أخبار عاجلة

ميد: فايروس كورونا جمّد عملية صنع القرار

محمود عيسى

قال الأستاذ المساعد في كلية العلوم السياسية بجامعة الكويت حمد البلوشي لمجلة «ميد»، إن من القضايا الأساسية التي تثير قلق المراقبين لحالة الاقتصاد الكويتي، هي عدم وجود قانون دين عام جديد من شأنه تمكين الحكومة من اقتراض الأموال لتغطية العجز الكبير في ميزانيتها. وأضاف: «يمكننا أن نتوقع استمرارا للأزمة نفسها، بناء على أن هيكل النظام السياسي الحالي في الكويت يمثل جزءا من المشكلة التي تواجهها البلاد، لاسيما أنها الدولة الخليجية الوحيدة التي تمنح سلطات كبيرة لبرلمان منتخب يمكنه عرقلة القوانين واستجواب الوزراء».

عوائق هيكلية

ويوضح أن الطريقة التي تم بها تصميم النظام السياسي في البلاد تخلق هذه المشاكل، لكنها كانت أقل خللا في الماضي، أما في الوقت الحاضر فإن الحكومة تتأرجح بين أزمة وأخرى، بينما تركز فقط على المشاكل الآنية دون تخطيط طويل الأجل، فقد أدى النظام السياسي مقترنا بوباء كورونا إلى تكثيف الجمود في عملية صنع القرار على مدار الأشهر الـ 18 الماضية.

قال البلوشي: «لست متفائلا بأن الأمور ستتغير، على الأقل في غضون العامين المقبلين، لكن السياسة الكويتية لا يمكن التنبؤ بها ويمكن أن يتغير الزخم بسرعة، ومع ضعف احتمال إصلاحات جذرية للنظام السياسي، فإن التسوية السياسية هي الحل الوحيد المتاح، خصوصا أن تفشي الوباء ساهم في صرف الانتباه عن قضايا أخرى مثل الاقتصاد وشؤون القطاع الخاص».

وفي تحليلها لهذا الموضوع، توقعت مجلة ميد أن يستمر الاحتجاج السياسي وتعطيل عملية صنع القرار عندما يعود مجلس الأمة إلى دور الانعقاد التالي في أكتوبر المقبل، حيث نسبت المجلة الى خبراء قولهم إن مجلس الأمة أقر في 22 يونيو الميزانية العامة للسنة المالية 2021-2022، ما سمح بإحراز تقدم في بعض مشاريع البنية التحتية الرئيسية، لكن استمرار المواجهة على نطاق أوسع بين الحكومة والمعارضة سيؤدي إلى إعاقة الإصلاحات وعرقلة عملية صنع القرار.

سوق المشاريع

وكان لإقرار الميزانية تأثير إيجابي على سوق المشاريع في البلاد، حيث تضمنت تخصيص 19.6 مليار دينار لتنفيذ 19 مشروعا استراتيجيا للبنية التحتية، منها توسعة مطار الكويت الدولي والمدرج الثالث، وطريق جديد لخدمة المطار، ومدينة صباح السالم الجامعية، ومشروع مدينة المطلاع السكنية، وخطط شبكة السكك الحديدية في البلاد. وشهد مشروع طريق المطار تأخيرات طويلة وسط حالة من عدم اليقين السياسي، لكنه سرعان ما تقدم بعد إقرار الميزانية، حيث دخلت 16 شركة في عملية تقديم العطاءات للمشروع بعد أقل من شهر، وقدمت شركة ليماك التركية أدنى عرض بقيمة 178.4 مليون دولار.

وقال مسؤول بارز في إحدى شركات المقاولات المحلية: «عندما قدمنا العطاءات للمشروع في نهاية المطاف، لم نصدق أنفسنا، وبدا الأمر وكأنه مجرد خيال، ولم أشعر أنه حقيقي، بسبب القدر الهائل من التأخيرات التي اعتقدنا معها أن المشروع لن يرى النور أبدا».

وقال مقاول محلي آخر إن عدد المزايدين مرتفع للغاية بالنسبة لمشروع من هذا النوع، وإن العدد الكبير من مقدمي العطاءات في هذا المشروع يظهر فقط مدى فقدان الأمل لدى المقاولين من عملية طرحه، وفي الوقت ذاته، فإن لدى معظم المقاولين المحليين قدرا كبيرا من الطاقة الفائضة ويحتاجون حقا للعمل في الوقت الحالي». ولكن سوق مشاريع الهيدروكربونات لا يزال في حالة شلل، حيث انخفضت القيمة الإجمالية لجميع مشاريع النفط والغاز والكيماويات قيد التخطيط أو التنفيذ من 87.5 مليار دولار في يوليو 2019، إلى 23.8 مليار دولار في أغسطس 2021، بانخفاض نسبته 73%.

عدم اليقين السائد

في حين أدى إقرار الميزانية إلى تقدم عدد محدود من المشاريع الرئيسية في الأسابيع الأخيرة، فإن الميول ما زالت ضعيفة في صفوف المقاولين والخبراء السياسيين الذين يرون أن القضايا الأساسية تحتل بؤرة الخلاف السياسي وما لم يتم حلها فإن استئناف الخلاف مرجح عندما يعود مجلس للانعقاد في أكتوبر. وبالفعل، فلم تقترض الحكومة الكويتية منذ عام 2017 واعتمدت بدلا من ذلك على صندوق الاحتياطي العام والأصول السائلة الأخرى الآخذة في التناقص، ونظرا لعدم تحقيق أي تقدم على هذا الصعيد فقد خفضت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز تصنيف الكويت من (AA-) إلى (A+)، في يوليو نظرا للافتقار لاستراتيجية لتمويل العجز ومخاطر السيولة الناتجة عن عدم إقرار قانون للاقتراض. وختمت ميد بالقول إن المحللين والمعلقين في الوقت الحالي ما زالوا متفائلين بشأن الكويت وانه سيتم في اللحظة الأخيرة اتخاذ القرارات الحاسمة نظرا للحاجة الماسة إليها لتجنب أسوأ العواقب الاقتصادية المحتملة نتيجة للوضع السياسي الحالي. ومع ذلك، فإن التقاعس المستمر عن العمل في مواجهة كل من الخلل المالي للدولة وانخفاض التصنيف الائتماني يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة طويلة الأجل على سوق المشاريع في الكويت والاقتصاد الأوسع.

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى