هجوم الجوكر: بماذا تختلف طوكيو عن جميع مدن العالم؟
[ad_1]
- روبرت وينغفيلد هايز
- بي بي سي نيوز – طوكيو
هز أرجاء اليابان هجوم على قطار أسفر عن إصابة 17 شخصا على الأقل في وقت سابق من هذا الشهر. وركزت وسائل الإعلام على منفذ الهجوم الذي قالت إنه كان يرتدي زي شخصية “الجوكر” السينمائية الخيالية، لكن هل كشف هذا الهجوم عن حقائق جديدة عن المجتمع الياباني؟
من المعروف أن اليابان دولة آمنة. ومع أنني أعلم أن ما سأقوله يُعد من الكليشيهات الثابتة، لكن فقط عندما تعيش هنا سوف تدرك أن طوكيو مختلفة عن أية مدينة كبرى أخرى في العالم.
فلا يوجد هنا ذلك النوع من الجرائم البسيطة المنتشرة في لندن أو نيويورك. كما يمكنك استبعاد احتمالات وقوع جرائم العنف في طوكيو إلى حدٍ كبيرٍ.
لذا عندما وقع هذا الهجوم على قطار مترو أنفاق مكتظ بالركاب، أطلق ذلك الكثير من أجراس الإنذار.
وترك الهجوم، المعروف إعلاميا بهجوم “الجوكر” الذي وقع ليلة الهالوين، الركاب في حيرة من أمرهم يتساءلون عما إذا كان استخدام مترو الأنفاق لا يزال آمنا في الوقت الذي تسعى فيه السلطات إلى طمأنة المواطنين في طوكيو من خلال التأكيد على أنها تتخذ جميع الإجراءات التي تضمن سلامتهم.
كما أثار الحادث موجة من التكهنات اجتاحت وسائل الإعلام حول منفذ الهجوم، وتساؤلات عما إذا كان هناك المزيد من أمثاله في شوارع العاصمة طوكيو.
كما اختلقت قصص كثيرة عن مسرح الجريمة (القطار) وزي “الجوكر” البالغ من العمر 24 سنة الذي ألقت السلطات القبض عليه.
وإذا سبق لك أن شاهدت الفيلم الأصلي، فسوف تستنتج بسهولة أن ما وقع في طوكيو ما هو إلا جريمة مقلدة تحاكي مشهد كان في عربة قطار مترو الأنفاق في نيويورك في فيلم “الجوكر”.
وعندما ألقت السلطات القبض على الشاب الياباني الذي نفذ الهجوم، أخبرهم بأنه “يعبد شخصية الجوكر، ويريد أن يقتل أكبر عدد ممكن من الناس”.
لكن خبراء علم نفس الجريمة يرون أن الهدف الحقيقي من ارتداء زي الجوكر وتوقيت الهجوم لم يكن من باب تقليد شخصية الفيلم، إنما لجذب الانتباه إلى تعبيره عن غضب عارم يشعر به في داخله.
وقال ياسويوكي ديغوشي، أستاذ علم نفس الجريمة في جامعة ميراي: “أعتقد أنه أراد الشهرة”.
وأضاف أنه “مصاب بمرض السعي الدائم لجذب الاهتمام الذي يشوه شخصيته. وبارتداء ملابس شخصية الجوكر ليلة الهالوين، ظن أنه سوف يكون أكثر ظهورا وتميزا. وظن أيضا أنه عندما يتصرف مثل الجوكر ويجعله مثلا أعلى له، سوف يجذب المزيد من اهتمام الناس. لا أعتقد أنه قلد الجوكر بسبب مشاهدة الفيلم”.
وقد تحدثت إلى عدد من المتخصصين في علم نفس الجريمة الذين أكدوا أن هذه الجريمة لم تكن بسبب خلل عقلي.
ونادرا ما يكون مرتكبو الهجمات على أعداد كبيرة من الناس يعانون من خلل عقلي. لكن النموذج الأكثر شيوعا بينهم هن أشخاص يشعرون برفض المجتمع لهم طوال الوقت.
وقال تاكايوكي هارادا، أستاذ علم نفس الجريمة في جامعة تسوكوبا: ” العزلة الاجتماعية والافتقار إلى الروابط الاجتماعية تُعد من أخطر العوامل التي تؤدي إلى جرائم الاعتداء مثل القتل الجماعي، وجرائم خطيرة أخرى”.
وأضاف: “لذلك، غالبا ما لا يكون لهؤلاء أقارب، ولا أصدقاء مقربين، ولا وظيفة، ولا علاقات اجتماعية. ودائما ما يشعرون بالاستياء من المجتمع و العداء له. كما تكون لديهم ميول انتحارية”.
“يلقون اللوم على الآخرين”
لا نعرف الكثير عن منفذ الهجوم “الجوكر”، لكن بعض الخبراء الذين تحدثت إليهم ربطوا بين هذا الهجوم وهجوم آخر وقع في العاصمة اليابانية طوكيو في 2008 عندما قاد شاب شاحنة وسط حشود من المتسوقين في حي أكيهابارا المزدحم المعروف بتجارة الأجهزة الإلكترونية ثم ترجل من الشاحنة وبدأ في طعن المارة من حوله.
وثبت بعد ذلك أن منفذ هجوم 2008 ينحدر من أسرة تنتمي إلى صفوة المجتمع ويعاني من ضغوط حادة، لكنه رسب في اختبارات القبول بالجامعة وانتهى به الأمر إلى شغل وظيفة وضيعة.
وقبل تنفيذه تلك الواقعة، حاول ذلك الشاب الانتحار وكان يكتب رسائل عبر الإنترنت تتضمن أنه يخطط لارتكاب جرائم قتل.
وقال خبير آخر في علم الجريمة: “إنه مثل الإرهاب، لكنه ليس إرهابا”.
وأضاف: “هجوم أكيهابارا كان قتلا جماعيا، إنه فعل يقدم عليه شخص عادي أو ضعيف، شخص تعرض للاضطهاد. كما كانت الضغوط تتراكم عليه”.
وتابع: “كما تكون لديه ميول انتحارية، لذا يتردد في ذهنه ‘إذا كنت سأقتل نفسي، فلماذا لا آخذ معي آخرين’، وغالبا ما يلقي باللوم على الآخرين في الموقف الذي هو فيه”.
وتشبه هذه الجرائم الهجوم على حشود الناس كالتي تقع في الولايات المتحدة، لكن هناك فروق بين هذه وتلك.
الفارق الأول هو أن اليابان تفرض قوانين صارمة على تداول السلاح. أما الفارق الثاني فيتمثل في أن إظهار العدوان هنا يُعد من المحرمات المجتمعية، مما قد يكون السبب وراء ندرة هذه الجرائم في اليابان.
وقال هارادا: “أحيانا ما يوجه العدوان إلى الداخل (مما ينتج عنه عادة) الانتحار”.
وأضاف: “فإذا وجهته إلى الخارج فسوف يتحول إلى قتل أو غيره من السلوك العدواني. إنهما وجهان لعملة واحدة. واليابان معروف بمعدلات انتحار عالية”.
وتابع أستاذ علم نفس الجريمة في جامعة تسوكوبا: “لكن الاعتداء وغيره من أنماط السلوك العدواني قليل في اليابان. لذا يوجه اليابانيون العدوان إلى الداخل، وهو أحد الأسباب التي تجعل السلوك العدواني قليل جدا في البلاد”.
ورغم ذلك، يرى البعض أن مثل هذه الهجمات بدأت تتكرر في اليابان في الفترة الأخيرة. فمترو الأنفاق في طوكيو شهد ثلاثة هجمات مماثلة منذ أغسطس/ آب الماضي.
ويعتقد خبراء علم النفس أن الوباء ربما يكون مسؤولا عن تفاقم المعاناة الاقتصادية والعزلة الاجتماعية، وهما من العوامل التي قد تكون من الدوافع المحتملة وراء تلك الهجمات. وأعرب هؤلاء الخبراء عن مخاوفهم حيال حجم التركيز الإعلامي على هجوم “الجوكر”.
وقال هارادا: “عندما حدثت هجماتمشابهة (في الماضي) وقعت جرائم لاحقة تقليداً لهجوم سابق. وأعتقد أن السبب هو أن وسائل الإعلام توفر معلومات مفصلة عن كيفية ارتكاب تلك الجرائم، وهو ما أراه مشكلة كبيرة”.
وقد رأينا محاولات لتقليد هجوم “الجوكر” وربما تكون الشرطة قد أحبطت محاولات أخرى كثيرة.
ورغم تلك المخاوف المبررة، أكد الخبراء الذين تحدثت إليهم على أنه ينبغي النظر إلى الأرقام. وتشير الإحصاءات إلى أنه على مدار الخمسين عاما الماضية، تراجعت أعمال العنف التي يرتكبها الرجال إلى حدٍ كبيرٍ. كما ترجح تلك الأرقام أن طوكيو لا تزال واحدة من أكثر الأماكن أمانا حول العالم.
[ad_2]
Source link