100 امرأة: القطرية التي تؤلف موسيقى سيمفونية وتعرض أعمالها على مسرحيات عالمية
[ad_1]
تعتبر دانة الفردان، أن الشخص الذي يفتتح أي مجال جديد من نوعه، يخوض “تحديا”، و”يحمل مسؤولية”، كما تقع على عاتقه مهمة تشجيع الآخرين في السير على الدرب و”صنع المثال، ووضع معايير عالية” لتكون بمثابة الدليل للذوق العام ولمستوى الأداء في آن واحد.
ودانة هي أول مؤلفة موسيقية وكاتبة أغان قطرية، وتتميز أعمالها بالجمع بين الموسيقى الكلاسيكية والإيقاعات الغربية الحديثة مع تأثيرات عربية واضحة، وقد استطاعت خلال أقل من عشر سنوات أن تصبح اسما معروفا على الصعيدين العربي والعالمي.
تعود انطلاقة دانة الموسيقية إلى عام 2013 مع إصدار ألبومها الأول “الرسام”، لتتبعه لاحقا عدة ألبومات منها “ساندستورم” الذي يضم “معزوفة “البداية”، والتي اعتمدت معزوفة رسمية لمطار حمد الدولي في الدوحة.
ودانة، هي أيضا المؤلفة الموسيقية للمسرحيتين الغنائيتين “الأجنحة المتكسرة” و”الرومي” اللتين عرضتا على مسارح الويست إند في لندن وذلك بالاشتراك مع الفنان البريطاني اللبناني نديم نعمان، هذا إلى جانب كونها السفيرة الثقافية لأوركسترا قطر الفلهارمونية، والمؤلفة الموسيقية الرسمية للخطوط الجوية القطرية.
مسيرة غير مباشرة وشغف قديم
وترتبط دانة بالموسيقى بعلاقة قديمة ومتأصلة، بدأت مع تشكل وعيها في الطفولة المبكرة، فهي لا تتذكر نفسها إلا وهي تعزف على لوحة المفاتيح الموسيقية “الكي بورد”، كما تقول، مضيفة أنها كانت تبتكر حوارات بين الدمى عبر أصوات موسيقية تصدرها باللعب على لوحة المفاتيح، وهي بعد لم تتجاوز الخامسة من العمر.
لكن مسيرتها المهنية في عالم الموسيقى لم تكن تقليدية أو مباشرة، فقد درست دانة العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية في الشارقة، ومن ثم قامت بدراسة علم الأحجار الكريمة في لندن، استعدادا للانضمام للعمل مع مجموعة الفردان، المؤسسة القطرية الرائدة التي تمتلكها عائلتها ولديها قسم خاص بالمجوهرات. لكن انطلاقتها الموسيقية جاءت لاحقا لتغير كل شيء وتكون بمثابة “إعادة اكتشاف” للذات، كما تقول.
تقول دانة الفردان، إن الساعات الطويلة التي كانت تمضيها يوميا في المخبر مع الأحجار الكريمة كانت فرصة للتفكير أدركت خلالها أن اهتمامها الحقيقي هو الموسيقى.
وتتذكر دانة “كنت أجلس وأستمع إلى الموسيقى عبر جهازي الآيباد، وأتاح لي هذا الوقت الكافي للاستماع لصوتي الداخلي أيضا. استمعت إلى كثير من الموسيقى الكلاسيكية، وكذلك أغاني سيا (سيا كيت أيزوبيل فيرلير، المغنية وكاتبة الأغاني والمخرجة الأسترالية). إنها كاتبة أغان مدهشة، وبالنسبة، وجه ذلك إحساسي للتعبير عن نفسي من خلال الأغاني والموسيقى”.
دعم وامتنان
ولدت دانة الفردان ونشأت في العاصمة القطرية الدوحة، وهي الكبرى بين أخواتها الخمس، وكان اختيارها للتأليف الموسيقي الأوركسترالي اتجاها جديدا لم تسبقها إليه أي من بنات بلدها، وقد حملها ذلك إلى منصات عالمية، حيث مثلت بلدها في مناسبات عالمية عدة.
لكنها لم تقطع هذا الدرب بمفردها، وإنما تلقت الدعم من عائلتها ومن بلدها ومجتمعها بكل أطيافه، كما تؤكد. وتقول إن دعم قطر لها “يأتي من التقدير الخاص الذي يوليه هذا البلد للثقافة، والذي كان حاضرا وواضحا في صروح ثقافية مثل المتحف الإسلامي، وهو المكان الذي أحييت فيه أول حفل لي. كانت البنية التحتية التي تدعم هذا الاتجاه (الفن والموسيقى) موجودة وجاهزة”.
وهي لا تنكر بالطبع أنها قوبلت ببعض التشكيك أو الاستغراب في البداية، إذ ووجهت بردود فعل من قبيل “حقا! مؤلفة موسيقى قطرية وفي الموسيقى الكلاسيكية! هل أنت متأكدة؟”، وهي ردود سرعان ما كانت تختفي بمجرد أن تتاح لها الفرصة لعرض أعمالها، كما تخبرنا.
خشبة عالمية ومسرحية غنائية
بدأت انطلاقة دانة العالمية من لندن عام 2015 على خشبة مسرح “كادوغان هال”، وكان ذلك في أول حفل يحييه العازف والمؤلف الموسيقي اللبناني غي ما نوكيان في العاصمة البريطانية.
تقول دانة “تواصل معي منتج الحفل علي مطر، واقترح عليّ أن أفتتح حفل غي مانوكيان. وكانت تلك أول مرة يتعرف فيها الجمهور على موسيقاي خارج قطر”.
كما جاء لقاؤها الأول مع نديم نعمان نتيجة لذلك الحفل أيضا، وكان نديم حينها يقوم بدور راؤول في المسرحية الغنائية الشهيرة “شبح الأوبرا” التي وضع موسيقاها أندرو لويد ويبر.
وتقول دانة “كنت وابنتي، وما نزال، معجبتين للغاية بأعمال أندرو لويد ويبر وبشبح الأوبرا. وبعد ذلك اللقاء أدركنا أنا ونديم أننا نريد أن نؤلف مسرحية غنائية تسلط الضوء على شخصية عربية شهيرة، وتقدمها على خشبة عالمية. وكان ذلك بداية تلك الرحلة”.
وبالفعل كان ذلك اللقاء فاتحة تعاون مستمر بين الاثنين، كانت ثمرته الأولى المسرحية الغنائية “الأجنحة المتكسرة” التي قدمت عام 2018 على مسرح “رويال هايماركت” في منطقة الويست إند، وهي مستلهمة من الرواية القصيرة التي كتبها جبران خليل جبران، لكنها تزاوج بين عمله الأدبي ومقاطع من سيرته.
الموسيقى والأمومة
تقول دانة إن الموسيقى ليست مكونا خارجيا في حياتها، وإنما جزء منها، وتضيف “بل، إنها حياتي. إنها ليست وظيفة من التاسعة إلى الخامسة. لقد جعلني اتخاذ هذا الطريق أقرب إلى نفسي وأعطاني الفرصة لأعيش الحياة الأصيلة والحقيقية بالنسية لي. فشاغلي اليومي هو جزء طبيعي مني، ولا يوجد فصل بيننا”.
الحمل والأمومة كان لهما دور في الإلهام الموسيقي بالنسبة لدانة أيضا، وقد أصدرت ألبومها الأول عقب ولادة ابنتها، واستمرت الصلة وثيقة بين أمومتها وعملها الموسيقي في توازن، وإثراء متبادل.
وهي، وإن كانت تدرك أن ثمة تحد يواجه كل أم لديها مهنة، فالمهم في الأمر كما ترى هو “تحديد الأولويات، والقيام بكل ما يتوجب فعله، وتفهّم أهمية الحفاظ على التوازن، وعدم الاهتمام بناحية على حساب الأخرى”.
والمفتاح للجمع بين الأمومة وحب المهنة برأي دانة، هو تمضية الأم وقتا كافيا مع الأطفال وحرصها على المشاركة والتواصل القوي معهم. وهي تقول “بالنسبة لي، ليست الكمية وإنما النوعية. كل أم لديها أسلوبها الخاص، لكنني أحرص على مشاركة حياتي مع ابنتي. إنها صديقتي الأقرب، وليست فقط طفلتي التي أربيها. إنها ترافقني إلى التمارين، وهي جزء من كل ما أفعله، وقد أخبرتها مثلا كل شيء عن الأجنحة المتكسرة، وعن جبران خليل جبران”.
وتضيف دانة “كان هذا سهلا بالنسبة لي لأن مهنتي هي الموسيقى، وهي أمر من السهل مشاركته. لقد أتاحت لي الموسيقى الإمكانية لتكون علاقتي مع ابنتي أقوى، وسمحت بمزيد من المواضيع لمناقشتها معها، وبكثير من المعلومات لأشاركها معها أيضا”.
تقديم التراث الغني إلى العالم
في نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام، عرضت المسرحية الغنائية الثانية لدانة الفردان ونديم نعمان على مسرح كولوسيوم اللندني الشهير، وهي بعنوان “الرومي” وهي عمل فني ضخم مستلهم من حياة الفيلسوف والشاعر جلال الدين الرومي، الذي عاش في القرن الثالث عشر، وعلاقته القوية بشمس الدين التبريزي، وأثرها في فكره وشعره.
تقول دانة إنها من خلال هذا العمل أرادت تقديم الرومي الإنسان خارج التصور العام التجريدي، الذي يراه به العالم. وتضيف “أردت إعطاءه المساحة والأبعاد التي يستحقها ثقافيا وعلى منصة عالمية”.
كما أرادت تقديم “التراث الغني جدا الذي نمتلكه”، وهو ذات السبب الذي سبق أن دفعها إلى تقديم جبران خليل جبران في “الأجنحة المتكسرة”.
كما شاركت دانة الفردان وموسيقاها في الاحتفالات ضمن “العام الثقافي قطر – الولايات المتحدة الأمريكية 2021″، وهي ترى أن الهدف الأساسي من فكرة التبادل الثقافي هو “التأكيد على تشابهنا، إلى جانب احترام جمالية اختلافنا، وهذا هو دور الثقافة بشكل عام”.
وترى دانة أن الموسيقى لغة عالمية، وإن أعمالها تتميز ببنية ذات تأثيرات عربية في الأساس، لكنها تملك أيضا تأثيرات مختلفة، وهذا ما يتيح للجميع تذوقها والتفاعل معها وإيجاد أنفسهم فيها.
ألبوم إنديغو ووباء كورونا
خلال الصيف الماضي أطلقت دانة ألبومها الرابع “إنديغو”، الذي كتبت أيضا كلمات أغانيه باللغة الإنجليزية وغنتها بنفسها.
وتقول دانة “أردت خلال الوباء إنتاج مساحة تسمح لي بممارسة ذاتي الداخلية الحقيقية، فضاء يسمح لي بالذهاب على متن رحلة نحو جذوري وجوهري الخاص. وهو أمر كلنا كنا نحتاجه بشدة. فقد كنا معزولين، ولا سيطرة لدينا على شيء خارج أنفسنا. المنطقة الوحيدة التي يمكن أن نتحكم بها وننميها هي دواخلنا”.
وتضيف “تلك الفترة كانت الوقت الوحيد أيضا الذي نقف فيه ونتساءل ما الذي يجري؟ وما هي مقدراتي؟ وما هو مداها؟ إلى أين يمكن أن أصل؟ إنه أمر يتعلق بإستعادة قدراتك خلال فترة كلنا شعرنا فيها بالعجز”.
النظرة النمطية وسبل التغيير
وتعتقد دانة الفردان أن التنميط موجود في كل مكان، والسبيل لتغييره هو “أن نحكي قصصنا بأنفسنا، ونستعيد مروياتنا وحكاياتنا، وهذا ما أقوم به من خلال تقديم جبران خليل جبران والرومي. إنه استعادة السيطرة على الطريقة التي نقدم بها أنفسنا. وكلما سنحت لنا الفرصة لنحكي قصتنا علينا أن نستغلها، ونقدمها على خشبة عالمية”.
أما مشروعها القادم لدانة فتقديم أليسار ملكة قرطاج، المعروفة أيضا باسم دايدو، في مسرحية غنائية بمستوى عالمي.
وعن سبب اختيارها هذه الشخصية النسائية الشهيرة في تاريخ الشرق الأوسط، تقول دانة إن “دايدو، شخصية تاريخية مدهشة، وهي التي أسست مملكة قرطاج، ولكن للأسف لم تعالج فنيا بما يكفي. المعالجة الوحيدة لقصتها كانت أوبرا من تأليف هنري برسل، وهي تعتمد على مسرحية كتبها كريستوفر مارلو. لقد آن الوقت لاستعادة الشخصية، وتعريف الناس على قصتها”.
[ad_2]
Source link