أفغانستان تحت حكم طالبان: من المستفيد ومن المتضرر؟
[ad_1]
- بابلو أوجوا
- بي بي سي – الخدمة العالمية
مع وصول طالبان إلى دفة الحكم في أفغانستان، تتسابق دول أخرى للتكيف مع هذا التغير في السلطة.
وبدأت موجة من الإتصالات الدبلوماسية بين عواصم العالم، من موسكو إلى بكين، ومن برلين إلى إسلام أباد.
وكما أظهر الهجوم على مطار كابول في 26 أغسطس/ آب، أن الجماعات المسلحة تتفاعل هي الأخرى مع سلطة طالبان. لكن ما هي المصالح التي يسعى هؤلاء اللاعبون إلى الحفاظ عليها أو تحقيقها بعد سيطرة طالبان على هذا البلد؟
باكستان
لدى جارة أفغانستان، باكستان الكثير لتكسبه أو تخسره جراء تغيير السلطة في كابول. إذ يشترك البلدان في حدود طولها 2400 كم ، كما أن هناك 1.4 مليون لاجئ أفغاني في باكستان، وكثيرون منهم يعيشون هناك بدون أوراق رسمية، لذلك قد تخسر الكثير من حالة عدم الاستقرار في أفغانستان.
لكن ربما تكون أيضاً، أكثر دولة لديها علاقات وثيقة مع طالبان. إذ ظهرت حركة طالبان في شمال باكستان في بداية تسعينيات القرن الماضي.
وتلقى العديد من الأفغان الذين انضموا في البداية إلى الحركة تعليمهم في المدارس الدينية الباكستانية.
وعلى الرغم من أنها نفت دائماً مساعدتها لطالبان، إلا أنها كانت واحدة من ثلاث دول فقط، إلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي اعترفت بالجماعة عندما استلمت دفة الحكم في أفغانستان في عام 1996، كما كانت آخر دولة قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الحركة.
على الرغم من توتر العلاقة فيما بعد، يقول عمر كريم، الزميل الزائر في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن (RUSI) ، “المزاج العام السائد بين صانعي القرار الباكستانيين هو الاعتقاد بأنهم اكتسبوا بعض القوة” هذه المرة.
بالنسبة لأولئك الذين في باكستان، يرون العالم من منظور المنافسة مع الهند، فسيطرة طالبان تعني نفوذاً أقل للهند في البلاد.
ويقول كريم: “كانت باكستان منزعجة بشكل خاص من وجود قنصليات هندية على طول الحدود الأفغانية الباكستانية، في مدن مثل جلال أباد وقندهار”.
“لقد اعتبرتهم الرعاة الرئيسيين للعناصر المناهضة لباكستان، مثل جماعة تحريك طالبان باكستان في الشمال ومختلف الجماعات المتمردة البلوشية في الجنوب”.
يقول كريم إنه بوجود طالبان في السلطة، تعتقد باكستان أن بإمكانها إعادة بناء نفوذها.
ويضيف: “تتم معظم التجارة في أفغانستان عبر باكستان، بما في ذلك المنتجات الأساسية مثل الدقيق والأرز والخضروات والإسمنت ومواد البناء”.
بالإضافة إلى ذلك، تريد باكستان إنشاء “جسر اقتصادي” مع جمهوريات آسيا الوسطى عبر أفغانستان، مما يساعد على ربط البلاد باقتصاد المنطقة الأوسع.
هذا الاعتماد الاقتصادي يمكن أن يشجع طالبان على التعاون مع باكستان في مجموعة من القضايا، بما في ذلك مسألة الأمن.
يقول كريم: “ليس هناك أي احتمال أن تكون حكومة طالبان التي تواجه فعلياً عزلة عالمية، ضد باكستان”.
روسيا
لا تزال روسيا تتذكر الحرب التي دامت عقداً من الزمن وخسرها الاتحاد السوفييتي ضد المتمردين الأفغان بين عامي 1979 و 1989.
وعلى الرغم من قلة مصالحها في أفغانستان في الوقت الحاضر، إلا أن عدم الاستقرار في البلاد يمكن أن يكون له تأثير كبير على جيرانها الشماليين، وهي دول سوفيتية سابقة لا تزال مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بروسيا.
القلق الرئيسي لروسيا هو ما إذا كانت أفغانستان قد تصبح ملاذاً آمناً للجهاديين من منطقة القوقاز، لا سيما لما يسمى بتنظيم “الدولة الإسلامية”، أعداء كل من روسيا وطالبان. لذلك، أدركت موسكو قوة طالبان وسارعت إلى التعامل معها حتى قبل بدء القوات الغربية بالانسحاب من أفغانستان.
وقال فيودور لوكيانوف، محرر مجلة روسيا للشؤون العالمية، لبي بي سي، إن موسكو ستواصل “سياستها المزدوجة” بشأن أفغانستان.
فمن ناحية، تسعى للتواصل مع طالبان لضمان أمنها السياسي، ومن ناحية أخرى، هناك زيادة في عدد القوات الروسية في طاجيكستان، عدا عن تعاون عسكري مكثف مع طاجيكستان وأفغانستان لمنع “المتطرفين” من القدوم إلى تلك البلدان عبر الأراضي الأفغانية.
وعلى نطاق أوسع، فإن انسحاب الولايات المتحدة من آسيا الوسطى يقلل من نفوذ واشنطن في منطقة تعتبرها روسيا مجال نفوذها.
وقال أركادي دوبنوف، المحلل السياسي في موسكو، لصحيفة فاينانشيال تايمز: “ما هو جيد بالنسبة لنا هو سيء للأمريكيين، وما هو سيئ لنا هو جيد للأمريكيين. واليوم الوضع سيء بالنسبة للأمريكيين ، لذا، هو جيد بالنسبة لنا”.
الصين
تتعلق مصالح الصين في أفغانستان بالاقتصاد والأمن. مع انسحاب الولايات المتحدة، أصبحت الشركات الصينية في وضع جيد لاستغلال إمكانات التعدين في أفغانستان، بما في ذلك المعادن النادرة التي تدخل في صناعة الشرائح الدقيقة وغيرها من التقنيات المتطورة.
ويقدر الخبراء الأمريكيون الاحتياطيات الأفغانية بما قيمته تريليون دولار، لكن بحسب الحكومة الأفغانية قيمتها ثلاثة أضعاف ما قدره الخبراء.
ذكرت صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية للشؤون الدولية في 24 أغسطس / آب، أن الشركات الصينية لا تزال تدرس المخاطر السياسية والأمنية. فبالإضافة إلى ذلك، ستعتمد قدرتها على العمل في أفغانستان على مدى تأثر الأخيرة بأي عقوبات غربية قد يتم فرضها، حسبما ذكرت الصحيفة.
وفي المقابل، تتوق الشركات الصينية الخاصة إلى الاستفادة من سوق “تفتقر لآلاف الأشياء” بحسب الصحيفة.
من منظور استراتيجي، لدى الحكومة الصينية سبب وجيه لمزيد من الإنخراط في أفغانستان، تقع الدولة عند مفترق طرق حاسم لمبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الصيني، والتي تتضمن التجارة ومشاريع البنية التحتية في كل من إيران وباكستان.
ومثل موسكو، تشعر بكين بالقلق من إمكانية استخدام أفغانستان كملاذ آمن للمتطرفين في المنطقة، ولا سيما للمنحدرين من منطقة شينجيانغ غربي الصين.
يقول جوناثان ماركوس، المحلل الدبلوماسي والمراسل السابق لبي بي سي، إن الصين “تشترك في حدود قصيرة مع أفغانستان. وتضطهد بشكل نشط أقلية الإيغور المسلمة لديها، لذا ينبع شعورها بالقلق من احتمال أن يسعى “الإرهابيون” المناهضون لبكين إلى استخدام أفغانستان كقاعدة لهم.
إذاً، لا عجب من حرص الصين على علاقاتها الدبلوماسية ومجاملتها لطالبان خلال الأسابيع الأخيرة”.
خلال مكالمة هاتفية في 25 أغسطس/آب، اتفق الرئيسان الصيني والروسي، على التأهب والاستعداد “لتكثيف الجهود لمكافحة تهديدات الإرهاب وتهريب المخدرات القادمة من أراضي أفغانستان”.
إيران
يقول عمر كريم إن إيران لها علاقات مع طالبان “منذ عدة سنوات” ، ولا سيما من خلال فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني (IRGC) المتخصص في الحروب غير التقليدية والذي تعتبره الولايات المتحدة جماعة إرهابية.
“إنها تحافظ على علاقة عمل مع طالبان”. لقد استضافت إيران قادة طالبان وقدمت لهم السلاح والدعم المالي، مقابل تساهل الحركة مع الشيعة الأفغان، ولا سيما أقلية الهزاره، ولهذا السبب سقطت معاقل الهزاره في وسط أفغانستان بيد طالبان دون إطلاق رصاصة واحدة”.
على الرغم من ذلك كانت هناك تقارير عديدة عن إساءة معاملة أقلية الهزاره من قبل مقاتلي طالبان.
ويقول كريم إن العزلة العالمية لأفغانستان ستمكن إيران من زيادة نفوذها في البلاد.
وستكون إيران مهتمة على الأرجح بالحصول على بعض الطائرات بدون طيار (الدرون) والصواريخ وأنظمة الأسلحة الأخرى التي خلفتها الولايات المتحدة أو التي أصبحت الآن في أيدي طالبان لاستخدامها في برامج التصنيع الدفاعية الخاصة بها وتحليلها.
إن تحقيق الاستقرار في أفغانستان سيقلل أيضاً من تدفق المهاجرين إلى إيران، التي تستضيف حالياً 780 ألف لاجئ وطالب لجوء أفغاني، وفقاً لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
الدول الغربية
قد يحاول القادة الغربيون وصف الحملة التي استمرت 20 عاماً بأنها ناجحة لكن ليس هناك شك في اعتقاد طالبان أن النصر كان من نصيبها.
أما بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، قد تستغرق إعادة بناء صورتهم بعد كل ما جرى، بعض الوقت.
لكن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قالت في حديثها أمام البرلمان الألماني في 25 أغسطس / آب: “لا يجب أن يعني الانسحاب نهاية الجهود المبذولة لمساعدة الجهات التي تعين الأفغان ومساعدة الأفغان الذين تُركوا في ظروف حرجة مع استيلاء طالبان على السلطة”.
وقالت: “يجب أن يكون هدفنا حماية أكبر قدر ممكن لما تم تحقيقه في أفغانستان في السنوات العشرين الماضية”.
وفي حديثه بعد اجتماع افتراضي لمجموعة السبع في 24 أغسطس، قال رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، تشارلز ميشيل، إنه “من السابق لأوانه تحديد نوع العلاقات التي سنطورها مع السلطات الأفغانية الجديدة”.
وقال ميشيل إن هذه العلاقة الجديدة ستعتمد على “أفعال وموقف النظام الجديد، مثل الحفاظ على الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين الأفغان، وحقوق الإنسان الخاصة بهم، ولا سيما حقوق النساء والفتيات والأقليات، كما سيتعلق الأمر بالالتزامات الدولية تجاه أفغانستان ولا سيما الأمن ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات”.
كما سيكون منع موجة جديدة من اللاجئين وطالبي اللجوء من أولويات الدول الغربية، بالإضافة إلى محاولة منع أفغانستان من أن تصبح بؤرة خصبة للتطرف.
ظهر هذا الخطر خلال الهجمات التي وقعت بالقرب من مطار كابول، والتي تبناها فرع الدولة الاسلامية- ولاية خراسان لتنظيم الدولة الإسلامية.
وكانت أجهزة المخابرات الأمريكية في الأيام السابقة قد حذرت من تهديد وشيك بشن هجوم من قبل المجموعة التي تعد منافسة لطالبان.
وفي حديثه بعد الهجوم، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه سيتم ملاحقة الذين نفذوا الهجوم.
“إلى أولئك الذين نفذوا هذا الهجوم، وكذلك لمن يتمنى أن تتضرر أمريكا، اعلموا أننا لن نغفر لكم ولن ننسى، سنطاردكم ونجعلكم تدفعون الثمن، سأدافع عن مصالحنا وشعبنا بكل ما أوتيت من قوة”.
ومن بين بنود الاتفاق بين طالبان والولايات المتحدة أن طالبان لن تسمح للجماعات المتطرفة باستخدام البلاد كقاعدة لتنظيم هجمات على الولايات المتحدة أو حلفائها. لكن المذبحة التي حصلت في مطار كابول، أثبتت أن هذه الجماعات موجودة بالفعل في البلاد وتنشط فيها.
الجماعات الإسلامية
وكما أظهر الهجوم، ليس على الحكومات فقط التكيف مع النظام الإقليمي الجديد، بل أن وجود طالبان في سدة الحكم يؤثر على توازن القوى بين الجماعات المتمردة.
فمن جهة، يحذر الخبراء من احتمال عودة تنظيم القاعدة، الذي أدى هجومه على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر إلى غزو أفغانستان في عام 2001.
ومن جهة أخرى، ستواجه الجماعات الجهادية المنبثقة عن تنظيم الدولة الآن “ضغوطاً لإثبات أهميتها” بحسب سنا جافري، مديرة معهد تحليل سياسات النزاع (IPAC) في جاكرتا.
وقالت جافري لبي بي سي إن الجماعات الموالية لتنظيم الدولة، “تندد” بانتصار طالبان قائلة أنها “جاءت نتيجة صفقة شائنة مع الولايات المتحدة وليست نتيجة جهاد حقيقي”.
ومع ذلك، وصفتجافري انتصار طالبان بأنه “أفضل ما حققته مجموعات القاعدة منذ وقت طويل”.
وفي جنوب شرق آسيا، تم الاحتفال في مواقع التواصل الاجتماعي التي تديرها جهات متطرفة، وكذلك في بيانات رسمية بفوز طالبان.
“الرسالة الرئيسية التي استخلصوها من كل هذا هو أن المثابرة تؤتي ثمارها، وليس هناك شك في أن هذا سيلهم العديد من المتطرفين في المنطقة”.
[ad_2]
Source link