الحي السادس في مدينة نصر: جدل واسع حول نية الحكومة المصرية “تطوير” الحي
[ad_1]
- أحمد شوشة
- بي بي سي – القاهرة
سالت دموعها وهي تحدثني عن هدية زوجها الراحل التي تعتزم الحكومة المصرية “محوها”.
وتقول سارة عادل بخوف وحنين مختلطين: كنت أعيش في مدينة نصر، وعندما تزوجت انتقلت لمكان آخر، لكن زوجي كان يعلم مدى حبي لمنطقتي الأولى، فادخر كل ما في وسعه واشترى لنا شقة هناك.
أطلقت سارة مجموعة عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تدعى “أهالي الحي السادس والسابع، نرفض الإزالة مع التطوير”، وذلك بعدما أعلنت الحكومة المصرية مؤخرًا نيتها إزالة مبانٍ سكنية في الحي السادس في مدينة نصر شرقي القاهرة وبناء أخرى محلها لـ”تطوير المنطقة”.
تتابع سارة التي تبلغ 35 عامًا وتعيل فتاة وصبيًا: “أنا وجيراني نتمسك بحياتنا مهما كان المقابل، كيف يريدون أن يمحوا ذكرياتنا بهذه السهولة؟”.
ورغم أن إعلان الحكومة نيتها لبناء أكثر من 3000 وحدة سكنية ومحلًا تجاريًا جاء مصحوبًا بخيارات متعددة للتعويض، لم تسر الأمور بهدوء على الإطلاق، إذ تعالت ردود الفعل الغاضبة.
تشمل هذه التعويضات مبالغ مالية، أو شقة في مكان آخر، أو العودة لنفس المكان عندما يُبنى من جديد مع دفع قيمة الإيجار خلال الفترة ما بين المغادرة والعودة.
“أخشى التنكيل”
يعيش سعد (اسم مستعار) هو الآخر في الحي السادس وقد انضم إلى مجموعة سارة على فيسبوك، لكنه طلب عدم ذكر اسمه “خشية التنكيل من الأجهزة الأمنية”، إذ أن بعضًا ممن يعرفهم تلقوا تحذيرات بأن الحديث في الأمر يعد تحريضًا على الدولة، كما يقول.
ويرى سعد أن بدائل الشقق التي تعرضها الحكومة لا تعادل القيمة السوقية للشقق التي يسكنها أهل الحي السادس، أو أنها في مناطق أخرى بعيدة للغاية.
ويتابع قائلًا: “لا أثق في الحكومة حتى إذا قالت إن التعويض سيكون كبيرًا، وسمعت أنهم أخلفوا بوعودهم عندما قرروا إخلاء أماكن أخرى”.
“لن يُظلم أحد”
كانت بداية القصة عندما اجتمع مسؤول بارز في المحافظة مع عدد من الأهالي في الحي قبل أكثر من أسبوع ليخبرهم بعزم الحكومة “التطوير الشامل”، لأن المباني بنيت قبل 60 عامًا ولم يتم ترميمها منذ ذلك الحين.
ورغم أن الإعلان لم يتحول حتى الآن إلى قرار تنفيذي، ولم تتواصل الجهات المعنية بشكل رسمي مع المواطنين كل على حدة، إلا أنه أثار جدلًا واسعًا حول احترام الملكية الخاصة في مصر.
وقال نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية، إبراهيم صابر، لبي بي سي “إن الحكومة لن تتراجع عن قرارها المنتظر حتى لو رفضه البعض، لأنها تخشى وقوع البنايات على السكان”.
وأضاف صابر، الذي اجتمع بعدد من السكان وراجت مقاطع مصورة من هذا الاجتماع عبر الإنترنت، أن الحكومة تعيد بناء المكان ليتناسب مع التطور الذي تشهده الطرق والبنى الأساسية في مصر مع تعويض المواطنين، لافتًا إلى أن هناك “توجيها رئاسيًا بألا يُظلم أحد في هذا الشأن”.
وستساعد الحكومة السكان في إيجاد بدائل سواء للانتقال في السكن أو حتى في مكان العمل والدراسة، حسبما يقول صابر.
ويتهم البعض الحكومة بإعادة بناء المنطقة السكنية لأغراض استثمارية، فيما ينفي المسؤولون ذلك، موضحين أن الأمر ذاته يتم في مناطق أخرى بالقاهرة.
“لسنا منطقة عشوائية”
لكن الجدل هذه المرة كان شديداً، إذ أن المناطق التي طورت من قبل كان يتضح أنها غير مخططة بشكل جيد، غير أن الحي السادس بنته الدولة ذاتها وباعت وحداته السكنية والتجارية للمواطنين.
رغم أن المسؤولين لم يتحدثوا سوى عن مناطق محددة في الحي السادس، يبدو أن أغلب أهل الحيين السادس والسابع بمدينة نصر متخوفين من أن يشملهم “مخطط التطوير المنتظر”.
خلال تواصلي مع أهالي المنطقة تعرفت على عمرو فاروق، الذي يعيش في الحي السابع منذ ولادته قبل نحو 40 عامًا، وبدا متحمسًا لأن يجعلني أتحدث مع كثيرين من جيرانه.
يفسر لي عمرو حماسه في ذلك قائلًا: “ابنتي تسألني هل هذا منزلنا يا أبي؟ إنها لا تصدق أن الحكومة قد تنزع منا بيتنا”.
ويضيف عمرو :”عشت حياتي كاملة ولم أسأل الدولة عن تقصيرها في التعليم والصحة، لماذا لا تريد حتى أن تترك لي منزلي؟”.
ويبدي آخرون في المنطقة السكنية استعدادهم لترميم المنازل إن احتاجت أو تجميلها، بدلًا من الإزالة التامة.
وتقدمت عضوة مجلس النواب المصري، مها عبد الناصر، بطلب إحاطة لرئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، ومسؤولين حكوميين حول إزالة بنايات كثيرة في الحيين السادس والسابع في مدينة مصر.
وتساءلت البرلمانية المصرية في طلبها عما إذا كان الغرض من الهدم هو “تأسيس نمط عمراني ذو طبيعة عمرانية معينة لا تحتمل بجوارها مساكن تبدو شعبية”.
المنفعة العامة
ويمكن للسلطة التنفيذية في مصر، وفقًا للقانون، نزع ملكية العقارات والأراضي بغرض المنفعة العامة، بشرط التعويض، كما يمكن للمتضرر الاعتراض على القرار أو مبلغ التعويض باللجوء إلى القضاء الذي سينظر في تقدير الأمر.
ويرى المحامي الحقوقي، ناصر أمين، أن المصلحة العامة لا تنطبق على حالة نزع الملكية في الحي السادس، موضحًا أن إعادة تطوير منطقة سكنية، هي مخططة بالفعل من قبل الدولة، ليست ضرورة ملحة ولا تقع ضمن المصلحة عامة.
ويتساءل أمين في حديث مع بي بي سي: “إن كانت هناك مبان تحتاج للإزالة، فلماذا لا يكون هناك قرار إزالة خاص بالمبنى المحدد وحده؟ وكيف تكون منطقة بالكامل آيلة للسقوط؟”.
ونفذت الحكومة المصرية من قبل مشروعات عقارية على أراض قطنها مواطنون، بعد أن وصفتها بالمناطق العشوائية وأتاحت تعويضات قبلها البعض ورفضها آخرون، وأشهرها عُرف بـ”مثلث ماسبيرو” وسط العاصمة القاهرة.
[ad_2]
Source link