التغير المناخي: لماذا أثار مشروع للطاقة الشمسية الكثير من الجدل في الأردن؟
[ad_1]
- ختام عامر
- بي بي سي عربي- عمّان
عندما أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عام 2018 عن نيتها إقامة مشروع للطاقة الكهروضوئية (توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية) جنوبي العاصمة الأردنية عمان، بدا كما لو أن المشروع سيلقى احتفاء واسعاً. خاصة وأنه يندرج ضمن الجهود الدولية، ومثلها الجهود داخل الأردن، لزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وحماية البيئة.
لكن المشروع ومنذ أن دخل مرحلة التنفيذ قبل نحو شهرين في منطقة المقابلين، قوبل بجدل واسع بل واتهامات بأنه يمثل تهديداً للبيئة ولسكان المنطقة.
بداية التنفيذ
نهاية أغسطس/آب الماضي استيقظ السكان في منطقة المقابلين، حيث تقع كلية تدريب عمان التابعة للأونروا، على صوت آلات تقوم بقطع أشجار معمرة في أرض متاخمة لموقع الكلية.
شكلت عملية إزالة الأشجار البالغ عددها نحو 162 شجرة، أولى مراحل تنفيذ مشروع الأونروا للطاقة الشمسية، الذي تصل قدرته بحسب الوكالة إلى 3 ميغاواط، وهي طاقة تكفي لتزويد ما يعادل نحو 750 منزلاً بالطاقة الكهربائية سنويا، حسب تقديرات خبراء.
لم تكن تلك المرة الأولى التي يسمع بها سكان المنطقة بالمشروع، وبنية قطع الأشجار لإفساح المجال لإقامته. إذ تقول هلا مراد مديرة جمعية دبين للتنمية البيئية لبي بي سي عربي أن ممثلين عن الوكالة التقوا بالسكان مرة واحدة، لكنها تؤكد أن “وكالة الأونروا لم تنصت لمطالب السكان وخرجت بتقرير لتقييم الأثر البيئي لم يتضمن بدائل واضحة”.
من جهتها تؤكد الوكالة أنها حصلت على الموافقات اللازمة من كافة الجهات المعنية في الأردن لإقامة المشروع بالقرب من كلية تدريب عمان التابعة لها في المنطقة. إذ يقول الناطق الرسمي باسم الأونروا سامي مشعشع لبي بي سي عربي “إن الوكالة لم تُقدم على هذا المشروع إلا بعد أن استأنست بآراء وزارة الزراعة الأردنية ودائرة الشؤون الفلسطينية، وكان هناك اتفاق مبدئي على تقليم عدد من الأشجار ذات الاطوال التي تتجاوز مترين”.
انتقادات واعتراضات
وفي حين تعهدت الأونروا بزراعة ما بين (500- 1000) شجرة لتعويض الأشجار التي تم إزالتها، يعرب عدد من سكان المنطقة عن مخاوفهم من أن إزالة الأشجار المعمرة قد تلحق أضرارا بالبيئة. إذ يقول أيمن عموري، وهو واحد من السكان، إن هناك خشية من أن يؤدي قطع الأشجار إلى “القضاء على بيئة المنطقة الطبيعية وفقدان مكانتها كمأوى مهم للطيور والحيوانات الصغيرة”.
في حين ترى عروب أن زراعة أشجار جديدة “لن يعوض الخسارة” التي تكبدتها المنطقة جراء قطع أشجار معمرة.
مدير الأحراج في وزارة الزراعة الأردنية المهندس خالد القضاة أكد أن إزالة الأشجار جاءت بالاتفاق مع الوزراة، مشيراً إلى أنه “تم الاتفاق على إزالة جزء من أشجار السرو الموجودة في المنطقة التي سيقام عليها المشروع على أن يتم تعويض نحو ضعف العدد الذي سيتم إزالته من هذه الأشجار”.
القضاة أضاف بأن قانون الزراعة يسمح بقطع وإزالة الأشجار في حالات معينة كمشاريع التطور العمراني والمشاريع بقصد الاستثمار إلى جانب المشاريع التنموية التي تعود بالمنفعة على المجتمع المحلي، وهي المشروعات التي يندرج مشروع الأونروا للطاقة الشمسية ضمن إطارها بحسبه. إذ يعد أحد المشاريع البيئية التي ستعود بالفائدة على المجتمع كما أنها تخلق المزيد من فرص العمل.
إضافة إلى الأثر الناجم عن قطع الأشجار، قوبل اختيار موقع إقامة المشروع باعتراضات عدة.
إذ تقول هلا مراد من جمعية دبين للتنمية البيئية إن المشروع وعلى الرغم من أنه سيسهم في جهود مقاومة التغير المناخي، إلا أن إقامته وسط أحياء سكنية مكتظة يحمل تبعات سلبية بحسبها. وتطالب بضرورة إقامة مشاريع الطاقة المتجددة خارج المدن الرئيسية والتجمعات السكانية.
وكان بيان أصدرته جمعية دبين قد تحدث عن تخوفات “جادة” من أهالي المنطقة من “الآثار المتوقعة للانعكاس الحراري أو ما يسمى بتأثير الجزيرة الحرارية (PVHI) والانعكاس الضوئي الناتج من الألواح الشمسية على مساكن أهالي الحي، فضلا عن تجمع الغبار والأتربة ما يؤدي لتلوث الهواء في كل عملية تنظيف”.
وقد عبر أيمن عموري (أحد سكان المنطقة) عن هذه المخاوف بالقول: “إن اتجاه تركيب الألواح الشمسية سيكون نحو منازلنا تقريبا، الأمر الذي سيتسبب بانعكاسات شمسية علينا، تؤدي لارتفاع درجات الحرارة في المنطقة”، مطالبا بإقامة المشروع في الأراضي الصحراوية بعيدا عن الأحياء السكنية.
الأثر البيئي
من جهتها تؤكد وزارة البيئة الأردنية أن المشروع لن يتسبب في إحداث عواقب بيئية ضارة، إذ يقول بلال قطيشات، مدير مديرية حماية الطبيعة في الوزارة لبي بي سي عربي إنه: “لا عواقب بيئية ضارة مباشرة من المشروع ولاسيما مخلفات الألواح الشمسية حيث يتم إتلافها بآلية وطرق علمية مدروسة لا تلحق أضرارا بالبيئة”.
ويشير قطيشات إلى الفائدة البيئية الناتجة عن إنتاج الكهرباء اعتمادا على الطاقة الشمسية في مقابل الآثار الناتجة عن توليد الكهرباء باستخدام الوقود الأحفوري.
وهو ما أكده مدير الأحراج في وزارة الزراعة الأردنية المهندس خالد القضاة الذي بيّن أن توليد الطاقة الكهربائية من خلال مصادر متجددة يسهم في تحسين نوعية الهواء للسكان.
عوامل اختيار الموقع
وتعليقا على تخصيص هذه الأرض في منطقة المقابلين الأردنية لتنفيذ المشروع قال الناطق الرسمي باسم الأونروا سامي مشعشسع إن “الوكالة لا تمتلك أراض ٍ خاصة بها، حيث أن الأراضي التي تقام عليها مشاريع الوكالة تقدم كتبرع من الحكومة الأردنية لها لتقديم الخدمات اللازمة للاجئين”، مشيراً إلى أن اختيار موقع إقامة المشروع يأخذ طبيعة الأرض والقرب من الفئة المستهدفة بالخدمة في عين الاعتبار.
وبحسب الخبير في مشاريع الطاقة الشمسية بوجيدار دراجانوف، يعتمد اختيار موقع إقامة مشاريع الطاقة الشمسية على عوامل عدة تتضمن نوعية أرض الموقع، بحيث لا تكون صخرية صلبة (يصعب الحفر فيها)، ولا ترابية ناعمة (قد تكون عرضة لتحرك الأتربة)، وعلى توفر شبكة كهرباء محلية قادرة على تحمل الزيادة في الطاقة التي يوفرها المشروع.
ويضيف دراجانوف، الذي أدار وأشرف لسنوات على عدد من محطات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في الشرق الأوسط، إن القرب من خط للكهرباء وقدرة الخط المحلي على استيعاب الزيادة في الطاقة الكهربائية التي ستولدها المحطة الشمسية قد يكون العامل الأكثر تأثيراً في اختيار الموقع. خاصة في المشاريع الصغيرة (كمشروع الأونروا) التي لا يجب أن تبعد أكثر من 1 كيلومتر عن خط شبكة الكهرباء أو الموقع الذي سيتم تزويده بالطاقة.
يُذكرأن عدة مشاريع للطاقة الشمسية قد أقيمت في مساحات خضراء في الأردن كالمشاريع التي أقيمت في جامعة اليرموك والجامعة الأردنية لتوليد الطاقة الكهربائية من أجل تخفيف أعباء فاتورة الطاقة عن الجامعتين، وسط مطالبات بالبحث عن بدائل أخرى لتوفير الطاقة البديلة دون اللجوء إلى قطع الأشجار خاصة في ظل صغر المساحات الخضراء في الأردن والتي لا تتعدى نحو 3.95 في المئة من مساحة البلاد.
[ad_2]
Source link