100 امرأة: الأم التي تريد أن “تغير الدنيا” من أجل ابنتها
[ad_1]
- عبدالرحمن أبو طالب
- بي بي سي عربي- القاهرة
تغيرت حياة يمنى دحروج قبل نحو ثلاث سنوات، بعد كفالتها طفلة رضيعة، أدخلتها عالم الأمومة، بعد تسع سنوات من زواج لم يثمر عن أي أطفال.
لكن يمنى، التي تقول إن ابنتها ليلى منحتها هي وزوجها الحياة، بقيت مسكونة بوجوه الأطفال الرضع الذي يقيمون في دار الرعاية الذي كانت تسكنه ليلى، وقلقة من مستقبل ينتظر الطفلة الصغيرة في ظل مجتمع ترى أنه لا يعرف معنى كفالة الأطفال.
“سألت نفسي كيف ستنشأ ابنتي بالتبنى في مجتمع لا يعرف معنى كفالة الأطفال. وشعرت أن من واجبني أن أغير الدنيا من أجلها”، لهذا قررت إنشاء مؤسسة تعمل على نشر فكرة كفالة الأطفال، ودعم الأسر الكافلة بطرق مختلفة.
وخلال أشهر قليلة باتت مؤسسة “الاحتضان في مصر”، التي أنشأتها يمنى، واحدة من بين أبرز المؤسسات المختصة بهذا الشأن في البلاد. إذ يتابع صفحة المؤسسة، التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الفكرة، نحو 180 ألف شخص على فيسبوك.
وتقول الحكومة المصرية إن طلبات كفالة الأطفال تضاعفت عدة مرات مؤخرا بعد تيسير الإجراءات المطلوبة لإتمام هذه الخطوة، في الوقت الذي نشطت فيه عدة مبادرات أهلية تدعو لكفالة الأطفال.
“الأطفال مكانهم البيوت”
وتقدم مؤسسة “الاحتضان في مصر” توعية للأمهات اللاتي يرغبن في كفالة أطفال، كما تساعدهن على إتمام الإجراءات القانونية للكفالة، وقد أطلقت لذلك حملة بعنوان “الأطفال مكانهم البيوت”.
وتعمل المؤسسة أيضا على تقديم الدعم النفسي للأمهات الحاضنات ولأطفالهن، الذين يطارد الشعور بالقلق عددا كبيرا منهم، خشية أن تكون فترة بقائهم مع الأسر الحاضنة مؤقتة.
ولا تزال ثقافة كفالة الأطفال داخل أسر بديلة أمرا غير مألوف في المجتمع المصري، فضلاً عن أن البعض يتعامل مع الأيتام كـ”مجهولي نسب” أو يعتقد أنهم نتاج علاقات غير شرعية، وهو ما يمثل عائقاً أمام كفالة الأطفال، الذين لا يجدون لهم مأوى سوى دور الرعاية الحكومية أو الجمعيات الخيرية.
ويعكس المثل الشائع “يا مربي في غير ولدك، يا باني في غير أرضك”، الثقافة التي ظلت سائدة في مصر لعقود، والمخاوف التي ترتبط بذهن كثيرين من قضية الكفالة.
يأتي ذلك على الرغم من أن الكفالة تعد بديلا عن التبني يتوافق مع ما نص عليه الإسلام في هذا الشأن، إذ تشترط إعلان نسب الطفل إن كان معروفاً، والجهر بأنه مجهول النسب إذا كان كذلك، كما يُحرم من حق الميراث الشرعي.
“المجتمع بدأ تقبل الفكرة”
عند كفالتها لابنتها ليلى واجهت يمنى كثيرا من الأسئلة ممن حولها، كانوا يريدون أن يعرفوا إلى متى ستعيش الطفلة الصغيرة معها وزوجها، وهل ستقيم معهما بشكل دائم؟
وتشكل هذه الأسئلة عينة من ردود الفعل السائدة في المجتمع المصري تجاه قضية الكفالة، فكثيرات ممن أقدمن على هذه الخطوةـ واجهن رفضا واستنكارا من المحيطين بهم استمر لوقت طويل.
لكن يمنى تقول إن هذه الأفكار والتصورات عرفت بعض التغير مؤخرا، حيث بدأ المجتمع يصبح أكثر انفتاحا على فكرة كفالة الاطفال وأكثر وعياً بها.
تزامن هذا مع تخفيفي وزارة التضامن الاجتماعي، المسؤولة عن ملف الكفالة، لشروط الاحتضان مطلع عام 2020، ما أتاح الفرصة لشرائح أوسع من المصريين للكفالة، وسمح للنساء غير المتزوجات ممن تجاوزت أعمارهم 30 عاما بالكفالة ، بعد أن كانت الإجرءات المتبعة تشترط بلوغهن 45 عاما.
وقد شهدت الفترة الممتدة بين يونيو 2020 – 2021 “زيادة غير مسبوقة” في عدد طلبات الكفالة التي تلقتها وزارة التضامن، تجاوزت 2500 طلب.
وأرجعت الوزارة هذه الزيادة إلى التفاعل الواسع الذي حظي به مسلسل “ليه لأ: الجزء الثاني”، الذي ناقش قضية الكفالة عبر تقديم قصة امرأة غير متزوجة قررت كفالة طفل صغير تعلقت به، وكسبت قصتها تعاطفا وثناء من المشاهدين.
ويبلغ عدد الأطفال المكفولين في المنازل في مصر إلى نحو 12 ألف طفل، وفقا لإحصاءات حكومية. ورغم الطفرة في عدد طلبات كفالة الأطفال، مازال هناك نحو 10 آلاف طفل يتيم، يقيمون في دور الرعاية، دون أن يتقدم عدد كاف من الأسر لكفالتهم.
وتقول يمنى دحروج إن عشرات الأسر التي ساعدتهم مؤسستها على تقديم طلبات الكفالة، هم الآن على قوائم الانتظار، ويأملون أن تتاح لهم فرصة كفالة طفل في المستقبل القريب وهو “حلم تحقق”.
“مسؤولية مش ترند”
لكن الزيادة الكبيرة التي شهدتها طلبات الكفالة في أعقاب عرض المسلسل لم تخل من سلبيات.
فقبل عدة أشهر، نشرت دحروج مقطعا مصورا على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي ظهرت فيه باكية، وقالت إنها كانت مصدومة من تخلى إحدى الأسر عن طفلتها المكفولة بعد أن حملت الأم، فأعادت الطفلة لدار الأيتام مرة أخرى.
وتشير يمنى إلى وجود حالات أخرى مشابهة، وإن كانت محدودة، لأسر أعادت الأطفال المكفولين إلى دور الرعاية بعد أن طرأ تغير في ظروفها، وتعزو ذلك إلى قيام بعض الأسر بالإقدام على خطوة الكفالة، دون استعداد كاف.
وتضيف “أن بعض الأسر تصاب بصدمة عندما تجد أن الطفل المكفول، خاصة إذا كان في عمر الثالثة أو الربعة، قد اعتاد نمط حياة مختلف خلال فترة وجوده في دار الرعاية”.
وتقول إن هؤلاء الأطفال يحتاجون معاملة خاصة في الأشهر الأولى، بحكم كونهم في فترة انتقالية”، لكن بعض الأسر تجد نفسها غير قادرة على تقديم مثل هذه الرعاية لينتهي الحال بها بالتخلي عن الأطفال، بدلا من مساعدتهم على التأقلم مع حياتهم الجديدة.
دفعت هذه التحديات يمنى وزميلاتها لإطلاق مبادرة بعنوان” الاحتضان مسؤولية مش تريند”، الهدف منها توعية الأسر التي تفكر باتخاذ قرار الكفالة بأبعاد هذا الأمر وحجم المسؤولية المرتبطة به.
وتشكو يمنى من “تفضيل بعض الأسر كفالة البنات على حساب الأولاد”، بسبب ما تعتبره مخاوف غير مبررة. إذ ترى أن: “البعض يعتقد أن البنت في حاجة أكبر للرعاية، وأنها ضعيفة ومكسروة الجناح، وأنها لن تغادر منزل الأسرة الحاضنة إذا علمت أنها طفلة محتضنة، لكن الحقيقة هي أن الولد أيضا يحتاج للاحتضان، ولأب يمثل له سندا ومثلا أعلى، وأم حنونة وعطوفة تحتويه دائما”.
وتختتم بالقول: “نريد أن يعرف المجتمع أن الأمهات الحاضنات ليسوا أمهات من الدرجة الثانية، بل هن أمهات من الدرجة الأولى فهن من قاموا علي راحة الأطفال المكفولين وتحملوا الكثير في سبيل تربيتهم”.
[ad_2]
Source link