التغير المناخي: كيف يسهم صيادون مصريون في الحفاظ على نهر النيل؟
[ad_1]
- أحمد شوشة
- بي بي سي عربي – القاهرة
على قارب أزرق صغير، استهل صيادان رحلتهما في نهر النيل قرب جزيرة القرصاية في الجيزة. كان الأول يجدف بذراعيه، بينما يمسك الآخر بشوال يضع فيه ما يصطاد، لم يكن ذلك أسماكًا، بل مخلفات تطفو على وجه النهر.
رافقت الصيادين طيلة ساعة تقريباً على قاربهم، فاكتشفت أن نهر النيل يعج بالمخلفات، زجاجات وأكياس وأوراق وغيرها.
فعلى امتداد النيل في القاهرة الكبرى تنتشر مراكب سياحية يأتيها الناس للتنزه والاستمتاع بالهواء العليل، لكنها باتت المصدر الرئيس للمخلفات، كما أخبرني صيادون.
لكنني مع كثرة النفايات، رأيت أيضاً وفرة في الجهود من أجل التخلص منها. فخلال الرحلة مررنا بقاربين آخرين يحملان على متنهما صيادين ينتمون أيضاً إلى جزيرة القرصاية ويجمعون النفايات من النهر.
هؤلاء الصيادون هم جزء من مبادرة تسمى “فيري نايل”، تشتري المخلفات التي يتم جمعها، وتحولها إلى منتجات بلاستيكية بمساعدة زوجات الصيادين اللائي يتقاضين هن الأخريات أجراً نظير ذلك، ثم تطرحها في الأسواق.
صيد القمامة
تخطط مبادرة “فيري نايل” لأن تنظف نهر النيل من المخلفات الصلبة، سواء البلاستيكية أو غيرها، خلال السنوات العشر المقبلة، عن طريق تجميعها من قبل الصيادين.
ويقول مصطفى حبيب، أحد مؤسسي المبادرة، إنهم تمكنوا من استخراج 90 طناً من المخلفات الصلبة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
يفسر عمر حسنين، الصياد العشريني، نشاطه مع المبادرة قائلاً: “قديماً كان السمك متوفرا بكثرة في نهر النيل، أما الآن قل الخير بسبب التلوث، فأصبحت أصطاد القمامة لأنها باتت مصدر رزق جديد”.
وتضم جزيرة القرصاية وسط النيل عشرات المنازل لأسر الصيادين البسيطة، التي تقدم لهم “فيري نايل” ورش عمل تهتم بزيادة الوعي وتعليم الأطفال أيضاً.
“النفايات إلى المصانع”
يلتقي صيادو الجزيرة أمام مبنى مبادرة “فيري نايل” ليزنوا ما جمعوه من قمامة ويتقاضوا أجره، حيث يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من المخلفات نحو ثلاثة أرباع دولار.
ثم يأخذ أحد العمال الزجاجات البلاستيكية إلى جهاز ضاغط، ليقوم بتفريغ الهواء من الزجاجات.
ويشرح عرفة جابر، الصياد السابق الذي يعمل على الجهاز الضاغط، أن الكميات الضخمة التي تُضغط من الزجاجات يعاد تدويرها في مصانع مصرية، بالإضافة إلى الاتفاق مع أحد المصانع في روسيا.
ويمتلئ مخزن بكميات كبيرة من الزجاجات البلاستيكية المضغوطة التي تنتظر أن تُنقل إلى مصانع لتدخل في منتجات جديدة.
“من خرقة بالية إلى قطعة جميلة”
أما في عمق المبنى الذي اتخذته المبادرة مقراً، تقف إحدى السيدات العاملات في غرفة ممتلئة بالأكياس البلاستيكية، تنتقي منها بحسب توافق الألوان، تأخذها إلى الغرفة المجاورة لتنظفها وتفردها بمكواة خاصة.
تبدو هذه الغرفة كخلية نحل، فبينما تجلس سيدات على ماكينات الحياكة، تعمل أخريات على الحياكة اليدوية لصناعة منتجات ذات قيمة جمالية.
يشرف على العمل القائمون على المبادرة وخياط محترف كان قد علم السيدات كيف يصنعن منتجاتهن من أكياس البلاستيك.
تقول أم كمال إنها وجدت في هذا العمل فرصة لتساعد زوجها على تلبية متطلبات الحياة، وأن تقدم لبناتها مزيداً من الرفاهية المفقودة.
تحدثني السيدة الأربعينية وهي تمسك بيديها إبرة وخيطا من البلاستيك، وتحيك بهدوء شنطة يد جذابة، ستكلفها يومين من العمل.
دعتني أم كمال للتأمل فيما تصنع قائلة: “انظر كيف نحيي هذه الخرقة البالية لتصبح قطعة جميلة”.
مخلفات البلاستيك للبيع
تشارك مبادرة “فيري نايل” في الفعاليات التي تهتم بشؤون البيئة لتعرض منتجات الصيادين وزوجاتهم للبيع، مثل مؤتمر مؤسسة “غرينيش” الذي شاركت فيه عشرات المبادرات البيئية.
يتناوب الشباب على المعروضات، فمنى أُعجبت كثيراً بالشكل الفني الذي باتت عليه حقيبة بلاستيكية، اللون الأبيض فيها ممزوج بخيوط زرقاء تشبه النيل وأخرى تتدرج في اللون البرتقالي كأنها أشعة الشمس الذهبية.
أما محمد فبالرغم من إعجابه بالفكرة، إلا أنه يتحفظ على أسعار “المنتجات الباهظة”، إذ أنها بلغت ضعف تلك التي رآها في متجر خارجي.
وإلى جانب هذه الفعاليات، يباع القسط الأكبر من منتجات فيري نايل عبر الإنترنت، وهي جميعاً مصحوبة بدعوة: “إذا لم تشتر، فعلى الأقل لا تلوث نهر النيل”.
[ad_2]
Source link