مجمع التحرير: رمز البيروقراطية المصرية الذي سيصبح مقصدا للسياح
[ad_1]
- أحمد شوشة
- بي بي سي – القاهرة
عبر عقود من الزمان، مثّل “مجمع التحرير” الكائن في قلب القاهرة رمز البيروقراطية في مصر. إذ ارتبطت صورته بالإجراءات الحكومية المعقدة في أذهان المصريين.
لكنه اليوم، يستعد لدخول مرحلة جديدة في تاريخه الممتد منذ أواخر الحقبة الملكية في البلاد.
فقد أعلنت الحكومة المصرية قبل أيام عن خطط لتجديد المبنى وتحويله إلى فندق يقدم خدمات فندقية وتجارية وإدارية، بينما يحتفظ برمزيته كمعلم في وسط العاصمة المصرية. وتم إسناد عملية التجديد إلى تحالف عقاري أمريكي إماراتي باستثمارات تصل إلى 3.5 مليار جنيه (أكثر من 84 مليون دولار).
تاريخ المجمع
افتتح مجمع التحرير بشكله الحالي عام 1951 في عهد الملك فاروق، وأنشئ المبنى بقوام يشبه السفينة، على مساحة 28 ألف متر مربع، وبارتفاع 14 طابقا تضم أكثر من 1300 حجرة.
وفي عام 2016 أعلنت الحكومة المصرية بدأ خطط لإخلاء المبنى، المطل على ساحة التحرير، والذي يضم 41 جهة حكومية يراجعها يوميا نحو 100 ألف مواطن يأتون من داخل وخارج القاهرة. جاء الإعلان بهدف تخفيف الازدحام المروري في المنطقة. حبث تم نقل الخدمات التي كانت تقدم داخله لعدة مصالح حكومية.
طوابير من المراجعين
يتذكر صابر سكر، المحامي الذي يعيش في محافظة البحيرة بدلتا مصر، زياراته المتكررة لمجمع التحرير بهدف استخراج أوراق لموكليه. في كل تلك الزيارات التي زادت عن العشرين كان المجمع “مزدحما طيلة الوقت، بينما تمتد طوابير المراجعين أمام بواباته”.
ويحكي سكر لبي بي سي عن آخر مرة توجه فيها إلى المجمع لاستخراج ما يعرف بشهادة تحركات لأحد موكليه، وهي شهادة تثبت فيها تنقلات الشخص خارج البلاد، إذ يقول إنه بعد أن أمضى ثلاث ساعات في التنقل بين الدوائر داخل المجمع لاستخراج الشهادة، “طلبوا مني أن آتي في اليوم التالي لاستلام الشهادة”.
هذه البيروقراطية، تناولتها السينما المصرية في فيلم “الإرهاب والكباب”، الذي لم يجد صناعه أفضل من مجمع التحرير لتصوير مشاهد الفيلم.
وتدور قصة الفيلم حول مواطن مصري، يؤدي دوره الممثل الشهير عادل إمام، يتوجه إلى مجمع التحرير لاستخراج أوراق لنقل ابنه من مدرسته إلى مدرسة أخرى، وهناك يصطدم بالعقبات الإدارية، إذ يرى موظفا يُمضي الكثير من أوقات العمل في الصلاة، وموظفة تقطع الخضروات داخل مكتبها.
رمز للقاهرة التاريخية
لكن ذكريات مجمع التحرير لا تتوقف عند من كانوا يقصدونه بقصد إتمام معاملاتهم، إذ عرفه كثيرون كجزء أصيل من تراث القاهرة، ورمز من رموزها المعمارية.
فمحمد شوكت، الموظف البنكي، اعتاد أن يجلس برفقة أصدقائه في المقاهي التي تقع في الجهة المقابلة من مجمع التحرير منذ أن كان يدرس في الثانوية العامة.
يقول لبي بي سي: “كنا نجتمع من كافة أنحاء القاهرة الكبرى ونلتقي أمام المجمع ثم نذهب إلى المقهى ليكون المبنى في خلفية جلستنا، كان هذا شعورا جميلا وأنت في قلب مصر وتاريخها”.
وخلال العقد الأخير، اكتسب المجمع رمزية أخرى تنبع من مكان وجوده، إذ أصبح جزءا من ذكرى التظاهرات الحاشدة التي شهدتها مصر إبان ما يعرف بثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011، والتي اتخذت من ميدان التحرير مركزا لها. وقد تكرر الأمر مع مظاهرات الثلاثين من يونيو/ حزيران عام 2013.
لكن هذه الرمزية الكبيرة ترافقت مع تشديدات أمنية تشهدها المنطقة. فمثلا يذكر محمد شوكت أنه لم يتمكن من التقاط صورة مع أصدقائه أمام المجمع لتزويدي بها، بعد أم حذرته قوات الأمن التي تكثف وجودها في المكان من فعل ذلك.
تعظيم الاستفادة
وبينما ينتظر مجمع التحرير إتمام تطويره بعد عامين، شهدت منطقة وسط القاهرة عمليات تطوير وتحديث واسعة خلال السنوات الماضية، شملت إزالة الإعلانات الكثيفة وتزيين واجهات العقارات بالإضاءات التجميلية، في حين تم افتتاح ميدان التحرير بشكله الجديد الذي تتوسطه مسلة وأربعة تماثيل لكباش فرعونية بالتزامن مع احتفال موكب المومياوات الملكية في أبريل/ نيسان الماضي.
وكانت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، هالة السعيد، قد قالت في تصريحات صحفية عقب الإعلان عن اتفاق تطوير المجمع، إن المبنى لم يكن مستغلا بالشكل الأمثل في ظل وجوده في مكان يحمل رمزية عالية، مضيفة أن مشروع تحويل المجمع إلى فندق جاء بهدف تعظيم الاستفادة منه، بعد دراسة الكثافات المرورية في المنطقة والسعة الفندقية للمبنى.
الأصول غير المستغلة
وتقع المباني التاريخية والأصول المصرية غير المستغلة ضمن اختصاص صندوق مصر السيادي الذي تأسس قبل نحو ثلاثة أعوام، وتقدر ممتلكاته الآن بعشرات المليارات من الدولارات.
وتنتقل أصول الدولة وممتلكاتها ذات القيمة الاستثمارية المحتملة، ومنها مبنى وزارة الداخلية القديم وسط البلد والقرية الكونية في مدينة السادس من أكتوبر غربي القاهرة الكبرى، إلى الصندوق ليقرر كيفية جني العوائد منها.
ففي خريف عام 2020، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بإزالة صفة النفع العام عن عدد من المنشآت المملوكة للدولة، ونقل ملكيتها لصالح صندوق مصر السيادي، ومن بينها أرض ومبنى مجمع التحرير.
ويعد مجمع التحرير أول ممتلكات صندوق مصر السيادي الذي تقرر السلطات بدء الاستثمار فيه، وهي خطوة يراها اقتصاديون بداية للاستفادة من الثروة العقارية التي سيخلفها الانتقال الإداري المرتقب إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
ويرى عمرو عدلي، الخبير الاقتصادي والأستاذ المساعد في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن “إدارة أصول الدولة غير المستغلة ينبغي أن تكون لها أبعاد تتجاوز الاستخدام المالي والاستثماري”.
ويوضح عدلي لبي بي سي أن على هذه الإدارة أن “تخدم تصورا تنمويا طويل مدى يدفع بتنمية قطاعات تصديرية وخدمية وخالقة للوظائف”.
[ad_2]
Source link