كيف يمكن لإعادة التواصل مع العائلة أن يحل مشكلة التشرد؟
[ad_1]
- آدم إيلي
- بي بي سي نيوز
يعتبر تفكك الأسرة أحد الأسباب الرئيسية لظاهرة التشرد والمبيت في العراء في المملكة المتحدة. ومن أحد الأمثلة على ذلك، رايس ماكاي، الذي كان يعيش في شوارع نيوكاسل لأكثر من أربع سنوات إثر خلافات مع عائلته، إلى أن أدى لقاء غير متوقع مع والدته إلى إصلاح حياته.
يقول رايس، الذي كان يتحدث وهو جالس على ضفة نهر تاين في نيوكاسل، ويفكر في السنوات التي أمضاها من دون مأوى، “كنت أفكر في عائلتي طوال الوقت”.
بعد أن مضت تجربته المريرة، أصبح رايس يمارس الركض على طول رصيف الميناء عدة مرات في الأسبوع لكي يساعد نفسه على استعادة توازنه وصحته العقلية. وهو يعرف هذه المنطقة جيدا، وقد اعتاد عليها خلال فترة تشرده واضطراره للنوم في ظروف قاسية.
تعود قصة رايس مع التشرد إلى عام 2013 ، عندما ترك منزل عائلته أول مرة بسبب علاقاته مع أشخاص غير مناسبين، وخلافاته المتكررة مع والدته.
في البداية انتقل إلى نزل خاص بالذين ليس لديهم مأوى، ولكن عندما اندلع حريق هناك فقد كل شيء، واضطر إلى العيش في الشوارع.
ويقول رايس عن تلك الأيام العصيبة “لقد حاولت الانتحار أكثر من مرة”.
ويؤكد رايس أنه كان خلال تلك الفترة يرغب بشدة في التواصل مع عائلته، لكن تدهور صحته منعه من القيام بذلك.
ويضيف “لم أكن أبدو على ما يرام على الإطلاق، وكلما طالت المدة، كلما أصبح التحدث إليهم أكثر صعوبة”.
ويقول رايس “ذات مرة في فترة عيد الميلاد، أنفقت كل ما أملكه لشراء هدايا لأبناء وبنات أخوتي، لكنني لم أجسر على طرق الباب. لذلك تركت الهدايا على العتبة وذهبت”.
ومضت أكثر من أربع سنوات لم ير رايس والدته خلالها، لكن في عمر 23 عاما، اتخذت حياته منعطفا غير متوقع.
في عام 2017، وأثناء محاكمته بتهمة السرقة من المتاجر والتي أسفرت عن قرار إرساله إلى السجن، دخلت والدته فجأة قاعة المحكمة.
وكان صديق للعائلة علم بموعد محاكمة رايس، وأخبر الأم، كما يقول رايس، مضيفا “كنت في حالة صدمة كاملة، وظننت أنني أحلم”.
وسمح له القاضي بالاقتراب من والدته ومعانقتها. ويقول رايس “انفجرت أمي بالبكاء، ووعدتها أنني عندما أخرج، سأتواصل مع عائلتي من جديد”.
وبحسب منظمة “كريزس” الخيرية، يشكل انهيار العلاقات مع العائلة وانقطاعها “أحد العوامل الرئيسية في الوصول إلى حالة التشرد”.
وتظهر الإحصاءات الرسمية في إنجلترا أن نحو 48 ألف شخص أصبحوا من دون مأوى خلال عامي 2020-2021، لأن عائلاتهم أو أصدقاءهم لم يعودوا قادرين، أو أنهم غير راغبين، في احتوائهم واستيعابهم في مساكنهم.
وهناك أسباب عديدة تدفع الشخص إلى ترك منزل الأسرة، مثل الخلافات والمشاحنات، أو ارتكاب إساءة أو التعرض لها، أو إدمان أحد الوالدين للكحول، كما يمكن أن يطرد شخص من المنزل العائلي بسبب هويته الجنسية أو ميوله.
وقد أطلقت بعض المنظمات الخيرية، مثل سانت بازيلز الموجودة في مقاطعة ويست ميدلاندز، مبادرات خاصة بهدف الحفاظ على تماسك العائلات، والحيلولة دون تشرد أي من أفرادها.
ووفقا لهذه المنظمة، فإن 49 في المئة من حالات تشرد الشباب التي وصل عددها إلى 1891 حالة ما بين عامي 2020 و2021، كانت على علاقة بمشكلة تفكك الأسرة.
وتدير المنظمة ورش عمل خاصة لدعم الآباء والأمهات الذين يجدون صعوبة في التعامل مع أولادهم المراهقين، كما دربت عددا من العاملين معها على القيام بدور الوسطاء بين العائلات، لكي تتمكن من التواصل الفعال فيما بينها ومناقشة أسباب صعوبة التعامل المشترك، وإيجاد حلول وعلاج لها.
ولكن، تقليص المجلس المحلي تمويل المنظمة خلال السنوات الأخيرة أدى إلى تراجع قدرتها على تنفيذ هذا البرنامج، بحسب مصادر في منظمة سانت بازيلز.
ويعتقد باري هودج، مدير الاتصالات في المنظمة، أن التركيز على إيجاد مأوى للمشردين وحده لا يكفي لحل المشكلة.
ويقول “إذا كنا سنكتفي بتوفير سقف للأشخاص من دون التعامل مع المشاكل التي أدت إلى تشردهم في الأساس، فسرعان ما سينتهي بهم الحال إلى نفس الوضع من جديد”.
“لدي الكثير مما أرغب بمشاركته مع عائلتي”
ورغم أنه في بعض الحالات قد لا يكون من الملائم للشخص أن يعود إلى التواصل مع عائلته، ولكن هناك العديد من الحالات التي يمكن أن تكون استعادة العلاقات مع العائلة مفيدة للغاية.
وفي حالة رايس مثلا، عندما غادر السجن كانت والدته وشقيقه وأخته في انتظاره عند محطة القطار، بعد أن كانوا على تواصل مستمر معه خلال مدة سجنه.
وهو يقول “لقد كانوا سعداء حقا برؤيتي، وكان لدي الكثير من الأشياء التي أرغب بمشاركتها معهم”.
وقد أمضوا طوال فترة ما بعد الظهر في ذلك اليوم، يتبادلون الأحاديث قبل أن يتناولوا العشاء معا. ومن حينها حافظوا على تواصل مستمر، وهم يتحدثون بشكل يومي تقريبا. كما كان رايس مسؤولا عن رعاية أمه واعتنى بها لفترة.
وتظهر الأرقام الحكومية أنه خلال عامي 2020 و2021 ، كانت 177 ألف أسرة في إنجلترا مهددة بتشرد أحد أفرادها، وذلك بانخفاض عن الرقم المسجل عام 2019 والذي بلغ 212 ألف حالة.
ولكن مع نهاية فترة الإجازات الطويلة المدفوعة بسبب انتشار فيروس كورونا، وانخفاض المساعدات الحكومية للعاطلين عن العمل وارتفاع تكلفة المعيشة، تتوقع بعض المنظمات الخيرية أن الأوضاع ستكون أسوأ خلال الشتاء الحالي.
وتعتقد ياسمين باسران، مديرة السياسات في منظمة كريزيس الخيرية، أن الحكومة إن كانت تعتزم الوفاء بتعهدها بالقضاء على مشكلة نوم المشردين في العراء مع نهاية الدورة الحالية للبرلمان، فعليها في المقام الأول اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان عدم وصول الأفراد إلى حالة التشرد.
وتقول “نحن نفتقر إلى استراتيجية بعيدة المدى، ونحتاج بشدة إلى أن نشاهد طموحا حقيقيا لتوفير منازل بأسعار معقولة للناس”.
ومن جهتها، دعت جمعية المجالس المحلية أيضا الحكومة إلى توفير “استثمار طويل الأجل” للحيلولة دون حدوث التشرد.
وقالت وزارة التنمية والإسكان والمجتمعات المحلية إنها ستنفق ملياري جنيه إسترليني على مدى السنوات الثلاث المقبلة لمعالجة مشكلة المبيت في العراء في إنجلترا، مع استمرار التمويل المخصص للتدخل المبكر.
أما بالنسبة لرايس، فهو يعتقد أن عودته للتواصل مع عائلته قد منحته الأساس لإعادة بناء حياته من جديد.
وعندما خرج من السجن، انتقل رايس للعيش مع والدته، كما ساعدته عائلته ماديا.
وبدأ أيضا في استعادة ثقته بنفسه بفضل مساعدة عائلته، والتحق بكلية للدراسة وتحسين مستواه في القراءة والكتابة. وهو الآن يعمل في دعم المشردين.
كما أصبحت لدى رايس عائلته الخاصة، وهو اليوم يعيش مع شريكته وابنه الصغير. ويقول “وجود أشخاص يهتمون لأمري يحدث فرقا حقيقيا في نظرتي لنفسي”. ويضيف “أصبح لدي الآن كل ما كنت أتمناه قبل خمس سنوات.”
[ad_2]
Source link