موسيقى الراب: أداة للحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟
[ad_1]
- مراد بطل الشيشاني
- بي بي سي نيوز عربي
تشهد موسيقى الراب انتشارا متزايدا في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وباتت تتنوع استخدامات هذه الموسيقى التي طالما عبرت عن ما يعرف بـ “الموسيقى البديلة” التي بدأت في الولايات المتحدة في منتصف القرن الماضي.
وتعد موسيقى شبابية، وتعبر في كثير من الأحيان عن توجهات هذه الفئة العمرية.
يلعب العامل السياسي في منطقة الشرق الأوسط، خاصة عند الحديث عن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، دورا كبيرا بحكم طبيعة الصراع.
فإذا سألت في إسرائيل، عن موسيقى الراب، سيكون الجواب على حسب التصنيف السياسي: “هل تبحث عن موسيقي يميني أم يساري أم عن موسيقي يعبر عن النمط السائد mainstream”.
وأما على الجانب الفلسطيني، وبينما كان التوتر يخيم على باب العامودـ أحد المداخل الرئيسية إلى البلدة القديمة في القدس- وذلك بحكم دخول مجموعات يهودية متشددة إلى الحرم القدسي، كان الجنود الإسرائيليون، المدججون بالسلاح، يمنعون الشبان المراهقين الفلسطينيين من دخول الباب.
وكان الشبان المقدسيون يتعمدون تكرار المحاولة، ومن بعيد يراقبهم أحد رفاقهم، وكلما مُنعوا يبدأ الشاب بالهتاف بهدف التشويش.
“ما هو كل شي باين بالمحنة”
وهو أمر معتاد يوميا في القدس الشرقية، توتر يومي بأشكال مختلفة.
الشاب الذي كان يطلق الهتافات كان يدندن بين الفينة والأخرى: “إهدى..ما هو كل شي باين في المحنة…الله بيشهد مين إحنا…” كلمات من أغنية راب فلسطينية انتشرت كالنار في الهشيم مع أحداث القدس وغزة الأخيرة.
الأغنية ذاتها سمعتها مرارا من هواتف مراهقين مقدسيين كنغمة اتصال.
في ظل هذه الاستقطاب الموسيقي، جاء كل من التربوي أوريا روزنمان، والموسيقي سامح زقوت بفكرة لاستخدام موسيقى الراب كوسيط لفتح الحوار بين الطرفين.
في فيديو يجلسان فيه مقابل بعضهما البعض في مرأب سيارات، يبدأ كل منهما بطرح القضايا التي تقلقه من الآخر، بطريقة موسيقى الراب.
الفيديو أطلق عليه اسم “تعال نحكي دغري”، وقد أثار الاهتمام بسبب صراحته، وهو مستمد من أغنية مغني الراب الأميركي، جوينر لوكاس، في اغنيته “أنا لست عنصريا” والتي تطرح لموضوع العنصرية بين البيض والسود.
يقول أوريا، الذي كان يدخل في ظروف شخصية صعبة آنذاك، دفعته إلى طرح أسئلة أساسية حول حياته، “حين شاهدت فيديو أغنية لوكاس شعرت بأني تلقيت ضربة على معدتي”.
مضيفا: ” فكرت، كم سيكون مؤثرا إن قمنا بتسجيل نسخة عن العرب واليهود، فلدينا كثير من الثنائيات هنا في إسرائيل، لكن أهمها الثنائية المهيمنة والمثيرة للجدل بين العرب واليهود”.
“تعال نحكي دغري”
سبق لاورويا أن خدم في الجيش الإسرائيلي، وينحدر من “عائلة صهيونية” -على حد تعبيره-، قبل أن يدخل في مراجعات عميقة لأفكاره، التي تمثلت في هذه الأغنية التي تعد أول تجربة راب له على الاطلاق.
متحدثا بلسان الإسرائيلي اليهودي، يقول أورويا للعربي (أو الفلسطيني كما يفضل أفراد المجتمع العربي في إسرائيل أن يعرفوا أنفسهم): ” وين ما في عرب في عمليات إرهابية..وبدكو تفوتوا على الملاهي الليلية تسهروا؟..مش أحسن تبطلوا تضايقوا نسواننا؟…بعدكم ساكنين في الماضي..تطخوا بالأعراس، والقتل الشرف..”، “محمود بحمل سكين وبقول أذبح اليهود”..الخ.
تستمر الأغنية بطرح ما يراه المجتمع الإسرائيلي من العرب الفلسطينيين، بشكل صريح، وتستخدم الأغنية شتائم وألفاظ بذيئة مستخدمة في الشارع، بطبيعة الحال.
ومن ثم يأتي دور سامح زقوت (37 عاما) ليرد، بأسلوب موسيقى الراب هذا: “بدك نحكي دغري؟ انتو اليهود نسيتم ما معنى أن تكون أقلية…بدأتم بمصنع للاندماج وانتهيتم بمفاعل نووي وأبارتايد وعنصرية”، “نص كلامكم عربي”.
يقول سامح: “استغرق الأمر مني شهورا طويلا لأثق بأورويا حين عرض علي الموضوع. كنت خائفا من أن يكون واحدا من المشاريع التي تستخدم العرب لتعمل دعاية للدولة [إسرائيل]”.
وأضاف زقوت، الذي يعرف باسم ساز، وينحدر من مدينة الرملة: “حين تيقنت من نوايا أورويا الصادقة ومواقفه التي تغيرت بتنا الآن أصدقاء حقيقيين”.
“الترجمة العملية”
أورويا وسامح، دعيا فريق بي بي سي إلى أمسية عرض لفيديو أغنيتهما، وتتبع بجلسة نقاش. في مرآب قديم يستخدم لمثل هذه الاجتماعات، بدأ الحضور بالتوافد، شبان وشابات إسرائيليات يهود، وكذلك من العرب الفلسطينيين.
أتت إسرائيلية مرتدية قميصا كُتب عليه “الحرية لغزة بكل من العربية والانجليزيةوالعبرية”، وآخر عرف نفسه “بالبروليتاري الذي يسعى إلى تغيير الوضع القائم”، وشهد التجمع كثيرا من الفنانين اليساريين من الجانبين.
أول الأسئلة التي خطرت ببالي حين رأيت الحشد هذا، هو : هل يمكن أن يترجم مشروع أورويا وسامح إلى أرض الواقع، خاصة وأن الحضور يعبر عن خط واضح يدعو إلى التعايش والسلام بين الطرفين، وبالتالي ماذا عن الأطراف الأخرى في المجتمع، خاصة وأنها أعلى صوتا خاصة في السنوات الأخيرة.
السؤال ذاته تكرر من الحضور حين فتح الباب للنقاش.
يقول كل من أوريا وسامح: “نسعى من خلال هذا المشروع أن نركز على الجيل الجديد الذي عايش مصائب أقل في حياته، ولهذا أردنا أولاً أن نقدم صفعة عاطفية في الوجه في البداية، ونضع مرأة أمام المجتمع، ونقول: هكذا نبدو، ومن ثم نسأل ما الذي سنفعله بهذا الشأن..نحن لا نقدم حلولا”.
وما تزال كثير من القضايا العالقة أساسية بين الطرفين، ولذا سألتُ سامح عما اذا كان سيعترف بحق إسرائيل بالوجود، أجاب بأنه: “مواطن في هذه الدولة، والاعتراف حاصل، ولكن قبل هذه هناك حقوقا لي كفلسطيني مواطن في هذه الدولة”.
وأضاف سامح من الضروري أن تكو هناك دولتان للفلسطينيين والإسرائيليين على حدة.
اغتنمت الفرصة وسألت أوريا، اذا عن موقفه من الدولة الفلسطينية، فأجاب: “لا أعتقد بأن هناك أي مستقبل دون دولة فلسطينية، [لكن] لا أعتقد أن هذا سيتحقق بقرار ما، بل يتحقق عبر القواعد الشعبية والناس العاديين”.
فهل تحرك الموسيقى، الراب منها تحديدا، ما لم تحركه السياسة؟ خاصة في منطقة مشتعلة، لكن يبدو أنها اعتادت الانتظار.
[ad_2]
Source link