العمل: لماذا يكون ترك الوظيفة أمرا صعبا على النفس؟
[ad_1]
- جوانا يورك
- بي بي سي
الاستقالة من العمل – خاصةً عندما لا تكون هناك وظيفة جديدة – يمكن أن تكون صعبة من الناحية النفسية وتنطوي على وصمة عار. فهل يمكن لـ “موجة الاستقالات الكبرى” أن تغير ذلك؟
بمجرد إغلاق الصالات الرياضية في المملكة المتحدة في عام 2020 بسبب تفشي فيروس كورونا، استقال المدرب الشخصي جيمس جاكسون من وظيفته. يقول جاكسون، البالغ من العمر 33 عامًا والذي يعيش في مدينة مانشستر: “كنت قد علمت للتو أنه يجب علي الانتقال للعمل عبر الإنترنت. الصالة الرياضية مكان مزدحم، ولم أكن أتخيل أنها ستعج بالناس مرة أخرى. لقد شعرت أنه إذا توقفت عن العمل لفترة طويلة، فسوف أفقد فرصة جيدة”.
لكن قرار الرحيل عن العمل لم يكن سهلا على الإطلاق بالنسبة لجاكسون، الذي كان قد أمضى ثماني سنوات في بناء مسيرته المهنية وقاعدة من العملاء المخلصين.
يقول جاكسون: “كان التوقف عن العمل أمرًا مرعبًا، خاصة وأن العمل كمدرب شخصي كان هو كل ما أعرفه”.
كما وجد جاكسون صعوبة في التعامل مع آراء الآخرين، ويقول: “أعتقد مديري أنني اتخذت قرارًا متسرعًا وأنني سمحت لمشاعري أن تتغلب علي”.
واتفق معظم زملائه مع هذا الرأي، إذ يقول جاكسون: “لقد ظنوا أنني تسرعت واتخذت قرارا سيئا. كنت بالفعل قلقًا بشأن تقديم الاستقالة، كما أن ملاحظاتهم قد وضعت مزيدا من الشكوك في رأسي”.
وما لم يكن المرء ينتقل إلى وظيفة جديدة أفضل، فإن ترك وظيفته القديمة للعمل في مجال مختلف قد يكون أمرًا صعبًا ومزعجًا، بل ويجعل المرء يشعر بالفشل.
تقول عالمة النفس التنظيمي في دنفر بولاية كولورادو، ميليسا دومان: “عادة، ما زال الناس ينتقدون أنفسهم في حال تركهم للعمل. فبالنسبة للكثير من الناس، ترتبط الوظيفة ارتباطًا وثيقًا بهويتهم وكفاءتهم الذاتية”.
وعلى الرغم من كل هذه العوامل، هناك مؤشرات على أن الكثير من الناس يريدون ترك وظائفهم. ويفكر 41 في المئة من جميع العاملين في الاستقالة من وظائفهم، وفقًا لاستطلاع رأي عالمي حديث أجرته شركة مايكروسوفت. وفي الولايات المتحدة، ترك عدد قياسي من العمال وظائفهم في أبريل/نيسان 2021، ومن المتوقع حدوث موجات مماثلة في دول مثل المملكة المتحدة وأيرلندا وأستراليا ونيوزيلندا، لدرجة أنه بات يُطلق على هذا الأمر اسم “موجة الاستقالات الكبرى”.
وهناك أسباب متعددة لهذا الاتجاه، بدءا من إعادة الأشخاص تقييم ما يريدونه من حياتهم المهنية أثناء فترة تفشي الوباء، وصولا إلى ضغوط خلق حالة من التوازن بين الحياة المنزلية والعمل، أو حتى الاستياء من أصحاب العمل.
ومهما كان الدافع وراء ذلك، فإن العديد من الأشخاص الذين يختارون ترك وظائفهم الحالية سيجدون الأمر صعبا للغاية من الناحية النفسية، فغالبًا ما تؤدي الاستقالة من العمل إلى العديد من التداعيات السلبية، سواء من الأشخاص المحيطين بنا أو من أنفسنا، حتى لو كان لدينا سبب وجيه لترك العمل.
لكن الاضطرابات الناجمة عن تفشي الوباء – والعدد الهائل من الأشخاص الذين استقالوا من وظائفهم – يمكن أن تساعدنا في التخلص من وصمة العار التي كانت تلاحق من يستقيل من عمله، وإعادة صياغة الأمر كخيار أكثر إيجابية.
“غير مريح نفسيا”
تقول دومان إن وصمة العار الاجتماعية التي تلاحق من يتركون عملهم تنبع أساسًا من “فكرة قديمة جدًا مفادها أنه عندما تحصل على وظيفة أو مهنة فإنه يتعين عليك الاستمرار بها مدى الحياة – وهذا شيء لم يعد صحيحًا أو قائمًا على أرض الواقع في الوقت الحالي”.
وتركز هذه الفكرة على أن الطريق الأضمن للنجاح الوظيفي هو العمل الجاد والمثابرة، بل والاستعداد للمعاناة حتى تحصل على نتيجة أفضل في نهاية المطاف. بعبارة أخرى، تركز هذه الفكرة على كل الصفات التي لا يمتلكها من يستقيل من عمله!
وتشير الأبحاث إلى أن وصمة العار تلاحق بشكل أكبر الأشخاص الذين يتركون عملهم دون أن تكون هناك وظيفة أخرى يذهبون إليها. وفي حين أن الأشخاص الذين يستقيلون من عملهم من أجل فرص أفضل يستفيدون من البقاء في مسار وظيفي معترف به، فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2018 أن المتخصصين في الموارد البشرية والجمهور الأوسع ينظرون إلى الأشخاص الذين تركوا العمل على أنهم أقل كفاءة وأقل حماسا وأقل قدرة على العمل، منذ اللحظة التي أصبحوا فيها عاطلين عن العمل.
وكانت الطريقة الوحيدة للتخفيف من هذه الوصمة هي تقديم دليل على أن هؤلاء الأشخاص قد تركوا العمل بسبب عوامل خارجية، وليس طواعية.
ويمكن أن تسبب هذه الأحكام ضغوطا كبيرة على الشخص الذي يستقيل من عمله، فالاستقالة بدون أن تكون هناك خطة ملموسة تجعل الشخص أكثر عرضة للمعاناة من مشاعر الضيق والقلق. ويمكن أن يعاني المرء بعد تقديم استقالته من العديد من المشاعر السلبية، مثل الشعور بالخزي والذنب والخوف والفشل.
وعلاوة على ذلك، تقول دومان: “إذا تركت وظيفتك ولم يكن لديك شيء آخر تخطط للقيام به، فسيكون ذلك غير مريح من الناحية النفسية بالنسبة للشخص العادي، فمن الناحيتين الذهنية والعصبية لا يحب الدماغ عدم اليقين أو الغموض”.
ومن بين التداعيات السلبية لترك العمل، الشعور بالقلق المتزايد بشأن ما إذا كان تقديم الاستقالة في الأساس هو القرار الصحيح أم لا، بالإضافة إلى الشعور بالخوف من التفكير في المضي قدمًا إلى مستقبل غير معروف. وقد عانى المدرب الشخصي جاكسون من النقطة الأولى، خاصة وأن تركه العمل كان يعني بيع سيارته والعودة للعيش في منزل والديه، وكذلك التخلي عن الوظيفة الوحيدة التي كان يعرفها. وبالتالي، ظل يعاني من “قلق شديد” لدرجة أنه لم يكن يستطيع النوم لمدة أسبوع.
وعلاوة على ذلك، كثيرا ما تكون هناك بعض المشاعر المعقدة إذا كانت هناك ظروف صعبة وراء قرار الاستقالة من العمل. لقد مرت كريستين وايت، البالغة من العمر 40 عامًا والتي تعيش في ولاية كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة، بفترة “حزن” بعد تركها وظيفتها كمدربة للصحة البدنية، وتقول: “أتذكر أنني طلبت من زوجي أن يمهلني شهرًا أو شهرين لتجاوز هذا الأمر، لأنني كنت حزينة للغاية. لقد كان العمل هو مشروعي ومصدر اعتزازي، ثم ذهب كل هذا فجأة”.
تركت وايت مسيرة مهنية ناجحة في عام 2015 لكي تعتني بصحتها الذهنية بعد أن أنجبت طفلها الأول. وبعد فترة، أسست شركتها الخاصة، لكن خلال فترة الإغلاق في أبريل (نيسان) 2020 بسبب تفشي فيروس كورونا، واجهت وايت تحديا مزدوجا يتمثل في تحويل أعمالها عبر الإنترنت في نفس الوقت الذي كانت تعلم فيه أطفالها الصغار في المنزل. وتتذكر أنها شعرت بـ “العار” عندما أخبرت عملاءها وحتى أصدقاءها بأن عملها التجاري قد انتهى.
وقد يتأثر كثيرون بآراء الناس من حولهم. تقول دومان عن ذلك: “سيدلي الناس بآرائهم، سواء كنت تريد ذلك أم لا. وغالبًا ما تكون وجهة النظر السائدة عند تقديم الشخص لاستقالته هي أن هذا الشخص لم يتحمل ضغوط العمل”.
ولا تزال وايت تتذكر التعليقات اللاذعة التي سمعتها من دائرتها الاجتماعية الأوسع نطاقًا والتي تشير إلى أنها اضطرت إلى ترك حياتها المهنية لأنها لم تكن ناجحة بما يكفي. وتقول: “لقد طاردوني. وشعرت بأنهم قد حكموا علي على الفور بمجرد أن أصبحت أماً وربة منزل، بدلاً من امرأة عاملة في شركتها”.
[ad_2]
Source link