تفجير دمشق: هل بات استقرار العاصمة السورية مهدداً من جديد؟
[ad_1]
عاد التفجير الذي استهدف حافلة للجيش السوري في دمشق الأربعاء وأسفر عن مصرع وإصابة عدد من الجنود ليذكر بأحداث دموية مماثلة شهدتها العاصمة السورية منذ بداية الحرب الأهلية التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من 10 سنوات.
فما هي أهم التفجيرات التي شهدتها العاصمة السورية منذ بداية الصراع، وما مغزى توقيت التفجير الأخير الذي تعرضت له بعد فترة طويلة من الهدوء؟
في أواخر عام 2011 هز قلب العاصمة السورية تفجيران انتحاريان استهدفا مقرين أمنيين في حي كفر سوسة وأسفرا عن مصرع 44 شخصاً وإصابة أكثر من 150 آخرين بجروح.
السلطات السورية حملت تنظيم القاعدة مسؤولية الهجوم، لكن المعارضة قالت إن الهجومين اللذين وقعا بعد يوم واحد من وصول وفد المراقبين التابع لجامعة الدول العربية الى دمشق كانا من تدبير النظام لتبرير قمع الاحتجاجات، مضيفة أن السلطات أرادت من خلال تلك الهجمات إرسال رسالة إلى بعثة المراقبين مفادها أن الجماعات المسلحة تنشط بقوة في سورية.
عام 2012 شهد بضعة تفجيرات استهدفت بالأساس مبان تابعة للجيش والشرطة في دمشق. ربما كان أعنفها منذ بدء الحرب السورية هو تفجير انتحاريين لسيارتين مفخختين في 10 مايو/أيار في مقر الاستخبارات العسكرية، ما أدى إلى مقتل 55 شخصاً وإصابة 400 آخرين وتحطيم واجهة المبنى وتضرر 10 طوابق كاملة.
التفجير الذي استهدف مبنى الأمن القومي السوري في دمشق في يوليو/تموز 2012 وأسفر عن مصرع وزير الدفاع داود راجحة والعماد آصف شوكت نائب وزير الدفاع وصهر الرئيس بشار الأسد وغيرهما من كبار المسؤولين، اعتبر آنذاك إشارةً إلى وصول الصراع إلى قلب الدائرة المقربة من الأسد.
التصريحات الرسمية تحدثت عن مفجر انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً، في حين شككت المعارضة في تلك الرواية نظراً لما رآه مختصون أمنيون من استحالة اختراق أمني لمسرح الاغتيال، وألمحت تقارير إعلامية أمريكية إلى تورط النظام السوري بعد خلافات بين عائلة الأسد وحلفائه الراغبين ببدء مفاوضات مباشرة مع قادة المعارضة.
عام 2013 كان له هو الآخر نصيب كبير من التفجيرات الدموية التي هزت العاصمة السورية، وكان أعنفها منذ بدء النزاع سلسلة انفجارات سيارات مفخخة وقعت في 21 فبراير/شباط وقتل خلالها أكثر من 83 شخصاً حسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان” .
ووقع التفجير الأضخم في وسط مدينة دمشق عندما فجر انتحاري يقود سيارة مفخخة بالقرب من مقر حزب البعث الحاكم، ما أسفر عن مقتل 61 شخصا أغلبهم من المدنيين وبينهم 17 عنصرا من القوات النظامية، بحسب المرصد.
وبعد ذلك بشهر واحد، وقع انفجار كبير في مسجد الإيمان بدمشق قضي فيه أكثر من 40 شخصاً نحبهم وأصيب عشرات آخرون. وكان من بين القتلى محمد سعيد رمضان البوطي، وهو واحد من أبرز علماء الفقه الإسلامي السني في سوريا وكان معروفاً بولائه للنظام السوري.
شهدت دمشق هدوءاً نسبياً في العامين التاليين، ثم تعرضت من جديد للمزيد من الهجمات في عام 2016 الذي شهد تفجيرين متزامنين في 31 يناير/كانون الثاني في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق التي تضم مقام السيدة زينب، وهو مقصد للسياحة الدينية في سوريا، ولا سيما من قبل أتباع الطائفة الشيعية، ويقصده زوار من إيران والعراق ولبنان. الهجوم راح ضحيته ما لا يقل عن 45 قتيل، فضلاً عن أكثر من مائة جريح.
وفي عام 2017، شهدت العاصمة السورية عدة تفجيرات بواسطة سيارات مفخخة استهدفت ساحات ومراكز مهمة.
كان أولها وأعنفها تفجيران وقعا في 11 مارس/آذار في مقبرة “باب الصغير” بمنطقة باب مصلى وأسفرا عن مصرع 70 زائراً معظمهم عراقيون. تبنت “هيئة تحرير الشام” التفجيرين، وقالت في بيان إنه استهدف “تجمعاً للميليشيات الإيرانية”.
بعد أربعة أيام فقط، كان للعاصمة السورية موعد دموي آخر مع تفجيرين استهدف أحدهما القصر العدلي وأسفر عن مقتل نحو 30 شخصاً وإصابة عشرات آخرين، في حين استهدف التفجير الانتحاري الثاني الذي جاء بعده بأقل من ساعتين أحد مطاعم منطقة الربوة السياحية في شمال غرب العاصمة، حيث فجر انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً نفسه، ما إدى إلى إصابة ما يزيد عن عشرين آخرين . التفجيران أثارا اتهامات متبادلة بين أطراف محسوبة على النظام وأخرى على المعارضة، في ضوء عدم تبني أي جهة مسؤوليتها.
وفي صباح الأحد 2 يوليو/تموز 2017، استيقظت دمشق على دوي ثلاثة انفجارات هزت محيطها وأودت بحياة ما لا يقل عن 20 شخصاً. وسائل الإعلام الرسمية أكدت أن الانفجارات، التي وقعت على طريق المطار مقابل كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية، وجامع بلال الحبشي، وساحة الغدي في حي العمارة، كانت ناتجة عن سيارات مفخخة.
عاد الهدوء إلى العاصمة السورية في الفترة ما بين عام 2018 و2021 إلى أن وقع تفجير الأربعاء، حيث لم تشهد المدينة سوى بضعة تفجيرات لم تسفر عن الكثير من الخسائر البشرية.
شبح التفجيرات يعود إلى دمشق
تتحدث وسائل الإعلام السورية منذ عام 2018 عن “انتصارات الجيش” على مختلف الجبهات، وإحكام سيطرة السلطات الأمنية على دمشق وغالبية أنحاء البلاد.
ويرى البروفيسور فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية بجامعة لندن أن التفجير كان بمثابة تذكير “بلغة الدم بأن الصراع في سوريا لم ينته بعد”. ويضيف في حديث لبي.بي.سي أن التفجير يدل على “قدرة مخابراتية ولوجستية كبيرة على تحديد الهدف وضربه”، وهو في رأيه ما سيؤدي إلى عودة الخوف إلى نفوس مواطني دمشق.
توقيت لافت
التفجير جاء بعد يومين فقط من استئناف محادثات صياغة الدستور السوري في جنييف برعاية أممية، في إطار جهود طويلة الأمد تبذلها الأمم المتحدة لتوحيد جميع مكونات المجتمع الدسوي في عملية واحدة لوضع دستور جديد وإجراء انتخابات، وبناء سلام دائم بعد أكثر من عقد من الحرب. وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، قد قال الأحد، إن رئيسي وفدي الحكومة والمعارضة اتفقا على صايغة دستور جديد.
وربما كان هذا ما دفع بعض المراقبين إلى القول بأن التفجير يهدف إلى تقويض مساعي صياغة الدستور.
كما يأتي في وقت ظهرت فيه دلائل على تحسن علاقات سوريا بعدد من البلدان العربية كالأردن ولبنان ومصر وبعض البلدان الخليجية، والحديث عن إمكانية مشاركة بعض تلك الدول في جهود إعادة إعمار البلاد، فضلاً عن تكهنات بقرب عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها في عام 2011. وربما سيثير التفجير مخاوف لدى النظام في سوريا من أن يؤدي إلى تقويض ما بات يوصف مؤخراً بمساعي إعادة تأهيل الرئيس الأسد عربياً ودولياً.
ويرى إعلاميون موالون للرئيس السوري أن التفجير الأخير كان بمثابة رسالة موجهة للدولة السورية والبلدان العربية وغير العربية التي انفتحت عليها مؤخراً، مفادها بأن الأوضاع الأمنية في البلاد غير مستقرة وقد تتفجر في أي وقت.
التفجير ربما “لن يكون الأخير”
مؤخراً، لم تعد الأوضاع في سوريا تشغل الحيز الإعلامي الكبير الذي ظلت تشغله ولسنوات في الإعلام العربي والدولي. ولكن التفجير الأخير، برأي د. فواز جرجس، “يدل على ديمومة الصراع الذي دمر ذلك البلد الجميل، وأن الحكومة السورية، رغم سيطرتها على معظم مناطق البلاد، لا تزال معرضة لضربات دموية، ليس فقط من قبل المعارضة، ولكن من قبل الجماعات الإسلاموية المتطرفة التي لا تزال تستهدف القوات السورية في العديد من المناطق الأخرى.”
ويضيف: “أتمنى أن أكون مخطئاً، ولكنني أعتقد أن هذا التفجير لن يكون الأخير في سوريا التي لا تزال تعاني بعد أكثر من 10 سنوات من صراع دموي.”
[ad_2]
Source link