السعادة: راهب بوذي يكشف أسرار بهجة السكان في مملكة بوتان
[ad_1]
- ستيفاني زبيري
- بي بي سي
بينما تفتح مملكة بوتان حدودها بعد انحسار الوباء، يكشف راهب بوذي أسرار السعادة هناك.
يقول المعلم الروحي ورئيس دير “سانغشين أوجين تسوكلاغ” بمقاطعة ترونغسا بمملكة بوتان، خيدروتشين رينبوتشي: “السعادة هي الشيء الذي يبحث عنه الجميع. وسواء اعترفت بذلك أم لا، فالسعادة هي هدف كل إنسان”.
وترقى رينبوتشي إلى هذا المنصب المرموق وهو في التاسعة عشرة من عمره في عام 2009، وكان أحد أصغر المعلمين الروحانيين في مملكة بوتان في ذلك الوقت. والآن يبلغ من العمر 31 عاما، وكرس السنوات الـ 12 الأخيرة من حياته لتعليم العالم المبادئ البوذية وكيف يمكن تطبيقها لجعل الحياة أكثر سعادة كل يوم، بغض النظر عن ثقافة المرء أو دينه.
تقع مملكة بوتان بين الصين والهند بقوتيهما الاقتصادية والسياسية، ويتجاوز عدد سكانها 760 ألف نسمة، وهي معروفة في جميع أنحاء العالم بمقاييسها غير التقليدية للتنمية الوطنية، إذ تقيس ذلك بناء على ما يسمى “السعادة الوطنية الإجمالية”.
وقد وضع هذا المفهوم الملك الرابع لبوتان، جيغمي سينغي وانغتشوك، في عام 1972. وتتجنب بوتان المقاييس الاقتصادية التقليدية، وتُقيم الرفاهية العامة للبلاد بناء على أساس التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة والعادلة، والحفاظ على البيئة، والحفاظ على الثقافة وتعزيزها، والحكم الرشيد.
يقول رينبوتشي: “السعادة الوطنية الإجمالية هي مجموعة من الظروف الجماعية، كما أنها ضرورية بشكل عام لتعيش حياة جيدة”.
وقبل الوباء، كان رينبوتشي يسافر حول العالم لإلقاء محاضرات وورش عمل من خلال مبادرة “نيكور”، كما كان يعمل على بناء أول أكاديمية بوذية في مملكة بوتان ستكون مفتوحة لأي شخص مهتم بتعلم الفلسفة البوذية، بغض النظر عن خلفيته أو دينه.
يقول رينبوتشي: “جرى تعليق كل ما كنت أفعله، وقررت أن أتعامل مع الأمر على أنه فرصة لتعميق تجربتي الخاصة وعزل نفسي. ذهبت إلى الجبال وعشت هناك بالقليل جدًا من الطعام وفي ظروف مناخية قاسية، وكنت أقيم في كهف بلا مأوى. لقد أعطاني ذلك الوقت اللازم حقًا لكي أستوعب تعاليمي الخاصة. وما أصبح واضحًا للغاية هو أن السعادة الحقيقية لا علاقة لها بأي ظواهر خارجية، لكنها شيء فطري”.
وشدد رينبوتشي على أن المرء لا يحتاج إلى الذهاب إلى مثل هذه البيئات القاسية لإيجاد السلام النفسي، وقال: “يجب أن نتوقف عن البحث عن السعادة في التجارب خارج أنفسنا. هناك، في رأيي، أربعة أعمدة للسعادة: اللطف، والرحمة، وعدم التعلق بالأشياء، والكارما (نتائج وتبعات تصرفات الشخص). ويمكن لأي شخص أن يتبنى هذه الأعمدة الأربعة بسهولة في أي وقت في حياته وفي أي مكان”.
ووفقًا لرينبوتشي، فإن اللطف “هو مفتاح توليد السعادة، ليس فقط على المستوى الشخصي، ولكن للآخرين أيضًا”.
وشدد على أهمية أن تكون لطيفًا مع نفسك أولاً، وكيف يؤدي ذلك إلى التعامل بلطف وتعاطف مع الآخرين.
ويقول: “يجب أن تحب نفسك وتعلم حقًا أنه بغض النظر عن الظروف فأنت جيد بما فيه الكفاية. ومن هنا، يمكنك نشر التعاطف مع الآخرين”.
ويعتقد تشونجور دوزي، وهو مرشد سياحي سابق، أن إحساس التعاطف الجماعي في مملكة بوتان متجذر في الدين، قائلا: “لدينا شعور مجتمعي قوي بمساعدة الآخرين، وهو الشعور الذي ينبع من كون معظم السكان بوذيين. إنني أفكر دائمًا فيما إذا كان ما أفعله سيفيد المجتمع أم لا”.
وبعدما لم يعد دوزي قادرا على العمل كمرشد سياحي خلال الوباء، قرر العودة إلى قريته تيكيزامبا في مايو/آيار من عام 2020.
ويقول عن ذلك: “كان الأمر الأصعب بالنسبة لي هو التأقلم مع فقدان الوظيفة التي كنت أعتقد أنها آمنة. ومع ذلك، كان أمامي بدائل أخرى، فعدت إلى قريتي للعمل في الزراعة وبيع المنتجات الزراعية”.
ومنذ ذلك الحين، يستخدم دوزي خبرته كمرشد سياحي لحث أقرانه على إيجاد طرق جديدة للترويج للثقافة المحلية للسياح، بعد أن أعادت المملكة فتح حدودها الآن. ويقول: “شجعت الناس على تطوير وصفاتنا المحلية بالأرز الأحمر لتصبح مميزة لنا قدر الإمكان حتى يتمكن الناس من التعرف على مطبخنا المحلي”.
أما الركن الثالث للسعادة، وهو عدم الارتباط بالأشياء أو عدم الدوام، فهو مفهوم بوذي متجذر في أصل الثقافة البوتانية. يقول رينبوتشي: “عندما يحدث خطأ ما، لا تصاب بالاكتئاب على الفور لأن الأمور ستتغير. وإذا قبلنا حقيقة أن كل الأشياء غير دائمة، فهذا يعني أنه يمكن أن يكون هناك تغيير، وهذا التغيير يعني أن هناك أملا”.
ويوضح رينبوتشي أن هذا ينطبق أيضًا على الأشياء الإيجابية في الحياة، ويقول: “قبول حقيقة أن الأشياء لا تدوم، بما في ذلك النجاح والثروة، يسمح لك حقًا بتقدير ما لديك”.
وبالإضافة إلى التعامل بلطف مع الذات وبرأفة مع الآخرين، عزز الوباء أيضًا أهمية قبول التغيير، كما حدث مع دوزي. فمنذ عودته إلى قريته، تعلم النجارة وساعد جيرانه في إصلاح منازلهم أثناء البدء في مشروع مجتمعي كبير.
يقول دوزي: “لقد جددنا منزلا ريفيا تقليديا هجرته إحدى العائلات وحوّلناه إلى مزرعة. كنت أدافع منذ وقت طويل عن اتباع نهج أكثر شمولاً للسياحة، وكنت أسعى لأن يكتشف الناس الثقافة وأسلوب الحياة في المناطق الريفية في بوتان. وفي نهاية المطاف، تعلمت أن أكون سعيدًا بما لدي وأستفيد منه”.
وبالنسبة للركن الرابع للسعادة، الكارما، فيقول رينبوتشي: “مفهوم الكارما يساء فهمه تمامًا. يعتقد معظم الناس أنه يعني أنك إذا فعلت شيئًا سيئًا، فإن شيئًا سيئًا سيحدث لك، كشكل من أشكال الانتقام أو العقاب الشامل. لكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق، فهذا المفهوم يتعلق بالسبب والشرط والتأثير، بمعنى أن تقبل أن أفعالك وخياراتك سيكون لها تأثير على العالم من حولك. إنه مثل زرع بذرة، فإذا زرعنا بذرة مانغو، فستنمو شجرة مانغو. لا يمكننا أن نزرع بذرة تفاح ونتوقع أن تنمو شجرة مانغو!”
وأضاف: “الإيمان بمعتقد الكارما هو فرصة ستساعدك على تغيير نفسك، والعمل حقًا على تحقيق أهدافك والوصول إلى المكانة التي تريدها”.
[ad_2]
Source link