بين “نهضة الصين” وفناء الملايين: حكاية الزعيم الصيني ماو تسي تونغ
[ad_1]
في الأول من أكتوبر/تشرين الأول من عام 1949 أعلن الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ قيام جمهورية الصين الشعبية التي باتت بعد نحو 7 عقود واحدة من أسرع دول العالم نموا وأكبرها من حيث الصادرات على الإطلاق.
وتعد الصين أكثر دول العالم سكانا، وتعود حضارتها إلى 4 آلاف سنة وابتكرت العديد من أسس العالم المعاصر ومنها الورق والبارود والتسليف المصرفي والبوصلة والعملة الورقية والألعاب النارية وغيرها.
وقد تأسست جمهورية الصين الشعبية بعد أن نجح الشيوعيون في دحر قوات الكومنتانغ تحت قيادة تشيانغ كاي تشيك. وعقب الهزيمة، هرب تشيانغ وأتباعه إلى جزيرة فورموزا (تايوان) حيث أسسوا ما سموه جمهورية الصين الوطنية، وبذا انبثقت دولتان صينيتان، جمهورية الصين الشعبية في البر الصيني بقيادة ماو تسي تونغ وجمهورية الصين الوطنية في تايوان.
ولكن الصين تقول إن تايوان جزء لا يتجزأ من الاراضي الصينية، وإنها لابد أن تعود إلى كنف “الوطن الأم”.
وأدى هذا الخلاف في الماضي إلى العديد من التوترات والتهديدات الصينية بغزو تايوان، ولكن الحكومتين بدأتا منذ عام 2008 بسلوك منحىً يتسم بالتعاون.
لكن من هو ماو تسي تونغ مؤسس الصين الشعبية؟
تقول دائرة المعارف البريطانية إن ماو تسي تونغ وُلد في 26 ديسمبر/كانون الأول من عام 1893 في قرية شاوشان في مقاطعة هونان بالصين وتوفي في 9 سبتمبر/أيلول من عام 1976 في العاصمة الصينية بكين.
وتصف دائرة المعارف البريطانية ماو تسي تونغ بأنه المنظر الماركسي الصيني الرئيسي والجندي ورجل الدولة الذي قاد الثورة الشيوعية في بلاده، وقد كان زعيما للحزب الشيوعي الصيني من عام 1935 حتى وفاته، كما كان رئيسا لجمهورية الصين الشعبية من عام 1949 إلى عام 1959.
ولم يكن ماو تسي تونغ زعيم الثورة الصينية ومؤسس جمهورية الصين الشعبية فحسب، بل أصبح في وقت ما أحد أقطاب الشيوعية في العالم بممارسة مختلفة عن الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي السابق.
التمرد “المبكر”
كان والد الزعيم الصيني الراحل فلاحا صارما بنى نفسه حتى أصبح تاجر حبوب. وكان ماو من صغره متمردا على تقاليد والده الصارمة، ففي حين أراده فلاحا رغب ماو في مزيد من التعليم.
ترك ماو البيت في سن 13 ليذهب الى مدرسة إبتدائية في منطقة مجاورة، وفي عام 1911 وصل عاصمة الاقليم تشانجشا ليدخل مدرسة عليا.
في تلك الفترة كانت مملكة تشينج سقطت وثورة صن يات سن في أوجها، والتحق ماو بوحدة للجيش الثوري لفترة قصيرة (6 أشهر)، ثم عاد الى تشانجشا ليقرر ماذا سيدرس وتأرجح بين القانون والتاريخ والأعمال إلى أن استقر على التدريس ليتخرج من مدرسة للمعلمين في 1918.
الحزب الشيوعي
ذهب الى بكين للدراسة في الجامعة، ولما لم يكن لديه ما يكفي من المال عمل في مكتبة الجامعة 6 أشهر، وعاد الى نشانجشا ليمتهن التدريس.
في تلك الفترة تعرف على عميد الكلية تشن تو هسيو وأمين المكتبة لاي تا تشاو، مؤسسي الحزب الشيوعي، في مايو/آيار من عام 1921.
في ذلك العام تزوج من يانج كاي هوي ابنة معلمه التي أعدمها الكومنتانغ عام 1930، لكنه منذ عام 1928 تعرف على فتاة صغيرة هي هو تسو تشن التي أنجب منها 5 أطفال حتى طلقها عام 1937، ثم تزوج الممثلة تشيانج تشينج التي كان لها دور رئيسي في الثورة الثقافية فيما بعد.
ما بين 1920 و1921 كان ماو ينظم الطلبة والتجار والعمال لمعارضة سيطرة اليابان على الامتياز الألماني في إقليم شاندونغ، أحد شروط معاهدة فرساي بعد الحرب العالمية الأولى، إذ كان يراها إهانة للسيادة الصينية وولد مشاعر معاداة الإمبريالية لدى الناشطين الصينيين.
في عام 1921 كان ماو تسي تونغ موفد اقليم هونان للاجتماع التأسيسي للحزب الشيوعي الصيني في شنغهاي.
في عام 1923 طلبت الشيوعية الدولية (الكومنترن) من الشيوعيين الصينيين التحالف مع الحزب القومي (كومنتانغ) بزعامة صن يات سن الذي كان يسعى للتخلص من ملاك الأراضي الكبار وتوحيد البلاد.
في 1924 انتقل ماو إلى شانغهاي كمسؤول للكومنتانغ، وبعد عام عاد إلى هونان لينظم احتجاجات الفلاحين، ثم هرب الى كانتون، مقر قيادة صن يات سن الذي توفي فجأة في مارس/آذار من عام 1925 وتولى تشيانج كاي تشك قيادة الكومنتانغ.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن ماو عاد في شتاء 1924-1925 إلى قريته شاوشان للراحة. غير أنه هناك وبعد أن شهد مظاهرات الفلاحين التي حركها الوعي السياسي بإطلاق الشرطة الأجنبية النار على عشرات الصينيين في شنغهاي (بين مايو/آيار ويونيو/حزيران من عام 1925)، أدرك ماو فجأة الإمكانات الثورية الكامنة في الفلاحين.
فعلى الرغم من أنه ولد في أسرة من المزارعين، فقد تبنى، خلال سنوات دراسته، النظرة التقليدية للنخبة الصينية عن العمال والفلاحين على أنهم جاهلون وقذرون. لقد أجبره تحوله إلى الماركسية على مراجعة تقديره للبروليتاريا الحضرية، لكنه استمر في مشاركة ماركس في ازدرائه للفلاحين. والآن عاد إلى عالم شبابه الريفي كمصدر لتجديد الصين.
وفي غضون ذلك، عمد تشيانج بعد تعزيز موقعه إلى طرد الشيوعيين من القيادة وانفرط التحالف بين القوميين والشيوعيين في 1927 ليعود الشيوعيون إلى الريف حيث قاعدة واسعة من الفلاحين الثائرين.
الماوية
من هنا بدأت أفكار ماو، التي عرفت في الأدبيات الشيوعية فيما بعد بالماوية والتي ترى أن الثورة لا يمكن قصر القيام بها على الطبقة العاملة بل يمكن ذلك عبر الفلاحين، وهو ما حققه عمليا.
كذلك بدأت بذور عداوته للقوميين وشكوكه حول الاتحاد السوفيتي، التي بلورت فيما بعد توجهه الشيوعي المختلف.
في عام 1927 قاد ماو مجموعة صغيرة من الفلاحين من إقليم هونان إلى إقليم جيانجزي الجبلي حيث كون هو وأعضاء آخرين من الحزب الشيوعي حكومة على النمط السوفيتي وبدأوا في تكوين جيش كان نواة الجيش الأحمر الذي هزم القوميين بعد 22 عاما ودحرهم إلى جزيرة تايوان.
ومع بداية الثلاثينيات كان الكومنتانغ هزموا ملاك الأراضي ووحدوا البلاد وتحولوا للقضاء على الشيوعيين.
وفي عام 1934 هاجم تشيانج معقل الشيوعيين في جيانجزي فاضطروا للفرار لتبدأ المسيرة الكبرى الشهيرة. وعلى مدى ستة آلاف ميل من التراجع من جيانجزي إلى بلدة يانان في إقليم شانزي بأقصى الشمال، لم ينج سوى عشر جيش الفدائيين الذي بدأ بثمانين ألفا.
وعلى مدى 10 سنوات تلت ذلك كانت يانان معقل الشيوعيين، وأصبح ماو تسي تونغ الزعيم الشيوعي بلا منازع.
وفي تلك الفترة مارس ماو ورفاقه عمليا ما تم بناء الصين الشعبية على أساسه فيما بعد، اذ احتضنهم الفلاحون بعد توزيعهم الأراضي وكتب ماو في ذلك الوقت عن تكييف الماركسية اللينينية لتناسب الوضع الصيني وعن ثورة الفلاحين.
الحرب الأهلية
في عام 1937 غزت اليابان الصين وجدد القوميون والشيوعيون تحالفهم بتشجيع من القوى الجمهورية في البلاد ومن الكومنترن. وفي تلك الفترة زادت قوات الجيش الاحمر لتصل إلى مليون عنصر وبسط ماو سيطرة الشيوعيين لتصل الى حوالى 100 مليون صيني.
وبعد عام واحد من انسحاب اليابان، دخل الصينيون في حرب أهلية مجددا حسمت في عام 1949 بهزيمة القوميين، وأصبح ماو تسي تونغ رئيس الحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية الوليدة ورئيس اللجنة العسكرية التي تقود جيش التحرير الشعبي.
بدأ ماو ورفاقه في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني جهدا لاعادة بناء الصين عبر خطط تنمية وثورات بعد ثورات.
ماو وستالين
تقول دائرة المعارف البريطانية إنه عندما استولى الشيوعيون على السلطة في الصين، كان على كل من ماو والزعيم السوفيتي ستالين أن يستغلا الوضع بأفضل شكل. فسافر ماو في ديسمبر/كانون الأول من عام 1949 إلى موسكو حيث نجح بعد شهرين من المفاوضات الشاقة في إقناع ستالين بالتوقيع على معاهدة مساعدات متبادلة مصحوبة بمساعدة إقتصادية محدودة.
وقبل أن يتاح للصينيين الوقت للاستفادة من الموارد المتاحة للتنمية الاقتصادية، وجدوا أنفسهم منغمسين في الحرب الكورية دعما للنظام الموالي لموسكو في كوريا الشمالية.
وهنا فقط بدأ ستالين يثق في الزعيم الصيني وأنه ليس قوميا صينيا كما كان يعتقد بحسب ماو تسي تونغ نفسه.
وعلى الرغم من تلك التوترات مع موسكو، فإن سياسات جمهورية الصين الشعبية في سنواتها الأولى كانت تستند في كثير من النواحي، كما قال ماو لاحقا، على “النسخ من السوفييت”.
فبينما كان ماو ورفاقه لديهم خبرة في حرب العصابات، وفي تعبئة الفلاحين في الريف، وفي الإدارة السياسية على مستوى القاعدة الشعبية، لم تكن لديهم معرفة مباشرة بإدارة دولة أو كيفية تحقيق تنمية اقتصادية واسعة النطاق، وفي مثل هذه الظروف، قدم الاتحاد السوفيتي النموذج الوحيد المتاح.
لذلك تم وضع خطة خمسية بتوجيه من الاتحاد السوفيتي، دخلت حيز التنفيذ في عام 1953 وشملت المساعدة التقنية السوفيتية عددا من المنشآت الصناعية الكاملة.
القفزة للأمام والثورة الثقافية
عبر مبادرات وخطوات أنجز ماو الاصلاح الزراعي والتعاونيات الزراعية وبسط مظلة الخدمات الصحية وغيرها.
لكن مبادرة القفزة الكبرى للأمام بين عامي 1958و1962، بهدف تطوير الصناعة في الصين بالتوازي مع الزراعة لتجاوز انجاز الغرب، لم تؤت ثمارها وفشلت في أوائل الستينات وأودت بحياة 30 مليون شخص.
لقد كانت القفزة الكبرى للأمام محاولة لإدخال شكل “صيني” أكثر على الشيوعية، وكان الهدف من ذلك هو التعبئة الجماعية للعمالة لتحسين الإنتاج الزراعي والصناعي.
وبدلا من ذلك كانت النتيجة انخفاض هائل في الإنتاج الزراعي مما أدى إلى المجاعة وموت الملايين. وقد تم التخلي عن هذه السياسة وضعف موقف ماو. حينئذ انسحب ماو من المناصب التنفيذية وإن ظل رئيسا للحزب حتى وفاته.
وفي محاولة لإعادة تأكيد سلطته، أطلق ماو “الثورة الثقافية” بين عامي 1966 و1967 بهدف تطهير البلاد من العناصر “غير النقية” وإحياء الروح الثورية، وقد أودت تلك الأحداث بحياة مليون ونصف المليون شخص ودُمر جزء كبير من التراث الثقافي للبلاد.
وفي سبتمبر/أيلول من 1967 عندما كانت العديد من المدن على شفا الفوضى، أرسل ماو الجيش لاستعادة النظام.
لكن جذور تلك الثورة الثقافية تعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن ماو تسي تونغ ورفاقه كانوا يناقشون تدابير لرفع الروح المعنوية للمثقفين من أجل ضمان مشاركتهم في بناء صين جديدة.
وقد أعلن ماو سياسة “دع مئة زهرة تتفتح”، أي حرية التعبير عن العديد من الأفكار المتنوعة، المصممة لمنع تطور مناخ سياسي قمعي في الصين مشابه لذلك الذي كان قائما في الاتحاد السوفيتي تحت حكم ستالين.
وفي مواجهة الاضطرابات التي أثارتها عملية إزالة الستالينية في بولندا والمجر، لم يتراجع ماو بل دفع بجرأة إلى الأمام بهذه السياسة ضد نصيحة العديد من كبار رفاقه اعتقادا منه بأن التناقضات التي لا تزال موجودة في البلاد غير عدائية بشكل أساسي.
لكن عندما خرجت الأمور عن السيطرة وشكك المثقفون في حكم الحزب، انقلب ماو ضد النخبة المثقفة التي شعر أنها خانته.
كما أنه في 1966 بدا أن معاوني ماو من أمثال ليو شاو كي ودنغ زياو بنغ يتجاهلون تشدده في مسألة الصراع الطبقي وهم ينفذون خطط التنمية، فأطلق ما عرف باسم الثورة الثقافية مستهدفا معارضيه ومستغلا غضب قطاعات من الطلاب سموا وقتها بالحرس الأحمر.
إلا أن الثورة الثقافية أدت إلى اضطرابات اضطرته إلى الاستعانة بالجيش للقضاء عليها عام 1967، وكان حليفه وقتها قائد الجيش وزير الدفاع لين بياو الذي قرر ماو ترشيحه خلفا له عام 1969.
بدا ماو منتصرا، لكن صحته كانت تتدهور. وقد شهدت سنواته الأخيرة محاولات لبناء جسور مع الولايات المتحدة واليابان وأوروبا. وفي عام 1972، زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون الصين والتقى بماو.
لكن صعود شو ان لاي واتفاقه مع ماو على أن البعد عن الاتحاد السوفيتي يقتضي انفتاحا على أمريكا لم يكن مقبولا لدى لين بياو. وفي عام 1971 قتل لين بياو في تحطم طائرة كان في طريقه للهرب بها بعد اتهامه بمحاولة اغتيال ماو.
وبعد الثورة الثقافية بدا أن البراغماتيين بقيادة دنغ زياو بنغ قد كسبوا الجولة، إلا ان المتشددين تفوقوا عليهم إثر وفاة شو ان لاي في يناير/كانون الثاني من عام 1976.
واختار ماو شخصية وسطية لقيادة البلاد من بعده هو هوا جو فنج. وبعد ذلك توفي ماو في 9 سبتمبر/أيلول من عام 1976.
وبعد وفاة ماو بشهر قام هوا باعتقال المتشددين وفي مقدمتهم من عرفوا بعصابة الأربعة وهم زانج شون كياو ووانج هونج وين وياو ون يوان وتشيانج تشينج (زوجة ماو).
إرث ماو
تقول دائرة المعارف البريطانية إنه في الوقت الذي تمثل فيه الثورة الثقافية تتويجا منطقيا تماما لعقدي ماو الأخيرين، إلا أنها لم تكن بأي حال النتيجة الوحيدة لنهجه للثورة، ولا يجب أن يستند الحكم على عمله ككل على تلك المرحلة الأخيرة.
قليلون هم الذين سيحرمون ماو تسي تونغ من نصيب كبير من الفضل في ابتكار نمط النضال القائم على حرب العصابات في الريف والذي أدى في النهاية إلى الانتصار في الحرب الأهلية، وبالتالي إلى الإطاحة بالقوميين وتوزيع الأراضي على الفلاحين و استعادة استقلال الصين وسيادتها.
وتضيف دائرة المعارف البريطانية قائلة إنه يجب إعطاء تلك الإنجازات وزنا يتناسب مع درجة الظلم الذي كان سائدا في المجتمع الصيني قبل الثورة ومع الإذلال الذي شعر به الشعب الصيني نتيجة تمزيق أوصال دولته من قبل القوى الأجنبية. لقد قال ماو في سبتمبر / أيلول من عام 1949: “لقد نهضنا”. هذه الكلمات لن تُنسى.
غير أن سجل ماو بعد عام 1949 أكثر غموضا. وتقول وجهة النظر الصينية الرسمية، التي تم تحديدها في يونيو/حزيران من عام 1981، إن القيادة كانت على صواب حتى صيف عام 1957، ولكن منذ ذلك الحين كانت مرتبكة في أحسن الأحوال وفي كثير من الأحيان كانت خاطئة.
ولا خلاف في أن طرحي ماو الرئيسيين في سنواته الأخيرة، القفزة الكبرى والثورة الثقافية، كانا خاطئين وأديا إلى عواقب وخيمة.
لقد كانت أهدافه المتمثلة في محاربة البيروقراطية، وتشجيع المشاركة الشعبية، والتأكيد على اعتماد الصين على الذات جديرة بالثناء بشكل عام، كما أن التصنيع الذي بدأ في عهد ماو وضع بالفعل أساسا للتنمية الاقتصادية الرائعة للصين منذ أواخر القرن العشرين، ولكن الأساليب التي استخدمها لتحقيق ذلك كانت في كثير من الأحيان عنيفة.
ولا يوجد مقياس واحد مقبول لماو وحياته الطويلة، إذ كيف يوازن المرء، على سبيل المثال، بين الإنجاز الجيد لحصول الفلاحين على الأرض مقابل الملايين من عمليات الإعدام والوفيات؟ وكيف يوازن المرء بين الإنجازات الاقتصادية الحقيقية بعد عام 1949 والمجاعة التي جاءت في أعقاب القفزة الكبرى إلى الأمام أو الفوضى الدموية للثورة الثقافية؟ ربما يكون من الممكن قبول الحكم الرسمي القائل بأنه على الرغم من “أخطاء سنواته الأخيرة” فقد فاقت مزايا ماو عيوبه مع التأكيد على حقيقة أن الحساب متوازن للغاية.
وكان الحزب الشيوعي الصيني قد أعلن في عام 1981 في تقييمه لفترة حكم ماو وسياساته أن 70 في المئة من عمله كان على صواب، فيما كان 30 في المئة على خطأ، ودعا إلى “عدم الخوض في هذا الشأن”.
ومع ذلك مازالت الصين تشهد جدلا حول تجربة وأفكار زعيمها الراحل ماو تسي تونغ، الذي مازالت تحمل جميع العملات النقدية الصينية صورته، فضلا عن انتشار تماثيله في كل مكان، كما لا يزال جثمان ماو تسي تونغ محنطا ومسجى داخل ضريحه بميدان تيان آن مين في قلب العاصمة الصينية بكين.
أبرز المحطات في تاريخ الصين
- من 1700 الى 1046 قبل الميلاد – أسرة شانغ تحكم شمالي الصين، أول دولة صينية موثقة تاريخيا.
- من 221 الى 206 قبل الميلاد – توحيد البر الصيني للمرة الأولى تحت حكم الامبراطور الأول شين شيهوانغدي.
- 1644 – غزو المانشو من الشمال يؤسس لحكم أسرة تشينغ.
- من 1911 الى 1912 – انتفاضات مسلحة تؤدي الى تأسيس جمهورية الصين تحت قيادة صن يات صن وتنحي آخر امبراطورات المانشو. البلاد تسقط لاحقا تحت حكم امراء الحرب المحليين.
- من 1931 الى 1945 – اليابان تغزو الصين وتؤسس نظام احتلال شرس يشمل اجزاء كبيرة من البلاد.
- 1949 – في الأول من تشرين الأول / أكتوبر، الزعيم الشيوعي ماو يعلن قيام جمهورية الصين الشعبية بعد اندحار القوات الوطنية (الكومينتانغ) في الحرب الأهلية.
- 1950 – الصين ترسل بقوات من جيش التحرير الشعبي الى التبت وتسيطر على ذلك الاقليم.
- من 1958 الى 1960 – مشروع “القفزة الكبرى الى الأمام” الذي أطلقه ماو يؤدي الى تدهور الزراعة والى انهيار اقتصادي. التخلي عن المشروع بعد موت الملايين جراء المجاعة.
- من 1966 الى 1967 – “الثورة الثقافية العظمى” التي اعلن عنها الزعيم ماو تؤدي الى فوضى اجتماعية واقتصادية وسياسية كبيرة.
- 1976 – وفاة الزعيم ماو، وصعود نجم دنغ شياو بينغ الذي يعمد الى تفعيل برنامج واسع من الاصلاحات الاقتصادية.
- 1989 – مقتل المئات من المحتجين في ميدان تيا آن من (السلام السماوي) في بكين عندما فتح الجيش عليهم النار.
[ad_2]
Source link