أخبار عربية

أصحاب ولا أعز: أول فيلم عربي من إنتاج نتفليكس يتعرض للهجوم بذريعة “الأخلاق” و”قيم المجتمع”

أثار الفيلم العربي الجديد “أصحاب ولا أعز” جدلا كبيرا لما يتضمنه من مواضيع ومشاهد صدمت من اعتبرها “مخالفة لقيم المجتمع” وأسعدت من رآها كشفا لـ”واقع عادة ما نريده مخفيا.” وتعرضت منى زكي، وهي من أبطال العمل، لهجوم شرس على خلفية مشهد لها في الفيلم.

الفيلم هو أول فيلم عربي من إنتاج شبكة نتفليكس. وهو اقتباس من الفيلم الإيطالي perfetti sconosciuti أو Perfect strangers الذي صدر عام 2016 وصدرت عنه اقتباسات بلغات عدة قبل العربية.

وهو ما جعل بعض المعلقين يتهمون صناع الفيلم بالسرقة الفكرية. لكن الفيلم يذكر في نهايته أنه مأخوذ عن الفيلم الإيطالي ويعدد صناعه.

ملاءمة الفن لـ”قيم المجتمع”

لعل أكثر العبارات ارتباطا بالحديث عن الدراما والسينما هي عبارة “الفن مرآة المجتمع”.

وهي في الواقع تحمل الفن أعباء كبيرة ومتعددة بتعدد المجموعات المكونة للمجتمع الواحد وبتعدد الاختلافات فيه.

والمجتمع هو مجموعة ليست بالضرورة متطابقة بنسبة مئة بالمئة رغم أن الأصل في التعريف اشتراك مكوناتها في بعض الخصائص . ويصعب بالتالي الحديث عنه ككتلة متجانسة يسهل تمثيلها بنموذج معين.

لذلك من الطبيعي أن تشعر مجموعات بأن عملا فنيا “لا يمثلها” بينما ترى فيه أخرى صورا من حياتها اليومية.

ويفقد هذا الحديث المعنى إذا خرج عن نطاق الأعمال الدرامية والسينمائية ذات الطبيعية الاجتماعية الواقعية.

“لا يمثل المجتمع العربي”

كون فيلم “أصحاب ولا أعز” نسخة عربية من فيلم أجنبي، لم يعف العمل وأصحابه من الانتقاد والمحاسبة على اعتبار أنه “لا يمثل المجتمع العربي”.

ويبدو أن من كان بانتظار عرض الفيلم الذي أعلنت عنه نتفليكس منذ فترة كان يتوقع ملاءمة شخصياته وحواره لما يصطلح عليه بـ” قيم المجتمع العربي” أو أن ينقى من “الكلام البذيء” و”المشاهد الجريئة” حتى ينال رضا من يؤمنون أن السينما العربية يجب أن تكون “سينما نظيفة”.

ويعترض عدد من الرافضين للفيلم على أن شخصياته وطريقة حياتهم “لا تمثلهم”.

وفي هذه الحجة لرفض الفيلم ميل للتعميم والاعتقاد بأن كل أفراد المجتمعات العربية نسخ من مثال موحد وبالتالي على شخوص الدراما الاجتماعية بالخصوص أن يشبهوا المتلقين للعمل في فكرهم وقيمهم وطريقة حياتهم.

وفي النقاش الدائر حول الأمر على مواقع التواصل يتعلل البعض بـ “الأغلبية” و”السائد” و”المتعارف عليه” فيقصون بذلك شرائح من المجتمع تختلف عن “السائد” و”الغالب” في الفكر والتوجه وأسلوب العيش تؤمن بأن من حقها أيضا أن ترى نفسها في الأعمال السينمائية والدرامية التي تقدم في المنطقة.

ويحدث ذلك مؤخرا مع عدد من الأعمال الدرامية خاصة تلك التي تكون الشخصيات فيها على قدر من الانفتاح تجاه الاختلاف وعلى قدر من التحرر من بعض ما يعتبر تابوهات وخطوطا حمراء في المجتمعات العربية. كأن تكون النساء في العمل الدرامي مدخنات أو يشربن خمرا أو يدخلن في علاقات مفتوحة أو يتحدثن عن الجسد والجنس بصراحة نسبية.

وفي فيلم “أصحاب ولا أعز” الكثير من هذا. وفيه أيضا تطرق للمثلية الجنسية ونموذج للتعامل مع اختلاف التوجه الجنسي لأشخاص مقربين بشكل لا يعتبر المثلية الجنسية جريمة أو “شذوذا” يجب معاقبة صاحبه أو الابتعاد عنه.

فيلم يكشف “واقعا نريده مخفيا”

كل ما يطرحه هذا الفيلم من نماذج وإشكاليات كان السبب في الهجوم عليه. لكنه أيضا كان سببا لإشادات كثيرة بالفيلم وبـ”شجاعة” صناعه خاصة الممثلين.

ويتفق مشيدون بالفيلم على أنه، عكس ما يقال عن بعده عن الواقع العربي، يكشف الغطاء عن واقع مُعاش لكنه عادة ما يكون بعيدا عن الأضواء ومخفيا لمخالفته مجموعة القيم المتعارف عليها والتي باتت بحكم العادة والعرف تعمم على كل أفراد المجتمع ويصطلح عليها بالفعل بـ”قيم المجتمع”.

وصفت الصحافية ليليان داوود الفيلم بأنه “صندوق پاندورا الأسود .لا احد يريد فتحه والتعامل مع الشياطين التي ستطل منه” .

وقالت الكاتبة دلع المفتي إن الفيلم يتطرق للكثير من القضايا العائلية والزوجية التي تحدث عند الأجانب وعند العرب، لكن هم تعودوا على كشفها بينما نحن نخبئها تحت السجادة.

منى زكي والخط الفاصل بين الممثل والشخصية

منى زكي فنانة تحظى بشعبية كبيرة في العالم العربي. ويتصدر اسمها عادة مواقع التواصل الاجتماعي لكنه اليوم يتداول مع الكثير من التعليقات المهاجمة التي تصل حد الشتم والإساءة لها ولزوجها الممثل أحمد زكي.

سبب ذلك بالأساس مشهد في الفيلم تنزع فيه منى زكى جزءا من ثيابها الداخلية من تحت فستان أزرق ترتديه. لم يظهر جسمها في الفيلم وكانت الكاميرا أثناء هذا المشهد مركزة على وجهها ونصفها العلوي لكن ذلك لم يق منى زكي هجوم المتابعين الذين عبروا عن “صدمتهم” من “جرأة” المشهد.

منى زكي التي نشرت على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي صورة الغلاف للفيلم مصحوبا بتعبير عن سعادتها بالعمل وشكر لكل من شاركها فيه لم تتطرق إلى الجدل الدائر حولها وحول الفيلم ولم تعلق.

بينما رد الناقد السينمائي طارق الشناوي على الهجوم الذي تعرضت له منى زكي بالقول إن “البعض لازال يتعامل مع العمل الفني والشخصية الدرامية باعتبارهما وجها آخر للفنان، محطما الخط الوهمي الفاصل بينهما”.

وتلقت منى زكي دعما وإشادة بأدائها لدورها في الفليم من فنانين ومتابعين كثر.

وبدأ عرض فيلم “أصحاب ولا أعز” منذ يومين وهو متوفر الآن حصريا على منصة نتفليكس المنتجة له والتي يمكن للناس مشاهدة ما عليها من أعمال عبر اشتراك شهري.

وتشهد منصة نتفليكس نفسها انتشارا ورواجا كبيرا في المنطقة العربية رغم تعالي الأصوات التي تهاجمها وتتهمها “بتعمد الترويج للمثلية الجنسية”.

ونقلت وسائل إعلام مصرية عن أن محام توجه ب”إنذار” لوزارة الثقافة “تمهيدًا لإقامة دعوى قضائية ضد وزارة الثقافة والمصنفات الفنية لمنع عرض الفيلم في مصر”.

ويشترك في بطولة الفيلم إلى جانب منى زكي، إياد نصار وعادل كرم ونادين لبكي وجورج خباز وفؤاد يمين وديامان بو عبّود.

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى