درجات الحرارة: كيف يؤثر القمر على حالة الطقس على كوكب الأرض؟
[ad_1]
- كاثرين لاثام
- بي بي سي
على مدى أجيال طويلة، كان الناس يراقبون القمر بحثًا عن علامات على حدوث تغيرات في الطقس ويعتقدون أن “القمر الشاحب يعني أن السماء ستمطر، والقمر الأحمر يعني هبوب عواصف، والقمر الأبيض يعني أنه لن تكون هناك أمطار أو ثلوج”. وبالفعل، ثبت أن القمر يؤثر على مناخ الأرض وأنماط الطقس بعدة طرق دقيقة.
قبل أربعة مليارات ونصف مليار سنة، اصطدم كوكبان قديمان واندمجا في كوكب واحد ليصبح كوكب الأرض. وخلال الاصطدام العملاق لهذين الكوكبين – الأرض البدائية وكوكب ثيا – انبثقت كتلة صخرية صغيرة لتصبح القمر الذي نعرفه. وبالتالي، فإن أقرب رفيق لنا في هذا الفضاء الفسيح يرتبط ارتباطًا جوهريًا بوجودنا، كما أن إيقاعات القمر تعد جزءا لا يتجزأ من دورات الحياة على الأرض.
ومع ذلك، فإن الأنشطة التي تحدث على سطح القمر وتأثيرها على الأرض غير مفهومة تمامًا. ويكمن التحدي الآن في التمييز بين ما هو أسطورة وخرافات وبين التأثير الحقيقي للقمر على كوكب الأرض.
يمكن رؤية التأثير الأكثر وضوحًا للقمر على الأرض في المد والجزر في المحيطات. فبينما تدور الأرض حول نفسها كل يوم، فإن جاذبية القمر تسحب الماء الموجود على أقرب جانب من الأرض نحو القمر، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع المياه.
وترتفع مياه البحر على الجانب الآخر أيضًا بسبب قوة الطرد المركزي الناتجة عن دوران الأرض. وتدور الأرض تحت هذه الانتفاخات المائية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع المد والجزر مرتين بالشكل الذي نراه كل يوم.
وكل 18.6 سنة “يتذبذب” مدار القمر بين حد أقصى وحد أدنى بمقدار زائد أو ناقص خمس درجات بالنسبة إلى خط استواء الأرض. وتسمى هذه الدورة، التي جرى توثيقها لأول مرة في عام 1728، الدورة العقدية القمرية.
وعندما يميل المستوى القمري بعيدًا عن المستوى الاستوائي، يصبح المد والجزر على الأرض أصغر. وعندما يكون مدار القمر أكثر تماشيًا مع خط استواء الأرض، فإن المد والجزر يصبحا أكبر.
والآن، تقول وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) إن ارتفاع منسوب مياه البحر بسبب تغير المناخ، جنبًا إلى جنب مع تأثير الدورة العقدية القمرية، سيؤدي إلى زيادة كبيرة في عدد فيضانات المد المرتفع خلال العقد الثالث من القرن الحالي.
يهتم بنجامين هاملينغتون، وهو عالم أبحاث وقائد فريق علوم تغير مستوى سطح البحر في وكالة ناسا، بكيفية استجابة مستويات سطح البحر لكل من الإجراءات الطبيعية والبشرية، وتأثير ذلك على سكان المدن الساحلية. وقبل الانتقال إلى كاليفورنيا، كان هاملينغتون يعيش في ولاية فرجينيا الساحلية حيث كانت الفيضانات تمثل بالفعل مشكلة كبيرة.
يقول هاملينغتون: “تؤثر الفيضانات المرتفعة على الحياة على نطاق واسع جدًا في المجتمعات الساحلية. فهي تؤثر على قدرتك على الوصول إلى عملك، وتجعل من الصعب على الشركات أن تواصل عملها. إنه أمر مزعج للغاية الآن، لكنه سيتحول إلى أمر يكون من الصعب تجاهله، ومن الصعب التعايش معه”.
يقول هاملينغتون إن هذه الفيضانات، التي تفاقمت بسبب القمر، من المقرر أن تلحق ضررا كبيرا بالبنية التحتية وتغير الخطوط الساحلية.
ويضيف: “قد نشهد أربعة أضعاف كمية الفيضانات من عقد إلى آخر. وتؤثر دورة العقد القمرية على جميع المواقع على الأرض، وترتفع مستويات البحر في كل مكان. لذلك سنرى هذه الزيادات السريعة في فيضانات المد العالي في جميع أنحاء العالم”.
وقد تكون الدورة العقدية القمرية مهيأة لإثارة العديد من التحديات للبشر، لكن بالنسبة للحياة البرية في النظم البيئية الساحلية، يمكن أن يمثل ذلك تهديدًا وجوديًا.
تدرس إليا روشلين، الأستاذة الزائرة في جامعة روتجرز، العلاقة بين الدورة العقدية القمرية ومجموعات بعوض المستنقعات المالحة.
تقول روشلين: “عندما تكون الدورة العقدية في ذروتها، فإن المد المرتفع يغمر موائل البعوض ويجرفها باتجاه اليابسة”.
وتحدث فيضانات المد والجزر في كثير من الأحيان في هذا الوقت، وتجلب معها أسماك الكيليفيش المفترسة – وهي مجموعة من بضع مئات من الأنواع من الأسماك التي تشبه أسماك البلمة الموجودة في المياه المالحة وقليلة الملوحة والعذبة – التي تقتل أو تقلل أعداد البعوض الذي يكون في مراحل تطور البيض أو اليرقة أو الخادرة، قبل أن تتمكن الحشرات من الخروج من الماء الذي ولدت فيه.
وليس البعوض فقط هو الذي يتأثر – فوفرته تؤثر إيجابيا على العديد من الأنواع الأخرى. وتفتقر المستنقعات الملحية إلى الثدييات العاشبة الكبيرة، لكن توجد بدلا منها اللافقاريات مثل الجمبري وسرطان البحر والقواقع والجنادب، وغيرها من الحشرات، والتي تعد بدورها مصدر غذاء رئيسي لطيور الشاطئ والأسماك.
تقول روشلين: “إن ذروة الدورة العقدية القمرية عندما تقترن بارتفاع مستوى سطح البحر تخلق إمكانية حقيقية لغرق المستنقعات المالحة”.
وعندما تغرق اللافقاريات في المستنقعات الملحية، فإن طائر الشاطئ والأسماك والأنواع الأخرى التي تعتمد عليها تعاني بشدة أيضًا. وهذا يشمل الناس، لأن المستنقعات المالحة تمثل جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، وهي بمثابة حضانة لعدد كبير من الأحياء البحرية التي تشمل أكثر من 75 في المئة من جميع أنواع المصايد.
وتعتبر المستنقعات الملحية أيضًا ذات أهمية بيئية كبيرة، فهي قادرة على تخزين الكربون بمعدلات أكبر بكثير من العديد من النظم البيئية القائمة على الأرض.
وفي الوقت نفسه، تحتوي الأراضي الرطبة في المياه العذبة على ما يقرب من 10 أضعاف الكربون الموجود في مواقع المياه المالحة المتعلقة بالمد والجزر، ويرجع ذلك جزئيًا إلى مداها الكبير جدًا. ومع زيادة الفيضانات بسبب تذبذب القمر وارتفاع مستوى سطح البحر، قد تواجه الأراضي الرطبة بالمياه العذبة أيضًا تغيرًا عميقًا.
ولولا المد والجزر لكانت أنظمة الطقس في العالم مختلفة تماما، فالمد والجزر من بين العوامل التي تؤثر على حركة التيارات المحيطية، التي تحرك المياه الدافئة أو الباردة حول الأرض. وتجلب تيارات المحيط الدافئة طقسًا أكثر دفئًا ورطوبة، بينما تجلب التيارات المحيطية الباردة طقسًا أكثر برودة وجفافًا.
ومن المقرر أن تُحدث الدورة العقدية القمرية تغييرًا ملحوظًا خلال العقود القادمة، لكن على نطاق زمني أقصر يؤثر القمر على الأرض بعدة طرق أخرى.
ويُعتقد أيضًا أن القمر يؤثر على درجات الحرارة القطبية ويساهم في التقلبات في حجم الجليد بالقطب الشمالي. ومع ذلك، فإن تأثير القمر هنا لا يكمن في دورته العقدية التي تبلغ 18.6 عامًا، بل يكمن في الاختلاف الشهري الأكثر شيوعًا في كمية الضوء المنعكس منه عندما يتوهج ثم يتضاءل.
وأظهرت قياسات الأقمار الصناعية أن القطبين يكونان أكثر دفئًا بمقدار 0.55 درجة مئوية أثناء اكتمال القمر.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل قوى المد والجزر على تفتيت الصفائح الجليدية وتغيير تدفقات حرارة المحيطات، وتغيير كمية الجليد في المحيط المتجمد الشمالي.
يقول كريس ويلسون، خبير الفيزياء البحرية ومناخ المحيطات في المركز الوطني لعلوم المحيطات، إن القمر يولد تيارات مدية وأمواجا على السطح وفي عمق المحيط. ويضيف: “هذه التيارات والأمواج قد تذيب أو تفكك الجليد البحري، إما بسبب نقل واختلاط المياه الدافئة أو بسبب الحركة التي تعمل على تفتيت الجليد إلى قطع أصغر، والتي تكون بعد ذلك أكثر عرضة للذوبان”.
كما أن المياه والجليد في المحيطات ليسا الجزئين الوحيدين من الكوكب اللذين يشهدان المد والجزر، فللقمر أيضًا تأثير من خلال المد والجزر على كل من الأرض الصلبة والغلاف الجوي، وهو الأمر الذي يؤثر بالطبع على حالة الطقس.
[ad_2]
Source link