ما هي لقاحات الرنا المرسال وهل تكسبنا مناعة خارقة وتحمينا من السرطان والإيدز؟
[ad_1]
- تيم سميدلي
- بي بي سي
حتى وقت قريب، لم يكن معظم الناس قد سمعوا حتى عن لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال أو “الرنا المرسال”، لكن الآن يعتقد العلماء أنها قد تكون الحل لعدد هائل من المشاكل الصحية.
قبل عام تقريبًا، كانت آنا بلاكني تعمل في مجال علمي غير واضح نسبيًا في أحد المختبرات بالعاصمة البريطانية لندن. وكان عدد قليل فقط من الأشخاص خارج دوائرها العلمية هم من سمعوا عن لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال أو “الرنا المرسال”، المعروفة اختصارا بـ “إم أر إن إيه”، لأن هذه اللقاحات لم تكن موجودة من الأساس آنذاك.
وكان عدد الحضور خلال الكلمة التي ألقتها في مؤتمر سنوي حول هذا الأمر في عام 2019 يقدر بالعشرات وليس بالمئات. أما الآن فأصبح هناك طلب كبير على بلاكني، التي تعمل أستاذة مساعدة في جامعة كولومبيا البريطانية بكندا، ومحاورة علمية لديها 253 ألف متابع و3.7 مليون إعجاب على تطبيق “تيك توك”.
وتشير بلاكني إلى أنها كانت محظوظة لأنها كانت في المكان المناسب وفي الوقت المناسب لركوب موجة من التقدم العلمي لا تحدث سوى مرة واحدة كل جيل كامل، بل وأطلقت على هذا العصر الجديد اسم “عصر نهضة الرنا المرسال”.
ونظرًا لتفشي فيروس كورونا، فقد سمع الكثير من الناس الآن – بل وتلقوا – لقاح من لقاحات الرنا المرسال، من أمثال فايزر-بيونتيك وموديرنا. لكن حتى عندما بدأت بلاكني رسالة الدكتوراه في جامعة إمبريال كوليدج لندن في عام 2016، “كان الكثير من الناس متشككين في إمكانية نجاحها على الإطلاق”. والآن فإن “مجال الرنا المرسال بأكمله يشهد طفرة هائلة، ويغير قواعد اللعبة تماما في المجال الطبي”، على حد قولها.
إنه يغير قواعد اللعبة لدرجة أنه يثير بعض الأسئلة المهمة والمثيرة للغاية: هل يمكن أن توفر لقاحات الرنا المرسال علاجًا للسرطانات وفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) والأمراض الاستوائية، بل وتعطينا مناعة خارقة؟
الحمض النووي الريبوزي المرسال، أو الرنا المرسال، هو جُزيء يحمل الكود الجيني من الحمض النووي إلى آلية صنع البروتين في الخلية. وبدون الرنا المرسال، لا يمكن استخدام شفرتك الجينية، ولن تُصنع البروتينات، ولن يعمل جسمك من الأساس. وإذا كان يمكن تشبيه الحمض النووي بالبطاقة المصرفية، فإن الرنا المرسال هو قارئ هذه البطاقة.
وبمجرد أن يدخل الفيروس في خلايانا، فإنه يطلق الرنا المرسال الخاص به، ويخدع الخلايا المختطفة لدينا ليطلق نسخًا من الفيروس – في شكل بروتينات فيروسية – التي تهدد جهاز المناعة لدينا. وتعمل اللقاحات التقليدية عن طريق حقن بروتينات فيروسية معطلة تسمى المستضدات، والتي تحفز جهاز المناعة في الجسم على التعرف على الفيروس عند ظهوره مرة أخرى.
لكن عبقرية لقاحات الرنا المرسال تتمثل في عدم وجود حاجة لحقن المستضد نفسه. وبدلاً من ذلك، تستخدم هذه اللقاحات التسلسل الجيني أو “رمز” المستضد المترجم إلى الرنا المرسال. إنها عبارة عن شبح من الشيء الحقيقي، تخدع الجسم ليخلق أجسامًا مضادة حقيقية جدًا. ثم يختفي الرنا المرسال الاصطناعي نفسه، ويتحلل بفعل دفاعات الجسم الطبيعية بما في ذلك الإنزيمات التي تفككه، وبالتالي لا يبقى سوى الأجسام المضادة فقط.
لذلك، من الآمن إنتاج لقاحات الرنا المرسال بسرعة أكبر وبتكلفة زهيدة مقارنة باللقاحات التقليدية. وبالتالي، لن تكون هناك حاجة إلى مختبرات ضخمة آمنة بيولوجيًا تنمو فيها فيروسات قاتلة داخل ملايين من بيض الدجاج.
وبدلاً من ذلك، يمكن لمختبر واحد فقط أن يعرف تسلسل بروتينات المستضد ويرسلها بالبريد الإلكتروني حول العالم. وباستخدام هذه المعلومات، يمكن للمختبر أن يصنع “مليون جرعة من الرنا المرسال في أنبوب اختبار واحد بسعة 100 مل”، كما تقول بلاكني.
لقد رأينا الآن هذه العملية تحدث في الوقت الفعلي. ففي 10 يناير/كانون الثاني 2020، تعرف زانغ يونغزين، أستاذ الأمراض حيوانية المنشأ في المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها في بكين، على تسلسل الجينوم الخاص بفيروس كورونا ونشره في اليوم التالي. وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت في 11 مارس/آذار أن فيروس كورونا قد أصبح وباء عالميا. وفي 16 مارس/آذار، وباستخدام تسلسل الجينوم الذي أعلن عنه زانغ، بدأ أول لقاح للرنا المرسال تجاربه السريرية.
ووافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على لقاح فايزر-بيونتيك كلقاح لمكافحة فيروس كورونا في 11 ديسمبر/كانون الأول 2020، ليصبح أول لقاح رنا مرسال يُعتمد لمعالجة البشر، وأول لقاح تصل نسبة فعاليته في الوقاية من فيروس كورونا إلى 95 في المئة في التجارب السريرية.
وتبع ذلك بوقت قصير، وبالتحديد في 18 ديسمبر/كانون الأول، الموافقة على استخدام لقاح موديرنا، وهو أيضا أحد لقاحات الرنا المرسال. وكان “أسرع لقاح على الإطلاق” من حيث اعتماده كعلاج هو لقاح النكاف، الذي اعتمد بعد أربع سنوات من التجارب، لكن لقاحا موديرنا وفايزر-بيونتيك لم يستغرق اعتمادهما سوى 11 شهرا فقط!
وكان أول من توصل للنظرية التي أدت إلى إنتاج لقاحات الرنا المرسال العالمان كاتالين كاريكو ودريو وايزمان من جامعة بنسلفانيا، واللذين حصلا مؤخرًا على جائزة لاسكر لعام 2021، وهي أعلى جائزة في الولايات المتحدة في مجال البحوث الطبية الحيوية.
وحتى في عام 2019، كان يُعتقد أن لقاحات الرنا المرسال لن تكون متاحة للاستخدام قبل خمس سنوات على الأقل. لكن تفشي وباء كورونا دفع هذا المجال الطبي وسرع من وتيرة العمل به بمقدار نصف عقد من الزمان.
وتعترف كاثرين وايتهيد، أستاذة مساعدة في الهندسة الكيميائية والهندسة الطبية الحيوية في جامعة كارنيغي ميلون ومتعاونة مع وايزمان وكاريكو، بأنه “لم يكن هناك الكثير من الأشخاص في عالم علاجات الرنا المرسال يتخيلون أن تصل معدلات الفعالية الأولية لهذه اللقاحات إلى 95 في المئة في سيناريو الطوارئ هذا”.
لكن الآن، أصبحت الاحتمالات لا حصر لها على ما يبدو. وتقول بلاكني: “الآن الأمر يشبه القول: حسنًا، لقد نجحنا في استخدام بروتين سكري فيروسي، فما هي اللقاحات الأخرى التي يمكننا صنعها بالرنا المرسال؟ وما الذي يمكننا فعله بعد ذلك؟”
وفي جامعة روتشستر، تلقى دراغوني فو، أستاذ مساعد بقسم الأحياء، تمويلًا سريعًا لمختبره من مؤسسة العلوم الوطنية لإجراء بحث على بروتينات الرنا المرسال. ويقول فو إنه إذا كان لقاح الرنا المرسال 1.0 يستخدم لعلاج فيروس كورونا، فإن لقاح الرنا المرسال 2.0 سيتناول فئتين جديدتين من الأمراض.
ويضيف: “أحدهما مسببات الأمراض، مثل سارس، لكن يمكن تطبيق هذه التقنية على الغزاة الخارجيين الآخرين مثل فيروس نقص المناعة البشرية. وقبل تفشي فيروس كورونا، كانت الشركات تعمل بالفعل على تطوير لقاحات الرنا المرسال ضد فيروس نقص المناعة البشرية”.
وأشار فو إلى فيروسات زيكا والهربس وطفيليات الملاريا ضمن فئة مسببات الأمراض.
ويقول: “الفئة الأخرى هي أمراض المناعة الذاتية. هذا أمر مثير للفضول لأنه يتجاوز التعريف الصارم للقاح”.
ويشير فو إلى أن المستقبل قد يشهد ظهور “علاجات” الرنا المرسال لتقليل الالتهابات، على سبيل المثال. ويقول: “من الناحية النظرية، يفتح هذا الأمر المجال أمام الكثير من الاحتمالات”.
ومن المهم هنا معرفة رأي يزهو دونغ، أستاذ مساعد في الصيدلة بجامعة ولاية أوهايو ومتخصص في دراسة كرات الدهون الصغيرة اللازمة لإيواء الرنا المرسال وتسليمها بأمان إلى الخلايا دون أن يتلفها الجسم على الفور. وتوصف هذه الكرات من الدهون بأنها “البطل المجهول” – فبدون إتقان عملية توصيل الدهون للرنا المرسال والموافقة على ذلك بشكل نهائي في عام 2018، كان من المستحيل إنتاج لقاحات الرنا المرسال لمكافحة فيروس كورونا في عام 2020.
[ad_2]
Source link