كولن باول: وزير الخارجية الأمريكي الذي أعطى دعمه لجورج بوش مصداقية لغزو العراق
[ad_1]
أعلنت عائلة وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول، البالغ من العمر 84 عاما عن وفاته إثر مضاعفات إصابته بفيروس كورونا.
وقد كان باول مستشارا عسكريا موثوقا لعدد من السياسيين الأمريكيين البارزين، كما أدى دعمه لجورج بوش الابن إلى استمالة الرأي العام الدولي لصالح غزو العراق عام 2003.
وعمل باول لسنوات ضابطا عسكريا كبيرا في الجيش الأمريكي وشارك في حرب فيتنام، وهي تجربة ساعدت لاحقا في تحديد استراتيجياته العسكرية والسياسية.
أول وزير خارجية أمريكي من أصول أفريقية
ينحدر كولن باول من خلفية اجتماعية متواضعة، وقد ولد في حي هارلم مدينة نيويورك، في 5 أبريل/ نيسان عام 1937، لوالدين جامايكيين مهاجرين.
كان والداه ينطقان اسمه في الأصل بحرف “o” بالطريقة الإنجليزية التقليدية، لكنه غير النطق تكريما للطيار في سلاح الجو الأمريكي، كولن كيلي، الذي قُتل بعد فترة وجيزة من هجوم بيرل هاربر، الذي نفذته البحرية الإمبراطورية اليابانية في 7 ديسمبر/ كانون الأول 1941، على الأسطول الأمريكي في قاعدته البحرية في ميناء بيرل هاربر بجزر هاواي.
لقد كان باعترافه طالبا عاديا ترك المدرسة الثانوية بدون خطط وظيفية.
أثناء دراسته الجيولوجيا في جامعة سيتي في نيويورك، انضم إلى فيلق تدريب ضباط الاحتياط، وهو برنامج مصمم لاكتشاف وتأهيل القادة العسكريين المستقبليين.
وقد وصف باول لاحقا تلك التجربة بأنها إحدى أفضل وأسعد تجارب حياته إذ يقول عنها: “لم تكن تجربة أحببتها فحسب، بل كانت شيئا برعت فيه”.
وبعد التخرج عام 1958، عُين برتبة ملازم في الجيش الأمريكي، كما خضع لتدريب أساسي في ولاية جورجيا، حيث اختبر الامتناع عن خدمته كزبون في الحانات والمطاعم، بسبب لون بشرته.
في عام 1962 كان واحدا من آلاف المستشارين الذين أرسلهم الرئيس جون كينيدي، إلى جنوب فيتنام لدعم الجيش المحلي ضد تهديد الشمال الشيوعي.
أصيب باول خلال جولته في فيتنام، عندما داس عن طريق الخطأ على وتد خشبي حاد مخبأ في الأرض ويستخدم كمصيدة.
نجم صاعد
في عام 1968 عاد إلى فيتنام، وحصل على وسام الشجاعة بعد أن نجا من حادث تحطم طائرة مروحية، وأنقذ ثلاثة جنود آخرين من الحطام المحترق.
وكُلف باول بالتحقيق في رسالة من جندي في الخدمة، تدعم مزاعم بوقوع مذبحة في ماي لاي في فيتنام في مارس/ آذار 1968، قتل خلالها جنود أمريكيون مئات المدنيين، بمن فيهم أطفال.
لكن النتيجة التي خلص إليها باول بعد التحقيق هي أن “العلاقات بين الجنود الأمريكيين والشعب الفيتنامي ممتازة”، جاءت مخالفة للأدلة المتزايدة على المعاملة الوحشية للمدنيين من قبل القوات الأمريكية.
وقد اتُهم فيما بعد بـ “تبييض” أنباء المذبحة، التي لم تُنشر تفاصيلها على الملأ حتى عام 1970.
وبعد عودته من فيتنام، حصل باول على ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة جورج تاون بواشنطن، قبل أن يحصل على “زمالة البيت الأبيض” المرموقة في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون.
وبات ينظر إليه على أنه نجم صاعد.
وقد خدم لفترة برتبة مقدم في كوريا الجنوبية قبل الانتقال إلى البنتاغون كضابط أركان.
وبعد فترة خدم فيها بكلية عسكرية تمت ترقيته إلى رتبة جنرال وقائد لواء الفرقة 101 المحمولة جواً، قبل توليه منصب استشاري في الحكومة.
عمل لفترة في إدارة الرئيس جيمي كارتر، ثم أصبح مساعدا عسكريا كبيرا لكاسبار واينبرغر، وزير الدولة لشؤون الدفاع المعين من قبل الرئيس رونالد ريغان.
عقيدة كولن باول
في عام 1987 أصبح باول مستشارا للأمن القومي، وكانت الولايات المتحدة في ذلك الوقت متورطة في ما يسمى بـ “الحروب القذرة” في أمريكا الجنوبية، بما في ذلك دعم جماعات “الكونترا” اليمينية شبه العسكرية في نيكاراغوا.
وعندما تولى جورج بوش الأب منصب الرئيس عام 1989، عين باول رئيسا لهيئة الأركان المشتركة، وهو أعلى منصب عسكري في وزارة الدفاع الأمريكية.
وكان باول حينها يبلغ من العمر 52 عاما، وكان أصغر ضابط يشغل هذا المنصب على الإطلاق، والأول من أصول أفريقية.
وما أن تولى هذه المنصب حتى وجد نفسه في مواجهة أزمة عندما غزت الولايات المتحدة بنما في ديسمبر/ كانون الأول 1989، وأطاحت بالديكتاتور الجنرال نورييغا، في خطوة أدانتها الأمم المتحدة بشدة.
شهدت حرب الخليج عام 1990 تنفيذ استراتيجية أطلق عليها عقيدة باول، الذي كان يرى أن اللجوء إلى القوة العسكرية يجب ألا يحصل إلا بعد فشل جميع الوسائل الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية.
كما يشدد باول أنه في حال اللجوء إلى الحل العسكري كملاذ أخير، ينبغي نشر الحد الأقصى من القوة اللازمة لإخضاع العدو بسرعة لتقليل الخسائر الأمريكية، كما يجب الحرص على وجود دعم شعبي كبير.
ويبدو أن جزءا كبيرا من هذه العقيدة مرده إلى تصميم باول على أن الولايات المتحدة، لا ينبغي أن تجد نفسها بعد الآن متورطة في صراع طويل غير مثمر، كما حدث في فيتنام.
وقد عارض باول في البداية استخدام القوة في الخليج، مخالفا بذلك رغبات وزير الدفاع آنذاك ديك تشيني، لكن رغم ذلك نجحت عمليتا عاصفة الصحراء ودرع الصحراء، وكانتا السبب في ذياع صيت كولن باول عالميا.
ظل باول رئيسا لهيئة الأركان المشتركة خلال الأشهر الأولى من رئاسة بيل كلينتون، لكنه وجد صعوبة في العمل جنبا إلى جنب مع إدارة أكثر ليبرالية.
تحرك سياسي
واختلف باول مع الرئيس الجديد حول مسألة السماح للمثليين بالانضمام إلى الجيش، إذ كان معارضا للفكرة، كما كان على خلاف عام مع مادلين أولبرايت -كانت حينها سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة- بشأن التدخل العسكري في البوسنة.
وكان باول يعتقد اعتقادا راسخا بأن التهديد لمصالح الولايات المتحدة فقط هو الذي يبرر الرد العسكري، وقال: “الجنود الأمريكيون ليسوا بيادق نحركها على رقعة شطرنج عالمية”.
ترك الجيش عام 1993 وتفرغ لكتابة سيرته الذاتية، التي تصدرت لدى نشرها قائمة أفضل الكتب مبيعا في نيويورك تايمز، كما انخرط في أعمال خيرية.
بعد أن تحرر من واجباته كضابط في الخدمة، بدأ بالانخراط في الحياة السياسية.
وقد سعى رؤساء من الحزبين الرئيسيين الديمقراطي والجمهوري، لترشيحه لمنصب نائب الرئيس، قبل أن يكشف عن ميله باتجاه الحزب الجمهوري عام 1995.
ورشحت أنباء عن عزمه الترشح ضد بيل كلينتون في الانتخابات الرئاسية عام 1996، لكن باول قرر حينها أنه يفتقر إلى الشغف بالعمل السياسي.
وفي عام 2000 عين جورج دبليو بوش، كولن باول وزيرا للخارجية، ليكون بذلك أول أمريكي من أصول إفريقية يتولى هذا المنصب.
بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، وجد باول نفسه في مواجهة صقور مثل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، الذين فضلوا التدخل الأمريكي، حتى بدون دعم الدول الأخرى، فيما أطلق عليه “الحرب على الإرهاب”.
عارض باول الذي تمسك بعقيدته، تدخل الولايات المتحدة في العراق، لكنه عاد بعد ذلك وتراجع عن موقفه وقرر دعم بوش.
ومن المؤكد أن سمعته كرجل نزيه أسهمت في إقناع الأمم المتحدة بقضية غزو العراق، عندما مثل أمام مجلس الأمن في عام 2003.
لكن وبعد 18 شهرا فقط وبعد الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين، أعلن باول استقالته من منصب وزير الخارجية، واعترف بعدها بفترة وجيزة بأن المعلومات الاستخباراتية التي أشارت إلى أن صدام حسين كان يمتلك “أسلحة دمار شامل”، كانت مغلوطة وخاطئة.
وظل صريحا في القضايا السياسية ومنتقدا إدارة بوش على عدة جبهات، بما في ذلك معاملة المعتقلين في خليج غوانتانامو.
وفي عام 2008، أيد باول ترشح باراك أوباما لرئاسة الولايات المتحدة.
مما لا شك فيه أن باول كان يتمتع بمهارات دبلوماسية عالية، وأكبر دليل على ذلك وجود حلفاء له من كل الفرقاء على الساحة السياسية.
لقد كان رجلا لطيفا يحظى بالاحترام في وزارة الخارجية، حيث كان يتمتع بسمعة طيبة وبدماثة خلق وقدرة على المجاملة، الأمر الذي قد يراه البعض نادر الحدوث نظرا للمنصب الرفيع الذي كان يشغله.
قوة باول كانت تكمن في الإيمان بأن التحالف أفضل من المواجهة، وخير تجسيد لذلك هو أن رفضه لاستراتيجية رامسفيلد للتدخل أحادي الجانب للولايات المتحدة، وهو ما أدى لبناء تحالف عالمي في الحرب ضد الإرهاب.
وقال باول ذات مرة: “يجب أن تكون الحرب سياسة الملاذ الأخير، وعندما نذهب إليها، ينبغي أن يكون لدينا هدف يفهمه شعبنا ويدعمه”.
[ad_2]
Source link