الانتخابات المغربية 2021: كيف وجّه العاهل المغربي ضربة للإسلام السياسي؟
[ad_1]
- مجدي عبد الهادي
- محلل شؤون شمال أفريقيا
مُني الحزب الإسلامي الذي كان يقود الإئتلاف الحكومي في المغرب بهزيمة ساحقة في الانتخابات الأخيرة، وهو تحول في الأحداث يتردد صداه في جميع أنحاء شمال إفريقيا بالنظر إلى الدور الرائد للإسلام السياسي مع اندلاع شرارة الربيع العربي.
فقد وجد حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية ،والذي كان أول حزب إسلامي يتولى السلطة في انتخابات في المنطقة والشرق الأوسط برمته، أن حصته من المقاعد البرلمانية قد تقلصت من 125 إلى 12 مقعدا فقط.
وبالعودة إلى عام 2011، كان الشعور ببداية جديدة بالنسبة للكثيرين في المغرب حقيقيا. وكان التطور يتناغم مع العصر.
كانت الاحتجاجات التي اندلعت بداية في تونس، والتي عُرفت لاحقا باسم الربيع العربي، على قدم وساق. وقد أسفرت الاحتجاجات في ذلك العام عن الإطاحة بزين العابدين بن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر، ومعمر القذافي في ليبيا.
كما كانت الأحزاب الإسلامية بصدد الفوز في الانتخابات في مصر وتونس، وتغيير مجرى التاريخ كما كان يأمل الكثيرون.
ورأى ملك المغرب محمد السادس أين تهب الرياح وتصرف بسرعة لاستباق أي اضطراب مماثل يمكن أن يهدد عرشه.
فأقال العاهل المغربي حينئذ الحكومة وحل البرلمان لوقف موجة الاحتجاجات المتصاعدة، وأعلن عن خطط لصياغة دستور جديد لوضع المغرب على مسار جديد.
“تغييرات تجميلية”
تمت الموافقة على تلك التغييرات لاحقا بنسبة بلغت 98.5 في المئة من الأصوات، كما تمت الإشادة بالملك باعتباره مغيرا لقواعد اللعبة، وساعد ذلك في تصوير الملك على أنه حاكم مطلق مرن يرغب في تقاسم السلطة مع الشعب.
لكن الإصلاحات التي وعد بها الملك تم رفضها باعتبارها تجميلية من قبل حركة 20 فبراير للتغيير، وهي اللافتة التي تم تنظيم المظاهرات تحتها خلال الربيع العربي.
لقد توجهت الحركة إلى الشوارع للمطالبة بإصلاح جذري لتحويل المغرب إلى ملكية دستورية حيث “يملك الملك ولكن لا يحكم”، وهو رمز للأمة، وذلك تصور أكثر انسجاما مع الملكيات الأوروبية في بريطانيا أو الدول الاسكندنافية.
وفي الواقع، احتفظ الملك في الدستور الجديد بجميع السلطات تقريبا التي كانت بيده في الماضي حيث واصل السيطرة على السياسة الخارجية والدفاعية والأمنية.
كما احتفظ بمنصبه كزعيم روحي للأمة، فهو رسميا “أمير المؤمنين”، وهو وصف تاريخي لا يستخدم في أي مكان آخر اليوم، ويستند إلى الادعاء بأنه من السلالة المباشرة للنبي محمد.
ومع ذلك، كان الدستور الجديد يبشر ببداية جديدة لبعض أفراد الطبقة السياسية، بما في ذلك حزب العدالة والتنمية.
وانتهز الحزب الفرصة وركب ذروة موجة السخط الواسعة على الأحزاب السياسية القديمة.
ولم يمنع الملك وحاشيته، الذين تحملوا الإسلاميين على مضض، صعودهم لاستكمال الواجهة الديمقراطية، مع الاحتفاظ بخيوط السلطة الحقيقية.
وزاد حزب العدالة والتنمية من حصته البرلمانية في الانتخابات اللاحقة في عام 2016 ليصل إلى إلى 125 مقعدا ليستمر لخمس سنوات أخرى في السلطة.
الكأس المسموم
على الرغم من أن الجميع تقريبا توقعوا أن يفقد الحزب بعض الأصوات في انتخابات الأسبوع الماضي، لكن لم يتوقع أحد هذه الهزيمة الساحقة، حتى زعيم الحزب ونائبه فقدا مقعديهما، مما دفعهما إلى الاستقالة الفورية.
ربما يكون من السابق لأوانه تفسير أسباب هذا السقوط المدوي، لكن المراقبين يتفقون على أن حزب العدالة والتنمية فشل ببساطة في الوفاء بوعوده الانتخابية.
وهم يجادلون بأن الحزب الذي يحمل اسم “العدالة” و “التنمية” قد فشل في تحقيق أي منهما.
فقد تعهد الحزب، على سبيل المثال، بإخراج المزيد من المغاربة من براثن الفقر وتحسين التعليم العام والصحة، لكنه فشل في القيام بأي من ذلك بل على العكس من ذلك، فقد اتسعت الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
وعلاوة على ذلك، نفّر الحزب بعض قاعدته عندما أقر قانونا مثيرا للجدل يقضي بمنح المعلمين عقود ا لمدة عامين مما يحرمهم من الأمن الوظيفي، ويعتبر البعض هذا الأمر الخطوة الأولى على طريق خصخصة نظام التعليم.
وفيما يتعلق بمسألة مكانة اللغة الفرنسية في التعليم، وهو موضوع حساس بشكل خاص بالنسبة للحزب الذي يدافع عن الهوية العربية الإسلامية في المستعمرة الفرنسية السابقة، فقد فشل الحزب في منع قانون جعل الفرنسية لغة تدريس العلوم في المدارس.
ويقول منتقدو الحزب إنه بمجرد وصوله إلى السلطة أصبح أكثر ملكية من الملك، وانحاز إلى “المخزن”، وهو المصطلح الذي يستخدمه المغاربة للإشارة إلى الملك ورجال الحاشية القوية والأجهزة الأمنية في مواجهة أولئك الذين خاضوا نزاعات حقوقية وعمالية كبيرة .
ويعتقد بعض المعلقين أن الخطأ الأكبر للحزب كان تولي مسؤولية الحكومة دون أن تكون له السلطة الحقيقية التي تقع في يد الملك. كان ذلك مثل تجرع كأس مسموم.
كما أن التغيير في قانون الانتخابات، الذي لم يقترحه حزب العدالة والتنمية ولكنه أقره مجلس النواب في آذار/ مارس الماضي، وجه أيضا ضربة قاصمة لفرص الحزب في تحقيق فوز انتخابي كبير آخر.
فقد ساهم تقليص الحد الأدنى من الأصوات التي يسمح للأحزاب الصغيرة على أساسها بدخول البرلمان، وفرز الأصوات على أساس جميع الناخبين المؤهلين بدلا من الاقتراع الصحيح فقط، في خسارة الحزب.
وقد عارض الحزب هذه التغييرات قائلا إنها غير دستورية، لكنه فشل في منعها في البرلمان.
وفي ظاهر الأمر، صُممت تلك التغييرات للسماح بمزيد من التعددية لكنها في الواقع أدت إلى مزيد من تفتيت المشهد السياسي، وهو تكتيك لطالما استخدمه المخزن، كما يقول المحللون، لتقويض الأحزاب السياسية.
تمثيلية الانتخابات؟
قوبلت أنباء فشل حزب العدالة والتنمية إقليميا بالبهجة. ويُنظر في مصر والخليج إلى الحزب على أنه النسخة المغربية لجماعة الإخوان المسلمين التي تم تصنيفها على أنها “إرهابية” في بعض البلدان.
واعتبر المعلقون سقوط حزب العدالة والتنمية بمثابة المسمار الأخير في نعش الإسلام السياسي.
وفي المغرب، من الآمن القول إن تهميش حزب العدالة والتنمية يشير إلى أن المخزن قد نجا الآن تماما من عاصفة الربيع العربي وما تلاها مباشرة.
لكن التوترات الكامنة الناشئة عن السعي إلى حكومة ذات تمثيل حقيقي وخاضعة للمساءلة، أو من الرغبة في ضبط سلطات الملك، لم تختف.
وقال عزيز أخنوش، الرجل الذي رشحه الملك لتشكيل الحكومة الجديدة وهو ملياردير وزعيم حزب التجمع الوطني للأحرار الحائز على أكبر عدد من الأصوات، إن حكومته ستعمل على “تنفيذ استراتيجية الملك”.
وتعليقا على ذلك البيان، كتب الصحفي المغربي المخضرم حميد المهداوي يقول إن جميع المكلفين السابقين برئاسة الوزراء قالوا نفس الشيء. وتساءل عن الهدف من الانتخابات وما إذا كانت “العملية كلها من تصويت وانتخابات تمثيلية”.
[ad_2]
Source link