القمة الخليجية في الرياض: ما هي ظروف نشأة مجلس التعاون الخليجي وكيف يبدو مستقبله؟
[ad_1]
يجتمع القادة الخليجيون في العاصمة السعودية الرياض اليوم لحضور فعاليات القمة الثانية والأربعين لمجلس التعاون الخليجي.
ويأتي انعقاد القمة بعد أيام من جولة خليجية قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بهدف بلورة موقف خليجي موحد حيال الملفات الإقليمية وعلى رأسها الملف النووي الإيراني بموازاة استئناف مباحثات فيينا، فضلا عن ملفات أخرى شائكة كالصراع في اليمن والحرب في سوريا.
والقمة هي الأولى بعد قمة العلا التي عقدت في السعودية في كانون الثاني/ يناير من العام الجاري والتي شكلت منعطفًا في تاريخ العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي لكونها أنهت الأزمة الخليجية التي استمرت سنوات وكانت تهدد مستقبل التكتل ككل.
فما هي ظروف نشأة مجلس التعاون الخليجي وكيف يبدو مستقبله؟
هواجس النشأة
يضم مجلس التعاون الخليجي ست دول عربية هي السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وعمان. وقد جاء الإعلان عن إنشاء المجلس في العاصمة السعودية الرياض، التي تستضيف المقر الرسمي للتكتل في مايو/أيار 1981.
ويقول الدبلوماسي الكويتي السابق عبدالله بشارة، الذي شغل منصب أول أمين عام للمجلس، أن قرار إنشائه جاء متأثرا بالظروف الإقليمية التي برزت في ذلك الوقت وعلى رأسها اتفاق السلام المصري الإسرائيلي والثورة الإسلامية في إيران.
أيقظ الحدثان كوابيس كامنة لدى دول الخليج العربية ذات السياسة المحافظة، إذ ” شهد العالم العربي انشقاقات وانقسامات بعد توقيع الرئيس المصري الراحل أنور السادات لاتفاق السلام مع إسرائيل، وتفجرت على إثر ذلك مواقف وبرزت صراعات.”
ويضيف أن “دول الخليج كانت تتبع وصفة سياسية خاصة عمادها الواقعية السياسية، وانتهاج سياسة خارجية لا عدائية وعدم الاصطدام مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة”.
جاء ذلك، يضيف أول أمين عام للتكتل، في مقابل “دول تحكمها أنظمة أيديولوجية ثورية” كسوريا والعراق، ما مثل “تيارا غير مألوف، يدفعنا نحو المجهول”.
حماية أنظمة الحكم
وترى الباحثة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن كريستين ديوان أن دول الخليج أرادت من وراء إنشاء المجلس “حماية نظم حكمها سواء من دول مجاورة أكثر قوة قد تحاول التدخل في شؤونها، أو حتى من مواطنيها في حال رفعهم مطالب أو تعبيرهم عن الرغبة في تغيير نظام الحكم”.
وقد أسهم المجلس في تعزيز التعاون على مستوى الدول الأعضاء وتمثل ذلك بشكل واضح في الجانب الأمني. حيث قررت دول المجلس تشكيل قوة دفاع مشتركة تحت اسم “قوات درع الجزيرة” في نوفمبر/تشرين الثاني 1982. ونفذت هذه القوة أول تمرين مشترك بعد ذلك بعام على أرض الامارات.
وتمركزت هذه القوات التي كان قوامها في البداية 5 آلاف جندي في منطقة حفر الباطن شمالي شرقي السعودية في عام 1986. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2002 اجتمع وزراء دفاع دول المجلس في مسقط وأعلنوا عزمهم رفع عدد القوات إلى 22 ألف رجل.
وفي مايو/أيار 2008 اتفقت الدول الأعضاء على تمركز القوات المشاركة في “درع الجزيرة” في بلدانها الأصلية.
وجاء الاختبار الأكبر لهذه القوات في مارس/آذار 2011 عندما تم الاستعانة بها لإخماد الاحتجاجات الشعبية المتنامية في البحرين، حيث تتمركز حاليا قوات سعودية واماراتية في البحرين منذ ذلك الوقت.
طموح الوحدة
وينص النظام الأساسي للمجلس على العمل على “تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها” ويأتي تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك في مركز متقدم ضمن مجالات التكامل بين دول المجلس.
وقد نجحت دول مجلس التعاون الخليجي في تعميق العلاقات الاقتصادية فيما بينها لكن الطموح إلى الوحدة لم يتحقق بعد.
الهيكل التنظيمي للمجلس
تتناوب الدول الأعضاء على رئاسة المجلس الذي يتكون من مجموعة من المجالس واللجان والهيئات التي تعمل على تحقيق أهدافه وتنظيم العلاقة بين دوله. وهي تضم:
- المجلس الأعلى: أعلى هيئة للقرار في المجلس وتضم قادة الدول الأعضاء. ويلتئم المجلس مرة كل سنة. وتُعهد رئاسته بشكل تداولي وفقا للترتيب الألفبائي. والاجماع شرط لاتخاذ القرار بشأن القضايا الهامة.
- المجلس الوزاري: ويضم وزراء الخارجية في معظم الأحيان. وينعقد المجلس مرة كل ثلاثة أشهر لاقتراح السياسة وبحث سبل تنفيذ القرارات.
- الأمانة العامة: الجهاز الإداري الذي يسهر على إعداد اللقاءات، ويُشرف على تنفيذ السياسات.
- اللجنة الاستشارية: تضم خمسة مندوبين عن كل بلد عضو، وتنحصر مهمتها في بذل المشورة للمجلس الأعلى.
- لجنة تسوية النزاعات: تنشأ هذه اللجنة وفقا للغرض المرسوم لها في حينه، وذلك بهدف إيجاد حل سلمي للخلافات التي قد تنشأ بين الدول الأعضاء.
- الأمين العام: يعينه المجلس الأعلى لولاية مدتها ثلاث سنوات، تُجدد مرة واحدة.
في عام 2011 انتهت مبادرة سعودية بتحويل المجلس إلى اتحاد بالفشل، في ضوء معارضة عمانية. وكانت الفكرة تشمل التأسيس لسياسة خارجية موحدة، وجيش مشترك، وعملة موحدة.
وتقول كريستين ديوان إن الطموح لتحقيق الوحدة الخليجية لن ينطفئ، لكنه يبقى أمرا غير واقعي. إذ ترى أنه “على الرغم من أن هناك مصلحة قوية لدى دول المجلس في التعاون فيما بينها، فإن بعض الدول الصغيرة لا تزال تنظر بارتياب إلى الدول الأقوى داخل التكتل وخاصة السعودية”.
الأزمة الخليجية
أضف إلى هذا أن مزيدا من الدول الخليجية بدأ في العقود الأخيرة ببلورة سياسة خارجية قد لا تلتقي بعض ركائزها مع توجهات بقية الدول الأعضاء، كما برز جيل جديد من القادة الخليجيين قد يختلف في تطلعاته وسياساته عن الجيل الذي أسس المجلس قبل أربعين عاما.
وبرز ذلك بشكل واضح في الأزمة الخليجية التي اندلعت منتصف عام 2017، بين السعودية والبحرين والإمارات ومصر من جهة، وقطر من جهة أخرى. ونجم عنها قطيعة استمرت أربع سنوات وضعت مستقبل المجلس على المحك.
إمكانات كبيرة
تأتي دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة في المرتبة الأولى عالميا في احتياطي النفط والمرتبة الثانية في احتياطي الغاز، وهي أيضا الأولى عالميا في إنتاج النفط.
وتبلغ مساحة دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة 2.410 مليون كلم، أي 15 في المئة من مساحة الدول العربية كلها، ولها شريط ساحلي مشترك يبلغ 2929 كيلومترا.
وقد بلغ عدد سكان دول المجلس عام 2020، حسب إحصائيات المجلس، 57.4 مليون نسمة.
لكن في مقابل التهديدات التي أبرزتها الأزمة الخليجية، يشير آخرون إلى أن المجلس واصل أعماله حتى خلال سنين الأزمة، إذا تواصل انعقاد القمم السنوية، وإن بعدم حضور بعض القادة، كما استمرت اجتماعات اللجان الأمنية والاقتصادية وغيرها بين الدول الأعضاء كافة.
تخيم كل هذه التناقضات على اجتماعات القادة الخليجيين في الرياض اليوم، والتي ترفع شعار مزيد من التعاون والتكامل فيما بين دول المجلس، بينما تطرح تساؤلات عن قدرة هذه الدول على الموازنة بين مصالحها المختلفة، وطي صفحة الخلاف إلى غير رجعة.
[ad_2]
Source link