ماذا تفعل الأم لو تعرضت للعنف الأسري من قبل طفلها الصغير؟
[ad_1]
- سارا ماكديرموت
- بي بي سي نيوز
لا ينتاب معظم الأهالي أي شعور بالقلق أو الخوف حول ما إذا كانوا سيتعرضون للعنف من قبل أطفالهم، ولكن، إذا حدث ذلك فعلاً سيواجهون دوامة حقيقية.
وقد يمتنع الآباء والأمهات عن طلب المساعدة حول كيفية التعامل مع أطفالهم ذوي الطباع العنيفة، خشية أن يكون لذلك تداعيات على أطفالهم.
وتشير الأبحاث إلى أن المشكلة غالباً ما تكون محاطة بجدار من السرية وبعيدة عن الأنظار، لكنها شائعة أكثر مما تتصور.
في الصيف الماضي، قرر أيدن البالغ من العمر 10 سنوات، أن يقتل كلبة العائلة، فاستدرجها إلى خلف الأريكة بنقانق قبل أن يضع يديه على كمامة فمها وحول رقبتها.
وتقول هيزل، والدة الطفل: “إنه جنون حقيقي لأن أكثر شيئين يحبهما أيدن هما أنا والكلبة، لكن كلانا هدفان لهجماته وأحياناً يؤذيها لمجرد أنه يريد إثارة غضبي”.
أيدن يركل تارة ويضرب تارة أخرى، وحتى أنه يعض أحياناً. يقول لوالدته إنه يكرهها ويريدها أن تموت وأنه سيحصل على مسدس ويطلق النار عليها.
لقد حاول في إحدى المرات دفعها إلى أسفل الدرج، والآن بعد أن علم بنقاط ضعف والدته، التي لديها إعاقة بصرية، ولا ترى بشكل جيد من زوايا معينة، يرميها بأشياء من زوايا لا تستطيع رؤيتها.
ورماها مؤخرا بغلاية الماء الكهربائية، ولحسن حظها، لم يكم الماء مغلياً، لم يكن أيدن يعلم أنها باردة عندما رماها عليها.
تقول هيزل: “سلوكه أشبه بالسلوك العدواني التسلطي… أشعر وكأنني أعيش علاقة زوجية عنفية. لو كان زوجي يتصرف هكذا لكنت فتحت الباب وغادرت المنزل، لكن الأمر يختلف مع طفلك، أليس كذلك؟ فأنت الحامية له وضحيته في آن واحد”.
تم قفل جميع الخزائن التي تحتوي على سكاكين المطبخ لإبقائها بعيدة عن متناول يد أيدن منذ أن أمسك بواحدة واندفع نحو أحد أفراد الأسرة.
لكنه يلجأ إلى استخدام أي شيء آخر حاد يعثر عليه في المنزل، مثل مقص وحتى مقص الأظافر.
تقول هيزل: “كل شيء يؤدي إلى العنف”. “إنه ينجذب إلى العنف ويراه في أي موقف. لا يمكننا حتى مشاهدة برامج الأطفال البسيطة لأنه إذا كان هناك أدنى درجة من العنف في أحد مشاهده، فسيقلده ويمثله مرات عديدة على أرض الواقع”.
كان أيدن في الرابعة من عمره عندما قامت هيزل وزوجها بتبنيه، واتضح لهما على الفور أن لديه احتياجات أكثر تعقيداً مما كانا يعتقدان.
تقول هيزل: “علمنا منذ اليوم الأول أن هناك مشكلات خطيرة، لكننا قلنا إنه عاش في بيئة غريبة جداً، فلم يكن مكان حضانته مناسباً، لنرى كيف ستسير الأمور”.
لكنأيدن لم يتحسن، وكان منذ البداية يلكم ويشد شعر الآخرين ويبصق عليهم. كان الزوجان يأملان أن تتضاءل كمية العنف مع مرور الزمن، لكن الأمر تفاقم أكثر.
في سن الخامسة، تسبب آيدن في إدخال المدرّسة المساعدة التي كانت تُدرّسه إلى المستشفى مرتين. في المرة الأولى ركلها في وجهها أثناء انحنائها لالتقاط شيء ألقاه على الأرض، وهو في حالة من الغضب.
تلقى موظفو المدرسة تدريباً خاصاً تعلموا فيها كيفية التعامل مع أيدن بطريقة آمنة عندما يصبح عنيفاً.
تتذكر هيزل المرة الأولى التي رأت فيها آيدن بعد “حجزه قرابة ساعة” في المدرسة قائلةً: “كان جالساً على أريكة صغيرة في غرفة صفه، وقد خلع جميع ملابسه تقريبا بسبب التعرق، وكانت بجانبه مدرّسة مساعدة، كان يرتعد خوفاً، لقد كان أمراً فظيعاً”.
“جلستُ بجانبه، فجلس عند ركبتي ملتفاً على نفسة كما يجلس الجنين في رحم أمه، كانت رؤيته على تلك الحال مؤلمة حقاً”.
وتتساءل هيزل فيما لو كان من الأفضل السماح للمدرسة بتقييد أيدن جسدياً، على الرغم من أنها ليست متأكدة من الطرق الأخرى التي كان من الممكن اللجوء إليها لإحتوائه.
وتقول: “لا بد أن ذلك كان سيسبب له صدمة نفسية، لكنني أعرف مدى عنفه”. “رأيت الكدمات على جميع المدرسين المساعدين ولا أعرف ما الذي يمكنهم فعله للحفاظ على سلامتهم”.
ثم قامت المدرسة ببناء غرفة مبطنة، ومساحة ناعمة وآمنة ليذهب إليها أيدن عندما كان يشكل خطراً على نفسه والآخرين.
تقول هيزل: “لكنه كان هناك كل يوم، وكان يشعر بالغضب الشديد لدرجة أنه حطم زجاج الباب ثلاث مرات”.
في ذلك الوقت، أخبرت المدرسة هيزل أنها لم تعد قادرة على التعامل مع ابنها.
في عام 2010 ، أجرى باحثون في جامعة أكسفورد أول تحليل لبيانات الشرطة حول العنف الذي يتعرض له الآباء والأمهات على يد أطفالهم ووجدوا أنه كانت هناك 1900 شكوى مسجلة لدى الشرطة في مدينة لندن لوحدها خلال 12 شهراً.
وتقدر أستاذة علم الجريمة راشيل كوندري، التي اشرفت على الدراسة، أن هناك عشرات آلاف الحالات على مستوى البلاد كل عام، ومعظمها غير مسجلة.
وتقول: “إنها مشكلة محاطة بجدار من السرية والتستر، ثمة الكثير من الآباء الذين لا يميلون إلى إبلاغ الشرطة أو لا يحصلون على أي مساعدة أو لا يجدون الجهة التي تساعدهم في حل هذه المشاكل”.
وقال لها عدد كبير من الآباء أنهم عانوا سنوات من العنف قبل الإبلاغ عن أطفالهم، ولا يجرون الاتصالات الهاتفية لطلب المساعدة إلا عندما يصلون إلى مرحلة الخوف الحقيقي.
وتقول: “يمكن تفهم خوفهم وقلقهم من تجريم الطفل وعواقب ذلك على مستقبل الطفل”.
قبل الدراسة التي أجرتها كوندري، كان هناك عدد قليل جداً من الأبحاث حول العنف الذي يمارسه الأطفال على الوالدين، والقليل جداً من الوعي بوجوده أصلاً.
وتقول: “لم يكن هذا الموضوع موجوداً على أي موقع إلكتروني رسمي، أو في أي سياسة حكومية، لم يكن هناك أي ذكر له في أي مكان”.
“ولكن، عندما تحدثت إلى الأشخاص الذين عملوا مع الأطفال وأسرهم من جميع الخلفيات، تحدثوا عن مواجهتهم لمثل هذه الحالات طوال الوقت، الصمت الذي يلف هذا الموضوع مثير للاهتمام حقاً”.
وقد تتجنب الأسر إخبار حتى أصدقائها بما يتعرضون له على يد أبنائهم.
تقول هيلين بونيك، الأخصائية الإجتماعية السابقة ومؤلفة كتاب عن عنف الأطفال ضد الوالدين: “هناك شعور فظيع بالعار من هذا الأمر”.
“إذا كنت والداً فدورك تربية طفلك ليكون شخصاً مسؤولاً فاعلاً في المجتمع ورجلاً محباً وإنساناً مهتماً بالآخرين، وإذا حدث خطأ ما، تشعر بأنك فاشل في تربيته”.
“لا أحد يريد التحدث عن ذلك. ولأن لا أحد يقوم بذلك، تظن أنك الوحيد الذي يمر بهذا الوضع”.
وكالعنف المنزلي والزوجي، يؤثر عنف الأطفال ضد الوالدين على الأشخاص من جميع الخلفيات الاجتماعية سواء كانوا أغنياء أو فقراء، وسيكون من الخطأ الإعتقاد أن هذا الأمر يحدث فقط عند الاطفال الذين يعيشون في دور رعاية الأطفال.
وفي الحقيقة، تقول ميشيل جون، من مؤسسة دعم تعليم الوالدين الخيرية المهتمة بعنف الأبناء ضد الوالدين، إن مؤسستها تساعد العائلات التي تواجه عنفاً من الأبناء الحقيقيين لها أكثر من الأسر التي تبنت اطفالاً.
وكما هو الحال في أسرة هيزل، تكون الأمهات هن المستهدفات غالباً.
وتقول راشيل كوندري: “النساء ضحايا العنف الأسري بجميع أنواعه عموماً، وهذا هو الحال هنا أيضاً”. “وعلى الرغم من أن الآباء يتعرضون له أيضاً، إلا أن العنف الصادر من الابن تجاه الأم هو الشكل الأكثر شيوعاً”.
الآن لن تقبل أي مدرسة محلية بمنح مقعد لأيدن، لقد رفضته جميع الوحدات المتخصصة أو طردته. وأقرب مدرسة من منزله تبعد نصف ساعة بالسيارة، وهي أيضاً لا تستطيع تلبية احتياجاته المعقدة.
تقول هيزل: “لقد نجحوا في احتوائه لكن لم يتم حل أي شيء، فالطفل لا يزال يتراجع على صعيد التعليم”.
من الناحية التعليمية، يتخلف أيدن فعلياً عن الأطفال الآخرين الذين في عمره بنحو ثلاث أو أربع سنوات، على الرغم من أن خطه جميل.
دفعت هيزل مقابل جلسات تدريب لتعلم التقنيات التي يمكنها استخدامها للحد من نوبات عنف أيدن، وتجنب التعرض للأذى.
وأحد الأساليب هو التواري خلف وسادة أريكة كبيرة لحماية نفسها.
تقول هيزل: “في المرة الأولى، أخذ الوسادة مني وضربني بها، لذلك قلت لنفسي يجب أن أمسكها بإحكام أكثر، وفي المرة الثانية نجح الأمر بشكل جيد، وتمكنت من وضعها بيني وبينه، إذ كان يلكم ويركل الوسادة ويحاول الالتفاف عليها لكن دون جدوى”.
وتصر هيزل على أن ابنها ليس شريراً، لكنه أصبح عنيفاً بسبب الصدمة التي تعرض لها في ماضيه، وهذا ليس ذنبه.
وتقول: “على الرغم من أنه يبدو أنه عدواني، إلا أنه ليس كذلك حقاً، الأمر خارج إرادته، في الواقع هو لطيف ومبهج، ونحب بعضنا”.
لكن الضغط الناجم عن ذلك أجبرها على ترك وظيفتها، وتراجعت صحتها وأصيبت بمرض جلدي بشكل متكرر وإلتهاب الرئة أكثر من مرة في العام الماضي، وتتناول الآن مضادات الاكتئاب كما تأثرت علاقتها بزوجها أيضاً.
تقول: “عندما أدركنا لأول مرة أننا إزاء مشكلة وأن الأمر صعب للغاية، شعرنا بشكل أساسي أننا ارتكبنا خطأ ولم يعد باستطاعتنا التعامل مع المشكلة، قول ذلك بصوت عالٍ يعني أنه يتعين عليك القيام بشيء ما، لذلك لم يقل أي منا ذلك بصوت عالٍ. لم نتحدث مع بعضنا البعض تقريباً لمدة ستة أشهر”.
متى تبرز المشكلة؟
يقول برنامج “من المسؤول؟” إنه عندما يصبح سلوك الطفل تسلطياً أو عدوانياً أو غير آمن أو مهدداً، فهذا يعني أن سلوك الطفل غير طبيعي. ومن بين العلامات التي تدل على ذلك:
- أنك تتصرف بطريقة مختلفة لتجنب المواجهة مع طفلك.
- تشعر بالقلق على سلامتك أو سلامة أحد افراد الأسرة
- قيام الطفل بسرقة أو إتلاف مقتنيات أفراد الأسرة الآخرين
- الطفل يهددك أو يهدد الآخرين
- يهدد الطفل بإيذاء نفسه أو اتباع سلوك محفوف بالمخاطر – خذ دائماً تهديدات إيذاء النفس على محمل الجد.
- الطفل عنيف مع الحيوانات الأليفة
- الطفل ينتقدك ويتجاهل اهتماماتك
- الطفل يلومك أو يلوم الآخرين على سلوكهم
- يهدد الطفل بالفرار من المنزل إذا لم تلب مطالبه
- يهدد الطفل بالاتصال بخدمة حماية الأطفال أو الأخصائي الاجتماعي أو غيرها من الجهات إذا لم يحصل على ما يريد.
قبل عامين، وبعد تفكير طويل كانت هيزل على وشك اتخاذ قرار جذري. وتقول: “لقد وجدت أن تأثير ذلك على الأسرة ككل كبير للغاية، لذا قررت أن آخذ أيدن وأرحل بعيداً”.
لكن زوجها أقنعها بعدم القيام بذلك، وعلى الرغم من اعترافها الآن بأن ذلك ربما كان القرار الصحيح، إلا أنه لا يخفف من شعورها بالذنب الذي تشعر به تجاه الأطفال الآخرين في أسرتها
“إنها طفولتهم التي نعرضها للخطر”، كما تقول.
كانت هيزل قد عزفت عن زيارة الآخرين في منازلهم قبل وقت طويل من انتشار الوباء. ولا تحضر حتى المناسبات العائلية الكبيرة، وترى هيزل والديها فقط أثناء وجود أيدن في المدرسة لأنهم لا يستطيعون تحمل سلوكه، كما أنها لا تلتقي بصديقاتها إلا بغياب أيدن.
لا تسهر هيزل وزوجها خارج البيت ولا تمضي عطلة نهاية أسبوع في الخارج، ولا يوجد أحد يمكنهما ترك أيدن برعايته بسبب سلوكه. تقول هيزل: “إننا منعزلون بشكل لا يصدق”.
لكنها وجدت راحة كبيرة في تواصلها عبر الإنترنت مع منتدى الآباء الذين يعيشون نفس تجربتها، حيث يتبادلون تجاربهم وآليات التأقلم ويقدمون الدعم المعنوي لبعضهم
كان اكتشاف مواجهة عدد كبير من الناس لنفس المعضلة أمراً مثيراً للاهتمام.
تقول: “عدد كبير جداً من الأسر التي تعاني نفس معاناتي”.
تقول راشيل كوندري: “عنف الأطفال ضد الوالدين ليس من شأن أحد لكنه شأن الجميع أيضاً، بمعنى أنه لا توجد خدمة واحدة أو هي مسؤولية جهة واحدة، أعتقد أن هذه مشكلة حقيقية”.
الأمل الكبير للعائلة هو إدخال أيدن في مدرسة داخلية تهدف إلى إعادة تأهيل الأطفال مثله بالكامل في غضون ثلاث سنوات، مما يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم والعيش مع أسرهم والالتحاق بالمدارس العادية.
تقول هيزل: “أريده حقاً أن يلتحق بمدرسة إصلاحية، مدرسة تساعده بالفعل”. لكن معايير الدخول صارمة ومعقدة، لذا فهي بعيدة المنال.
تشعر هيزل بالقلق في حال عدم قبول أيدن، وتقول: “سيسير في طريق الإنحراف وسيدخل في مشاكل مع الشرطة، سيخسر معركة ويخوض أخرى، أرى مستقبله في السجن أمام عيني”.
في الوقت الحالي، تواصل محاولتها إخفاء الأشياء. أثناء وجود آيدن في المدرسة تتمشى مع الكلب وتفكر وتستعد للتعامل مع أيدن.
قد يقرر أيدن تحطيم المكان، ورمي محتويات وعاء الفاكهة عليها والقفز من فوق السياج. وإذا كانت ليلة هادئة، سيستمع آيدن إلى كتبه الصوتية، القصص نفسها، مراراً وتكراراً، متابعاً الكلمات الموجودة على الصفحة. وعندما يحين وقت النوم، ستُغلق الأبواب في الطابق السفلي حتى لا يقوم بإزعاج الكلبة إذا ما استيقظ ليلاً.
[ad_2]