2021 السنة التي تحول فيها المتوسط والمانش إلى مقبرتين للمهاجرين
[ad_1]
- رندة درويش
- بي بي سي نيوز عربي
قد تكون أهم الأسباب التي تدفع اللاجئين والمهاجرين لترك أوطانهم ومنازلهم التي عاشوا فيها لسنوات هي الحفاظ على حياتهم، والبحث عن مستقبل أفضل أو حياة كريمة بلا حرب.
عام 2021 لم يختلف كثيراً عن الأعوام التي سبقته بالنسبة للمهاجرين وطالبي اللجوء من أنحاء العالم نحو أوروبا والولايات المتحدة. وأزمات مثل سيطرة طالبان على أفغانستان، واستمرار النزاعات في دول عربية مثل اليمن وليبيا فاقمت الأزمة.
“المتوسط يتحول إلى مقبرة “
بدأ العام بتسجيل تونس أولى مآسي حوادث غرق قوارب المهاجرين، وذلك بعد أن أعلنت انتشال جثة مهاجر وفقدان 22 آخرين بعد غرق قاربهم قبالة سواحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
تبع ذلك في شهر فبراير/شباط الماضي واحد من أكثر الحوادث مأساوية، إذ توفي 41 شخصا غرقا أثناء محاولتهم الوصول إلى السواحل الأوروبية انطلاقا من ليبيا حتى بات البحر الأبيض المتوسط مقبرة لأحلام لاجئين كثر.
حوادث غرق القوارب التي تقل مهاجرين غير شرعيين تكررت خلال العام بشكل شبه أسبوعي، حتى أصبحت خبراً رئيسياً معتاداً في نشرات الأخبار.
فبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يقدر عدد من لقوا حتفهم أو اختفوا في البحر الأبيض المتوسط أثناء محاولتهم العبور لأوروبا خلال عام 2021 وحده بنحو ألف وست مائة شخص؟.
في الوقت نفسه، لقي المئات غيرهم حتفهم في المحيط الأطلسي قبالة غرب أفريقيا على طريق المهاجرين إلى جزر الكناري الإسبانية.
إدارة بايدن وتعديل سياسات الهجرة
وفي فبراير/شباط من هذا العام، أصدر الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي نُصب حديثاً آنذاك قراراً بتعديل سياسات الهجرة التي كان قد اتخذها سلفه،دونالد ترام، بحق المهاجرين غير الشرعيين القادمين من المكسيك وعالقين على الحدود بين البلدين؛ من لم شمل عائلات تفرقت بسبب سياسات إدارة ترامب، وأمر بوقف بناء الجدار الذي يفصل حدود البلدين ويمنع مرور المهاجرين عبره.
كل ذلك بعد أن كان ترامب قد أمر بفصل ما لا يقل عن خمسة آلاف طفل عن أهاليهم من المهاجرين غير الشرعيين أثناء عبورهم للحدود الأميركية-المكسيكية وذلك بين عامي 2017 و2018، وهي السياسة التي أعلن بايدن عن تراجع إدارته عنها أيضاً.
أعداد المهاجرين القادمين من المكسيك والعالقين على الحدود الأميركية تفاقمت بشكل أكبر خلال الأشهر التي تلت ذلك، ليتجاوز عددهم أكثر من 200 ألف مهاجر لأول مرة منذ 21 عاماً، أغلبيتهم قادمين من هايتي، وكوبا، وفنزويلا، ونيكاراغوا.
رحلة اللجوء من أفريقيا نحو أوروبا
وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، كانت أعداد المهاجرين من أفريقيا نحو أوروبا في تزايد قياسي.
ففي مايو/أيار، شهد جيبا سبتة ومليلية الخاضعين للسيادة الإسبانية – شهد وصول أعداد قياسية من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من المغرب عن طريق البحر، إما سباحة أو مشيا على الأقدام.
ووصل عدد المهاجرين غير الشرعيين ممن وصلوا للمدينتين الواقعتين على الساحل المتوسطي المغربي إلى نحو ثمانية آلاف شخص، وهو العدد الأكبر من المهاجرين الذين يعبرون في يوم واحد في التاريخ.
أزمة المهاجرين هذه أثارت أزمة دبلوماسية على الجانب الآخر، فقد وجهت السلطات الإسبانية اتهامات لحرس الحدود المغربي بغض الطرف عن حركة العبور هذه وعدم توقيفها.
سرعان ما أثار ذلك توتراً في العلاقات بين إسبانيا والمغرب بعد سماح مدريد لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، بالعلاج في مستشفياتها.
أما على مدار العام، فيؤكد غونثالو فانخول لبي بي سي، وهو مدير مركز بور كاوسا لدراسات الهجرة في اسبانيا، أن عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا لإسبانيا وحدها هذا العام وصل لأكثر من 36 ألف شخص، أما المهاجرون الشرعيون فوصل عددهم إلى 200 ألف، وهو أقل بمرتين من الأعداد التي كانت تصل للبلاد قبل تفشي وباء كورونا.
حريق في مركز احتجاز مهاجرين إثيوبيين في اليمن
وفي الشهر نفسه، تعرض مركز احتجاز مهاجرين في مدينة صنعاء اليمنية وتديره حركة أنصار الله الحوثية لحريق أودى بحياة خمسة وأربعين شخصاً.. وأكدت منظمة الهجرة الدولية أن المركز كان فيه قرابة 900 مهاجر، غالبيتهم من الإثيوبيين.
لاحقاً، أعلن الحوثيون أن التحقيق الذي أجري في الحادث كشف عن مسؤولية عدد من عناصر الحركة ومسؤوليها العسكريين. أكدت ذلك منظمة هيومن رايتس ووتش حيث كشفت عن أن المحتجزين في المركز كانوا يحتجون على الاكتظاظ في المركز، ولكن حراس المعسكر اعتقلوا المئات منهم في أحد العنابر قبل إطلاق قذيفتين على المبنى.
وأعلن الحوثي توقيف العناصر المتهمة تمهيدا لمحاكمتهم على خلفية الحادث.
صراع تيغراي وأزمة اللجوء الإنسانية
وفي إثيوبيا، شهدت البلاد استمرار الصراع في إقليم تيغراي بين مسلحين من الإقليم والقوات الحكومية في محاولة للسيطرة على البلاد.
هذه الحرب شهدت موجات نزوح عنيفة داخل البلاد وخارجها. إذ أفادت أرقام منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من مليون شخص نزحوا عبر 178 موقعا يمكن الوصول إليها في منطقة تيغراي الإثيوبية وعفر وأمهرة المجاورتين.
كل هذا وسط قلق من قبل وكالات الإغاثة من اشتداد القتال ما يمنع وصول المساعدات وإمدادات الغذاء والأمن للمخيمات.
لاحقاً خلال العام، كشفت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن أن آلاف اللاجئين يعبرون الحدود يومياً من إثيوبيا إلى السودان، وسط تحذيرات من أزمة انسانية واسعة النطاق.
الأفغان وسيطرة طالبان على الحكم
أما في أفغانستان، فقد شهدت البلاد أسوأ الأزمات الإنسانية لهذا العام.
فبعد سيطرة حركة طالبان على الحكم في البلاد في أغسطس/آب، بدأ الآلاف من الأفغان بالتزاحم في محيط مطار كابول من أجل مغادرة البلاد هرباً من عودة طالبان للحكم.
وفي مشهد علق في ذاكرة كل من رآه، انتشرت مقاطع فيديو تظهر أفغان يندفعون نحو الطائرات التي تغادر مطار كابول وتتشبث بها، فيما أظهرت مقاطع أخرى ما بدا أنه سقوط شخصين من طائرة أثناء تحليقها مغادرة المطار.
مسؤولون بحلف شمال الأطلسي وطالبان أكدوا لاحقاً مقتل ما لا يقل عن 12 شخصاً على المهبط الجوي وما حوله.
أفغانستان التي تشهد وجود أكثر من مليوني لاجىء في البلدان المجاورة، وأكثر من ثلاثة ملايين يعيشون على حدودها بلا مأوى نتيجة الأزمات السياسية والاقتصادية، تفاقمت فيها الأزمة الإنسانية بشكل متسارع. إذ نزح أكثر من 600 ألف أفغاني هذا العام وحده، 80 بالمئة منهم من النساء والأطفال، حسبما أفادت أرقام المفوضية السامية لحقوق اللاجئين
خديجة أمين، إحدى الصحفيات الأفغانيات التي اضطرت لمغادرة البلاد إلى إسبانيا بعد أيام من سيطرة طالبان وهي ممن وصلها تهديدات بمغادرة أفغانستان، وصفت وضع عائلتها في أفغانستان بالسيء بعد أن اضطروا لمغادرة منزلهم والاختباء، بسبب إجراءها مقابلات بشكل متواصل مع الإعلام للحديث عن أوضاع بلادها بعد سيطرة طالبان عليها.
“أزمة المهاجرين على حدود بلاروسيا والاتحاد الأوروبي”
مع مرور أشهر هذا العام، لم يتحسن الوضع بالنسبة للاجئين، بل ازدادت الكوارث سوءاً.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني، اندلعت أزمة مهاجرين على حدود بيلاروسيا وبولندا، إذ سمحت بيلاروسيا لعشرات المهاجرين على حدودها بالعبور نحو أوروبا عبر الحدود البولندية، ما دفع بولندا للاستنفار وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.
أحدث ذلك مواجهات بين الشرطة البولندية والمهاجرين ومعظمهم من الشرق الأوسط وأفغانستان.
اللاجئون الذين قدر عددهم بأكثر من ألفي شخص عاشوا ظروفاً غير إنسانية وسط عدم توفر أبسط مقومات الحياة لهم وبرد قارس ودرجات حرارة تحت الصفر، ما أدى لمقتل عدد منهم.
المهاجرين على الحدود رووا لبي بي سي شهادات لأوضاع غير إنسانية عاشوها ولا زالوا يعيشونها على الحدود، حيث الأزمة مستمرة. إذ تقول إحدى الفتيات السوريات ذات السبعة عشر عاماً والتي فضلت عدم الكشف عن هويتها انها قدمت للحدود البيلاروسية برفقة والدها هرباً من الأوضاع المعيشية السيئة في بلادها، ولكن ما شهداه من أوضاع على الحدود البيلاروسية البولندية جعلتهما يندمان على قدومهما ظناً منهما أن الأوضاع ستكون أفضل.
أما عمار، الشاب العراقي الذي هرب من بلاده بعد تعرضه للاعتداء والتهديد في بلاده لتعبيره عن المعارضة للأحزاب والقوات العراقية المدعومة من إيران، خرج من العراق باحثاً عن الأمن والأمان، ولكن المعاملة غير الإنسانية التي عاشها على الحدود بين بيلاروسيا وأوروبا جعلته يتساءل عمّا إذا كان العالم على علم بالمأساة الإنسانية التي يعيشونها في ظل افتقادهم للمساعدة من قبل المجتمع الدولي.
هذه الأزمة الانسانية فاقمت أزمة دبلوماسية لم تحل، وسط اتهامات من الاتحاد الأوروبي للرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشنكو، بتنظيم فتح الحدود للاجئين للضغط على أوروبا كردّ انتقامي على العقوبات التي فرضت على بلاده بسبب القمع الوحشي للمعارضين.
كارثة بحر المانش
وانتهى العام مع كارثة إنسانية شهدها بحر المانش بين بريطانيا وفرنسا، حيث غرق قارب مطاطي كان يقل نحو 30 مهاجراً أثناء محاولتهم العبور إلى بريطانيا من مدينة كاليه الفرنسية ما تسبب بمقتل 28 شخصاً غرقاً ونجاة اثنين فقط.
معظمهم من الأكراد وبعض الأفغان ممن تمكنت السلطات من التعرف على هوياتهم، كانوا ضحايا أسوأ مأساة على الإطلاق لغرق مهاجرين في القنال الإنجليزي.
ومع تكشف تفاصيل غرق القارب، نفى كل من الطرفين الفرنسي والبريطاني استقبالهما لأي إشارات من قبل الضحايا أثناء غرق قاربهم، على الرغم من أن تقريراً لصحيفة لوموند الفرنسية كشف من داخل التحقيق السري الذي تجريه الشرطة الفرنسية أن فواتير الهواتف المفصلة للناجين تؤكد قيامهم بطلب النجدة من السلطات الفرنسية.
هذه الرحلة ليست الأولى عبر بحر المانش، ولكنها الأكثر ضحايا، ورغم ذلك، وبعد مرور شهر واحد، ورغم برودة الجو، ما زال المئات من المهاجرين يحاولون عبور بحر المانش اسبوعيا.
خطر غرق القوارب التي تقل مهاجرين غير شرعيين ورفض قد يواجهونه من قبل الدول المستضيفة، وحتى سيناريو إعادتهم لبلدانهم، كل هذه أسباب لم تمنع آلاف المهاجرين الذين ما زالوا يحاولون التوجه للدول الغربية بحثاً عن حياة أفضل ومستقبل أكثر استقرار بعيدا عن بلادهم التي تمزقها الحروب والنزاعات والفقر.
فعام 2021 شهد ارتفاعا في عدد النزاعات وحالات انعدام الأمن في مناطق كثيرة حول العالم، وإحصائيات لمنظمة يوروستات الأوروبية أظهرت ايضاً ارتفاعا في أعداد طالبي اللجوء للاتحاد الأوروبي في الفترة بين يوليو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول من هذا العام بنسبة 38 بالمئة مقارنة مع الفترة نفسها في عام 2020. وأظهرت الإحصائيات أن أغلبية طلبات اللجوء لأشخاص من سوريا، أفغانستان وباكستان على التوالي.
[ad_2]
Source link