فيروس كورونا: كيف أثر الإغلاق على الأمهات الجدد وأطفالهن؟
[ad_1]
- فيليبا روكسباي
- محررة الصحة – بي بي سي
كانت ليان هووليت تعرف ماذا يعني اكتئاب ما بعد الولادة، وسبق لها أن عانت منه بعد ولادة طفلها الأول قبل سنوات قليلة، لكن مشاعرها هذه المرة كانت مختلفة.
عندما فرض الإغلاق في بريطانيا لأول مرة للحد من انتشار فيروس كورونا في مارس/ آذار عام 2020، كانت خمسة أشهر فقط قد مرت على ولادة طفلتها الرضيعة.
وتتذكر ليان تلك الفترة، وتقول “بين عشية وضحاها، ألغيت جميع مواعيد الزيارات المنزلية”، التي كان يقوم بها فريق من الصحة العقلية لمساعدة الأمهات اللواتي يعانين من مشاكل ما بعد الولادة.
وقيل لها حينها إن الفريق سيتابع حالتها عن طريق الاتصالات الهاتفية بدل الزيارات، وقد أصابها ذلك بالذعر، ولم تعرف كيف ستتعامل مع الوضع.
وشمل الإغلاق دور الحضانة، ولم تعد تستطع أن تلتقي مع أفراد عائلتها، وكان التعامل مع الحاجات الأساسية اليومية تحديا كبيرا بالنسبة لها.
وتقول الأم التي يبلغ عمرها 34 عاما “تأثرت جدا، لقد أصبحت نفسيتي في الحضيض”، مضيفة إنه شعور صعب، ولكن “لا يمكنك الخروج منه، خاصة أنك تبدأ بالشعور بأن الجميع أفضل حالا سواك”.
أطفال غير مرئيين
كان الدعم المقدم للأسر التي لديها أطفال صغار، سواء للأمهات الجدد أو الأطفال الرضع نفسهم أثناء الوباء قليلا جدا، مقارنة بالأحوال العادية.
وواجهت أعداد متزايدة من الأسر مشاكل عديدة مثل الفقر، واضطرابات في الصحة العقلية، أو سوء المعاملة والعنف الأسري، ما أثار مخاوف لدى الجمعيات الخيرية من تأثير ذلك على النمو الصحي للأطفال.
وحذر تقرير صادر عن جمعيات خيرية بريطانية نُشر هذا الشهر تحت عنوان “لا أحد يريد أن يرى طفلي” من أن احتياجات العائلات لا تزال غير مستوفاة حتى الآن، وأشار إلى الحاجة إلى زيادة تمويل خدمات مثل الزيارات الصحية المنتظمة للأسر التي لديها أطفال صغار.
ووجد التقرير أن المجموعات الخاصة بدعم العائلات التي لديها أطفال صغار أو رضع، ما تزال متوقفة عن العمل في بعض المناطق، وأن الفرق الصحية تتواصل حتى الآن مع الوالدين عبر الهاتف أو تقدم الدعم الافتراضي عبر الإنترنت، بدلاً من اللقاء وجها لوجه.
وترى سالي هوغ من مؤسسة” آباء وأطفال” أن تقييم وضع الطفل، وتقدير احتياجاته يتطلبان معاينته على أرض الواقع، وتقول “إذا استمر تقديم الخدمات عن بعد، فهذا يعني أن العديد من الأطفال الصغار سيكونون غير مرئيين، ولن تتم تلبية احتياجاتهم”.
فرحة المرة الأولى الضائعة
بدأت ليان تشعر بالتحسن خلال الصيف الماضي، عندما سُمح باللقاء ضمن فقاعات اجتماعية خاصة برعاية الأطفال، وأخذ زوجها إجازة من العمل، لكنها تعتقد أن فترة العزلة الطويلة تركت آثارا عميقة على ابنتها مايلي التي أصبح عمرها سنتين الآن.
وتقول ليان “إنها ليست اجتماعية على الإطلاق، وإلى أن أصبح عمرها سنة تقريبا، لم تكن قد التقت بأحد، ما عدا والدها وأنا”.
وتشير ليان بأسف إلى أن الأوضاع التي فرضها الإغلاق قد فوتت عليها الفرحة بلحظات ثمينة لن تتكرر، وتقول “كل تلك الاحتفالات، والصور، كل ما يسجل قيام طفلتي بشيء ما للمرة الأولى في حياتها”.
وعندما التقت الصغيرة بمجموعة من الأطفال في مثل سنها لأول مرة، كانت الأمهات كلهن يرتدين الكمامات، كما تقول ليان، كما ذكرت كلمة الكمامة مرات عديدة أمامها، لذلك “الكلمة الأولى التي نطقتها طفلتي كانت: كمامة”.
تقول نيكول جونز، وهي من مقاطعة وارويكشاير وعمرها 31 عاما، إنها شعرت بالإحباط الشديد والخيبة بسبب غياب الدعم لها أو لطفلها ديلان، الذي ولد قبل أوانه في مارس/آذار 2020، لدرجة أنها أجابت بالرفض حين قدم لها أحد الأعضاء في فرق الزيارات الصحية عرضا للمراجعة لمدة 12 شهرا.
وضع ديلان فور ولادته في العناية الخاصة بسبب إصابته باليرقان، واحتاج إلى أسبوع آخر في المستشفى قبل أن يسمح بأخذه إلى المنزل، وكان ذلك في اليوم الخامس من الإغلاق.
لكن نيكول تؤكد أنها لم تتلق زيارات من أي مختص صحي خلال السنة الأولى من عمره، على الرغم من استمرار معاناته من مشاكل صحية.
وتقول “لم نحصل على أي دعم، ولا حتى عن طريق مكالمة هاتفية”.
أمر لا يغتفر
بعد أشهر من القيء والمغص، تم تشخيص حالة ديلان بأنها حساسية من منتجات الألبان وهو في عمر سبعة أشهر، الأمر الذي يشعر أمه بالذنب حتى الآن.
وتقول نيكول “كان الأمر مرهقا للغاية، إنه شيء لا يغتفر”.
وتضيف “أنا أخصائية اجتماعية، وأتواصل مع الناس وجها لوجه، بالمقابل، لماذا هم عاجزون عن ذلك؟” وهي تقصد الفرق الصحية المختصة بالاشراف على الأطفال الصغار عن طريق الزيارات المنزلية.
من جهتها، تعتبر الفرق الصحية بأنها ليست الملامة، فهي مسؤولة عن التحقق من صحة الطفل ونموه وفق خمس نقاط معينة حتى سن الثانية والنصف، ولكن في بداية انتشار الوباء في إنجلترا، تمت إعادة توزيع ما يقرب من ثلثي العاملين في هذه الفرق، وأوكلت إليهم مهمات أخرى.
وتقول أليسون مورتون، المديرة التنفيذية لمعهد الزيارات الصحية، إن هناك اختلافات كبيرة في درجة عودة الخدمات إلى طبيعتها، تبعا للمناطق. ويرتبط هذا بحقيقة أن السلطات المحلية تدفع نفقات الزائرين الصحيين من خلال تمويل الصحة العامة الذي تقدمه الحكومة.
وتظهر أحدث الاحصاءات الحكومية أن واحدة فقط من بين كل أربع أمهات جدد في بعض الدوائر المحلية تتلقى خدمات فحص الطفل حديث الولادة، في حين أن نسبة الحصول على هذه الخدمة في مناطق أخرى تبلغ 100 في المئة تقريبا.
وبالنسبة للمراجعات الصحية للأطفال في سن الثانية، تظهر الفجوة أكثر وضوحا، وتتراوح النسب من 5 في المئة في بعض المناطق إلى 99 في المئة في مناطق أخرى.
وتشعر مورتون بالقلق أيضا من “التحول إلى المراجعة الافتراضية” التي تتم عبر المكالمات الهاتفية، أو حتى بمجرد إرسال استبيانات عبر البريد.
وتقول إن فرق الزيارات الصحية لم تنجز حتى الآن سوى جزء صغير من مهماتها المتراكمة والمتعلقة بأعداد كبيرة من الحالات المؤجلة.
شعور بالمرارة
كان الإغلاق يعني أيضا أن العديد من المناسبات المهمة في حياة طفل حديث الولادة تم تأجيلها. فاللقاء الأول لديلان مثلا مع جديه تم من خلال النافذة، وكان عمره ثلاثة أشهر عندما احتضناه للمرة الأولى.
ولم تتمكن نيكول بالطبع من الانضمام إلى مجموعات الأطفال المحلية ومقابلة أمهات جدد مثلها. حتى في عيد الميلاد الأول لطفلها، لم تكن هناك إمكانية لإقامة حفلة.
وهي تقول “هناك أوقات ومناسبات سأظل أشعر بالمرارة تجاهها”، فهذه لحظات مهمة جدا في حياة الأم والطفل، ولكن “هذه هي تجربتي، وهي سيئة للغاية”، كما تضيف.
وتشير إلى أنها تشعر بقلق تجاه جميع الآباء والأمهات الآخرين الذين لم تتم زيارتهم أو الاتصال بهم خلال عام ونصف من انتشار الوباء، وكيف يتعاملون مع هذا الوضع هم وأطفالهم.
وتعتقد نيكول أن هناك حاجة إلى زيارة منزلية واحدة على الأقل خلال الشهرين الأولين بعد الولادة، وعلى الرغم من إمكانية الاستمرار ببعض التواصل والاشراف عبر الهاتف أو تطبيق زووم، إلا أن إيقاف الزيارات بالكامل كان يجب أن لا يحصل أبدا.
وتقول نيكول “إذا كنت تعاني حقا، فعلى الأغلب لن تتمكن من الرد على المكالمة الهاتفية”.
الخروج إلى الهواء الطلق
إيما جونيور، وهي في الحادية والثلاثين من عمرها، من مقاطعة هامبشاير وأم لثلاثة أطفال، لديها بعض النصائح للأمهات الجدد اللواتي يشعرن بالعزلة.
بعد أن رزقت إيما بتوأمها سيينا وسيباستيان الصيف الماضي، ظلت “حبيسة المنزل لأيام، وأيام متتالية”، كما تقول، ولم يكن بإمكانها استقبال زوار.
ولكن من خلال شبكة HomeStart التي تضم متطوعين مدربين يمكنهم تقديم الدعم للأسر التي لديها أطفال صغار، انضمت إيما إلى مجموعة للمشي، تتيح لها تبادل الحديث مع أشخاص بالغين، كما تسمح لطفليها بتواصل مع أطفال آخرين من نفس العمر.
وتنصح إيما أيضا الأمهات بقبول المساعدة حين تعرض عليهن، والخروج إلى الهواء الطلق كلما أمكن ذلك.
أصبح عمر طفليّ إيما التوأم 15 شهرا، لكنها تقول إن الكثير من المجموعات الخاصة بالأطفال أوقفت نشاطاتها، وإن مراقبة الوزن في عيادة الطبيب العام أصبحت شيئا من الماضي.
وقد يفسر ذلك ما يطلق عليه بعض الأطباء اسم “قلق كوفيد” المنتشر بين الآباء والأمهات، والذي قد يكون أحد الأسباب في وجود طوابير الانتظار الطويلة في أقسام الطوارئ في المستشفيات.
ويعاين الأطباء في أقسام الطوارئ هذه الأيام أعدادا كبيرة من الأطفال تفوق المعتاد، ولكن قلة فقط منهم مصا بأمراض خطيرة ويحتاجون بالفعل إلى رعاية الطوارئ.
وقد يكون الأمر هو ما يمكن تسميته بـ “إرث كوفيد” الذي أصبح بمثابة تحول نفسي عام، وتسبب بحاجة دائمة للحصول على تطمينات، وهذا شيء أدركته ليان هووليت، وقررت أن تقوم بخطوة إيجابية للتعامل معه.
وتقول ليان إنها تركت عملها كمحامية، وهي تتبع دورة تدريبية الآن لتصبح ممرضة مختصة بالصحة العقلية، لكي تتمكن من “مساعدة الأمهات الأخريات وجها لوجه”، كما تشير.
[ad_2]
Source link