العمل عن بعد: هل نجحت تجربة العمل من المنزل خلال فترة تفشي وباء كورونا؟
[ad_1]
- برايان لوفكين
- صحفي
دفع تفشي جائحة فيروس كورونا الكثيرين في شتى أرجاء العالم إلى خوض تجربة “العمل عن بُعد”، التي تعلمنا منها الكثير من الأشياء.
علمتنا التجربة تفاصيل عن قدراتنا الإنتاجية والتواصل والحدود الفاصلة بيننا، وأثبتنا جميعا قدرات على إنجاز مهامنا الوظيفية، الأمر الذي عزز طرح مناقشات واسعة النطاق في العالم بشأن هياكل العمل داخل المؤسسات بمجرد انحسار كوفيد-19.
وعلى الرغم من ذلك يوجد شيء واحد نسعى إلى إغفاله دوما، وهو أننا لم نكن نعمل فقط من المنزل، بل كنا نعمل من المنزل أثناء فترة تفشي الوباء.
بدأت تجربة العمل من المنزل في يوم وليلة تقريبا، بأقل قدر من التحضير أو الدعم، وكنا نعمل على طاولات المطبخ في منازلنا، وأحيانا نراقب أطفالنا، أثناء الاحتماء من الفيروس، كان الجميع في ذات القارب، يعملون عن بُعد دون اختيار.
يعني ذلك أنه على الرغم من أننا كنا نعمل من المنزل، إلا أن تجربتنا تشكلت ضمن مجموعة من الظروف المحددة والاستثنائية وبطريقة جماعية، وعندما ينفتح العالم من جديد، ستتغير تلك الظروف، مما يعني أن العمل عن بُعد قد يبدو مختلفا نوعا ما.
ويقول بعض الخبراء إننا بحاجة إلى تحديد أي جزء من تفاصيل “تجربتنا” قد يكون غير ممثل لواقع العمل عن بُعد لفترة طويلة في مجتمع خال من الوباء، بينما يقول آخرون إن “تجربتنا” خلال تفشي الوباء علمتنا المزيد عن العمل عن بُعد أكثر مما كنا نتصور.
وأثمرت تجربة العمل من المنزل عن آثار إيجابية وسلبية خلال حالة طوارئ صحية على مستوى العالم، ويقول الخبراء إن تحديد هذه الأمور قد يساعد في تحسين أداء العمل في المستقبل.
لماذا الوباء ليس هو الدليل الأفضل؟
بدأنا جميعا فجأة العمل عن بعد بسبب تفشي الوباء، يعني ذلك أننا لسنا في وضع أفضل يجعلنا نستطيع أن نحكم على مدى جودة أو ضعف العمل في ظل الظروف “العادية”.
وتقول مارثا مازنيفسكي، أستاذة السلوك التنظيمي في جامعة ويسترن أونتاريو: “سادت حالة كبيرة من الغموض، شعرنا جميعا بضغط وترقب لما سيحدث للمجتمع؟”
كانت الأشهر الثمانية عشر الماضية صعبة بالنسبة للكثيرين، تعرض البعض للقلق النابع من مخاطر الصحة والوحدة والملل، بينما كان البعض الآخر يسعى إلى التوفيق بين الأطفال والتعليم المنزلي إلى جانب مسؤولياته المهنية، وكان علينا جميعا التكيف بسرعة مع طرق العمل الجديدة.
لم تكن بيئة العمل، على سبيل المثال، تحتاج بالضرورة إلى مكاتب تنتصب في المنازل، بل كانت أكواما من الكتب على طاولات المطبخ، أو حتى على الأسرّة.
كما طورت منصة “زووم” سبل إجراء المحادثات، المهنية أو الشخصية، لأننا لم نتمكن من مغادرة منازلنا خوفا من الإصابة بالفيروس، لذا من الإنصاف أن نفترض أن مثل هذه العوامل شكلت قدرة الأشخاص على العمل، ووجهة نظرهم بشأن تجربة العمل عن بُعد، في الوقت الذي قد لا يرغب البعض الآخر مطلقا في العمل بعيدا عن المكتب مرة أخرى.
وعلى الرغم من ذلك لم تكن كل تلك الظروف “القسرية” سيئة، فالجميع واجه نفس التحديات، وسعى الجميع إلى إيجاد الحلول، بيد أن التجربة قد تكون مفيدة واستثنائية خلال فترة الوباء، لكن بمجرد أن نعود إلى عالم تختلف فيه سياقات العمل بين الأشخاص، ستبدأ طرق العمل في الاختلاف مرة أخرى، وقد يصبح دمج العمل عن بُعد أكثر تعقيدا.
وتقول أنيتا وولي، الأستاذة المشاركة في السلوك التنظيمي والنظرية في جامعة “كارنيغي ميلون” الأمريكية: “العمل عن بعد كان جيدا، إننا ندخل الآن مرحلة الدمج بين (البعيد وغير البعيد)، هذا يتطلب الكثير من التفكير”.
والآن مع بدء بعض الشركات في تطبيق أسلوب العمل المختلط، قد يدرك الموظفون قريبا أنه سيكون من الصعب الانسحاب بالكامل من العمل عن بُعد، عندما يكون بعض الأشخاص في المنزل بينما يكون الآخرون في المكتب، في ظل توفير سبل لتسهيل بناء العلاقات والتعاون من أجل إحراز التقدم في شركة.
بالإضافة إلى ذلك فقد كانت ساعات العمل التي حددناها أثناء العمل عن بُعد مرتبطة بحقيقة أننا كنا عالقين في المنزل، في حين أن ثمة بيانات تشير إلى أننا كنا أكثر إنتاجية أثناء الوباء، وحقيقة أن بعض الشركات كانت أكثر إنتاجية مقارنة بغيرها، قد يكون بسبب عمل موظفين ساعات أطول كل يوم، إلى حد الإنهاك.
كانت خيارات الترفيه المتاحة قليلة للغاية، فضلا عن شعورنا بالقلق على وظائفنا، الأمر الذي دفع العديد من الأشخاص إلى اللجوء لفكرة قضاء ساعات أطول في العمل، لذا لا ينبغي أن نتصور بالضرورة أن العمل عن بُعد، على نطاق واسع، جعل الناس أكثر إنتاجية، حتى لو وفرنا الوقت في أشياء مثل التنقلات اليومية.
لا تدق جرس الإنذار
على الرغم من ذلك لا يشعر جميع الخبراء بقلق من احتمال تشوه وجهة نظرنا بشأن العمل عن بُعد.
ويقول البعض إن ظروف العمل التي واجهتنا لا ينبغي إغفالها من التجربة، بل يجب أن تساعد في توجيه طريقة طرح سياسات العمل عن بُعد لفترات طويلة المدى من أجل تحقيق تقدم.
ويشير نيكولاس بلوم، أستاذ الاقتصاد في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، إلى “ثلاث قواعد ذهبية” كان يُعتقد، قبل انتشار الوباء، أنها حاسمة لنجاح تجربة العمل عن بُعد.
أولا، وجود مساحة عمل ليست في نفس الغرفة التي تنام فيها، ثانيا، وجود سرعة انترنت عالية، ثالثا، خبرة قوامها ستة أشهر أو أكثر في الوظيفة حتى تستطيع إنجاز عملك.
ويقول بلوم إن التجربة خلال تفشي الوباء أثبتت أن القواعد الثلاث لم تكن مطلوبة في الواقع، ولولا الطبيعة الاستثنائية للوباء، لما استطعنا رصد الفروق.
ونستطيع الآن النظر إلى ظروف العمل عن بُعد خلال الوباء، واستخدام ما تعلمناه لتحسين إعداداتنا، ويعتقد بلوم أن من “الإيجابي بشكل لا يصدق” أن يكون العمل عن بُعد خلال فترة الوباء “أكثر نجاحا مما توقعه أي شخص على الإطلاق”.
ويقول إن تجربة العمل عن بُعد “القسرية” أشبه بمقارنة طرازين من الهواتف الذكية. لنفرض أنك اشتريت هاتفا ذكيا أصليا منذ سنوات، وكنت تعتقد في ذلك الوقت أنه مناسب بالنسبة لك، لكنك اشتريت في وقت لاحق هاتفا أحدث من الأول، وأدركت فجأة مدى ملاءمته أكثر لظروفك مقارنة بالطراز الأصلي. هذا ما يمكن أن ينطبق على العمل عن بُعد في أعقاب كوفيد-19.
كما يعتقد بلوم أنه لولا بيئة الضغط الاستثنائية التي واكبت فترة الوباء، لما تحقق العديد من طفرات الابتكار التكنولوجي للعمل عن بُعد.
وأشار بلوم وزملاؤه في ورقة بحثية عام 2021 إلى أن عدد طلبات براءات الاختراع الأمريكية ذات الصلة بتكنولوجيا دعم العمل عن بُعد ومؤتمرات الفيديو والعمل من المنزل تضاعف خلال الفترة بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2020.
ويقول بلوم إن منصة زووم هي الأخرى أصبحت “أفضل بكثير الآن مما كانت عليه قبل بضعة أشهر”.
ويقول كيفن جونسون، الأستاذ المشارك في الإدارة في كلية “إتش إي سي مونتريال” لإدارة الأعمال، إن الوباء أعطى العمل عن بُعد دفعة لم تكن لتحدث ما لم نمر بالتجربة.
ويضيف: “لدينا الزخم الذي نستعين به خلال الأشهر والأسابيع المقبلة لمحاولة بناء شيء أكثر تكاملا في نظام الإدارة وأنماط القيادة لدينا”.
وأخيرا نعترف أنه في الوقت الذي دحض فيه العمل عن بُعد أثناء الوباء آراء العديد من الأشخاص بشأن الشكل الذي سيبدو عليه العمل عن بُعد لفترات طويلة، فإن الطرق الاستثنائية التي أثر بها الوباء على تجربة العمل عن بُعد يمكن أن تكون بمثابة نقاط تعلم في المستقبل.
[ad_2]
Source link