الاغتصاب: كيف تعيش أسرة هندية بعد عام من اغتصاب وقتل ابنتها بطريقة وحشية؟
[ad_1]
- غيتا باندي
- بي بي سي دلهي
قبل عام كامل بالضبط، ماتت شابة في التاسعة عشرة من عمرها في ولاية أوتار براديش شمالي الهند بعد أيام من إبلاغها عن تعرضها لاغتصاب جماعي واعتداء وحشي من قبل مجموعة من جيرانها الذين ينتمون إلى طبقة عليا.
وأثارت الجريمة ضجة وإدانة عالمية، خصوصا بعد أن أحرقت السلطات جثة الضحية تحت جنح الظلام من دون موافقة عائلتها، لكن القضية لا تزال تراوح مكانها في المحاكم، ولم تأخذ العدالة مجراها.
تنمي الشابة الضحية إلى طبقة الداليت، التي كانت تعرف باسم المنبوذين، وهي أدنى الفئات الاجتماعية في النظام الطبقي الهندوسي، وتقع خارج التصنيف الهرمي المؤلف من أربع طبقات. ولطالما عانى الداليت من الإقصاء وانتهاكات حقوقية جسيمة، كما تزايدت حوادث الاغتصاب والقتل لفتيات تلك الطبقة من قبل أفراد من طبقات أعلى.
وينتمي الرجال الأربعة المتهمون بالاعتداء على الفتاة إلى طائفة ثاكور العليا.
ورغم وعود الحكومة بإجراء التحقيقات المناسبة والمحاكمة التي تضمن العدالة للضحية من دون تأخير، لا تزال القضية معلقة في النظام القضائي البطيء في الهند وتواجه معوقات عدة، على الرغم من تقديم أربعة رجال للمحاكمة بتهمة الاغتصاب والقتل.
أما أفراد عائلة الشابة الضحية فقد أخبروا بي بي سي أنهم يعيشون مثل السجناء داخل منزلهم، وقد توقفت حياتهم في الانتظار.
حين توفيت الشابة، تصدرت قصتها عناوين الأخبار في الصحف العالمية، واحتشد صحفيون وطواقم تصوير في منزل عائلتها في قرية بهولغار الواقعة في منطقة هاثراس. كما زار الأسرة سياسيون معارضون من اتجاهات مختلفة، وتعهدوا بدعم الأسرة في كفاحها من أجل العدالة.
كانت والدة الضحية عثرت على ابنتها في 14 سبتمبر / أيلول من العام الماضي مرمية في حقل دخن، مصابة بكدمات شديدة، وعارية من الخصر إلى الأسفل، وقد كسر عمودها الفقري، كما كانت تنزف وتتقيأ دما. وظلت الفتاة تصارع من أجل البقاء على قيد الحياة لمدة أسبوعين، إلى أن توفيت في المستشفى في 29 سبتمبر/أيلول 2020.
عندما زارت بي بي سي منزل العائلة مؤخرا، وجدت أنها تعيش معزولة في القرية، حبيسة المنزل الذي يحرسه حراس أمن مسلحون بالرشاشات، وتحت رقابة كاميرات المراقبة التي ترصد جميع الزوار، وتسجل الداخل والخارج. وقد تم توفير الحماية للعائلة بأوامر من المحكمة العليا وسط مخاوف من احتمال استهدافها من قبل جماعات من طبقات عليا.
يقول الشقيق الأكبر للضحية “لقد كانت سنة ضائعة من العمر. نحن بأمان داخل المنزل بسبب وجود الحراس. لكن لا يمكننا الخروج للعمل. نعيش على التعويضات والحصص الغذائية الحكومية”.
أما الشقيق الأصغر فقال “نشعر أننا قيد الاعتقال. حتى لو أردنا الذهاب لشراء مستلزمات من متجر بقالة أو لزيارة الطبيب، علينا أن نكون بمرافقة الحراس”.
وتلقت الأسرة 2.5 مليون روبية (33678 دولارا أمريكيا) من حكومة الولاية، بموجب قوانين تقديم تعويضات مالية لأسر ضحايا الجرائم بما في ذلك القتل والاغتصاب.
قبل وقوع المأساة، كانت الأسرة تعمل في أرضها الزراعية الصغيرة، وتدعم دخلها من خلال أعمال يومية صغيرة أخرى. لكن هذا لم يعد متاحا. وقد اضطرت العائلة إلى بيع ستة من الجواميس السبعة التي كانت تملكها، فالخروج لجمع العلف لم يعد ممكنا. ولم تف السلطات حتى الآن بوعودها بتقديم منزل جديد للعائلة في منطقة أخرى، وتوظيف أحد أفرادها بوظيفة حكومية دائمة تكفل لها المعيشة.
اتهامات مضادة
كانت الضحية قبل وفاتها قالت أن مهاجميها هم أربعة رجال من طائفة ثاكور العليا، وذكرت أسماءهم. ووجه إليهم المحققون تهما بالقتل والاغتصاب الجماعي وارتكاب الفظائع ضد شخص من الداليت، وبدأت المحاكمة.
لكن أقارب المتهمين زعموا أن الفتاة كانت على علاقة غرامية برضاها مع شاب من الثاكور، واتهموا عائلتها بارتكاب “جريمة شرف” بحق الفتاة، بسبب عدم الموافقة على علاقتها. كما نظم سياسيون من طبقة الثاكور مظاهرات كبيرة وفعاليات لدعم المتهمين.
لا يفصل بين منزل الضحية وبيوت المتهمين، سوى زقاق ضيق، لكن الفجوة بين العالمين كبيرة، ومفتوحة منذ قرون عدة. وقد زادت الهوة اتساعا منذ الجريمة.
اضطهاد تاريخي
يقول الأخ الأكبر للضحية “تعرض أسلافنا لسوء المعاملة من قبل أسلافهم، وما زلنا نتعرض للاضطهاد والتمييز”. ويضيف “لم يزرنا أحد من القرية ليسألنا عن أختنا بعد تعرضها للهجوم، أو خلال الفترة التي كانت تصارع فيه من أجل حياتها في المستشفى، أو حتى بعد وفاتها. لكن القرية بأكملها حضرت إلى المحكمة لدعم المتهمين”.
وقد قام الأخ مؤخرا بعدة رحلات إلى محكمة مقاطعة هاثراس لاستجوابه وتسجيل أقواله. كما دعيت الأم إلى منصة الشهود. وهذه الرحلات دائما محفوفة بالتوتر، كما يقول.
محامية العائلة
واشتكت محامية العائلة سيما كوشواها من تعرضها لتهديدات وترهيب، الأمر الذي رفضه محامي الدفاع عن المتهمين مونا سينغ بوندير.
وتقول كوشواها إن رجالا داخل سيارة طاردوا سيارتها بينما كانت متوجهة إلى المحكمة. وفي داخل المحكمة، أخبرها محامون رجال أن “محام من دلهي لا يمكنه الترافع في قضية في هاثراس. لقد حاولوا الانتقاص مني، وطلبوا مني أن ألزم حدودي”، كما قالت.
وتضيف كوشواها أن جلسة المحكمة فُضّت مرتين في يوم واحد من مارس/آذار الماضي بسبب خروج الأمور عن السيطرة. وأنها تحتاج في معظم الأيام إلى أن تواكب الشرطة سيارتها إلى حدود المنطقة. لكن المحكمة العليا رفضت طلبها بنقل القضية إلى خارج المقاطعة.
وأشارت كوشواها إلى إنه تم الاستماع إلى 16 شاهدا من أصل 104، بما في ذلك أطباء ومسؤولون في الشرطة وأفراد الأسرة وصحفيون محليون. ومن المتوقع أن تنتهي الجلسات في غضون من شهرين إلى ثلاثة أشهر. وقالت لبي بي سي “لقد طالبنا بالعقوبة القصوى، أي الإعدام”.
وتمثل كوشواها الأسرة أيضا في قضية ثانية أمام المحكمة العليا في لكناو، عاصمة الولاية، وتتعلق بالنظر بموضوع حصول السلطات على موافقة الأسرة على حرق الجثة، من عدمه، والعقوبات التي قد تفرض على المسؤولين المعنيين.
كما تبحث المحامية موضوع التعويضات ونقل العائلة إلى منطقة أخرى. وتقول “ترغب الأسرة بأن تنقل، وأعتقد أنه ينبغي أن يتم ذلك، الحراس يوفرون لهم الأمن جسديا. لكن ماذا عن الأمن النفسي والعاطفي؟ يجب على الحكومة أن توفر لهم مكان إقامة بعيدا عن هاثراس، كي يتمكنوا من بدء حياة جديدة”.
توتر وانقسام في القرية
يسود في القرية خوف واستياء في كل من الطبقتين الاجتماعيتين المختلفتين، والأجواء عدائية ومتوترة. وهناك غضب لدى عائلات المتهمين، وهي تعتبر أن المراسلين الصحفيين إنما جاءوا لإثارة المتاعب. وقد صرخت في وجهي امرأة مسنة من أقرباء المتهمين، قائلة “لماذا أتيت إلى هنا؟ أبناؤنا أبرياء. إنهم في السجن لأن الإعلام يصورنا كأشرار”.
معظم العائلات المنتمية إلى طبقة الثاكور في القرية رفضت التحدث إلى بي بي سي، وقال أحدهم إن الأمر في المحكمة، وإنهم لا يعرفون أي شيء، وقال آخر “نحن نحارب الفقر والتضخم، وبالكاد نغطي نفقاتنا”. بينما قال ثالث وهو بالبير سينغ البالغ من العمر 76 عاما “يقول الناس أشياء كثيرة، لكن من الذي يستطيع أن يقول ما الذي جرى فعلا؟ لا أحد غيرها (الضحية) وغير الله يعرف ما حصل”.
واضاف سينغ “مهما كان ما حدث، عليهم أن يعيشوا هنا (أهل الضحية)، وكذلك نحن”.
حياة مسروقة
لكن أهل الضحية يقولون إنهم لم يعودوا يعيشون حقا، وأن حياتهم أصبحت في مهب الريح. وكلما تذكرت الأم “ابنتها الجميلة ذات الشعر الأسود الطويل” تغرق في البكاء.
تقول الأم “ابنتي كانت شجاعة للغاية. ظلت تقول إنها اغتصبت. القرويون لا يحبون ذلك، ويقولون إنه يجلب لقريتنا سمعة سيئة، وعلينا قمعها”.
كانت سنة صعبة جدا على العائلة، والشيء الوحيد الذي ازدهر خلالها هو نبتة الريحان، التي زرعتها الشابة الراحلة، ولم تكن عند موتها سوى شجيرة صغيرة، كما يقول الأخ الأصغر، الذي يشير إليها قائلا “انظر كيف نمت الآن”.
في العام الماضي، كانت كومة من الرماد موجودة حيث حرقت جثة الفتاة في أرض زراعية على بعد كيلومتر واحد من منزلها، أما الآن فالبقعة مغطاة بالعشب، وقد محيت آثار ما حدث ليلة 29 سبتمبر/أيلول العام الماضي.
لكن العائلة لن تنشر رماد ابنتها القتيلة وفق التقاليد إلى أن تأخذ العدالة مجراها، وهذا لن يتحقق “إلا عندما يشنق المتهمون الاربعة، وتذوق عائلاتهم الألم الذي نعيشه منذ سنة” كما تقول العائلة.
[ad_2]
Source link