هل علاقات سوريا بالعالم العربي على وشك أن تتغير؟
[ad_1]
- قسم المتابعة الإعلامية
- بي بي سي
يشير سيل متواصل من الإشارات الصادرة من دمشق وغيرها من العواصم العربية إلى أن خصوم الحكومة السورية السابقين اقتربوا من التوصل إلى ترتيبات تبادلية النفع مع الحكومة التي تعهد بعضهم في يوم من الأيام بإسقاطها ، وذلك بعد أن اجتذبتهم عقود إعادة الإعمار وصفقات الطاقة وطرق التجارة، فضلاً عن الحاجة السياسية والاقتصادية.
في المقال التالي نلقي نظرةً على علاقات سوريا المتغيرة مع عدة بلدان عربية مهمة، وفرص تكوين روابط أقوى مع تلك العواصم.
أسباب لانعدام الثقة
صمدت حكومة الأسد رغم الصراع الذي استمر عشرة أعوام وأسفر عن مصرع أكثر من 400 ألف شخص، ونزوح 5.6 مليون آخرين عن البلاد.
والآن، وهي تشعر بالثقة العسكرية، فإنها بحاجة إلى الأموال لإعادة إعمار البلاد، وإلى الأسواق التي ستُفتح أمامها في حال تصالحها مع البلدان العربية.
كما تأمل دمشق في ممارسة الأصوات العربية ذات النفوذ ضغوطاً من أجل رفع العقوبات الصارمة المفروضة على النظام، والتي تهدف إلى معاقبة المسؤولين والمنظمات المتورطة في انتهاكات حقوقية، ولكنها أضحت تشكل عبئاً على جيران سوريا.
على امتداد سنوات الحرب السورية، أشارت تقارير إلى تعاون بعض الحكومات العربية سراً مع الأسد، أو امتلاكها وجهات نظر مختلطة إزاء النظام في دمشق، لكن كثيرا ما كان يتم الحديث عن تورط حكومات أخرى في دعم جماعات المعارضة وتسليحها ضد الحكومة السورية.
تحالفت سوريا بشكل وثيق مع دولة إيران التي تعتبر العدو اللدود لممالك عربية في منطقة الخليج.
وقد خاض الجيش السوري، مدعوماً بأجهزة الاستخبارات والميليشيات المتحالفة معه، حملة عسكرية عشوائية في معظم الأحيان، يدعمها الطيران الروسي، ما أدى إلى إذكاء صراع طائفي قسّم المسؤولين والرأي العام عبر أنحاء الشرق الأوسط.
ربما سيكون من الصعب تغيير الرأي العام في المنطقة، بعد سنوات من الحملات الدعائية المعادية والحرب الأهلية التي استمرت لعقد من الزمن.
وسائل الإعلام السورية الرسمية تتحدث بلهجة واثقة
وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة في سوريا تتحدث بنبرة المنتصر منذ أسابيع، إذ تسلط الضوء على “النصر” في ساحة المعركة، ونجاح الدبلوماسية السورية في ضمان تغيير وضع سوريا على الساحة الدولية.
أعادت القوات الحكومية تدريجياً، وبدعم من روسيا وإيران، فرض سيطرتها على غالبية أنحاء البلاد، رغم أن ثمة مناطق كبيرة لا تزال خارج قبضة الحكومة.
ورغم الأخبار المتفائلة في وسائل الإعلام الرسمية بشأن إبرام صفقة لتبادل الأرض في الشمال الذي يسيطر عليه مقاتلون من قوى معارضة قبيل مباحثات جرت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان في سبتمبر/أيلول، لم يتم التوصل إلى اتفاق من هذا النوع.
بيد أن إردوغان ألمح في 11 أكتوبر/ تشرين الأول إلى أن أنقرة قد تشن عملاً عسكرياً ضد الفصائل الكردية في شمال سوريا، في أعقاب هجوم تعرضت له القوات التركية. أثار ذلك تكهنات بأن روسيا ربما تتخلى عن معقل الأكراد في تل رفعت مقابل مناطق خاضعة للسيطرة التركية في جنوب إدلب، حيث عكفت القوات الموالية للنظام على إرسال تعزيزات لتلك المناطق في الأسابيع الأخيرة.
وفي خطاب وجهه لشعبه، أشاد معاون وزير الخارجية السوري أيمن سوسان، الأسبوع الماضي بما وصفه بـ”نجاحات الجيش” على الأرض، وأعلن أن محافظة إدلب الشمالية التي تسيطر عليها قوات معارضة سوف تعود إلى قبضة الدولة “عاجلاً وليس آجلاً”.
وكثفت القوات الروسية وتلك الموالية للحكومة من قصفها لإدلب في الأسابيع الأخيرة، وتحدثت تقارير عن احتمال شن هجوم في القريب لاستعادة السيطرة على أجزاء من المحافظة.
وأعلن سوسان أيضاً استئناف الاتصالات مع بضعة بلدان لم يسمها، وأشار إلى اجتماعات بين الوفد السوري للجمعية العامة بالأمم المتحدة في نيويورك مؤخراً، ووفود عدد من الدول العربية.
وأضاف المسؤول أنه لا يستبعد عودة سوريا إلى جامعة الدولة العربية، التي علقت عضويتها عام 2011.
تصالح بفعل الحاجة
لطالما انتقدت وسائل الإعلام السورية الموالية للمعارضة ما تعتبره إعادة تأهيل إقليمية شبه مؤكدة للأسد.
وذكر تلفزيون سوريا المعارض الذي يتخذ من تركيا مقراً له في 5 أكتوبر/تشرين الأول أن “سرعة قطار التطبيع العربي..ازدادت بشكل ملحوظ”، بل وذهب إلى القول إن الحكومات العربية لم تقطع قط صلاتها بدمشق بشكل كامل.
ولكن بغض النظر عما تنسجه وسائل الإعلام من قصص، فالحاجة الماسة هي أحد العوامل التي دفعت على ما يبدو بعض جيران سوريا لإعادة إقامة علاقات مبدئية على الأقل مع دمشق.
على الرغم من الدمار الذي تعرضت له سوريا بسبب عقد من الحرب الأهلية، فإنها ليست الدولة الوحيدة في المنطقة التي عانت من سلسلة من الأحداث التي تسببت في زعزعة استقرارها، بما في ذلك أزمة وباء كورونا والأزمات الاقتصادية وشح الطاقة.
يمارس الأردن ضغوطاً من أجل التطبيع مع جارته الشمالية، كما أن لبنان بحاجة إلى شبكات الطاقة السورية للمساعدة في تخفيف وطأة أزمة الوقود التي أصابته بالشلل.
وربما تدفع البلدان الخليجية الثرية رغبة في فتح آفاق للتجارة، وتقليل اعتماد سوريا الاستراتيجي على إيران.
ولكن بعد أعوام من العزلة، والعداء العلني والمناورات الجيوسياسية، فإن طريق المصالحة الشاملة يبدو مفروشا بالصعاب.
الأردن هو البلد الذي أبدى الرغبة الأكثر إلحاحاً في التقارب مع سوريا في الأسابيع الأخيرة، حيث أشارت تقارير إلى أن المملكة على وشك استعادة العلاقات الكاملة.
وينظر كثيرون إلى هذه الخطوة من قبل عمّان، الحليف المقرب من الولايات المتحدة، على أنها مؤشر على أن المزيد من الدول سيلحق بالركب.
الكثير من المراقبين يرون أن الفضل في هذا التحول يرجع إلى زيارة قام بها العاهل الأردني الملك عبد الله، للولايات المتحدة في يوليو/تموز. فقد تردد أنه أقنع الرئيس جو بايدن بأن الأسد على الأرجح سيظل في منصبه، ومن ثم سيتعين على المجتمع الدولي التعامل معه.
ويُعتقد أن الملك عبد الله حصل على إذن من الولايات المتحدة لاستئناف الروابط التجارية مع سوريا، بحيث يُستثنى الأردن من نظام العقوبات الذي يستهدف أي دولة لها معاملات تجارية مع دمشق والمعروف باسم قانون قيصر.
وأدت سلسلة من المحادثات بين المسؤولين السوريين والأردنيين في سبتمبر/أيلول إلى إعادة فتح معبر جابر- نصيب الحدودي، كما فتحت الباب أمام مفاوضات تتعلق بالتجارة والطاقة والزراعة.
واعتبرت وسائل الإعلام العربية المكالمة الهاتفية التي أجراها الأسد مع الملك عبد الله في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول، انتقالاً من مجرد روابط اقتصادية إلى استئناف العلاقات السياسية.
ويقول الصحفي السوري عماد قرقص إن عمّان تسعى إلى إعادة دمشق إلى الجامعة العربية قبيل القمة العربية القادمة التي ربما تعقد عام 2022.
كما أن تضمين سوريا في خطط تزويد لبنان بالوقود ذا دلالة كبيرة. ووافق الأردن في السادس من أكتوبر/تشرين الأول على إرسال الفائض من طاقته الكهربائية إلى لبنان عبر الشبكة السورية، مما يؤشر على المزيد من المرونة الأمريكية فيما يتعلق بالعلاقات المفروضة على دمشق.
قبل ذلك ببضعة أسابيع، اتفق مسؤولون من الأردن ومصر وسوريا، على البدء في إعادة تأهيل خط الغاز العربي لتصدير الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، ومن ثم إلى أوروبا عبر تركيا.
لبنان: تحفُظ رغم الحاجة الماسة
ظلت مسألة تطبيع العلاقات مع سوريا أحد المواضيع التي قسمت آراء الطبقة السياسية في لبنان منذ بداية الحرب السورية.
ففي حين أن لبنان لم يقطع رسمياً علاقاته مع سوريا، نأت بيروت بنفسها عن الصراع منذ عام 2012.
لطالما أيدت الحركات الشيعية اللبنانية المتنفذة في لبنان الرئيس الأسد. ويعتبر حزب الله المدعوم من إيران قوة دافعة للتطبيع، وقد أبقى على علاقاته القوية مع دمشق. وساعد مقاتلوه، إلى جانب القوة الجوية الروسية، على تغيير مسار الحرب الأهلية لصالح الأسد.
وقد جدد المكتب السياسي لحركة أمل، وهي الحزب الشيعي الرئيسي الآخر في لبنان، دعواته لتعزيز العلاقات مع سوريا في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول.
في المقابل، هناك قوى سياسية لبنانية أخرى ظلت معارضة بشدة لما تراه تدخلاً سورياً وإيرانياً في شؤون بلادها.
و لكن الأسلوب البراغماتي في حل القضايا السياسية والاقتصادية – بما في ذلك تشكيل حكومة ناجحة، ومحاولات إعادة اللاجئين السوريين والحاجة الملحة للوقود – دفع المسؤولين اللبنانيين إلى التواصل مع نظرائهم السوريين بشكل أكثر علانية.
بيد أن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، ليس متحمساً لفكرة السماح بزيادة النفوذ الإيراني والسوري في لبنان، حيث أدان قيام حزب الله بإدخال وقود إيراني إلى البلاد عبر سوريا ووصفه بأنه “انتهاك لسيادة البلاد”.
وقال ميقاتي أيضاً إنه لن يزور سوريا بدون مباركة المجتمع الدولي، مشدداً على أنه يرغب في أن ينأى لبنان بنفسه عن الصراعات في المنطقة.
مصر: تأييد هادئ لعودة سوريا
التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري بنظيره السوري فيصل المقداد في سبتمبر/أيلول للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات، وذلك خلال مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأعلن بعد الزيارة عن تأييده لعودة سوريا “كطرف فاعل في الإطار العربي”.
ويُعتقد أن مصر كانت تدعم محاولة باءت بالفشل لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية في مارس/آذار 2019. ففي ذلك الوقت، نٌسبت تصريحات لشكري قال فيها إن مصر لن تضع شروطاً لعودة سوريا للجامعة، لكنه قال فيما بعد إن تصريحاته أخرجت من سياقها.
كما أن الاعتبارات الجيوسياسية، مدفوعة بشكل جزئي بالمصالح الاقتصادية وإمكانية لعب دور في صفقات إعادة إعمار قد تكون مربحة، تعد عاملاً مهماً لمصر.
وكتب الصحفي المصري-الأمريكي البراء عبد الله في موقع المونيتور الممول أمريكياً أن الرغبة في الاستقرار والتمتع بالنفوذ في المنطقة – بما في ذلك الإبقاء على حكومة الأسد كقوة عسكرية أخرى مناهضة للثورات، تقف وراء مساعي القاهرة للتطبيع.
العراق: مؤيد من البداية
تحدث العراق بصراحة عن معارضته لعزل سوريا، وأعلن مراراً أنه يؤيد عودتها للجامعة العربية.
ولم يقطع العراق علاقاته بسوريا، وامتنع في عام 2011 عن التصويت على قرار بطردها من الجامعة، وأبقى على سفارته في دمشق طوال فترة الحرب.
كما نسقت الحكومة العراقية مع الأسد في عمليات نُفذت عبر الحدود ضد تنظيم الدولة.
ولا تزال هناك عدة ميليشيات عراقية مدعومة من إيران على الحدود السورية-العراقية، ويوجد بعضها داخل الأراضي السورية في إطار جهود تتزعمها إيران لممارسة ضغوط على القوات الأمريكية هناك، ولدعم الأسد وإبقاء ممرات النقل مفتوحة.
الخليج: إغراءات التجارة
إعادة فتح السفارتين الإماراتية والبحرينية في دمشق في ديسمبر/كانون الثاني 2018 اعتبر في ذلك الوقت تغييراً كبيراً في السياسة الخليجية تجاه سوريا، وكان من بين أول المؤشرات على تطبيع أكثر شمولاً.
لا شك أن تلك الخطوات جاءت بعد استشارة السعودية. ولكن يبدو أن المملكة كعادتها تتخذ موقفاً حذراً محفوفاً بالسرية.
تحدثت الإمارات والبحرين آنذاك على الفوائد الجيوسياسية لإعادة تأهيل الأٍسد.
قالت البحرين إن الخطوة تهدف إلى تعزيز الدور العربي، والحيلولة دون التدخل الإقليمي في الشؤون السورية.
هناك تساؤلات حول ما إذا كانت أبو ظبي قد قطعت علاقاتها تماماً مع دمشق على الإطلاق، نظراً لاستمرار وجود شخصيات سورية بارزة موالية لدمشق تعيش وتعمل داخل الإمارات.
ومؤخراً، أعلنت وزارة الاقتصاد الإماراتية أنها وافقت على تعزيز التعاون الاقتصادي واستكشاف آفاق جديدة مع سوريا، وذلك بعد مرور بضعة أسابيع على اللقاء الذي جرى بين الوزيرين الإماراتي ونظيره السوري في دبي لمناقشة إعادة إعمار سوريا، حيث صرح مسؤولون إماراتيون بأنهم يأملون في عودة الوضع في سوريا “إلى ما كان عليه قبل الأزمة” التي تفجرت عام 2011.
كما طالبت كل من الإمارات والسعودية في مارس/آذار بعودة سوريا إلى الحظيرة العربية.
وأشارت السعودية كذلك إلى أن مصالحها الجيوسياسية في سوريا لازالت قوية، حيث صرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مارس/آذار 2018 بأن “بشار سيبقى”، ولكن “مصالح بشار لن تكون بالسماح للإيرانيين بالقيارغم أن استعادة كافة العلاقات الدبلوماسية تظل احتمالاً بعيداً، فإن العلاقات السورية-السعودية تشهد دفئاً.
وزير السياحة السوري زار السعودية في مايو/أيار 2021، وهي أول زيارة لمسؤول حكومي سوري للملكة منذ 2011.
في وقت سابق من الشهر نفسه، التقى مدير الاستخبارات السعودية نظيره السوري في دمشق.
أحد التحديات التي تواجه الرياض هو المعارضة القوية داخل المملكة لنظام دمشق البعثي.
فوسائل الإعلام السعودية اتخذت موقفاً مناوئاً بشدة للأسد، وعمدت إلى تأليب الرأي العام ضد تصرفات الحكومة السورية بحق الأغلبية السنية.
هذا التوجه كان متبادلاً، حيث دأبت وسائل الإعلام السورية على انتقاد ما وصفته بدور سعودي وقطري فاعل في إثارة الفتنة الطائفية وإذكاء الحرب الأهلية.
[ad_2]
Source link