كيف أصبحت النفايات مصدراً لاستمرار الحياة في بلدان عربية؟
[ad_1]
- لمى الخاير
- بي بي سي نيوز عربي
وسط أكوام القمامة وعلى هامش المجتمع في مدن عربية، يتسابق صبية وشباب مع شروق الشمس لاختلاق مصدر رزق يعيلهم وأُسرهم.
فقر على أرض نفطية
مثل غيره من الشباب، يلتقط كرار من مكب النفايات في منطقة التاجي شمالي العاصمة العراقية، بغداد، ما يمكن جمعه من مواد صلبة يمكن بيعها لشركات أو معامل لإعادة تصنيعها، ليحصل في النهاية على ما يعادل 30 دولاراً.
ويقول كرار عما أودى به إلى ذلك وهو لم يكمل الخامسة والعشرين من عمره: “إنه العوز، أخرج من الرابعة صباحاً للحصول على بعض النقود. نحن خمسة أيتام في البيت وليس لدينا أي رافد أو معيل، هذا العمل الوحيد أمامي”.
مرتضى الذي يقاربه بالسن كذلك يشكو قلة فرص العمل: “هذا مصدر رزقنا الوحيد حالياً للحصول على مال يكفينا كمصروف من أجل تأمين حاجة المنزل اليومية من الأساسيات”.
ارتفعت كمية النفايات في العراق بمختلف أنواعها لتصل إلى 9 آلاف طن يومياً، وهو ما يعادل أضعاف ما كانت ترفعه كوادر البلديات قبل 17 سنة ، حسب إحصائيات صدرت عن أمانة بغداد في عام 2019. كما ازدادت البطالة بنسبة 14% حسب آخر الأرقام الصادرة عن وزارة التخطيط.
رحلة الرزق
تبدأ الرحلة اليومية عندما ينتظر هؤلاء الشبان واليافعون العراقيون أن تأتي مركبة البلدية بالنفايات يومياً وكأنها تحمل لهم الأمل وتبعد عنهم شبح العوز والبطالة حتى لو مؤقتاً، ويتم توزيع العمل بين بعضهم البعض بفرز كل واحد منهم مادة مختلفة من القمامة عن الآخر.
بعد تعثر طلب عباس الذي يبلغ من العمر 32 عاماً للحصول على مخصصات مالية تمنحها عادة دائرة الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية لمنخفضي الدخل أو ممن لا يملكون دخلاً، وذلك على مدى 4 سنوات حسبما يروي لنا عباس، وجد هذا الطريق مع الحاجة الملحة للمال، وانعدام أي فرصة عمل أخرى:
: “أعيش بالإيجار مع أربعة آخرين، وما نأخذه من أجر يومي نضعه ليكفي بالكاد لدفع الأجرة الشهرية بشكل مشترك. هنالك أيام لا يحظى بعضنا بشيء نهائياً”.
وينتقد عباس نظرة الناس لأمثاله من الشباب والحكم عليهم بسبب العمل الذي يقومون به: “نحن لسنا قذرين، نحن محترمون لكن ضيق العيش دفعنا للخوض في القمامة”.
ثنائية البطالة والفقر
البطالة هي العنصر الأهم في هذه المعادلة في كثير من الدول العربية، ففي قطاع غزة ازداد الفقر نتيجة ارتفاع نسبة البطالة بعد آخر تصعيد عسكري مع إسرائيل إلى أكثر من 70 بالمئة من قوة العمل، وإغلاق عدد من المصانع أبوابها نتيجة لذلك. ما دفع الأطفال والشبان للغوص في المكبات لاستخراج ما يمكن بيعه للشركات أو المعامل لإعادة تصنيعه.
يحكي لنا وليد ذو الـ 28 عاماً عن المعاناة التي يواجهها أمثاله من الشباب في القطاع ويقول: “لا بد من سبيل لتأمين المال، ولا أريد أن ـتجه إلى الحرام. لا نريد مساعدة، كل ما نريده أن نكون مثل بقية الناس”.
ويؤكد اضطراره على هذا العمل: “لا أحد يحب أن يكون في هذا الموقف ما بين أكوام القمامة والأوساخ والميكروبات. أتمنى أن يكون لدينا حرية الحركة للدراسة وإيجاد عمل خارج القطاع أو حتى خارج البلد”.
نقابة الزبالين
في العاصمة المصرية، في المقابل، والتي عرفت عبر عقود طويلة ظاهرة الضواحي الهامشية التي اعتمد سكانها على جمع القمامة لتأمين مصدر دخل لهم، تحول جمع النفايات وفرزها إلى مهنة أساسية لعشرات الآلاف من العاملين بها. وأسست نقابة الزبالين في القاهرة عام 2012 لتنظيم العمل تحت إشراف أو تعاون الدولة.
وتشكل النفايات البلاستيكية وحدها في مصر 5.4 مليون طن مربع سنوياً حسب مصادر رسمية.
ويحدثنا نقيب الزبالين في القاهرة، شحاته المقدس، عن عدد العاملين وحجم النفايات التي يتم جمعها وفرزها : “لدينا اليوم مليون عامل، ونجمع يومياً من القاهرة 16 ألف طن بمختلف أنواعها من أجل إعادة تصنيعها، 8 آلاف منها من المواد البلاستيكية التي تزداد كذلك في الصيف بسبب استهلاك المياه المعدنية لمكافحة الحر”.
لكن المقدس أشار كذلك إلى أن عمال النقابة لم يحصلوا بعد على رعاية صحية أو اجتماعية.
زبّالون أم “نبّاشون”؟
وأكد نقيب الزبالين رفضه للفئة المهمشة من جامعي القمامة: “هؤلاء ممن يجمعون المواد المختلفة ويقودون العربات بالحمير ويحملون شتى أنواع النفايات ليبيعوها لا ينتمون للنقابة. إنهم يزيدون من اتساخ المدينة بنبشهم للقمامة، ولا يمكن أن أسمح لهؤلاء أن يكونوا ضمنها. هؤلاء اسمهم نباشوّن وهم أعداء الزبالين”.
نبّاشون كانوا أم زبالون أم عاملو نظافة، الأسماء لن تغير من حقيقة أن مهنة جمع النفايات تعتبر هامشية في الدول العربية ومرتبطة بالطبقات الاجتماعية الفقيرة. لكن تزايد الوعي بإعادة التصنيع لأسباب اقتصادية وبيئية، يمكن له أن يعزز المردود المالي لهذه الدول ويخلق المزيد من فرص العمل للشباب في مجتمعات تعاني من بطالة مرتفعة.
[ad_2]
Source link