موسم الرياض: المخاوف من التحرش تخيم على فعاليات الترفيه في السعودية
[ad_1]
- سباستيان آشر
- محرر الشؤون العربية في بي بي سي
استمر مهرجان “ميد بيست” ساوند ستورم، أو العاصفة الصوتية على مدار أربعة أيام، حضر خلالها مئات الآلاف من الجماهير حفلات موسيقية أحياها فنانون من أنحاء مختلفة من العالم، وشهدت اختلاطاً بين الجنسين غير مسبوق في المملكة.
في مشاهد لا تزال تبدو شبه سوريالية في البلاد، انتشرت مقاطع تظهر شبانا وشابات يتراقصون على إيقاع الموسيقى الصاخبة في بلد كان أداء الموسيقى في الأماكن العامة أمرا مثيرا للجدل فيه قبل بضع سنوات فقط.
وبينما يرى البعض أن الأحداث الترفيهية الجماعية لم تعد أمرا مستغربا في المملكة، التي بدأت منذ نحو ثلاث سنوات تتبع سياسة انفتاح اجتماعي بعد عقود من المحافظة وحتى التشدد، ترافقت هذه الأحداث مع تقارير عن مضايقات- بعضها موثق بالفيديو، تعرضت لها نساء سعوديات وأجنبيات.
شكل قرار المشاركة في المهرجان، أمرا تردد بعض المشاهير بشأنه في ضوء الاتهامات التي توجه للسعودية في ملف حقوق الإنسان، خاصة مع صدور تعليقات من نشطاء حقوق الإنسان ترى أن الموسيقيين المشاركين، إنما يسهمون في تبييض سمعة المملكة التي تقمع فيها السلطات السكان، بحسب النشطاء.
لكن الموسيقيين لم يكونوا وحدهم من فكر مرتين قبل المشاركة. فقد كان هذا حال كثير من النساء في ظل التقارير التي تتحدث عن أن التحرش الجنسي أصبح سمة من سمات الأحداث الترفيهية الكبرى في الرياض وغيرها من مدن المملكة، وانتشار مقاطع مصورة لمجموعات من الرجال يقومون بلمس أجساد النساء والتحرش بهن.
في ضوء ذلك أطلقت إدارة مهرجان ميد بيست حملة لتكثيف الإجراءات لحماية النساء في فعالياتها ، ووعدت بعدم التسامح مطلقا مع أي حوادث تحرش أو مضايقات. وقد أشاد بعض الذين حضروا الأسبوع الماضي بجهود المنظمين في هذا الصدد.
كما أن السلطات السعودية سنت منذ عام 2018 قوانين تجرم التحرش وتفرض غرامات باهظة وأحكاما بال سجن تصل غلى خمس سنوات على المدانين به.
لكن العديد من النساء السعوديات اللواتي تواصلت بي بي سي معهن قلن إنهن لا يعتقدن أن السلطات تقوم بما يكفي.
لم ترغب أي من النساء بالكشف عن هويتها، لكن كثيرا منهن قلن إنهن إما تعرضن للتحرش بشكل مباشر، أو يعرفن أو سمعن عن فتيات تعرضن للأمر.
قالت إحداهن إن التعليقات على الإنترنت على مقاطع الفيديو التي تظهر حوادث تحرش ألقت باللوم على النساء، وأن الضحايا من النساء من المرجح أن يعاقبن بموجب القانون السعودي مثل الجناة.
في حين عبرت أخرى عن اعتقادها أن السلطات بدت وكأنها تتصرف بجدية فقط عندما يتعلق الأمر بأجانب، وأضافت أنه لم يكن هناك سوى القليل من الاهتمام عندما كانت الضحية امرأة سعودية، في مقابل احتجاج شديد وعقوبات قاسية عندما كانت الضحية سائحة.
وقالت ثالثة إن النساء السعوديات لا يتمتعن بأي حماية حقيقية، إذ ينتشر شعور عام بأنهن متواطئات، بل وحتى مذنبات بطريقة ما، لمجرد الذهاب إلى الفعاليات الترفيهية العامة، مضيفة أن الشابات اللواتي يبلغن عن تعرضهن للتحرش، قد يواجهن إدانة من داخل أسرهن ومن المجتمع.
تزعم هذه الشابة، التي رفضت الكشف عن اسمها، أن التحذير الأخير الذي أصدره الأمن العام السعودي ضد التصوير بالهواتف المحمولة في أماكن الترفيه كان يهدف إلى منع توثيق حوادث التحرش.
يقول مقربون من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي ينظر إليه كثيرون بوصفه الحاكم الفعلي للمملكة، إن مثل هذه الحوادث تمثل ما يشبه آلام النمو التي تصيب الجسد، في بلد يشهد انتقالا كبيرا من الوقوع تحت سلطة وإملاءات التفسيرات المحافظة بشدة للإسلام إلى التحول إلى مجتمع أكثر انفتاحا- وهو انتقال يتجلى بالنسبة للكثيرين في غياب عناصر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين كانوا ينتشرون في كل مكان.
ومن المقرر أن تتسارع وتيرة التغيير سعيا لتحقيق الأهداف المنصوص عليها في رؤية 2030 التي أطلقها الأمير- وهي خطة طموحة للغاية لإحداث تحول في المملكة العربية السعودية من خلال تحويل الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على النفط، مع إعادة تشكيل المجتمع بما ينسجم مع الانفتاح على قطاعات اقتصادية متنوعة من ضمنها السياحة والترفيه ويتناسب مع تطلعات الجيل الشاب الذي يشكل غالبية سكان المملكة.
يقول أنصار الأمير إن هذه العملية لا تزال في مرحلة مبكرة، ويدعون إلى التحلي بالصبر حتى تصبح هذه التغييرات طبيعية.
لكن النساء السعوديات اللاتي تواصلت بي بي سي معهن طرحن تساؤلات عن مدى شمولية هذه الخطة في الواقع – إذ أكدن أن أن آمال النساء ومخاوفهن لا تزال تعالج بشكل سطحي.
تقول تلك النسوة إن قضية التحرش لم تكن سوى مثال صارخ على ظاهرة أكبر – ردع العديد من النساء السعوديات عن المشاركة في مجموعة واسعة من الأحداث التي تهدف ظاهريا إلى فتح المملكة العربية السعودية، ليس فقط لعالم جديد من السياح والمؤثرين، ولكن لمواطنيها.
[ad_2]