ديالى: حلم الجهاديين وخاصرة العراق الرخوة
[ad_1]
- مراد بطل الشيشاني وحيدر أحمد
- بغداد- العراق
لعل ياسر الجوراني لم يفكر في أي شكوك أمنية وهو يتعقب الصيد الثمين في منطقة حوض حمرين، فالشاب، في بداية الأربعينيات، عقيد في الشرطة العراقية، وكان يشغل منصب مدير إحدى دوائر الجوازات العراقية في بغداد.
وقد أرسله ولعه بصيد طيور الدراجي إلى أماكن مختلفة، ومنها حوض حمرين، الذي اعتاد الذهاب إليه في الآونة الأخيرة. هذه المرة، وفي 14 ديسمبر/ كانون الأول 2021 كان الوضع مختلفا، إغراء الصيد، لم يدعه يأبه بالشروط التي فرضها في المنطقة مسلحو تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية، أو من تبقى منهم منذ هزيمة التنظيم في الموصل عام 2017.
يقول مصدر محلي، لا يريد الكشف عن اسمه: “يشترط الجهاديون الصيد أيام الخميس والجمعة فقط. فهؤلاء بدوءا بفرض سطوتهم في مناطق مختلفة من محافظة ديالى، شمال غربي العاصمة بغداد، ولا سيما في المناطق الوعرة ذات التضاريس الصعبة، التي تحول دون الوصول إليهم”.
ياسر، غير المعتاد على أخذ الاجازات وفقا لعائلته، خرج للصيد يوم السبت، وبينما كان العالم يحتفل بالسنة الميلادية الجديدة، كان ذوو ياسر يشاهدون صورا بثها التنظيم المسلح لما وصفوه بعملية “نحر مدير جوازات الأعظمية العقيد ياسر الجوراني”.
عائلة ياسر مكثت 16 يوما منذ اختطافه بانتظار اتصال يطالبهم ولو بفدية، لكن يبدوا أن الجهاديين كانوا عازمين على إعدامه، ولا سيما أنه ضابط في الداخلية العراقية.
لقد كانت عملية مدبرة، تعبر عن عودة نشاط المسلحين في تلك المنطقة.
“سنة العراق”
حكاية الجوراني تختزل ما مرت به المجتمعات السنية في تلك المناطق من العراق، من تحولات منذ انهيار النظام السابق عام 2003، وتـظهر، في الوقت ذاته، الأهمية المتعاظمة لمنطقة ديالى لدى الجهادين.
وحتى قاتل الجوراني وفقا، لمصادر أمنية، ينتمي إلى عشيرة الكروي التي تسكن في ناحية جلولاء شمالي قضاء المقدادية.
وقالت مصادر مقربة من عائلة الجوراني، إن “المشتركين في عملية القتل هم عشرة، سبعة منهم ينتمون لعشيرة الكروية، واثنان منهم لعشيرة اللهيب، وواحد من بني زيد”.
وهذه العشائر تمتد المناطق السنية في محافظة ديالى، وانقسمت في داخلها في الموقف من الجهاديين، وخاصة أنهم عانوا من تطرف الجهاديين، فمنهم من شارك في حربهم، ومنهم من أيدهم اقتناعا أو خوفا.
الجوراني وعائلته ممن شاركوا في قتال القاعدة إبان الحرب الطائفية في العراق، فبعد أن هجرت العائلة من قبل تنظيم القاعدة لقي حتفه على يدي وريث الجاهدين الجديد تنظيم ما بعرف بالدولة الإسلامية.
يقول أحد أصدقائه، الذي لا يرغب بالكشف عن هويته، “إن الجهاديين استهدفوا ياسر وأفرادا من عائلته من العسكريين أكثر من مرة”.
لطالما ركز الجهاديونفي أديباتهم في العراق على ضرورة إخضاع العشائر السنية أو اختراقها ويبدو أن هذا ما زال مستمرا مع تنظيم الدولة في ديالى، وهو آخر ما تبقى لهم من إرث الزرقاوي.
ويذكر في العام 2010 أصدر التنظيم كتيبا إرشاديا لاستراتيجية التنظيم في التمكين وتأسيس الدولة الإسلامية، وفق تفسيراتهم، وأحد العناوين الرئيسية فيه ما عنون بـ “رصاصة للمحتل وتسع رصاصات للمرتد”، قاصدين بذلك المجتمعات السنية ممن شاركوا في الحرب ضد الجهاديين.
“إرث الزرقاوي”
أبو مصعب الزرقاوي، واسمه الحقيقي أحمد فضيل نزال الخلايلة، أردني تزعم تنظيم القاعدة في العراق وكان مسؤولا عن قتل كثير من المدنيين والقوات الأمريكية والعراقية على حد سواء، أبدى أولوية لديالى، حتى أنه قتل في غارة أمريكية عام 2006 في هبهب، داخل محافظة ديالى، المدينة المنسية التي بالكاد سمع بها أحد قبل مقتل القيادي الجهادي.
وكانت مخابرات دول حليفة تؤكد، على أن الجهادي الأردني يوجد في المحافظة، حسبما كشف الصحافي الأمريكي جوبي وراك، الذي ألف كتابا عن تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية، مستندا على وثائق وتسريبات من المخابرات الأردنية.
قال مصدر أمني محلي لبي بي سي إن “الفراغ الأمني الممتد ما بين حدود سيطرة الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق تعد جاذبة لنشاطات المسلحين، مما يتيح لهم التحرك بسهولة في مجموعات صغيرة في تلال حمرين، ويساعدهم في فرض أجنداتهم على السكان المحليين، ومنها فرض ساعات الصيد”.
ويضيف المصدر الأمني أن “مسلحي ما يعرف بالدولة الإسلامية يفرضون إتاوات على المزارع المحيطة بهم، إذا لم يتم الدفع يقومون، أما بحرق المحاصيل أو قتل أصحاب تلك المزارع”.
وبحكم انتشار البساتين والمياه في تلك المنطقة، فأن ذلك أيضا يزيد من أهمية المنطقة استراتيجيا لدى الجهادين، لتوفير الغذاء، والماء، والمخبأ.
“معسكر عائشة”
وفقا للمصدر الأمني الذي رفض الكشف عن أسمه، أن الفراغ الأمني، ساعد الجهاديين على “تأسيس معسكر تدريبي يطلقون عليه أسم معسكر عائشة”.
ويذكر أن معسكرات التدريب ساهمت في تجنيد الكثير من الجهاديين في أفغانستان والعراق وسوريا، واليمن منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وكان الناطق باسم تنظيم الدولة الإسلامية، أبو محمد العدناني وقبل تحرير الموصل بعام، وقبل مقتله بغارة أميركية بثلاثة أشهر في أغسطس/ آب 2016، إن هزيمة التنظيم في الموصل لا تعني نهايته، مشيرا إلى أنهم سينحازون إلى الجبال والكهوف، حتى ولو كانت اعدادهم صغيرة، كما حدث مع تنظيم القاعدة حين هزم على مجالس الصحوات السنية المتحالف مع الاميركيين بعد عام 2008.
يقع معسكر عائشة حسب المصدر الأمني في المنطقة المحصورة ما بين شمال بحيرة حمرين غرب ناحية السعدية وجلولاء، شمال شرقي المقدادية، ويبعد عن بعقوبة مركز محافظة ديالى نحو 80 كم “.
ويعلل المصدر سبب اختيار هذا المكان، إلى “عدم وجود مراكز للقرى قريبة منه، ويقع ضمن المناطق الفراغ الأمني، بالإضافة إلى حرية الحركة شمالا، كون المعسكر يربط شمال المقدادية وبعقوبة والخالص، وصولا إلى ناحية العـظيم 60 كم شمالي غرب ديالى”.
إعادة المفارز الأمنية إلى الواجهة مرة أخرى مكنها من استهداف عدد من النقاط الأمنية الموجودة في ناحية العظيم، أو على الطريق الرابط ما بين محافظتي ديالى وكركوك.
وتنوعت تلك الهجمات ما بين استهداف مباشر لنقاط أمنية سواء تابعة للجيش العراقي والشرطة وكذلك الحشد الشعبي والحشد العشائري.
لعل آخرها كان استهداف سرية تابعة للجيش العراقي في ناحية العظيم شمال غربي ديالى، والتي راح ضحيتها 11 عسكريا بينهم ضابط.
ويقول علاء النشوع المحلل الاستراتيجي أن عدد الهجمات وصلت إلى “2000 عملية منذ العام 2019 ولغاية عام 2020، أغلب تلك العمليات تركزت في محافظتي ديالى وصلاح الدين القريبة منها”.
ويتابع، أن “الفكر السياسي العراقي ما بعد عام 2003 بني ما في داخله على فكر إرهابي لأنه رفض وجود الرأي الآخر، ومن يتحكم في ديالى هم أشخاص محسوبين على التيارات السياسية، وهؤلاء يحاولون تغير المنطقة ديمغرافيا، ويحاولون أثبات أن هذه المحافظة تختلف في مكونها عن المكون الآخر، أقصد السني عن الشيعي، رغم علمهم جيدا أن الغالبية العظمى فيها من السنة”.
ويرى النشوع، أن “سبب التطرف هو غياب الخطاب الوطني وسيطرة الخطاب الديني في العراق، لأن الخطاب الديني، لأن الخطاب الديني متطرف سواء السني او الشيعي”.
[ad_2]
Source link