التغير المناخي: إمام الأزهر يدق ناقوس الخطر
[ad_1]
- سناء الخوري
- مراسلة الشؤون الدينية – بي بي سي نيوز عربي
تغيّرت أولويات قادة الأديان حول العالم في الآونة الأخيرة. فبعدما كانت خطبهم تركز على الإخاء والحوار ونبذ التعصّب والبحث عن أرضيات مشتركة بين عقائدهم، باتوا ينشغلون أكثر بالتحذير من الخطر الداهم للتغيّر المناخي.
قبل أيام، وجه شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب رسالة عبر تويتر، تعليقاً على الفيضانات غير المسبوقة في عدّة دول وارتفاع الحرارة القياسي في مناطق أخرى.
ووصف الإمام الطيب ذلك بأنه “ناقوسُ خطرٍ يؤكِّد ضرورة التحرك الجاد والحازم لمكافحة مخاطر التغير المناخيّ، وحماية مستقبل البشرية من هذا الخطر الحقيقي”.
ما موقف الأزهر من التغير المناخي؟
يندرج موقف الإمام أحمد الطيب في سياق اهتمام المؤسسة الأزهرية المتزايد بخطر التغير المناخي على البشرية، كغيرها من المرجعيات الدينية حول العالم.
ذلك ليس بالأمر الغريب، فالأديان تولي في نصوصها أهمية كبرى للحفاظ على كوكب الأرض ومخلوقاته كافة، لأنها من إبداعات الخالق ونعمه على البشر، بحسب التعاليم.
بابا الفاتيكان منح رسالته العامة سنة 2015 عنوان “كن مسبحاً”، وتحدث فيها بإسهاب عن التلوث، والنفايات، وثقافة الهدر، وضرورة التعامل مع الحفاظ على المناخ بوصفه خيراً عاماً لكل البشرية.
وفي رسالته الأخيرة عام 2019، بعنوان “كلنا أخوة” تحدث عن أن “الاعتناء بالعالم الذي يحيط بنا ويأوينا يعني الاعتناء بأنفسنا”.
ويشارك الإمام أحمد الطيب في مؤتمر “الإيمان والعلم: نحو مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغيّر المناخ” المقرّر عقده في الفاتيكان في 4 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
يستبق المؤتمر الديني قمة التغير المناخي السادسة والعشرين – كوب 26 – التي تستضيفها بريطانيا في مدينة غلاسكو في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ومن المتوقع أن يرفع القادة الدينيون اقتراحات للزعماء السياسيين.
ويقول رئيس تحرير مجلة “صوت الأزهر” أحمد الصاوي لـبي بي سي نيوز عربي، إن “الأزهر يدرك دوره الكبير في مجال المحافظة على البيئة، بعدما باتت قضية التغير المناخي تهدد العالم، لذلك يعدّها القضية الأولى بالنسبة له”.
ويوضح الصاوي أن تنبيه الأزهر الأول لمسألة التغير المناخي يعود لعام 2012، بمناسبة احتفالية اليوم العالمي للبيئة. كذلك شارك الإمام الطيب على المستوى المصري في مبادرات جمعته بالبابا تواضروس الثاني، تهدف إلى زيادة الوعي حول خطر التلوّث البيئي.
وفي أبريل/ نيسان 2020، في احتفالية يوم الأرض العالمي، دعا الأزهر إلى “عدم إلحاق الضرر بالأرض التي وهبنا الله إياها نظيفة نقية صالحة للحياة، والابتعاد عن كل الممارسات الخاطئة التي تضر بها وتؤثر على حياة البشر”.
كذلك تأسست في جامعة الأزهر لجنة “لخدمة المجتمع وتنمية البيئة” من أهدافها جعل الجامعة صديقة للبيئة ومنتجة للطاقة الشمسية. كما تبنى قطاع المعاهد الأزهرية المسؤول عن التعليم الأزهري قبل الجامعي، خلال العامين الماضيين، برنامج توعية لتلاميذ المرحلتين التمهيدية والابتدائية حول الحفاظ على البيئة، بحسب أحمد الصاوي.
ما موقف الفقه الإسلامي من التغير المناخي؟
تزايد اهتمام الفقهاء وعلماء الدين الإسلامي بمسألة حماية البيئة خلال السنوات الأخيرة، ومن الوثائق المهمة الصادرة عن علماء وخبراء مسلمين، وثيقة بعنوان “إعلان إسلامي حول التغير المناخي”، نشرت بعد حوارات جرت في إسطنبول عام 2015.
صاغ الإعلان خبراء وعلماء مسلمون من عشرين دولة بمبادرة من “المؤسسة الإسلامية لعلوم البيئة” في بريطانيا، استباقاً لاتفاق باريس حول تغير المناخ في العام نفسه، والذي هدف إلى الحدّ من الانبعاثات الغازية التي تتسبب بالاحتباس الحراري وإلى منع ارتفاع درجة حرارة الأرض في هذا القرن بدرجتين مئويتين.
يقدم إعلان عام 2015 مقاربة فقهية مفصلة لموقف الدين الإسلامي من تحديات المناخ، انطلاقاً من أن “النظم البيئية والثقافات البشرية مهددة بالفعل نتيجة التغير المناخي، وأن تلك المخاطر غير موزعة بشكل عادل بل تطال المجتمعات الفقيرة والمحرومة”.
كتب العلماء الموقعون على الإعلان: “لم يخلق الله شيئاً من خلقه عبثاً أو باطلاً أو بلا قيمة (…) وقد خلق الأرض في توازن متكامل الميزان، ومنحنا أرضاً خصبة وهواء نقياً وماء فراتاً وكل خيرات الأرض التي تجعل حياتنا عليها ممكنة وممتعة”.
ويشيرون إلى أن “كارثة التغير المناخي الراهنة هي نتيجة إخلال الانسان بالتوازن (…) فما نحن سوى واحد من كثرة الكائنات الحية التي نشاركها هذه الأرض، ولا يحق لنا أن نظلم الخلائق أو نعبث بها، وينبغي لنا معاملة كل شيء بتقوى الله والحرمة والإحسان”.
ويستشهد الإعلان بآيات القرآن مثل “ما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم” من سورة الأنعام، و”لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس لكن أكثر الناس لا يعلمون” من سورة غافر.
ما الحلول التي يمكن أن يقدمها الإسلام للبيئة؟
تقع مسؤولية إيجاد حلول جذرية لتغير المناخ بالدرجة الأولى على عاتق الدول الثرية والمنتجة للنفط، بحسب إعلان العلماء المسلمين الصادر عام 2015.
وقد دعوها إلى خفض انبعاث غازات الدفيئة، وتوفير الدعم للدول الأقل ثراء لخفض تلك الانبعاثات، والإقرار بالواجب الأخلاقي في خفض الاستهلاك حتى يمكن الفقراء الانتفاع بما تبقى من مواد الأرض غير المتجددة.
كذلك اقترح الإعلان على الدول والهيئات والمنظمات المسلمة، “معالجة العادات والعقليات والأسباب الجذرية وراء تغير المناخ وتدهور حالة البيئة وفقد التنوع الإحيائي ضمن دائرة نفوذ كل منهم”.
وعلى مستوى الأفراد، يقترح الإعلان على المسلمين الاقتداء بالنبي محمد الذي “حمى حقوق المخلوقات ووجه أصحابه نحو الاقتصاد في الماء، ونهى عن قطع الشجر، وعاش حياة بلا إسراف ولا تبذير، وكان يجدد ويعيد تدوير ممتلكاته الضئيلة إما بإصلاحها أو بإعطائها لغيره”.
لا تستطيع شخصيات ذات سلطة معنوية مثل شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان فرض حلول جذرية في مسألة البيئة، لأن التغيير الفعلي يتوقف على اتخاذ الدول الكبرى، المساهمة بأكبر نسب التلوّث، قرارات سياسية واقتصادية حاسمة، لإنقاذ الكوكب.
لكن مشاركة المؤسسات الدينية في دق ناقوس الخطر، قد يكون له تأثير على سلوك الأفراد، وفي حث الجماعات الدينية على الاقتصاد في مواردها، واتخاذ خيارات في مجال الطاقة والاستهلاك أكثر احتراماً للمخلوقات الأخرى، وللتوازن الطبيعي.
[ad_2]
Source link