مظاهرات إيران: حكاية خوزستان الإيرانية التي تعيش بها أقلية عربية كبيرة
[ad_1]
تواصلت المظاهرات المنددة بشحّ المياه في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران. وقد انتقلت المظاهرات إلى خارج حدود المحافظة التي تعاني موجة جفاف غير مسبوقة رغم ما تزخر به من ثروة نفطية. وفشلت محاولات من جانب السلطات لفضّ مظاهرات خوزستان بالقوة.
وقالت منظمة العفو الدولية إنها أحصت 8 وفيات على الأقل، بينهم صبي، في صفوف المتظاهرين بعد لجوء الشرطة لاستخدام الذخيرة الحية لقمع المظاهرات.
فما هي حكاية هذه المنطقة؟
تقول دائرة المعارف البريطانية إن خوزستان، والتي عرفت في السابق باسم عربستان، تقع في جنوب غرب إيران على رأس الخليج وتحد العراق من الغرب، و تشتهر بمواردها النفطية. وتعد مدينة الأهواز عاصمة الإقليم وأكبر مدنه.
وفي كتابه تاريخ خوزستان منذ العهد الأفشاري حتى المرحلة الراهنة، يقول المؤرخ موسى سيادت نقلا عن ياقوت الحموي في معجم البلدان الجزء الأول إن الأحواز أو الأهواز جمع هوز وأصلها الأحواز وبسبب الاستخدام الكثير لكلمة الهوز من قبل الفرس تبدلت الأحواز بمرور الوقت إلى الأهواز.
وأما عن كلمة عربستان فيقول المؤلف إنها تسمية أطلقت على الإقليم في العهد الصفوي، ولإثبات قوله هذا استند المؤلف إلى مصادر عدة منها كتاب مجالس المؤمنين تأليف القاضي نور الله الشوشتري.
وتبلغ مساحة الإقليم 375 ألف كلم مربع وتشير بعض المصادر إلى أن عدد سكانه نحو 8 مليون نسمة.
ويقطن هذه المنطقة أقلية كبيرة من العرب السنّة، حيث يمثلون أكثر من نصف سكانها ويعيشون في السهول، و البقية هم من البختيار وغيرهم من شعوب اللور (شعوب غرب بلاد فارس)، مع العديد من الفرس في المدن. ومازال بعض البختيارين واللور من البدو الرحل.
وتعدّ هذه المنطقة أبرز مناطق انتاج النفط في إيران وإحدى أغنى محافظات البلاد. وفي القرن العشرين، انتعشت المنطقة مع تطوير حقول النفط، وبناء خط سكة حديد عبر إيران، وتوسيع الموانئ في عبادان وخرمشهر.
وبدأ استغلال النفط في خوزستان في عام 1908 عندما تم العثور على النفط في منطقة مسجد سليمان، وتطور ليصبح الصناعة الأولى في البلاد في عهد أسرة بهلوي.
وكان إنتاج البترول في المنطقة يتم من 7 حقول، ولكن بشكل رئيسي من أغا جاري، وتم ربط جميع الحقول بالمصفاة في عبادان. وتساهم حقول النفط في خوزستان بأكثر من ثلاثة أرباع إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في إيران، وأصبحت جزيرة خرج قبالة بوشهر (الآن بندر بوشهر) المحطة الرئيسية لتصدير النفط في إيران بعد عام 1961.
وكانت المنطقة على خط المواجهة في الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و1988.
ففي محاولة لضم المنطقة الغنية بالنفط بينما كانت إيران مازالت مضطربة بسبب ثورتها الإسلامية، قام الجيش العراقي في عام 1980 بغزو واحتلال النصف الغربي من خوزستان، بما في ذلك مدينة خرمشهر، وقصف مصافي النفط في عبادان. لكن سرعان ما اشتدت مقاومة إيران، واستعاد الإيرانيون المنطقة بحلول عام 1982.
ولكن لم يكتسب إعادة التأهيل الاقتصادي للمنطقة وإحياء إنتاج النفط والغاز الطبيعي زخما إلا بعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية في عام 1988.
وسبق لسكان المحافظة أن اشتكوا من تعرضهم للتهميش من قبل السلطات، إذ تعاني المنطقة من جفاف مستمر فجّر احتجاجات في بلدات ومدن عدّة، مع ارتفاع درجات الحرارة.
كما كانت هذه المنطقة نقطة ساخنة للاحتجاجات المناهضة للحكومة التي هزت مناطق أخرى من إيران، عام 2019.
وأدت موجات الحر الحارقة خلال الصيف، على مر السنين، والعواصف الرملية الموسمية، التي تهب من السعودية والعراق المجاورتين، إلى تجفيف سهول خوزستان التي كانت خصبة.
وتحدثت صحيفة “اعتماد” الإصلاحية مؤخرا عن انتشار وسم “أنا عطشان” باللغة العربية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن المحتجين يريدون القول إن “ليس لديهم مياه، كهرباء، هواء، حياة، في حين أن النفط يجري (في الأرض) من تحتهم”.
ورأت صحيفة “آرمان ملّي” الإصلاحية أن “أهل خوزستان ينظمون احتجاجات ليلية” كانت دوافعها تنمو “منذ أعوام”، معتبرة أنهم لا يريدون سوى “المياه، هذا كل ما في الأمر”.
خلفية تاريخية
تقول دائرة المعارف البريطانية إنه استقر في هذه المنطقة منذ حوالي 6 آلاف عام قبل الميلاد شعب له صلات بالسومريين الذين جاءوا من منطقة جبال زاغروس.
وظهرت المراكز الحضرية هناك بشكل متزامن تقريبا مع المدن الأولى في بلاد ما بين النهرين في الألفية الرابعة. وشكلت خوزستان قلب المملكة العيلامية، وكانت عاصمتها سوزا.
اجتازت الغزوات السومرية والأكادية والبابلية والكاسية والبابلية الجديدة والآشورية خوزستان بشكل دوري ردا على تورط مملكة عيلام في السياسة البابلية.
وقد دمرت حملة آشور بانيبال بين عامي 646-639 قبل الميلاد المملكة العيلامية وعاصمتها سوزا، وتم دمج خوزستان في الإمبراطورية الآشورية حوالي عام 639 قبل الميلاد، ثم خضعت المنطقة بعد ذلك للسيطرة الأخمينية عند انهيار الدولة الآشورية.
وبعد أن غزا قورش الكبير بابل في عام 539 قبل الميلاد، أصبحت المنطقة ولاية تابعة للإمبراطورية الفارسية، حيث كانت سوزا واحدة من العواصم الثلاث العظيمة للفرس.
واستولى الإسكندر الأكبر على سوزا بعد وقت قصير من معركة غوغميلا في عام 331 قبل الميلاد، وبين عامي 311 إلى 148 قبل الميلاد كانت خوزستان ولاية تحمل اسم سوزيانا وتابعة للإمبراطورية السلوقية وعاصمتها سيلوكيا، ثم انتقلت المنطقة إلى السيطرة البارثية بين عامي 148 و 113 قبل الميلاد قبل الخضوع للحكم الساساني حوالي عام 226 قبل الميلاد.
ومثلت خوزستان منطقة حدودية بين الإمبراطوريتين الرومانية البيزنطية والبارثية الساسانية التي استولى عليها العرب حوالي 642 ميلادية. وقد خضعت المنطقة للصفويين والقاجار الذين توالوا على حكم إيران. بحسب دائرة المعارف البريطانية.
وأقام العرب أول دولة لهم في المنطقة بعد سقوط الدولة العباسية وهي دولة بني أسد التي اتخذت من مدينة الأهواز الحالية عاصمة لها.
وفي بداية القرن السادس عشر اعترفت الدولتان الصفوية في فارس والعثمانية باستقلال دولة عربية بالأهواز هي الإمارة المشعشعية التي انتقل الحكم فيها لبني كعب في القرن الثامن عشر وكان آخر أمرائها الشيخ خزعل الكعبي الذي سقطت إمارته عام 1925.
وقد ساعدت الظروف الدولية منذ القرن التاسع عشر على انتهاء استقلال هذه الإمارة فقد حددت اتفاقية أرضروم الثانية التي وقعت في 31 مايو/ ايار 1847 بين الحكومتين العثمانية والفارسية، بتوسط من القوى الكبرى في حينها بريطانيا وروسيا، لاول مرة، الحدود في شط العرب التي وصفت في عبارات عامة دون تحديد دقيق.
وقد تنازلت الحكومة الفارسية للحكومة العثمانية عن مطالبتها بمدينة السليمانية إلى جانب جميع الاراضي المنخفضة – أي الاراضي الكائنة في القسم الغربي من منطقة “الزاب” مقابل سيادتها على مناطق المحمرة والضفة الشرقية من النهر.
ولم تمنع المعاهدة المذكورة من اندلاع حروب واحتكاكات وتجاوزات مختلفة بين الجانبين حتى نوفمبر /تشرين الثاني 1911 حيث توسطت بريطانيا وروسيا القيصرية بعد تدهور العلاقات بين الفرس والعثمانيين من جديد. ونجحتا في عقد اتفاق جديد عرف باسم اتفاق طهران نص على تشكيل لجنة مشتركة تضم بريطانيا روسيا القيصرية إلى جانب البلدين. لبحث الخلاف الحدودي بينهما.
النفط وترسيم الحدود
ودخل النفط الذي اكتشف بكميات قابلة للاستثمار التجاري في منطقة مسجد سليمان عام 1908 كعامل أساسي في محاولة إيجاد ترسيم جديد للحدود.
ففي نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1913 تم التوصل إلى اتفاق جديد وقع في الاستانة (عاصمة الدولة العثمانية في حينها) سمي باسم بروتوكول الاستانة، تنازلت الحكومة العثمانية فيه عن جزء من سيادتها على مياه شط العرب امام منطقة “المحمرة” وبطول 7.25 كم ، بيد انه ترك السيادة على شط العرب للدولة العثمانية عدا المناطق التي تم استثنائها.
وفي 18 يوليو/ تموز عام 1937 عقدت أول معاهدة صداقة بين العراق إيران (تحول اسم فارس إلى ايران عام 1934) وأعقبها توقيع اتفاقية اخرى لحل الخلافات بين الجانبين بالطرق السلمية.
في البروتوكول الملحق بمعاهدة عام 1937 أقرت إيران بالحدود وبحقوق العراق في مياه شط العرب وتنظيم حقوق الملاحة فيه عدا مناطق محددة، بعد أن حصلت على تنازل جديد من الحكومة العراقية بحصولها على مساحة جديدة (7.75 كم ) امام جزيرة عبادان على امتداد خط “الثالوك” فضلا عن السماح للسفن الحربية الايرانية بالدخول عبر شط العرب حتى الموانئ الايرانية.
ورغم ذلك استمر التوتر حتى عام 1975 عندما وقع شاه إيران محمد رضا بهلوي ونائب الرئيس العراقي صدام حسين اتفاق مصالحة في الجزائر، ونص الاتفاق على تسوية الخلاف الحدودي بين البلدين حول شط العرب والمناطق الحدودية الاخرى.
وكان سكان الأهواز قد دعموا الثورة الإيرانية عام 1979ضد نظام الشاه حيث كان الشيخ الخاقاني القائد الروحي للأهواز على اتصال بقائد الثورة الخميني قبل مجيئه إلى إيران.
وفي عام 1980 ألغى صدام حسين اتفاقية الجزائر التي وقعها مع الشاه عام 1975 داعيا الى عودة السيادة العراقية على كامل شط العرب، وفي 22 شهر ايلول/ سبتمبر دفع صدام حسين بقواته إلى داخل الاراض الايرانية لتبدأ حرب ضروس بين البلدين كانت الأطول في القرن العشرين وأحد أكثر حروبه دموية.
[ad_2]
Source link