التغير المناخي: لماذا تتزايد الدعاوى القضائية ضد الحكومات والشركات؟
[ad_1]
- جيسيكا بيتمان
- بي بي سي
يقاضي النشطاء الحكومات والشركات بشكل متزايد لاتخاذ إجراءات ضد تغير المناخ، ويحصلون على أحكام في صالحهم، فهل يمكن أن تكون هذه نقطة تحول؟
شارك ديفيد شيبيك، وهو طالب من ولاية بافاريا جنوبي ألمانيا، في النشاط المناخي لمدة ثلاث سنوات تقريبًا. يقول الشاب البالغ من العمر 20 عامًا: “بعد كل هذا الوقت من الكفاح والاحتجاج والتحدث إلى السياسيين، كدت أفقد الأمل بعض الشيء، وأشعر أن مستقبلي يُسلب مني”.
لكن حدث شيء غير متوقع في مايو/آيار من هذا العام منحه إحساسًا جديدًا بالتفاؤل، إذ أسفرت دعوى قضائية رفعها عدد من المنظمات البيئية غير الحكومية، نيابة عن مجموعة من النشطاء الشباب، عن إصدار المحكمة الدستورية الألمانية حكما بضرورة تعديل قانون حماية المناخ في البلاد ليشمل المزيد من التخفيضات الطموحة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ونص القرار على أن فشل الحكومة في حماية المناخ للأجيال القادمة غير دستوري.
يقول شيبيك: “رأيت أنه يمكن أخيرًا الضغط على السياسيين وإجبارهم على اتخاذ تدابير ضد تغير المناخ. لقد غير هذا الحكم حقا الطريقة التي أرى بها السياسة”.
والآن، يأمل شيبيك أن يبني على هذا الحكم، الذي ينطبق فقط على الحكومة الفيدرالية. وجرى الاستعانة بشيبيك من قبل منظمة غير حكومية، إلى جانب شباب آخرين من جميع أنحاء ألمانيا، لرفع قضايا مماثلة ضد حكومات الولايات المحلية. ومن الناحية الفنية، يقاضي شيبيك ولايته لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ.
وشهدت السنوات القليلة الماضية تزايدا كبيرا في الأحكام القضائية الصادرة لصالح دعاة حماية البيئة في جميع أنحاء العالم. وزاد العدد التراكمي للقضايا المتعلقة بتغير المناخ بأكثر من الضعف منذ عام 2015، وفقًا لتقرير أعدته كايا أكسلسون من معهد التغير البيئي بجامعة أكسفورد، وزملاؤها.
وخلال الفترة بين عامي 1986 و2014 رُفع ما يزيد قليلاً عن 800 قضية، بينما رُفع أكثر من 1000 قضية خلال السنوات الست الماضية فقط، وفقًا للباحثتين جوانا سيتزر وكاثرين هيغام من معهد أبحاث غرانثام لتغير المناخ والبيئة.
يُذكر أن واحدة من أكثر القضايا شهرة كانت قضية هولندية في عام 2015، إذ قضت محكمة بأنه يجب على حكومة هولندا حماية مواطنيها من تغير المناخ.
وقرر القضاة أن خطة الحكومة لخفض الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 14 و17 في المئة مقارنة بمستويات عام 1990 بحلول عام 2020 كانت غير قانونية، نظرًا لخطر تغير المناخ. وأمروا بزيادة النسبة المستهدفة لخفض الانبعاثات لتصل إلى 25 في المئة.
ونتيجة لذلك، أغلقت الحكومة الهولندية محطة طاقة قبل أربع سنوات من الموعد المخطط لها، وقدمت خطة مناخية جديدة في عام 2019.
وأدت قضايا أخرى إلى أحكام مماثلة – بما في ذلك الحُكم الألماني الأخير الذي ألهم شيبيك، وكذلك قضايا في بلدان أخرى مثل أستراليا.
ويمهد العدد المتزايد من هذه القضايا الطريق لتطبيق أكثر صرامة للقوانين البيئية في جميع أنحاء العالم، ويمنح نشطاء مثل شيبيك إحساسًا جديدًا بالأمل.
تقول رودا فيرهاين، إحدى أشهر المحامين في مجال البيئة في ألمانيا وواحدة ممن مثلوا المواطنين في قضية المحكمة الدستورية الألمانية هذا العام، إنها تعتقد أن هناك ثلاثة أسباب وراء زيادة عدد القضايا الناجحة. وتقول: “أحد هذه الأسباب هو أن المحاكم تستغرق وقتًا طويلاً للتوصل إلى استنتاجات فعلية”. ورُفع عدد متزايد من القضايا منذ عام 2014، لذلك لم يُستمع إلى بعضها إلا بعد سنوات عديدة من العمل.
علاوة على ذلك، أصبح الدليل العلمي على أن تغير المناخ ناجمًا عن البشر لا يمكن إنكاره، وهو ما يعني أنه أصبح من الأسهل بالنسبة للمحامين إثبات ذلك في المحكمة.
كما تطورت وتوسعت القوانين الحاكمة التي من المتوقع أن تتبعها الدول – تشير فيرهين إلى أنه عندما بدأت دراسة القانون لأول مرة منذ حوالي ثلاثة عقود، لم يكن هناك أي شيء متعلق بالمناخ.
وتشرح ذلك قائلة: “ومن الواضح بعد ذلك أن نظرة المجتمع لتغير المناخ قد تغيرت. هناك الكثير من القوانين المرنة إلى حد ما، لأنه يتعين عليك دائمًا تفسير القواعد الحالية. وعندما يفعل القضاة ذلك، فإنهم يأخذون في الاعتبار المعايير المجتمعية وكيف تغيرت النظم العقائدية”.
وتقارن فيرهين هذا التطور بالجرائم المتعلقة بالماريجوانا – أصبحت المواقف تجاه المخدرات أكثر تحررا في العديد من البلدان، وبالتالي أصبحت العقوبات أخف بكثير. وفي سياق تغير المناخ، يقبل الجمهور الآن بأغلبية ساحقة الإجماع العلمي على أنه من صنع الإنسان، وتضع استطلاعات الرأي بانتظام قضية المناخ في مقدمة اهتمامات الناس. وهذا بدوره جعل المحاكم أكثر استعدادًا للحكم ضد المسؤولين عن الانبعاثات.
توضح فيرهين أن الحكم الألماني هذا العام مهم للغاية لأن العديد من البلدان الأخرى ليس لديها محاكم دستورية يمكنها اتخاذ هذا النوع من القرارات. ثانيًا، هذا الحكم غير محدود، لذا سيُطبق من الآن إلى الأبد، وتتوقع فيرهين أن يكون لهذا الحكم تأثير كبير على قضايا أخرى في جميع أنحاء أوروبا.
وبالإضافة إلى القضايا المرفوعة ضد الحكومات، تتزايد وتيرة القضايا المرفوعة ضد الشركات أيضا. وصدر حكم تاريخي في عام 2021 مرة أخرى في هولندا، يُلزم شركة “رويال داتش شل” العملاقة للنفط بخفض انبعاثاتها بنسبة 45 في المئة بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 1990.
وقالت الشركة إنها ستستأنف الحكم، بينما تكثف جهودها للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.
وقال متحدث باسم “رويال داتش شل” إن الشركة “ترتقي لمواجهة التحدي المتمثل في الحكم الصادر عن المحكمة الهولندية”، مشيرا إلى أنها التزمت بتقليل انبعاثات النطاق الأول والنطاق الثاني بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2016 – هذه هي الانبعاثات المباشرة لشركة شل من المصادر المملوكة أو المصادر الخاضعة للرقابة، وانبعاثاتها غير المباشرة من توليد الكهرباء المشتراة والبخار والتدفئة والتبريد.
يقول المتحدث باسم شركة شل: “ستعكس خطة عملنا لعام 2022 هذا الهدف الجديد، الذي نلتزم بتحقيقه بغض النظر عما إذا كنا سنكسب أو نخسر استئنافنا ضد الحكم”.
ولا تشمل هذه التخفيضات الانبعاثات الناتجة عن حرق منتجات الوقود الأحفوري لشركة شل، والتي تندرج تحت فئة انبعاثات النطاق الثالث.
ونص الحكم الهولندي على أن الشركة بحاجة أيضًا إلى تقليل انبعاثات النطاق الثالث، لكن المتحدث باسم شركة شل يقول إن هذه النتائج تحمل شركة شل المسؤولية عن قضية عالمية أوسع.
وكانت هذه القضية أيضًا بمثابة المرة الأولى التي يُطلب فيها من شركة الامتثال لاتفاق باريس للمناخ. يقول بول بنسون، المحامي في منظمة “كلينت إيرث” غير الحكومية التي تتخذ من بروكسل مقراً لها والمتخصصة في التقاضي في مجال البيئة: “هذه القضية تُظهر أن اتفاق باريس له أنياب – ليس فقط ضد الحكومات، ولكن ضد الشركات أيضا”.
وقد مهد هذا الطريق أمام دعاوى قضائية أخرى تسعى إلى إجبار الشركات على الامتثال للاتفاق – تعمل فيرهين حاليًا على رفع دعوى قضائية ضد شركات صناعة السيارات الألمانية “بي إم دبليو” ومرسيدس-بينز” و”فولكسفاغن” – والتي، إذا نجحت، ستجبر هذه الشركات على التخلص التدريجي من محركات الاحتراق بحلول عام 2030 تماشيا مع أهداف اتفاق باريس.
يقول متحدث باسم شركة “دايملر”، التي تصنع سيارات مرسيدس-بينز: “لم تُقدم الشكوى إلينا بعد. نحن لا نرى أساسًا لإعلان التوقف عن القيام بأي شيء غير قانوني، لأننا أصدرنا منذ فترة طويلة إعلانًا واضحًا بشأن تغيير المسار إلى الحياد المناخي: بصفتنا شركة تصنيع سيارات، فإننا نطمح إلى أن تصبح منتجاتنا كهربائية بالكامل بحلول نهاية العقد حيثما تسمح ظروف السوق بذلك”.
وقال متحدث باسم “بي إم دبليو”: “تلتزم مجموعة بي إم دبليو بشدة باتفاق باريس للمناخ، وتقود بالفعل صناعة السيارات في مجال مكافحة تغير المناخ”.
في غضون ذلك، قال متحدث باسم فولكسفاغن إن فولكسفاغن كانت أول شركة مصنعة للسيارات تلتزم بجميع الأهداف التي حددها اتفاق باريس للمناخ “وهي ملتزمة بأن تصبح محايدة للكربون الصافي بحلول عام 2050 على أبعد تقدير”، بهدف استثمار 35 مليار يورو [30 مليار جنيه إسترليني/40 مليار دولار] في التنقل الكهربائي قبل عام 2025.
[ad_2]
Source link