تربية الأبناء: طرق غير متوقعة قد يغير بها الأطفال شخصيات آبائهم
[ad_1]
- ميليسا هوغنبوم
- بي بي سي
نحن لا نوجه أطفالنا بقدر ما نعتقد، لكنهم هم من يشكلوننا طوال الوقت. تشرح ميليسا هوغنبوم أن فهم هذا قد يجعل تربية الأبناء أقل إرهاقًا.
لم أكن أعتقد أبدًا أن ابنتنا وهي في الرابعة من عمرها ستظل تقطع فترات نومنا، وهو شعور غير عادل بشكل خاص الآن لأن شقيقها الأصغر ينام جيدًا.
لقد حاولت ذات مرة أن أطلب منها ألا توقظنا، وأوضحت لها أن ذلك سيجعلنا نُصاب بالإرهاق في اليوم التالي. فكرت في هذا للحظة ثم ردت قائلة: “لكن من الجيد أن تكونا متعبين لأن ذلك يمكنكما من شرب القهوة غدًا”.
لقد كان ذلك تذكيرًا صارخًا آخر بمدى تغييرها لجدولي وعاداتي اليومية، بما في ذلك زيادة استهلاكي للقهوة. لكن كما تُظهر مجموعة متزايدة من الأبحاث العلمية، ربما يكون تأثير ابنتي علي في واقع الأمر أعمق بكثير من هذا، بما يتجاوز التأثير على طريقة وأوقات نومي. في هذه الأثناء، قد لا تكون جهودي للتأثير عليها بنفس القدر الذي أريده.
إن فهم مدى تشكيل أطفالنا لنا – ومدى تشكيلنا نحن لهم – يمكن أن ينسف فكرة أننا كآباء نسيطر على الأمر بالكامل. لكنه قد يبدد أيضًا الشعور بالتوتر بأن كل قرار نتخذه كآباء سيؤثر عليهم بطريقة لا رجعة فيها، وقد يفتح الباب حتى لنوع مختلف من الحياة الأسرية.
يبدأ الأطفال التأثير علينا حتى قبل ولادتهم، إذ نخطط لوصولهم ونعدل حياتنا للترحيب بهم. وعندما يولدون فإنهم يغيرون أنماط نومنا، بل وحالتنا المزاجية كأثر جانبي لذلك.
نحن نعلم، على سبيل المثال، أن آباء الأطفال الذين يعانون من الانفعال العصبي يكونون أكثر توتراً، وينامون لفترات أقل، بل وربما يعتقدون أنهم يربون أبناءهم بشكل سيء. وفي حلقة مفرغة، يمكن أن يساهم التوتر وقلة النوم بعد ذلك في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق لدى الوالدين.
لكن هناك ما هو أكثر من ذلك، إذ تظهر العديد من الدراسات أن شخصية الطفل الفطرية هي من تشكل طريقة تربيتنا له.
تقول عالمة نفس الأطفال آن شافير، من جامعة جورجيا: “بالطبع، تربية الأبناء تختلف حقا بناء على شخصية الطفل. يأتي بعض الآباء إلينا لأنهم يواجهون بعض التحديات في تربية أطفالهم ويقولون إن طريقة معينة في التربية قد نجحت مع أطفالهم الأكبر سنا، لكننا نقول لهم: هذا الطفل مختلف تمامًا ولذلك فهو بحاجة إلى مجموعة مختلفة تمامًا من الاحتياجات”.
لذلك فإن التركيز الشديد على الطريقة التي نتبعها في التربية يضع “قدرًا هائلاً من الضغط على الوالدين، كما أنه يخلق هذا الوهم المتمثل في أنه إذا قمنا فقط بكل الأشياء الصحيحة فسنكون قادرين على تشكيل أطفالنا بالطريقة التي نريدها وتربيتهم حتى يكونوا بالغين سعداء وأصحاء وناجحين”، حسب دانييل ديك، مؤلفة كتاب “قانون الطفل” وعالمة الوراثة بجامعة فرجينيا كومنولث.
قد يكون الواقع أكثر تعقيدًا. وكبداية، هناك أدلة متزايدة على أن الأطفال يؤثرون على آبائهم وأمهاتهم، والعكس صحيح – وهي ظاهرة تسمى “التربية ثنائية الاتجاه”.
وخلصت إحدى الدراسات الكبيرة التي تبحث في “التربية ثنائية الاتجاه” وضمت أكثر من 1000 طفل وآبائهم وأمهاتهم إلى أن سلوك الطفل كان له تأثير أقوى بكثير على سلوك الآبوين من العكس. وأجريت مقابلات شخصية مع أولياء الأمور وأطفالهم في سن الثامنة، ثم أجريت مقابلات أخرى معهم خلال السنوات الخمس اللاحقة، ووجدت الدراسة أن الرقابة الأبوية لم تغير من سلوك الطفل، لكن المشاكل السلوكية للطفل أدت إلى تقليل الدفء الأبوي وإلى مزيد من التحكم.
وتظهر أبحاث أيضًا أنه عندما يُظهر الأطفال سلوكًا صعبًا، فقد ينسحب الآباء أو يستخدمون أسلوب تربية أكثر استبدادًا (صارمًا وباردًا).
وبالمثل، يتصرف آباء المراهقين الذين يعانون من مشاكل سلوكية بقدر أقل من المودة وقدر أكبر من العداء. ويحدث العكس للمراهقين الذين يظهرون سلوكًا جيدًا: يتصرف آباؤهم بقدر أكبر من الدفء والمودة بمرور الوقت.
ويكشف هذا أن تربية الأبناء القاسية ليست هي التي تؤدي إلى المشاكل السلوكية، كما تقول شافير، بل بالأحرى فإن “الأطفال الذين يتصرفون بشكل سيء ويعارضون آباءهم ويتحدونهم، هم الذين يدفعون آباءهم لاتباع أسلوب قاس في تربيتهم”.
أي أنه كلما تمرد الأطفال أكثر، صعد الآباء تهديداتهم وعقوباتهم – حتى لو أدى ذلك إلى تفاقم المشكلة، وأدى إلى مزيد من الصراعات والتحديات.
بالطبع، الآباء مسؤولون في نهاية المطاف عن كيفية استجابتهم لسلوك أطفالهم، لأنهم هم الأكبر سنا والأكثر خبرة، قبل كل شيء، وإذا وجدوا أنفسهم غاضبين بشكل كبير يمكنهم، على سبيل المثال، اللجوء إلى المعالجين الأسريين (نعلم أن إرهاق الآباء والأمهات آخذ في الازدياد).
ويمكن للوالدين أيضًا تجربة الأساليب التي أثبتت جدواها في السيطرة على المواقف المشحونة عاطفياً، مثل إدارة مشاعرهم الخاصة بالتوتر والإحباط، وفهم مصادر غضب أطفالهم.
لكن التفكير في التفاعل بين السمات الشخصية الفطرية للطفل وردود أفعال الآباء قد يفتح آفاقًا جديدة ويوقف تلك الحلقات المفرغة.
تقول نانسي سيغال، متخصصة في دراسات التوائم في جامعة ولاية كاليفورنيا فولرتون ومؤلفة كتاب “منقسمون عن عمد”: “يؤثر التأثير الجيني فعليًا على كل سمة قابلة للقياس”. على سبيل المثال، وجد تحليل لعدد من الدراسات في عام 2015، والذي بحث في إجمالي 14 مليون توأم، إما نشأوا معًا أو نشأوا منفصلين، أن التوائم المتماثلة التي نشأت بعيدا عن بعضها بعضا كانت أكثر تشابهًا من التوائم التي نشأت في نفس المنزل .
وهذا يؤكد ما لاحظته سيغال منذ فترة طويلة بين التوائم الذين قابلتهم – وهو أن “البيئات المشتركة لا تجعل أفراد الأسرة متشابهين”، كما تقول. ويعني هذا أن طفلين في نفس المنزل يمكن أن يتصرفا بطرق مختلفة تمامًا.
لذلك تكشف دراسات التوائم عن مدى تأثر السلوك بجيناتنا. تقول ديك: “وهكذا فإن كل نصائح التربية التي تركز فقط على الآباء والأمهات، تتجاهل هذه الحقيقة البيولوجية الأساسية المتمثلة في أن أطفالنا ليسوا جميعًا ألواحًا بيضاء فارغة، فجميعهم لديهم ميول جينية خاصة بهم. هذا يعني أن استراتيجيات التربية المختلفة تعمل بشكل أفضل (أو أسوأ) مع أنواع مختلفة من الأطفال”.
لكن إذا نسبنا بعض السلوكيات أو التفضيلات إلى علم الوراثة وحده، فيمكن أن يجعلنا ذلك نشعر بأن ذلك يقلل من دورنا كآباء. وبدلاً من ذلك، يمكننا إعادة صياغة هذه الرؤية لمساعدتنا على فهم مقدار تشكيل الآباء لحياة أطفالهم، إذ أن ذلك يزيل عنصرًا من اللوم الذاتي الدائم عندما لا يتصرف الأطفال بالطريقة التي نتوقعها منهم.
هذا لا يعني أن طريقة التربية لا تهم، بل يعني فقط أن الطريقة التي نتبناها في التربية تعتمد على سلوك أطفالنا، فقد يكون أحد الأطفال منفتحًا بشكل طبيعي وبالتالي يستمتع باللعب بشكل مستمر، في حين قد يفضل طفل آخر الأنشطة الفردية، وهو ما يعني أن نكون أكثر هدوءًا من حوله. وقد يحب أحد الأطفال المفاجآت، بينما قد يجدها شقيقه مرهقة ويفضل النظام والروتين.
تقول سيغال: “يتحمل الآباء والأمهات المسؤولية المهمة والصعبة المتمثلة في التكيف مع السلوكيات المختلفة التي يعبر عنها الأطفال والتأكد من رعايتهم لهم”.
[ad_2]
Source link