المهنة مدرب على مهارات الحياة، والمؤهلات محل تساؤل
[ad_1]
- نغم قاسم
- بي بي سي نيوز عربي
هل جربتم يوما الاستعانة بـ “لايف كوتش” أو مدرب مهارات حياتية.
ملايين حول العالم يخوضون مؤخرا هذه التجربة ويستعينون بمدرب أو مدربة لمواجهة مشكلات متنوعة ما بين مصاعب الحياة الزوجية وتربية الأطفال وعلاقات العمل والترقي الوظيفي وتعلم اللغات الجديدة بل أصبح هناك أيضا مدربون مختصون للمساعدة في اتباع حمية غذائية وصفها طبيب التخسيس.
ويقول محمد شرف الذي يعمل في تدريب المدربين على مهارات الحياة لبي بي سي إن علاقة مدرب المهارات الحياتية والمتدرب هي علاقة شراكة هدفها مساعدة الأفراد على ترتيب أفكارهم وشحذ همتهم وتغيير صورتهم الذهنية عن أنفسهم و إمكانيتهم، وإصلاح طريقه تفاعلهم مع أنفسهم و أفكارهم ، فضلا عن المساعدة في تحديد الطريق الذى سيتبعونه للوصول للهدف الذي حددوه بأنفسهم وليس تعليمهم كيفية الوصول لهذا الهدف.
ويوضح أن المتدرب هو من يحدد الهدف وهو من يحدد كيفية الوصول إليه وليس المدرب، والمدرب قد لا تكون لديهم المعرفة بالمجال الذى يريد المتدرب التحقق فيه لكنه لديه المهارة لإنارة الطريق لمن حوله ،”في مجتمعنا الضاغط والمزدحم، أحيانا تكون جلسة الكوتشينج هي المتنفس الوحيد لبعض الأفراد للتحدث بحرية وبدون إصدار أحكام عليهم وليتم الإنصات لهم باهتمام”.
ومع اتساع المجالات التي أصبح يغطيها مدربو المهارات الحياتية، وتزايد الطلب على هذا النوع من الخدمات من جانب الشباب العربي، زاد أيضا عدد الشباب الراغبين في الالتحاق بمهنة التدريب على مهارات الحياة وأصبحت مصدرا لرزق لعدد منهم.
كل هذا فتح الباب لإنشاء المزيد من المراكز التي تتولى تقديم تدريبات للراغبين في أن يصبحوا مدربين على مهارات الحياة، بعض هذه المراكز تزعم منح شهادات معتمدة من الاتحاد الدولي للمدربين على مهارات الحياة وبعضها يمنح هذه الشهادات.
“بيزنس” التدريب على مهارات الحياة
وتتراوح تكلفة هذه التدريبات بين 1600 – 2500 دولار أمريكي كما تتراوح مددها بين شهرين وحتى عامين.
اتصلت بواحدة من مراكز التدريب التي تخرج مئات المدربين سنويا في القاهرة للسؤال عن شروط الالتحاق بالدورات التدريبية فوجدتها ألا يقل عمر المتدرب عن 25 سنة وأن تكون لغته الإنجليزية جيدة فقط، ولا يشترط أي شيء يتعلق بمستواه التعليمي.
وبحسب الاتحاد الدولي لمدربي مهارات الحياة، هناك 41 ألف مدرب معتمد في نحو 150 دولة حول العالم. وهذا الاتحاد – بحسب ما ورد في موقعه الرسمي – هو المنظمة الدولية الأكبر في مجال التدريب على مهارات الحياة، وتأسس عام 1995، للتوعية بأهمية التدريب على مهارات الحياة وضمان الارتقاء بأخلاقيات المهنة.
تواصلت مع لايف كوتش شاب للتعرف على أسباب اختياره لهذه المهنة، فالتقيت بمحمد عموره وهو مدرب مهارات حياة أردني في أوائل الثلاثينيات من عمره.
يقول عموره إنه التحق بدورة تدريبية عبر الأنترنت ليصبح مدربا على مهارات الحياة استمرت لما يقرب من عامين. وهو بانتظار الحصول على شهادة إتمام هذه الدورة خلال الأيام القليلة المقبلة.
وبدأ عموره التدريب على مهارات الحياة منذ عام 2019 وأكمل الدراسة عام 2020 و بدأ في العام نفسه ممارسة مهنة اللايف كوتشينج وحتى الآن أجرى نحو 100 ساعة تدريب ولديه 6 متدربين يتابع معهم بشكل دوري داخل الأردن وخارجه.
مجال دراسة عموره هو التسويق ويقول إنه خلال فترة الحجر الصحي بسب تفشي فيروس كورونا ازدهر عمله كمدرب مهارات حياتيه وحقق أرباحا جيدة جدا واعتمد بشكل أساسي على مهنة اللايف كوتشينج لكسب رزقه. ويركز محمد تدريباته على مجال الأعمال “بيزنس كوتش” كذلك التدريب في مجال العلاقات الإنسانية.
عثر عموره على وظيفة في مجال العلاقات العامة في العاصمة الأردنية عمان قبل أسابيع قليلة لكنه سيواصل العمل كمدرب وإن لم يكن بتفرغ كامل.
أرباح التدريب
تتراوح تكلفة الجلسة الواحدة للتدريب على مهارات الحياة و تختلف بحسب الموضوع والدولة وشخصية المدرب نفسه. ويقول محمد شرف “في بداية امتهان هذه الوظيفة يكون المدربون متحمسين للتعامل مع أكبر عدد من المتدربين لتحقيق نجاحات في المجال وبناء شهرة واسعة وبالتالي تكون تكلفة الجلسة لا تتعدى سعر كوب من القهوة”.
لكن هذه التكلفة تتدرج مع الوقت وزيادة الطلب علي المدرب وتطور خدماته. وترتفع هذه التكلفة إذا كان المتدرب مثلا رائد أعمال أو صاحب شركة وهو ما يعنى أن التدريب يمكن أن يوفر لهذا الشخص ولشركته الآلاف من النفقات المهدرة وبالتالي من الممكن أن يحصل المدرب على نسبة من الأرباح المحققة وأحيانا قد تصل تكلفة التدريب على مهارات الحياة إلى 6 آلاف دولار في الجلسة حسب العميل والفائدة المتحققة له، بحسب ما شرح لنا شرف.
وتتراوح المدد التي يحتاجها المتدرب على مهارات الحياة ليحرز تقدما نحو الهدف الذى حدده، حسب طبيعة الهدف نفسه وشخصيه المتدرب وقدرته على الاستمرارية حتى تحقيق الهدف. فالتدرب على التعامل مع المشكلات الزوجية يحتاج لـ 10 جلسات تدريبية على الأقل خلال من 3 – 4 شهور لتغيير سلوك الزوجين والوصول بهم لبر الأمان، أما في مجال الترقي الوظيفي مثلا الأمر يحتاج إلى 4 – 6 جلسات.
النصب باسم الكوتشينج
ومع اتساع سوق الباحثين عن العمل كمدربي مهارات حياة يشكو بعض الدارسين ممن يصفونهم بـ”الدخلاء على المهنة و مدعي الخبرة و الدراسة” الذين اقتحموا المجال.
تواصلت مع آيات الهمشري وهي مدربة علاقات زوجية مصرية مقيمة في مدينة ليستر البريطانية، وقالت لبي بي سي إنه لا يمكن إنكار أن عددا من النصابين اقتحموا المجال لكن التعويل يكون دائما على المتدرب و قدرته على التمييز بين من يتحدث عن علم ومعرفة والآخرين المدعين.
درست آيات علم النفس في المرحلة الجامعية لكنها تفرغت لتربية الأولاد وقررت بعد سنوات طويلة الالتحاق بدورة لتدريب مدربي مهارات الحياة. وبدأت آيات من سنة واحدة فقط ممارسة العمل كمدربة علاقات زوجية وتتقاضي في الجلسة الواحدة حوالى 30 دولار.
وتعلل آيات تزايد الطلب على مدربي مهارات الحياة بأن الأفراد أصبحوا في حاجة أكبر للمساعدة، وهو ما يوفره لهم المدرب “دون النزول من المنزل”. فآيات تقدم جلساتها عبر الأنترنت لعدد من المتدربين في القاهرة والدوحة وأبوظبي والرياض وبرلين.
سمحت لي آيات بعد استئذان المتدربة، سارة، بحضور جلسة التدريب الأولى لها على العلاقات الزوجية وبدأت الجلسة بالسؤال عن الهدف من الالتحاق بالجلسة والهدف المرجو تحقيقه فكانت الجلسة أشبه بالنسبة لي بجلسة الفضفضة.
وتحذر الدكتورة عصمت حوسو الاستشاري النفسي والاجتماعي في الأردن من لجوء الكثيرين لمدربي مهارات الحياة ليقوموا بمهمة المحللين النفسيين باعتبار أن الاستعانة بمدرب لا يصاحبه الوصم الذى يعانيه الاستعانة بطبيب نفسي في بعض المجتمعات. لكن المشكلة أن بعض غير المؤهلين الذين يتم الترويج لهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد يتسببون في ضرر للمتدربين لديهم لأنهم بحاجة لمساعدة متخصصة.
وتضيف حوسو أن تأخر الأفراد في اللجوء للطبيب النفسي باعتبار أن المدرب يحل محله قد يفاقم من حالاتهم يؤذيهم على المدى الطويل. كذلك احيانا تنشأ علاقة ارتباط مرضي بين المدرب والمتدرب خصوصا بين المراهقين وهو ما يمكن ان تكون عواقبه الاجتماعية والنفسية خطيرة.
وميزت حوسو بين الطبيب النفسي والناصح والمدرب. فالطبيب يتعامل مع الأمراض النفسية المعقدة وهو الوحيد المختص بكتابة أدوية أما الناصح يتعامل مع المشاكل الآنية التي يعانيها الشخص بشكل عام. وفي المرتبة الثالثة يأتي المدرب للتعامل مع المواقف اليومية البسيطة والتعامل مع الحياة وليس المشكلات النفسية.
تجارب سيئة في التدريب
ما ذكرته د. حوسو عن المدربين غير المؤهلين ” الذين حولتهم السوشيال ميديا إلى نجوم” هو ما حدث مع طارق الطالب في جامعة القاهرة.
على مجموعات مغلقة في فيسبوك سألت عن أشخاص لديهم تجارب مع مدربي مهارات الحياة، تلقيت أراء كثيرة تعارض الفكرة وترفضها باعتبارها “ليست علما” يمكن الاعتماد عليه وأنها وسيلة لجمع الأموال فقط، . من بين الذين وافقوا على التحدث معي شاب مصري اسمه طارق.
يقول طارق “عثرت على مدرب مشهور على السوشيال ميديا و بالفعل تواصلت معه و قابلته لاكتشف أثناء المقابلة انه نصاب”.
ويضيف طارق إنه كان معجبا بفكرة أن يكون هناك يهتم لأمره ويشاركه التفكير في مشكلاته و خططه المستقبلية لكن بعد ما حدث معه أصبح من أشد المعارضين للفكرة.
أما يسرا فاستعانت بمدرب مهارات حياة بعد الخروج من تجربة إنسانية “فاشلة” وحضرت جلسة مجمعة للنساء “العازبات”. وتحكي يسرا أن المدرب كان ينفذ التعليمات المتبعة بطريقة آليه دون محاولة معرفتها بشكل شخصي و التعامل مع مشكلتها ” كنت أشعر أن لديه قائمة من الاسئلة يسألها مجرد أداء واجب”. وتقول “تعرضت للتنمر من جانب حضور الجلسة الآخرين حتى المدرب نفسه انحاز لهم ضدي لدرجة ضغطت على أعصابي للغاية وخرجت من الجلسة متضررة أكثر من كوني مستفيدة”.
أمام هذه النماذج للتجارب السيئة قرأت الكثير من المنشورات عن التجارب الجيدة والمساعدات التي قدمها مدربو مهارات الحياة للمتدربين على تخطي الصعاب.
وبين الآراء السلبية والإيجابية تبقي النتيجة أو الفائدة التي يحققها مدربي مهارات الحياة مسألة محكومة برأي المتدرب و قدرته على مساعدة نفسه بالأساس.
[ad_2]
Source link