لماذا يعزف المصريون عن التبرع بأعضائهم بعد الوفاة؟
[ad_1]
- أمل سعيد
- بي بي سي نيوز عربي، القاهرة
الورقة لا تفارقها، بحذر تخرجها من حقيبتها الشخصية، وتبدأ بالقراءة، “هذا إقرار بأني أريد التبرع بأعضاء جسدي بعد الوفاة”.
نظرت إلي وقالت بتأثر: سبعة أشخاص فقط في مصر كلها يحملون ورقة شبيهة.
سارة فؤاد، فتاة ثلاثينية من سكان حي المعادي جنوبي القاهرة، بدأت مبادرة مع زملاء لها لتشجيع المصريين على التبرع بأعضائهم بعد الموت.
من الأفلام إلى الواقع
الموضوع بدأ من الأفلام، تقول سارة، “كنت أشاهد الأفلام الأجنبية وأرى شخصا قد مات في حادث وآخر مريض و حياته متوقفة على قلب أو كبد أو رئة، وفي لحظة يأتيه خبر أن هناك عضوا متوفرا سيتمكن من العيش بفضله”، من هنا بدأت الفكرة.
عام 2014 تعرفت سارة على يوسف راضي، أول مصري تمكن من استخراج شهادة للتبرع بأعضائه بعد الوفاة وقررا معا إطلاق مبادرة لمساعدة الراغبين مثلهم في استخراج شهادة التبرع تلك.
بدأت المبادرة بعشرة أشخاص على صفحة بموقع فيسبوك وزاد العدد بعد ذلك ليصل اليوم إلى خمسة آلاف شخص.
تقول سارة إن مهمتها كانت إرسال الوثائق المطلوبة للأعضاء، و شرح طريقة توثيقها، واستقبال الشكاوى من الراغبين في التقديم ونقل هذه الشكاوى مع يوسف بعد ذلك لمسؤولي الشهر العقاري في مصر لمحاولة حلها.
“موظف الشهر العقاري لا يعرف أصلا شكل وثيقة التبرع بالأعضاء” تقول سارة في معرض شرحها المَشَقة التي واجهتها لاستخراج الشهادة الرسمية. وتوضح “هناك خوف لدى الموظف لأنه يتعامل مع شيء جديد، يسأل نفسه هل سأعاقب على هذا؟ أعتقد أن التبرع حرام، أو أن يرفض بشكل كامل دون إبداء أسباب “.
لماذا الرفض؟
أصدرت دار الإفتاء المصرية العديد من الفتاوى التي تؤكد أن التبرع بالأعضاء بعد الوفاة جائز طالما كان الأمر مقننا وبعيدا عن التلاعب.
ولكن عندما سألنا عينة عشوائية من الشارع المصري حول موقفهم من التبرع بالأعضاء بعد الموت، لم يبد أن أيا منهم سمع عن هذه الفتاوى الدينية.
وبين الرفض المطلق للفكرة والتعبير عن الخوف منها والنظر إليها بوصفها انتهاكا لأمانة الجسد الذي وهبه الله للإنسان، عبر جميع من سألناهم عن اعتقادهم أن التبرع بالأعضاء حرام.
قانون لم يطبق
أجازت مصر التبرع بالأعضاء عام 2010 لكن القانون لم يطبق بعد.
الدكتور عبد الحميد أباظة، رئيس لجنة زراعة الأعضاء في وزارة الصحة سابقا وأحد المشاركين في سن هذا القانون، يقول إن السبب يعود إلى”قلة عدد الراغبين في التبرع”، ويؤكد أن “كل الإجراءات الطبية والإدارية موجودة. فالأطقم الطبية التي من المفترض أن تنقل الأعضاء من الميت إلى الحي مدربة بالكامل وهي ذاتها التي تنفذ عمليات زرع الأعضاء بين الأحياء حاليا”.
ويتحدث أباظة بإسهاب عن الخطوات والاتفاقيات التي وقعتها لجنة زراعة الأعضاء التي كان يرأسها عام 2014 مع جهات مختلفة للتجهيز لعملية نقل الأعضاء من مكان التبرع إلى مكان الزرع وتجهيز مستشفيات مؤهلة لإجراء عمليات الزرع، مشيراً إلى أن ما تحتاجه مصر الآن هو “مزيد من الاهتمام من قبل وزارة الصحة ولجنة زراعة الأعضاء الحالية لتنفيذ الإجراءات الموضوعة أساسا من قبل وتسهيل العمل بها”.
عدالة التبرع
وبعيداً عن المخاوف الدينية والبطء في تنفيذ النصوص القانونية، يطرح كثيرون أسئلة حول وجود ضمانات تكفل عدم التلاعب بالأعضاء التي قد يتم التبرع بها ومنحها لمن يستحق.
لكن الدكتور أباظة يؤكد وجود نظام وضع قبل سنوات لكنه لم يدخل حيز التنفيذ إلى الآن. ويقوم النظام بحسب الرئيس السابق للجنة التبرع بالأعضاء على منح كل من يتقدم للحصول على شهادة تبرع بالأعضاء بعد الوفاة “رقما كوديا بحيث يصبح مجرد رقم في منظومة إلكترونية تحدد فصيلة دمه وبياناته الطبية”.
في المقابل يتم منح كل مريض يحتاج إلى زراعة عضو “رقماً كودياً “ داخل المنظومة ذاتها. وعند وفاة المتبرع “يقوم النظام الإلكتروني بمطابقة فصيلة الدم والبيانات الطبية لمعرفة أي مريض يكون مناسبا لاستقبال أعضاء المتوفى”، لتتحرك الطواقم الطبية لإتمام عملية حصد الأعضاء وزراعتها.
حملة لنشر ثقافة التبرع
منذ أيام أطلق فنانون ومفكرون في مصر حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للتشجيع على التبرع بالأعضاء بعد الوفاة.
وعبر سلسلة من المقاطع المصورة التي نشروها على صفحاتهم الخاصة، أعلن هؤلاء عن نيتهم التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم في مسعى لتشجيع الناس في مصر على تقبل الفكرة والإقدام عليها.
وقد سجلت مصر 12 ألف حالة وفاة في حوادث الطرق عام ٢٠١٩ وفقا لإحصاءات رسمية، وتعد وفيات حوادث الطرق مصدر مهما للتبرع بالأعضاء حول العالم، كما يقول دكتور عبد الحميد أباظة الذين يؤكد ان كثيراً من الدول باتت تعمد إلى حصر عمليات زرع الأعضاء بمواطنيها نظرا لمحدودية أعداد المتبرعين.
ويشدد أباظة على أن انتشار ثقافة التبرع بالأعضاء وتفعيل القانون المنظم لذلك سيفتح باب الأمل أمام آلاف من مرضى الفشل الكلوي ومن يعانون من التهاب الكبد الوبائي ويحتاجون لفص كبد أو رئة، وقد يلعب دوراً بالقضاء على تجارة الأعضاء غير القانونية التي تدفع كثيرا من المرضى أو أهاليهم إلى دفع مبالغ باهظة لقاء أعضاء قد يكون فقراء باعوها نتيجة للحاجة إلى المال.
[ad_2]
Source link