إنجليزية “تديرها النساء”. وكانت القرية المقصودة هي لوفورد، الواقعة في شمال شرقي مقاطعة إسيكس على بعد نحو 120 كلم من مركز لندن.
بعد مرور كل تلك السنوات، واختفاء الصحيفة الشهيرة من عالم الصحافة منذ أمد بعيد، ورغم التغيرات الكثيرة التي شهدتها بريطانيا، يبدو أن تلك القرية حافظت على إدارتها النسائية حتى اليوم.
وجاء في عنوان ذلك المقال اللافت الذي نشرته الصحيفة عام 1925 “امرأة تجمع ضرائب، امرأة تدير مكتب البريد، واثنتان أخريان توزعانه، وواحدة تدير مدرسة، وأخرى هي سكرتيرة الكنيسة”.
في ذلك الوقت كانت “وستمنستر غازيت”، الصحيفة الليبرالية، التي تأسست عام 1893، من أشهر الصحف البريطانية، ويكتب فيها عدد من أهم الشخصيات، وقد نشر فيها كل من دي إتش لورانس، وكاثرين مانسفيلد باكورة أعمالهما.
بينما توقفت الصحيفة اليومية عن الصدور منذ عام 1928، استمرت لوفورد، في النمو والازدهار المجتمعي، لتصبح ما هي عليه اليوم.
كما يبدو أن نساء القرية، التي يبلغ عدد سكانها نحو 4300 شخص، ما زلن يمسكن بزمام الأمور، وتقع عليهن مسؤولية إدارة مرافقها الحيوية وسلطاتها المحلية.
تشغل سالي موريس منصبين بارزين في القرية، فهي مديرة مدرسة مانينغتري الثانوية القريبة، التي يدرس فيها 890 تلميذا، وهي كذلك الكاهنة المساعدة في كنيسة سانت ماري في القرية.
وتقول موريس “أصبحت قسيسة في عام 2011، في ذلك الوقت كان هناك العديد من النساء في السلك الكنسي، وفي جميع أنواع الأدوار، ولم أواجه أي صعوبات أو مشاكل”.
“ومع ذلك، كان هناك بعض الأشخاص الذين يقولون إنهم يقدّرون ما أفعله، لكنهم يجدون صعوبة في التعامل مع وجود نساء يقمن بأدوار، تعتبر تقليديا حكرا على الرجال. إنهم أشخاص قد نشأوا على هذه التقاليد، وأنا أتفهم أنه من الصعب عليهم تغييرها”، كما تضيف.
لكنها تشير إلى أن اختلاف وجهة النظر مع هؤلاء الأشخاص لا يثير أي مشاكل لأنهم “عندما لا يوافقون على ما أقوم به، فهم يعبرون عن رأيهم بشكل مهذب جدا”.
كما توجد في كنيسة سانت ماري أيضا سيدتان أخريان، وهما وكيلتا الكنيسة.
وتقول موريس “قد يكون إيماني بأن الرجال والنساء متساوون، قد وصل إليّ من خلال عائلتي”.
وتشرح ذلك قائلة “إحدى جداتي، على سبيل المثال، تمكنت خلال الحرب العالمية الثانية من كسب ما يكفي من المال لشراء منزل خاص بها، وهو أمر لم يكن معتادا في ذلك الوقت”.
“كان المنطلق في تلك الحالة، هو أنه عند وجود ما يقتضي عمله، فعليك القيام به. من دون أن تتيح لموضوع الجندر أو لأي اعتبار آخر أن يعيقك”.
وموريس مؤمنة بمستقبل الحضور النسائي في القرية، وهي تقول “من المؤكد أن فتياتنا اللائي نراهن في المدرسة لديهن الثقة بالنفس التي أتمنى أن يتمتعن بها. إنهن قادرات على تحقيق كل شيء، ولا تشكل التقاليد أي إعاقة بالنسبة لهن”.
وحسب رأي موريس “يبدو أن هناك شيئا خاصا في الماء هنا، فالفتيات أكثر من الفتيان في كافة الدفعات السنوية للطلاب تقريبا. يبدو أننا (النساء) نتفوق عليهم (الرجال) عدديا كما في كل جانب آخر”.
ولا تقف القيادة النسائية للوفورد عند حدود المدرسة والكنيسة، وإنما تشمل أيضا المجلس المحلي للقرية (أبرشية حسب التسمية البريطانية).
ورئيسة المجلس هي فال غوغليلمي، التي كانت قبل تقاعدها منذ ثلاث سنوات مديرة لمكتب البريد في لوفورد ولفرعين آخرين قريبين أيضا.
وتعتقد غوغليلمي أن جزءا من سبب تمتع النساء بتاريخ طويل من السلطة في القرية، يعود إلى وجودها على خط القطار الرئيسي الذي يربط نورويتش بالعاصمة لندن، ما شجع العديد من رجال لوفورد على الانتقال للعمل في مناطق أخرى، سواء في الماضي أو في الحاضر.
وتقول “إنهم يتركون الأمر لنا، نحن النساء. ونحن جديرات حقا بالقيام بذلك”.
وتضيف غوغليلمي، الجدة لست حفيدات، إن العالم “تغير نحو الأفضل” بما يتعلق بالمساواة بين الجنسين منذ أيام طفولتها وشبابها، وهي تتطلع إلى رؤية ما يخبئه المستقبل لحفيداتها.
وخلال فترة انخراطها الطويلة في العمل السياسي، التقت غوغليلمي امرأة أخرى، كانت في فترة ما تعمل في لوفورد: إنها مارغريت روبرتس، التي سيكون لها لاحقا شأن مهم جدا في الحياة السياسية في بريطانيا، وإن كان العالم سيعرفها باسم مختلف.
بعد تخرجها من الجامعة، أمضت مارغريت روبرتس أربع سنوات في العمل باحثة كيميائية في شركة BX للبلاستيك في لوفورد، في المبنى المواجه لمقر الشركة الرئيسي للشركة في برانثام، عبر نهر ستور.
وتزوجت الآنسة روبرتس لاحقا من دينيس ثاتشر، وهي ليست سوى مارغريت ثاتشر، “السيدة الحديدية”، التي أصبحت أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في المملكة المتحدة.
واليوم، توجد مارغريت أخرى تمتلك سلطة لا يستهان بها في لوفورد، رغم أنها تفضل أن تُدعى باسم ماغي.
إنها ماغي وودز، وهي نائبة رئيسة المجلس المحلي في القرية.
وتقول وودز “هناك شيء مثير بخصوص لوفورد” والحضور النسائي الواضح فيها، مشيرة إلى أنها نشأت في عائلة “تتميز بنسائها الرائعات”.
وتوضح “عمتي الكبرى، التي عاشت في سافولك، كانت تدير مكتب البريد والكنيسة الميثودية المحلية، وقد كانت بكل المقاييس، قوة لا يستهان بها”.
وتضيف “جدتي، كان لديها عملها التجاري الخاص وتدير حانة في وودبريدج. كما كانت أمي تعمل مشرفة”، مؤكدة “لذا كانت لدي دائما قاعدة جيدة أستند إليها”.
وليس هذا كل شيء، فالمدرستان الابتدائيتان في القرية، مدرسة لوفورد الابتدائية، ومدرسة هاي فيلدز الابتدائية، أيضا تحت الإدارة النسائية.
آبي فيربيرن، هي مديرة مدرسة لوفورد الابتدائية، التي تضم 224 تلميذا وهيئة تدريس مؤلفة من عشرة أعضاء، تشكل النساء تسعة منهم، مقابل مدرس واحد.
وتقول فيربيرن “كل فريق الإدارة العليا هنا من النساء”.
وتضيف “لقد عملت سابقا في الجيش حيث الإدارة تراتبية وديكتاتورية. أعتقد أن النساء في الإدارة لديهن ميل إلى اتباع نهج أكثر تعاونا وتقاسما للمهام والسلطة”.
“كلا النهجين ينجزان المهمة في النهاية، وأعتقد أنه من المهم وجود توازن”، كما تشير فيربيرن.
أما نائبة فيربيرن في الإدارة، فهي كاتي أوشر، التي تقول إنها لم تعتبر لوفورد يوما “معقلا نسائيا”، لكن نظرا إلى أن الإدارة في المدرستين المحليتين الأخريين نسائية أيضا، فهي تعتقد أنه “من حيث التعليم نحن ونساء أخريات في مناصب المسؤولية”.
عند سؤال أوشر عن نماذج الأدوار النسائية التي نشأت على معرفتها، أجابت “لقد درست في مدرسة خاصة بالبنات في لندن، وكانت تتمتع بروح نسائية واضحة للغاية، خاصة بوجود مديرة مدرسة قادرة، منحتنا القوة، ومكنتنا من الشعور بأننا يمكننا الذهاب إلى أي مكان وتحقيق أي شيء نريده، إذا ما صممنا على ذلك”.
وتضيف “كان لذلك تأثير كبير على نشأتي”.
لكن، مع وجود النساء في العديد من المناصب الرئيسية في القرية، فهل يمكن أن يكون لذلك تأثير على الثقة بالنفس لدى الفتيان الصغار في لوفورد؟ تقول أوشر “لا، على الإطلاق”.
وتفسر ذلك قائلة “يعود الفضل إلى التوازن الذي تتسم به مناهجنا الدراسية، فهي معدة بحيث تكون مناسبة للطرفين إلى حد كبير، وتؤكد على أن كلا من الأولاد والبنات يمكنهم تحقيق ما يضعونه نصب أعينهم”.
[ad_2]
Source link