عثمان كفالا: ماذا نعرف عن الرجل الذي سبب توتراً في العلاقات بين تركيا والغرب؟
[ad_1]
استدعت وزارة الخارجية التركية سفراء عشر دول من بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، على خلفية إصدار بيان يطالب بالإفراج العاجل عن رجل الأعمال التركي المعارض عثمان كافالا، المسجون منذ أربع سنوات.
وكانت عدة دول غربية قد أصدرت بيانا دعت فيه إلى الإفراج عن كفالا، المحبوس على ذمة المحاكمة، قائلة إن استمرار حبسه “يلقي بظلال من الشك على احترام الديمقراطية وحكم القانون والشفافية في نظام القضاء التركي”.
فمن هو عثمان كفالا؟
من الأعمال إلى حقوق الانسان
تعود أصول عثمان كفالا المعتقل منذ عام 2017 بتهمة محاولة الاطاحة بالحكومة التركية عام 2013 ودعم محاولة الانقلاب عام 2016، إلى مدينة كفالا في اليونان في الوقت الراهن، وكانت المدينة ضمن الإمبراطورية العثمانية لقرون، وهو ذات الاسم الذي تحمله أسرة عثمان كفالا، وهي ذات المدينة التي أبصر فيها النور حاكم مصر في القرن التاسع عشر محمد علي باشا.
هاجرت أسرة كفالا التي كانت تعمل في تجارة التبغ إلى تركيا في عشرينيات القرن الماضي ضمن ما بات يعرف بالتبادل السكاني بين المواطنين اليونانيين في غرب تركيا والمسلمين الذين كانوا يعيشون في اليونان في أعقاب إنهيار الامبراطورية العثمانية.
سجين سياسي
يعتبر كفالا إلى جانب زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش من أبرز السجناء السياسيين في تركيا التي شهدت زيادة كبيرة في عدد المعتقلين منذ محاولة الانقلاب الفاشل عام 2016.
درس كفالا البالغ من العمر 63 عاما الاقتصاد في جامعة “الشرق الأوسط التقنية” في أنقرة وأكمل دراسته في جامعة مانشستر البريطانية، وكان يدرس في إحدى الجامعات الأمريكية للحصول على درجة الدكتوراه عندما توفي والده فترك الدراسة وعاد 1982 إلى اسطنبول ليتولى إدارة أعمال الأسرة.
عام 1988 تزوج الأكاديمية عائشة بورغا التي تدرس حالياً في جامعة بوغازيجي. انخرط كفالا سريعا في العمل الخيري ونشاطات المجتمع المدني عبر تأسيس دار للنشر تحولت سريعا إلى مصدر لنشر الافكار الديمقراطية في وقت كان الإنقلاب العسكري الذي وقع عام 1980 لا يزال يلقي بظله الثقيل على الحياة السياسية في البلاد.
أولى كافالا العمل الخيري وحماية البيئة والعمل التطوعي ومؤسسات المجتمع المدني جل إهتمامه، فعلى سبيل المثال تخلى عن مشروع لاقامة فندق على شاطىء البحر المتوسط بعد أن تبين أن الشاطئ هو المكان الذي تضع فيه السلاحف بيوضها. وما لبث أن ترك العمل في مجال الأعمال ليكرس حياته للعمل الخيري والمدني والدفاع عن حقوق الإنسان.
الفن والثقافة بدل العنف
في ثمانينيات القرن الماضي شهدت تركيا مواجهات عسكرية دامية بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني في جنوب شرقي البلاد أدت الى مقتل عشرات آلاف الاشخاص وتدمير آلاف القرى وتهجير ملايين القرويين الأكراد وسط تعتيم اعلامي بسبب فرض حالة الطوارئ هناك.
وبعد توقف المواجهات العسكرية التي استمرت نحو عشر سنوات أطلق كفالا مؤسسة “ثقافة الأناضول” التي تدعم الفن والتبادل الثقافي وتنظم المعارض والعروض الفنية في مختلف أرجاء تركيا.
أقامت المؤسسة في ديار بكر، كبرى المدن الكردية في شرقي تركيا، أنشطة للاحتفاء بتراث الأرمن والأيزيديين والأكراد وغيرهم من القوميات في تركيا في مسعى لإبراز التعددية القومية والثقافية للبلاد. كما رعت المؤسسة أنشطة بهدف تعزيز الحوار بين الأرمن والأتراك.
ومن أبرز المشاريع والمؤسسات التي ساهم كفالا في تأسيسها كان الفرع التركي لمؤسسة “المجتمع المنفتح” الخيرية التي يمولها الملياردير الأمريكي المجري الأصل جورج سوروس، وهي الخطوة التي باتت مصدر أحد التهم الموجهة لكفالا.
خلال العقد الأول من حكم الرئيس أردوغان الذي وصل إلى الحكم عام 2002 عاشت مؤسسات المجتمع المدني مرحلتها الذهبية وانفتاحاً على صعيد القضية الكردية إذ عقدت الحكومة محادثات سلام مع حزب العمال الكردستاني.
كما أدخلت العديد من الإصلاحات السياسية والقانونية في إطار الاستعداد لدخول الاتحاد الأوروبي، فكانت الظروف مواتية لازدهار مؤسسات المجتمع المدني والحراك السياسي والثقافي، وكان كفالا من أبرز وجوه تلك المرحلة مما أكسبه الإحترام والتقدير داخل وخارج تركيا.
ومع تدفق مئات آلاف اللاجئين السوريين بسبب الصراع في سوريا رعى كفالا العديد من المبادرات والجهود للحد من معاناة هؤلاء. وكان على متن طائرة متجهة الى مدينة غازي عنتاب لتدشين مشروع من أجل اللاجئين السوريين عندما صعد رجال الأمن إليها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2017 وألقوا القبض عليه داخلها.
أمضى كافالا 16 شهر في سجن سيلفري الشديد الحراسة قبل أن يعرف التهم الموجهة له بينما كانت وسائل الإعلام الحكومية وأردوغان يكيلون الاتهامات له بأنه جزء من “المؤامرة اليهودية” التي يقودها سوروس ضد تركيا.
في بداية الأمر وجهت له الحكومة تهمة محاولة الاطاحة بالنظام عبر تمويل الاحتجاجات التي عاشتها تركيا عام 2013 ضد إزالة حديقة “غيزي بارك” بهدف بناء سوق تجارية مكانها في قلب اسطنبول وهي الاحتجاجات التي اتسعت وتحولت إلى مظاهرات عارمة ضد حكم أردوغان.
وكرر أردوغان نفس التهمة عندما قال: “لم تكن تلك الانتفاضة عفوية، خلف الستار كان هناك أمثال سوروس الذين يثيرون القلاقل في بعض البلدان”.
ورغم أن محكمة حقوق الانسان الاوروبية قد أقرت بعدم شرعية سجنه ودعت إلى أطلاق سراحه، عدا عن دعوات مماثلة أطلقتها منظمات حقوق الانسان الدولية والبرلمان الأوروبي، لا يتوقع أن تلقى هذه المناشدات والدعوات آذانا صاغية في تركيا.
ففي آخر جلسة للمحكمة للنظر في الدعاوى المرفوعة على كفالا لم تكتف الحكومة التركية بإستمرار حبسه بل دمجت دعوى دعم متظاهري غيزي بارك بدعوى المشاركة في المحاولة الانقلابية عام 2016 لتصبح دعوى واحدة مما يعني أن فرص خروجه من السجن باتت ضيئلة للغاية.
وقالت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في حكمها: “إن سجن كفالا هو عقاب له على انتقاده للحكومة، ويهدف إلى إسكاته كونه أحد نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان ويهدف إلى تخويف من يفكر بالسير على خطاه وشل نشاط منظمات المجتمع المدني في البلاد”.
وجاء في ملف الدعوى الثانية ضد كفالا قبل أن تدمج مع الأولى، أنه قام بأنشطة تجسس سياسي وعسكري وخرق الدستور بالتعاون مع المسؤول السابق في الخارجية الأمريكية الباحث هنري باركي عبر الحصول على معلومات سرية تتعلق بمصالح تركيا الأمنية والسياسية.
وجاء في لائحة الإتهام : “ليس من باب الصدفة تزامن زيارة هنري باركي إلى تركيا مع ما شهدته البلاد من أحداث عصيبة حسب ما تؤكد تصريحات المشتبه به” في إشارة إلى وجود باركي في تركيا عند وقوع محاولة الانقلاب.
وتقول تركيا أن باركي “نسق وراقب عملية الانقلاب حسب ما تؤكد الأدلة التي تركها وراءه في الفندق الذي كان يقيم فيه”.
وطالب الإدعاء بسجن كفالا وهنري باركي الذي يحاكم غيابياً، مدى الحياة وعشرين سنة إضافية.
[ad_2]
Source link