اليوم الوطني السعودي: هل أسهم محمد بن سلمان في تنامي “الشوفينية” في المملكة؟
[ad_1]
- سارة فياض
- بي بي سي نيوز عربي
يوم الأول والعشرين من أيلول/سبتمبر حلقت أسراب من الطائرات التابعة للقوات الجوية الملكية السعودية في سماء مدينتي جدة والطائف للقيام بعروض جوية بمناسبة اليوم الوطني الحادي والتسعين للمملكة، الذي يصادف الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام.
وجاءت العروض، التي وصفتها وسائل إعلام محلية بالمذهلة، ضمن سلسلة من الفعاليات والأنشطة الممتدة على مدار أيام في مناطق مختلفة من المملكة، في مشهد احتفائي ضخم كان تصوره صعباً قبل عدة سنوات.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي تتوارى التعليقات التي تنتقد هذا الاحتفاء الكبير، سواء من باب المحافظة الدينية أو الانتقادات الحقوقية والاقتصادية، وراء سيل من المنشورات التي تحمل مزيجاً من الفخر بالانتماء ل “السعودية العظمى” وشحذ الهمم ل “الوصول إلى القمة” وشغل المكان الأول الذي تستحقه المملكة، والذي سيتحقق، كما تتغنى واحدة من الأغنيات التي أطلقت بمناسبة هذا اليوم، مع تطبيق رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
التحول من الدين إلى القبيلة
في حديثه ل بي بي سي نيوز عربي، يستذكر الباحث السعودي، الدكتور عبدالله عساف، متابعته للاحتفاء “البسيط” بذكرى اليوم الوطني في وسائل الإعلام الرسمية التي كانت “تذكر إنجازات الوحدة والتوحيد، وتشيد بالملك عبد العزيز ورجاله وتأسيسهم لهذا البلد العظيم”، وذلك في إشارة إلى توحيد نجد والحجاز وميلاد المملكة العربية السعودية عام 1932.
ويقر عساف أن بعض “الموانع الدينية” كانت تحول دون إحياء ذكرى هذا اليوم عبر فعاليات كبيرة، مشيراً إلى أن المجتمع السعودي الذي ينتمي جله الآن إلى فئة الشباب، والذي عرف ظهور قيادات سياسية شابة، مر بتحولات عديدة شملت حتى الفكر الديني “الذي أصبح أكثر انفتاحاً على بعض الموضوعات التي كان يراها في السابق تتصادم مع الدين”.
لكن الأستاذة بمركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، مضاوي الرشيد، ترى أن ما تشهده السعودية في السنوات الأخيرة يشكل المرحلة الثالثة في مسيرة بناء القومية السعودية التي يتم تخيلها من قبل حكام المملكة وتُفرض على المجتمع السعودي.
“بدأت المرحلة الأولى مع بداية تأسيس الدولة حيث استعمل النظام السعودي القومية الدينية مركزاً على الوهابية كقوة تصهر المجتمع في إطار ديني واحد، ثم جاءت نهاية الستينيات التي شهدت تبني النظام السعودي للقومية الأممية الإسلامية، التي استخدمت في سياق الحرب الباردة وكوسيلة لكسب الشرعية الدينية خارج حدود المملكة٬ وكخطاب قومي في مواجهة تيارات القومية العربية والتيارات اليسارية”.
أما المرحلة الثالثة، فتقول الأكاديمية المقيمة في لندن، إنها بدأت في ثمانينيات القرن الماضي، وتزامنت مع صعود نجم الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز، ومع “شعور النظام السعودي بخطر القومية الإسلامية الأممية وقبلها القومية الدينية، خاصة بعد حادثة الحرم المكي عام 1979”.
شهدت السنوات التالية لهذه الحادثة إبرازاً لأهمية التراث السعودي المحلي والذي عبرت عنه فعاليات مثل مهرجان الجنادرية، في حين طغى الخطاب القبلي على سردية الدولة التي شكل الحرس الوطني المكون من أبناء قبائل متعددة قاعدتها العسكرية، تقول الرشيد، التي ترى أن خطاب القومية السعودية المعتمد حالياً يبني على هذا الخطاب الذي تمت بلورته من قبل الملك الراحل عبدالله وإن كان يأخذه إلى أبعاد أخرى.
مجتمع شاب
مع توليه حكم البلاد عام 2005 أقر العاهل السعودي الراحل، الملك عبدالله بن عبد العزيز يوم 23 سبتمبر/ أيلول من كل عام يوم إجازة رسمية للدولة، وهو ما ووجه بمعارضة شخصيات دينية اعتبرت مثل هذا الاحتفال غريباً على التقاليد الإسلامية.
وقد شهدت سنوات حكم الملك عبدالله (2005- 2015) تنفيذ عدد من السياسات التي عززها حكام المملكة الحاليون، شملت هذه السياسات تخفيف بعض القيود الاجتماعية والحد من سلطة المؤسسة الدينية فضلاً عن تبني برنامج ابتعاث طموح تمكن عبره آلاف من السعوديين والسعوديات من تلقي دراستهم الجامعية في الخارج.
يرفض الباحث السعودي، عبدالله عساف، الرأي القائل بأن فترة حكم الملك عبدالله شكلت المنعطف الذي أوصل المملكة إلى الخطاب القومي الذي يتم تبنيه في الوقت الراهن، لكنه يشير إلى الدور الذي لعبه جيل الشباب الذي انفتح على تجارب الدول المختلفة في بلورة خطاب قومي جديد.
لكن ما مرتكزات هذه القومية؟ يشير عساف إلى ثالوث يرتكز عليه السعوديون في بناء قوميتهم الجديدة تتشكل أضلاعه من الهوية الوطنية السعودية ثم الهوية العربية وثالثاً الانتماء الديني. أما روافد الهوية الوطنية، فتقوم بحسب الأكاديمي السعودي على “الانتماء للبلد ووجود علاقة فريدة تربط بين الحاكم والمحكوم”.
“قومية شوفينية”
لا تختلف هذه الرؤية بشكل كبير عن القراءات التي تشير إلى المركزية الكبيرة التي تلعبها شخصية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في إعادة بناء السردية الوطنية السعودية. يحيل عساف هذا الأمر إلى “خصوصية العلاقة التي تجمع السعوديين بحكامهم والتي تقوم على طاعة ولي الأمر والتعامل الأبوي بين الحاكم والمحكوم، وهي العلاقة التي قد تبدو غير مفهومة بالنسبة للبعض في الغرب أو لبعض العرب من ذوي الانتماءات اليسارية والعلمانية”.
أما ولي العهد فيتحدث عساف عنه في إطار حاجة الأمم إلى قائد ليقود عملية التغيير والتحديث، ويضيف ” الأمير محمد بن سلمان أذاب الحواجز التي كانت تقف أمام الانطلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت تقف أمام تطلعات التغيير، لهذا التف الشعب السعودي المتطلع لمستقبل زاهر حوله.”
لكن مضاوي الرشيد ترى أن ربط المجتمع السعودي بشخص الأمير محمد بن سلمان جاء ضمن إطار خطة مدروسة لتحقيق أهداف سياسية من خطاب القومية تتمثل في تثبيت شرعية الأمير، الذي تم ربط تحقيق “العظمة” السعودية الموعودة بتطبيق الإصلاحات التي قام بها، في خطاب موجه إلى الشباب السعودي بهدف “تجييشهم والتركيز على ولائهم لمحمد بن سلمان كشخص”.
في هذا الإطار تختلف الرشيد جوهرياً مع الرؤية التي تروج للخطاب القومي الجديد للمملكة كبوتقة انصهار تجمع مكونات الشعب السعودي من مختلف انتماءاتهم القبلية والعرقية ضمن إطار وطني يتساوى فيه الجميع أمام القانون ويشكل حماية ضد محاولات الطعن في النسيج الوطني، إذ تشير إلى حملات الاعتقال والإقصاء التي شهدتها المملكة منذ عام 2017 والتي طالت شخصيات تنتمي إلى تيارات فكرية مختلفة تقول إن الإعلام السعودي لم يتوانَ عن إلصاق تهمة الخيانة بها.
“نحن الآن أمام قومية عنصرية، استعلائية، شوفينية تنبع من العمق السياسي والداعم للنظام السعودي وتفرض على المجتمع بأسره دون السماح بوجود أي صوت معارض أو مشكك في سياسات ابن سلمان”.
[ad_2]
Source link