لقاح كورونا: هي يجب أن نشعر بالقلق من تضاؤل المناعة التي يوفرها لنا؟
[ad_1]
- جيمز غالاغر
- محرر الصحة والعلوم – بي بي سي
صدرت مؤخراً تحذيرات من أطباء بريطانيين وكذلك من وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة من أن انخفاض المناعة يؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة، حتى بين الأشخاص الذين تلقوا جرعتين من اللقاح المضاد لفيروس كورونا. فما قدر الحماية التي تتبقى في أجسامنا مع مرور الوقت؟
فلنتحدث أولاً عن بعض الأساسيات. الجهاز المناعي له دوران مهمان: الحيلولة دون إصابتنا بالمرض، وإذا ما أخفق في ذلك، تخليص أجسامنا من العدوى.
تخيل أن جهازك المناعي عبارة عن قلعة من قلاع العصور الوسطى.
يحاصر تلك القلعة جيش معاد شرس من فيروسات كورونا يحارب باستماتة لاقتحامها.
خط دفاعك الأول هو السور الخارجي الذي يحرسه فيلق من الرماة. هذا الفيلق يمثل الأجسام المضادة. إذا استطاع الرماة صد جيش العدو، فإنك لن تصاب بالعدوى.
أما إذا تهاوت الأسوار، وفر الرماة، سيدخل الفيروس. لقد اقتحم القلعة وأصبحت مصابا بالعدوى.
لكنك لم تخسر الحرب بعد. لا يزال هناك جنود في الحصن الداخلي الموجود وسط القلعة. إنها الخلايا المعروفة بخلايا الذاكرة المناعية “بي” وخلايا الذاكرة المناعية “تي”. كفرسان تمتطي جيادها، تستطيع تلك الخلايا أن تحشد الجند وتتزعم هجوما مناعيا وتطرد العدو الغازي.
تقوم لقاحات كوفيد-19 بتدريب جنود الجسم – بما في ذلك الأجسام المضادة وخلايا الذاكرة المناعية التي تستجيب للعدوى – على مقاومة فيروس كورونا.
إحدى هاتين الوسيلتين الدفاعيتين تضعف، وهو أمر ليس مستغربا، إذ يحدث بعد تلقي أي لقاح أو بعد الإصابة بالعدوى.
تقول البروفيسورة إلينور رايلي، أستاذة المناعة بجامعة إدينبرا إن “هناك دليلا لا بأس به على أن الأجسام المضادة تتضاءل مع مرور الوقت، وهو ما يتسبب في خلل واضح”.
وقد أدى ظهور المتحور “دلتا” إلى تفاقم تخلي الأجسام المضادة عن مواقعها، إذ إنه ينتشر بسرعة أكبر ويدخل أجسامنا بسهولة أكبر – وكأن جيشا جديدا احتشد أمام أسوار القلعة وجلب معه أسلحة أكثر فتكا.
ربما تكون قد لاحظت تداعيات ذلك بالفعل – الأشخاص الذين تلقوا جرعتين من اللقاح ومع ذلك أصيبوا بكوفيد. وفقاً لبحث لم تنشر نتائجه بعد، فإن لقاح أسترازينكا قلل أيا من أعراض كوفيد-19 بنسبة 66 في المائة بعد فترة قصيرة من تلقي الجرعة الثانية. بعد خمسة شهور، انخفضت النسبة إلى 47 في المائة. أما بالنسبة للقاح فايزر، انخفضت النسبة من 90 إلى 70 في المائة.
يمثل ذلك بالطبع مشكلة للحكومات التي تسعى إلى احتواء انتشار الفيروس. وما إذا كان الغزو الفيروسي سيتسبب في ضرر بالغ عندما يخترق الجسم ويسعى إلى تدميره أم لا، هذا يتوقف على خط الدفاع الثاني. وقد ضعفت الآن قدرة اللقاحات على الحيلولة دون جعل المصابين بالفيروس بحاجة إلى تلقي العلاج في المستشفيات.
يقول البروفيسور آدام فين الأستاذ بجامعة بريستول وأحد مستشاري الحكومة لشؤون اللقاحات: “نرى حاليا أن أعدادا كبيرة من الأشخاص غير الملقحين والملقحين تأتي إلى المستشفيات”.
يضيف: “الحماية التي لديك ضد العدوى تتناقص بسرعة أكبر، لكن الحماية ضد الحاجة إلى تلقي العلاج في المستشفى أو الوفاة تتناقص بصورة أبطأ”.
يزداد احتمال الحاجة إلى العلاج في المستشفى أو حتى الوفاة لدى كبار السن. الغالبية العظمى من الوفيات بين الأشخاص الذين تلقوا جرعتي اللقاح هي لأشخاص تزيد أعمارهم عن سبعين عاما. ولكن هذه المجموعة من الأشخاص تظل في وضع أفضل بكثير من غيرهم ممن هم في أعمار مماثلة ولكنهم رفضوا تلقي اللقاح. أما احتمال الحاجة إلى العلاج في المستشفى أو الوفاة فهو أقل لدى الفئات العمرية الأصغر ممن تلقوا جرعتي اللقاح.
مع تقدم العمر، تصاب كل الخلايا في أجسامنا بالشيخوخة – بما في ذلك الخلايا التي تكّون الجهاز المناعي. التقدم في السن يجعل من الصعب تدريب الجهاز المناعي من خلال اللقاحات، كما يصبح أبطأ في الاستجابة عند حدوث العدوى. ولربما تتجلى هشاشة الجهاز المناعي هذه في أوضح صورها بعد تضاؤل الأجسام المضادة بشكل كبير في الجسم مع تقدم السن.
تقول البروفيسورة إلينور رايلي: “من المحتمل أن الأشخاص الأكبر سنا كانت لديهم مناعة، لكن هذه الأجسام المضادة أصبحت ضعيفة، ومن ثم لن يكون لدى هؤلاء الأشخاص خط دفاعي ثان”.
“وربما لهذا السبب نرى حالات وفاة بين كبار السن ومن لديهم مشكلات صحية رغم حصولهم على الجرعتين”.
يضاف كل ذلك إلى حقيقة أن التقدم في السن يصاحبه ضعف في الصحة. منذ بدء الوباء، ظل السن هو أحد العوامل الرئيسية التي تزيد من احتمال حدوث الوفاة جراء الإصابة. كما أن الأشخاص الأكبر سنا كانوا أول من تم تطعيمهم، لذا كان هناك وقت أطول لتراجع مناعتهم.
أما الأشخاص الذين لديهم جهاز مناعي ضعيف منذ البداية، بمن في ذلك مرضى السرطان وهؤلاء الذين يحتاجون إلى نقل أعضاء، فيواجهون مشكلة مختلفة، إذ أن أجسامهم لا تستجيب بشكل جيد للقاحات.
تقول د. هيلين باري من جامعة بيرمينغهام إن الأجسام المضادة لهؤلاء “تقل بنفس المعدل الذي تقل به لدى الأصحاء، لكن نقطة البداية لديهم كانت منخفضة من الأصل”.
تجدر الإشارة إلى أن ثمة اختلافات مهمة بين لقاحي أوكسفورد-أسترازينيكا وفايزر-بيونتك، وهما اللقاحان الرئيسيان اللذان منحا الحماية للأشخاص في المملكة المتحدة.
تقول د. باري إن اللقاحين “مفيدان في أجزاء مختلفة من الجهاز المناعي”.
وتضيف أن “اللقاحات التي تعمل من خلال الحامض النووي الريبوزي (فايزر) ربما كانت أكثر فعالية في تكوين الأجسام المضادة، بينما لقاح أسترازينيكا فعال جدا فيما يتعلق بإحداث استجابة لدى خلايا (الذاكرة المناعية) “تي”.
وبالعودة إلى قلعتنا، نستطيع أن نقول إن فايزر ربما كان أفضل في تحصين الأسوار الخارجية بالرماة لمنع كوفيد من الدخول، في حين أن أسترازينيكا مفيد في حماية الحصن الداخلي للقلعة.
النبأ السار هو أنه حتى مع نقصان الحماية، فهذان اللقاحان يظلان لقاحين رائعين. في بداية الوباء، كان الناس يحلمون بلقاح يقلل عدد الوفيات بنسبة 50 في المئة. ولكن حتى مع تضاؤل المناعة، تظل نسبة الحماية التي يوفرها اللقاحان حتى للفئات الأكثر هشاشة ما بين 80 إلى 90 في المئة.
يقول البروفيسور فين: “حتى في أسوأ الحالات، بعد مرور ستة أشهر، تظل نسبة الحماية أفضل مما كنا نأمل عندما صممنا هذين اللقاحين. إنهما ناجعان للغاية”.
بل والأفضل من ذلك هو أن ثمة دليل بالفعل على أن حملة التلقيح بجرعة ثالثة منشطة بدأت بالفعل تُحدث فرقا، بعد حصول أكثر من 11مليون شخص في المملكة المتحدة على تلك الجرعة. فالبيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء أظهرت أن مستويات الأجسام المضادة – التي تعتبر خط الدفاع الأول ضد العدوى – ارتفعت مرة أخرى في الفئات العمرية المتقدمة.
يقول البروفيسور فين: “إعطاء جرعة منشطة للأشخاص الأكبر سنا أثبت فعاليته بالتأكيد”.
الجميع يراقبون الآن عن كسب الأرقام والإحصاءات التي ستصدر لتبين ما إذا كانت الجرعة الثالثة ستؤدي إلى تقليص عدد الإصابات والوفيات.
[ad_2]