فيروس كورونا: كيف أصبح العمل لساعات أطول أمرا شائعا في ظل تفشي الوباء؟
[ad_1]
- أليكس كريستيان
- بي بي سي
أصبحنا نعمل ساعات أكثر من أي وقت مضى، سواء كان ذلك في شكل استقبال رسائل بريد إلكتروني في وقت متأخر من الليل أو استقبال مكالمات في وقت مبكر من اليوم. فكيف أصبحت كل هذه الساعات غير مدفوعة الأجر جزءًا من الوظيفة؟
عندما بدأ إريك وظيفته الأولى كمساعد مبتدئ في شركة محاماة دولية، كان يعلم جيدا أن القواعد العادية بشأن فترة العمل من التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء لا تُطبق في هذه الوظيفة.
وكانت هذه الشركة، التي تتخذ من هونغ كونغ مقرا لها، مرموقة للغاية، لكنها كانت تثقل كاهل العاملين لديها بأعباء عمل وحشية وتجعلهم يعملون حتى أوقات متأخرة من الليل، ولم يكن هذا الأمر قابلا للتفاوض.
يقول إريك: “هذا أمر مُسلم به في المجال القانوني. وبشكل عام، لا يتقاضى المحامون أجرًا مقابل العمل الإضافي. وفي بعض الأحيان، كنت أضطر للعمل طوال الليل”.
يعمل إريك الآن في بكين، وقد ارتقى في السلم الوظيفي، لكنه يعمل في بعض الأيام حتى صباح اليوم التالي، كما لا تزال فكرة ساعات العمل التقليدية بعيدة المنال.
يقول إريك: “لو عملت لمدة 40 ساعة في الأسبوع فسيكون ذلك أسبوعًا خفيفًا بالنسبة لي. تعتمد ساعات عملي على احتياجات عملائي، وليس لدي خيار العمل لساعات أقل”.
وفي المملكة المتحدة، في فترة ما قبل الوباء، كان متوسط عمل أكثر من خمسة ملايين عامل يصل إلى 7.6 ساعة إضافية في الأسبوع، وهو ما يساهم في عمل إضافي غير مدفوع الأجر بقيمة 35 مليار جنيه إسترليني.
والآن، وفقًا للأرقام العالمية من معهد البحوث الاقتصادية “إيه دي بي”، يقول واحد من كل 10 أشخاص إنه يعمل 20 ساعة على الأقل في الأسبوع مجانًا.
وفي المتوسط ، يعمل العمال 9.2 ساعة من العمل الإضافي غير مدفوع الأجر كل أسبوع. وفي جميع أنحاء العالم، ارتفعت أرقام العمل الإضافي بشكل حاد في أعقاب تفشي فيروس كورونا، مع زيادة ساعات العمل المجانية لأكثر من الضعف في أمريكا الشمالية على وجه الخصوص.
وزاد العمل عن بُعد من حدة المشكلة. وزاد متوسط يوم العمل العالمي بحوالي ساعتين، وأظهرت أبحاث أن معظم أرباب العمل في المملكة المتحدة يقرون بأن الموظفين يعملون لساعات إضافية غير مدفوعة الأجر كل يوم.
ويمكن للعمال أن ينسبوا الزيادة في العمل الإضافي إلى اختفاء الحدود الفاصلة بين العمل والحياة؛ مع اختفاء رحلات التنقل والعمل من المكاتب واستراحات الغداء للعديد من العاملين، فأصبح بإمكان العامل أن يستقبل رسائل البريد الإلكتروني أثناء تناول وجبة الإفطار، وأصبحت المواعيد النهائية تمتد حتى المساء، كما باتت الاجتماعات عبر تطبيق “زوم” تمتد حتى الساعات الأولى من اليوم التالي.
وبالنسبة للعديد من العمال، أصبح الاستمرار في العمل بعد انتهاء الوقت الرسمي هو المتوقع وليس الاستثناء، لكن نادرًا ما يشار إلى ذلك بشكل صريح، سواء شفهيًا أو كتابيا. وبدلاً من ذلك، هناك تفاهم ضمني بين صاحب العمل والموظف مفاده: انسى ساعات العمل المتعاقد عليها، فلا يمكنك تسجيل الخروج إلا بعد انتهائك من العمل في ذلك اليوم.
لكن كيف وصلت الأمور إلى هذه الدرجة، وما الذي سيحدث بعد ذلك؟
ربما يكون فيروس كورونا قد أدى إلى تفاقم المشكلة، لكن العمل الإضافي غير مدفوع الأجر كان جزءًا من العديد من الوظائف على مدار عقود. وفي عصر الصناعة، كان للموظفين ساعات عمل أسبوعية ثابتة، وكان العمل بعد انتهاء الوقت الرسمي يعني حصول العاملين على أجر إضافي.
لكن بحلول منتصف القرن العشرين، ازدهرت ثقافة المكاتب، وهو ما أدى إلى تضخم عدد العاملين من الطبقة المتوسطة الذين يتقاضون رواتب. وتقلص عدد الوظائف التي يقاس فيها أداء العامل بناء على إنتاج ملموس.
وفي أماكن العمل الحديثة، لم يعد من الممكن تحديد المهام بدقة كما هو الحال في أرض المصنع؛ وأدى الغموض بشأن وقت “انتهاء” العمل إلى ظهور ساعات عمل إضافية غير مدفوعة الأجر.
وعلاوة على ذلك، فإن حقيقة أن الشركات حددت عدد ساعات العمل اليومية في مكاتبها بناء على يوم العمل الذي تصل مدته إلى ثماني ساعات في مجال الصناعة يعني أن العاملين في مجال المعرفة يقضون بالفعل وقتًا طويلاً في مكاتبهم.
تقول أبيغيل ماركس، أستاذة مستقبل العمل في كلية إدارة الأعمال بجامعة نيوكاسل بالمملكة المتحدة: “نوع العمل الذي يقوم به الكثيرون منا اليوم – العمل المكثف أمام شاشة الكمبيوتر – لا يمكن القيام به إدراكيًا لأكثر من خمس ساعات في اليوم”. لكن على الرغم من ذلك، أصبحت أيام العمل تدريجيًا أطول وأطول.
وتسلط غريس لوردان، الأستاذة المشاركة في العلوم السلوكية في كلية لندن للاقتصاد، الضوء على فترة الثمانينيات من القرن الماضي كنقطة تحول في هذا الأمر. ففي المملكة المتحدة روجت السياسات الاقتصادية التي تبنتها رئيسة الوزراء البريطانية المحافظة السابقة مارغريت تاتشر لفكرة ساعات العمل الطويلة بشكل متزايد، وينطبق نفس الأمر أيضا على وول ستريت في الولايات المتحدة. فإذا كنت ترغب في الحصول على ترقية كبيرة، فعليك تكريس نفسك لمكان العمل، لذا أصبح العمل الإضافي رمزًا للمكانة.
توضح لوردان ذلك قائلة: “في الأساس، يعود الأمر إلى مزيج من الإشارات على أن ساعات العمل الأطول مرتبطة بالإنتاجية. في الخمسينيات من القرن الماضي، كان موظفو المكاتب يقابلون أفراد عائلاتهم على وجبة العشاء. وبحلول التسعينيات، أصبحوا محظوظين لو تمكنوا من رؤيتهم في عطلات نهاية الأسبوع”.
ومع ظهور العولمة الاقتصادية، كانت ساعات العمل تسير في اتجاه واحد فقط، قبل أن تؤدي التكنولوجيا إلى زيادة سرعة هذه الزيادة في عدد ساعات العمل. وبحلول عام 2010، كان لدى الجميع “حبل رقمي” يربطهم بعملهم في الصباح والظهيرة والليل. وأصبحت صناديق الرسائل الواردة موجودة دائمًا، وغزت المكالمات والرسائل المتعلقة بالعمل نفس أدوات الاتصال التي يستخدمها الأشخاص للتواصل الاجتماعي.
تقول ماركس: “كان الهاتف الذكي هو الأداة التي وضعت حدا لساعات العمل المحددة، فبمجرد أن تضع البريد الإلكتروني الخاص بالعمل على هاتفك، ستصبح متاحا دائما. وبعد ذلك، سيعتاد الناس على وجودك دائما”.
ومنذ تفشي فيروس كورونا، خلق العمل عن بُعد بيئة يمكن للمديرين من خلالها استدعاء الموظفين على مدار الساعة. يقول إريك: “من المتوقع أن أرد على طلبات العملاء في أي وقت”. وعلى الرغم من أن ذلك لم يعد يستلزم قضاء الليل بأكمله في العمل، إلا أن العمل حتى الساعات الأولى من اليوم التالي لا يزال مستمراً.
ويضيف إريك: “في معظم الأوقات، أتمكن من التنسيق مع العملاء في مناطق زمنية مختلفة. لكن إذا كنا بصدد إنهاء صفقة أو معاملة، فقد أحتاج إلى البقاء في العمل حتى وقت متأخر”.
[ad_2]
Source link