انتخابات العراق 2021: لماذا يخيّم هؤلاء على تخوم المنطقة الخضراء؟
[ad_1]
- آنا فوستر
- مراسلة الشرق الأوسط – بي بي سي
“تعالي وعايني بنفسك”. هكذا أصرّوا، متّجهين صوب جدار خرساني مضاد للتفجيرات يحيط بالمنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد.
وفي الشارع تصطف خيام متلاصقة بعضها بلاستيكي من مخلفات وكالات الإغاثة، والبعض الآخر مهلهل تم تجميعه. لكن جميع الخيام متخم بأناس يفترشون أغطية غير نظيفة. ويُرى بعض هؤلاء الناس مضطجعًا والبعض الآخر ينفخ الأرجيلة. لكنهم جميعا في حالة انتظار.
هذا مخيم احتجاج، عمره شهر الآن. وقد أُقيم على أنقاض الانتخابات البرلمانية العراقية يوم العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويقيم في هذا المخيم أنصار تحالف الفتح، الذي يمثل الذراع السياسية لميليشيات شيعية عراقية مدعومة من إيران.
ويقول هؤلاء المحتجون إنهم لا يثقون في نتائج الانتخابات. وربما يقف وراء ذلك خسارة تحالف الفتح ثُلثي مقاعده في مقارنة بما حصل عليه في الدورة الانتخابية السابقة.
وإذا ما قيل لهؤلاء المحتجين إن منظمتَي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بعثتا مئات المراقبين الدوليين إلى العراق لضمان نزاهة الانتخابات، فإنهم يصرّون على أنها لم تكن نزيهة.
وكان يُنظر إلى هذه الانتخابات بعين الأهمية. وقد أجريت مبكرًا في ظل مظاهرات واسعة النطاق يقودها شباب منذ نحو عامين، احتجاجا على الفساد والبطالة وتدنّي مستوى الخدمات العامة.
وقد لقيت شخصيات بارزة عديدة مصرعها، كما تعرّض نشطاء للاختطاف، ورأى كثيرون عدم المشاركة في الانتخابات لدواعي أمانهم.
وشهدت الانتخابات مقاطعة العديد من الناس حتى أولئك المطالبين بإجرائها. ولم تتجاوز نسبة الإقبال 43 في المئة، في واحدة من أقل النسب المسجلة.
وثمة شعور باليأس سببه أن الوجوه القديمة نفسها من الأحزاب ذاتها باقية في السلطة دونما تغيير.
وقد وصلنا إلى الموضع الذي أراد المتظاهرون أن أعاينه بنفسي. وكان متظاهرون قبل أسبوع قد نظّموا مسيرة صوب المنطقة الخضراء شديدة التحصين -حيث مقرّ المكاتب الحكومية والسفارات الأجنبية- وهناك فتحت عليهم قوات أمنية النيران، ليلقى رجلان من المحتجين بالمخيم مصرعهما، وتظل صورتهما على اللافتات التي يرفعها المتظاهرون في مسيرات وفوق الخيام.
ويقول منظّمو المسيرة إن نحو أربعة آلاف شخص انتقلوا إلى هذا المخيم، حيث تقف قوات مسلحة للحراسة. وتبدو عليهم الاحترافية من زيّهم الأسود الذي تزينه شارات عسكرية. لكنهم في واقع الأمر ليسوا جنودا نظاميين؛ إنما هم عناصر تابعة لقوات الحشد الشعبي شبه العسكرية.
وتمثل قوات الحشد الشعبي مظلة لميليشيات شيعية تمثل الذراع العسكرية لتحالف الفتح.
وغير بعيد، يقع منزل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي داخل المنطقة الخضراء شديدة التحصين، ومع ذلك لم يسلم الكاظمي مما وصفته حكومته بمحاولة اغتيال عبر قصف من طائرة مسيّرة في صباح يوم الأحد الماضي.
وقد وقعت “المحاولة” بعد يومين فقط من اندلاع عنف في المخيم. ويربط البعض بين الحادثين في خضم أزمة عراقية تحتدم نيرانها على مَهَل.
وفي المخيم، يتعذر الوقوف بالضبط على دوافع المقيمين فيه. وليست لدى الجميع رغبة في الحديث، وليس من السهل لأحد من الخارج الوقوف على دخيلة هؤلاء المحتجين.
لكن المتحدثين منهم يقولون إن الانتخابات تم تزويرها. وعند سؤال هؤلاء عن دليل على التزوير، فإنهم لا يجيبون، لكنهم مع ذلك يصرّون على البقاء حتى يحصلوا على ما يريدون، وإذا ما سُئلوا عن ماهية ما يريدون، فإنهم لا يعطون جوابا واحدا.
وثمة إشارات على أنهم ينوون الإقامة طويلا في مخيم الاحتجاج؛ ذلك أنهم جلبوا وسائل ترفيهية إلى مكان الاحتجاج، كما نصبوا قوائم لينشروا عليها ما يغسلون من ملابسهم.
صانع الملوك
ولقد يرى المارّون على تلك القوائم صورًا لقاسم سليماني -الجنرال الإيراني الذي اغتالته في بغداد طائرة مسيرة أمريكية في يناير/كانون الثاني 2020 – مطبوعة على قمصان وملابس معلقة على قوائم الغسيل، على نحو لا يتناسب مع هيبته التي كان يشتهر بها في المنطقة.
ويعدّ صانع الملوك في العراق الآن هو رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، الذي فازت كتلته الانتخابية بأكبر عدد من المقاعد. وأكثر ما يُعرف به الصدر لدى الغرب أنه الرجل الذي حشد أنصاره لمهاجمة القوات الأمريكية بعد غزو العراق عام 2003.
وتشير الوقائع إلى أن كلا من الفائزين والخاسرين في هذه الانتخابات هم من الشيعة، ويغذّي هذا الواقع حالة التوتر القائمة في العراق، ويثير مخاوف حقيقية من اندلاع حرب أهلية مستقبلية في البلاد.
ولا يمكن للصدر أن يصبح رئيسا للوزراء، لكنه يملك الكثير من أوراق التأثير في اختيار من يشغل هذا المنصب.
ويرغب الصدر في أن يكون رئيس الوزراء المقبل شخصية تتبنى وجهات نظره فيما يتعلق بالنزعة القومية ومناوأة التدخلات الأجنبية.
وفي ظلّ فرز نتائج انتخابات أكتوبر/تشرين الأول باليد، وإعادة عدّها، قطعت المفاوضات حول مَن يشكّل الحكومة العراقية المقبلة أشواطًا بالفعل. لكن هذا لا يعني أن المتفاوضين أوشكوا على الوصول لإجماع؛ ذلك أن المسرح السياسي في العراق شائك ومليء بالتعقيد .. ومع اقتراب الشتاء وانخفاض درجات الحرارة في مخيم الاحتجاج، فإن أحدًا لا يريد أن يتجمد من البرد.
[ad_2]
Source link