رغم فوز التنزاني عبد الرزاق قرنح بجائزة نوبل للآداب، لماذا لا يعرفه الكثيرون في وطنه؟
[ad_1]
- بريا سيبي
- صحفية
أصبح الكاتب عبد الرزاق قرنح المولود في جزيرة زنجبار حديث العالم بعد أن فاز بجائزة نوبل للآداب هذا العام، ورغم ذلك، لا يعرفه الكثيرون في بلده تنزانيا.
اعتُبر فوز الكاتب البالغ من العمر 72 عاماً بالجائزة المرموقة انتصاراً للأدب الأفريقي، لكن متاجر بيع الكتب في بلده الواقع في شرق أفريقيا تخلو من رواياته.
يقول علي صالح، وهو كاتب وشاعر من أرخبيل زنجبار، مسقط رأس قرنح الذي أصبح فيما بعد جزءا من تنزانيا: “إذا عرضت صورته على الناس هنا، ستكون هذه أول مرة يرونه”، مضيفاً أن “نسبة ضئيلة جداً من الشعب التنزاني على دراية بأعماله”.
وعلى الرغم من أن كتب قرنح تسوق بالأساس في المملكة المتحدة التي عاش فيها على مدى العقود الخمسة الماضية، فإن رواياته العشر تتناول قضايا قريبة إلى قلوب سكان زنجبار.
تستعرض روايته تأثير الاستعمار على هوية الشرق الأفريقي، وتجارب اللاجئين الذين يضطرون إلى البحث عن أوطان بديلة.
قرنح نفسه ترك موطنه وهو يبلغ من العمر نحو 18 عاماً، فارا من الاضطرابات وأعمال العنف التي أعقبت ثورة عام 1964 التي أطاحت بحكم الأقلية العربية في زنجبار.
وفي أعقاب ذلك، انضمت زنجبار إلى مناطق وأقاليم أخرى لتكون دولة تنزانيا. يحتفظ الكاتب بصلة قوية بالجزيرة، التي تمثل خلفية الكثير من قصصه.
يقول مكوكي بغويا، مدير دار نشر “مكوكي نا نيوتا” التنزانية: “من المهم أن يقرأ التنزانيون أعمال عبد الرزاق. إنه يتناول الكثير من الأشياء التي يتسم بها واقع المواطن التنزاني داخل البلاد وخارجها”.
ويضيف: “كمواطنين من الشرق الأفريقي، عادة ما نرى العالم بعيون الآخرين. ولكن عندما نقرأ لقرنح، نستطيع أيضاً أن نرى أنفسنا”.
فرار المدرسين
منذ إعلان فوزه بالجائزة في أكتوبر /تشرين الأول، بدأ بعض التنزانيين يتساءلون كيف لم يلتفتوا من قبل إلى كاتب بثقل قرنح.
كما أشعل فوزه جدلاً بشأن ثقافة القراءة المتدنية في البلاد.
بعد انتفاضة زنجبار، قام النظام الجديد بإدخال تعديلات جذرية على المناهج، أدت إلى تقليل الاهتمام بالأدب. وفي الوقت الحالي، لا يتم تدريس الأدب كدرجة علمية في أي من جامعات زنجبار الثلاث.
يقول إسماعيل جوسا، وهو سياسي معارض من زنجبار: “في أعقاب الثورة، أغلقت الحكومة عدة مكتبات ونواد للكتب، كما غادر البلاد الكثير من المدرسين الممتازين”.
يضيف جوسا: “تضرر التعليم كثيراً، وانخفضت المستويات، ورافق ذلك أن أصبحت ثقافة القراءة واحدة من العديد من الضحايا”.
وفي بر تنزانيا، كان هناك انخفاض مستمر في عدد الأعمال الأدبية المتاحة.
ومع مرور الأعوام، أصبحت مكتبات تنزانيا ومدارسها ومحلات بيع الكتب فيها تركز على الكتب الدراسية والتعليمية، ما أدى إلى ندرة الروايات المتاحة.
وفي حين لا تزال الكتب غير الروائية والصحف هي أكثر ما يقرأه التنزانيون، فإن صعود التكنولوجيا أدى إلى تركيز اهتمام الشباب على وسائل الإعلام الرقمية.
ونتيجة لذلك، باتت صناعة النشر في تنزانيا تجد صعوبة بالغة في بيع الأعمال الأدبية.
الكتب: سلعة كمالية
متجر “تي.بي.إتش” لبيع الكتب، التابع لدار نشر “مكوكي نا نيوتا”، والقائم في دار السلام، المدينة الرئيسية في تنزانيا، هو واحد من عدد قليل من متاجر الكتب التي تبيع أعمال قرنح في البلاد.
يقول بغويا: “رأينا فجوة هائلة في صناعة النشر بتنزانيا، والتي تركز فقط على الكتب التعليمية. ولمواجهة ذلك، بدأنا في إنتاج وبيع الروايات والشعر وغيرها من الأعمال الأدبية، ولا سيما تلك التي ألفها كتاب تنزانيون”، مضيفاً أن “بيع روايات قرنح استغرق وقتاً طويلاً، لذلك لم نعاود طرحها في متاجرنا”.
ونظرا لأن عددا قليلا فقط من الزبائن يقبلون على هذا النوع من الكتب، فإن أسعارها ترتفع، ما يجعلها في غير متناول الكثيرين.
يقول بغويا: “السوق صغيرة، وليس باستطاعتها استيعاب الكثير من الكتب”، مضيفاً أن تلك الكتب “أصبحت باهظة الثمن، وفي اقتصاد يعاني من نقص السيولة، يصبح الكتاب سلعة كمالية”.
حتى الآن، لم يتم تضمين أعمال قرنح في المناهج الأدبية بمدارس البلاد، على الرغم من أن تلك المناهج تضم أعمال كتاب سواحليين وأفارقة آخرين.
يقول جوسا أن عبد الرزاق “تمكن من ترك بصمته خارج زنجبار، حيث يعيش خارجها منذ عام 1967…لذا فهو معروف فقط لدائرة صغيرة من القراء المتحمسين الذين يتتبعون الأعمال الأدبية لأهل زنجبار”.
ترجمات سواحلية في الطريق
أحد الأسباب وراء ذلك هو أن قرنح يكتب باللغة الإنكليزية، وليس اللغة السواحلية التي يتحدث بها غالبية التنزانيين، وهي أيضاً لغته الأم.
وهناك دعوات جديدة لترجمة رواياته إلى السواحلية.
د.إدا هادجيفايانيس، محاضرة اللغة السواحلية بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية “ساواس” في لندن، كانت قد بدأت بالفعل في ترجمة أعمال قرنح قبل فوزه بجائزو نوبل للأدب.
وهي حالياً بصدد الانتهاء من ترجمة كتابه “ Paradise“، ومن المنتظر أن تصدر النسخة المترجمة مطلع العام القادم.
تحكي رواية “ Paradise“، التي نشرت عام 1994، قصة فتى ينشأ في تنزانيا في مطلع القرن العشرين، وكانت الرواية التي حققت له شهرة كبيرة، حيث رشحت لعدة جوائز مرموقة. وتأمل د. هادجيفايانيس أن تساعد ترجمتها على اجتذاب قراء جدد لأعماله.
تقول الأكاديمية، التي تنحدر أيضاً من زنجبار: “تاريخنا وواقعنا وذكرياتنا كلها محفورة في أعماله بأسلوب جميل..في رأيي أنه لو قُرأت أعماله في شرق أفريقيا، سيكون لها أثر كبير”.
بعد الشهرة التي اكتسبها قرنح في عالم الأدب، يقول كثيرون إنه حان الوقت لضمان أن تصبح رواياته من الجوانب التي يتم الاحتفاء بها في ثقافة الشرق الأفريقي.
متاجر بيع الكتب في البلاد، كمتجر تي.بي.إتش، بصدد شراء المزيد من النسخ من روايات قرنح، بعد أن انهالت عليها الطلبات. لكن لا تزال هناك حاجة إلى بذل الجهد لضمان بقائه على الخريطة.
ترى د. هادجيفايانيس أن “على الناشرين القيام بدورهم للترويج لكاتبنا الفائز بجائزة نوبل، كما ينبغي على الحكومة أن تفعل ذلك أيضاً”.
وتضيف: “لا يمكننا تغيير ثقافة القراءة لدينا بين عشية وضحاها، وإذا أردنا أن يقرأ الناس أعماله، الخطوة الأولى يجب أن تشمل تضمين روايتيه “ Paradise“، و” After Lives” في المناهج الدراسية، والبقية تأتي.”
بريا سيبي صحفية مستقلة من لندن.
[ad_2]
Source link