سد النهضة: السجال يمتد إلى رجال الدين في مصر وإثيوبيا
[ad_1]
- أحمد شوشة
- بي بي سي نيوز عربي – القاهرة
امتد السجال في أزمة سد النهضة إلى رجال الدين في مصر وإثيوبيا، إذ ما تزال تصريحات لرجال دين بارزين في البلدين، من بينهم شيخ الأزهر في مصر ورئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا ورأسا الكنيستين المصرية والإثيوبية، تثير جدلًا واسعًا وتساؤلات عن تداخل الدين مع السياسة.
بدأ الصدام في مارس/ آذار الماضي عندما صرح رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا، عمر إدريس، بأن الإثيوبيين أحق بماء النيل قبل السودانيين والمصريين.
وأوضح إدريس في مقطع مصور نشرته وسائل إعلام إثيوبية إن الإسلام ينص على “انتفاع من كان نبع النيل في أرضه أولًا بهذا الماء، وإرسال ما زاد إلى جيرانه، وإن لم يزد ينتفع هو بالماء”.
ورد شيخ الأزهر، أحمد الطيب، قبل ثلاثة أسابيع، بأن مياه الأنهار والموارد الطبيعية الضرورية لحياة الناس ليست ملكًا لأحد دون الآخر.
وأضاف شيخ الأزهر في بيان مصور أن “من يمنع الماء كما يشاء فهو ظالم ومعتد وعلى الجهات المعنية محليًا دوليًا منعه من تغوله وإفساده في الأرض”.
لكن رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا الملقب بالمفتي عاد وطالب شيخ الأزهر بمراجعة حديثه.
وقال مفتي إثيوبيا في مؤتمر صحفي: “ينبغي على شيخ الأزهر أن ينظر ويتيقن من أمر النيل، ورأي حكومة إثيوبيا سديد”.
صراع رجال الدين
هذه التصريحات المتبادلة أثارت جدلًا كبيرًا بين رجال الدين، خاصة في مصر، الذين رأوا في رد مفتي إثيوبيا على شيخ الأزهر “تجاوزًا في مكانته”.
وأشار مستشار الرئيس المصري للشؤون الدينية ومدرس أصول الدين، أسامة الأزهري، إلى أن تصريحات مفتي إثيوبيا “قد تسبب ضررًا عظيمًا على المسلمين في إثيوبيا لأنها تضللهم وتشوش عقولهم”.
ويقدر المسلمون في إثيوبيا بأكثر من 30 بالمئة من عدد السكان، طبقًا لإحصاء عام 2007، لكن يتوقع كثيرون زيادة هذه النسبة خلال السنوات الماضية.
وقال الأزهري في برنامجه الإذاعي إن “زمن النجاشي قد مضى، وأن من بعده يظلمون 100 مليون مصري و40 مليونًا في السودان”.
وكان مفتي إثيوبيا، عمر إدريس، قد أشار في حديثه المصور إلى أن “إثيوبيا قد حُكمت من النجاشي الملك العادل وأنها لا تظلم”.
ويشتهر النجاشي بين المسلمين بأنه كان حاكمًا عادلًا للحبشة (إثيوبيا حاليًا)، إذ تنقل المراجع التاريخية الرسمية أنه استضاف مسلمين من أصحاب النبي محمد قبل هجرته من مكة إلى المدينة، تفاديًا لملاحقة قريش ليهم.
واتهم مفتي مصر السابق ورئيس لجنة الشؤون الدينية في مجلس النواب المصري، علي جمعة، رجل الدين الإثيوبي بالجهل.
وعلق جمعة في تصريحات صحفية قائلًا: “يا عمر اتق الله ولا تقلب الأدلة، وترد بالباطل على شيخ الأزهر”.
ولم يتوقف الأمر عن رجال الدين المنتمين إلى مؤسسات رسمية، فقد ظهر الداعية السلفي محمد حسان عبر قناته الرحمة ليعلق هو الآخر على أزمة سد النهضة.
وقال حسان إن إثيوبيا تناست أن “النيل بالنسبة لمصر هو شريان الحياة”، مضيفًا أن “مصر لا تحب الاعتداء، لكنها ترد عن شعبها أي اعتداء”.
دور الدين في السياسة
يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، عمار علي حسن، أن الدين وُظِف في السياسة بشكل واسع خلال حروب وصراعات دولية عديدة، لأن أطراف الصراعات يحتاجون إلى تبرير عدالة قضاياهم ودوافعهم للقتال.
وينتقد حسن هذه التصريحات المتبادلة قائلًا: “إن دور الدين في مسألة كهذه يكون في حالات محددة، مثل أن تنقص المياه ويتصارع الناس عليها، حينها يحاول الدين تلطيف العلاقات الاجتماعية لتقليل الصراع والعنف”.
وكان مفتي إثيوبيا قد أعلن أن جهودًا قد فشلت لجمع رجال الدين الإسلامي في مصر والسودان وإثيوبيا، للاتفاق على موقف واحد في قضية سد النهضة.
أحدث خلافات المسيحيين في مصر وإثيوبيا
وتمتد قضية سد النهضة أيضًا إلى المسيحيين في مصر وإثيوبيا الذين يعانيان أصلا من أزمات كبيرة بينهما.
وتبرز مشكلة بين الكنيستين الإثيوبية والمصرية منذ فترة طويلة بسبب “دير السلطان مملوك” في مدينة القدس.
وقبل نحو شهرين ونصف الشهر، نصب رهبان إثيوبيون خيمة بداخل الدير ورفعوا العلم الإثيوبي أعلاه، ما أثار غضب رهبان مصريين تجمعوا لإزالة الخيمة والعلم.
وتختلف الكنيستان المصرية والإثيوبية في تبعية هذا الدير، فكل منهما يقول إن الدير ملك له.
وفي قضية سد النهضة، دعت الكنيسة الإثيوبية الإثيوبيين، قبل نحو شهر ونصف الشهر، إلى “مواصلة دعمهم لمشروع السد الذي أوشك على الاكتمال”.
وأوضحت الكنيسة في بيان أن “سد النهضة يعد خطوة للأمام في سبيل رفع الفقر”.
وعلى الجانب الآخر، أشار البابا تواضروس الثاني، رأس الكنيسة المصرية، قبيل جلسة مجلس الأمن التي انعقدت قبل أيام لمناقشة قضية سد النهضة، إلى أن “القاهرة قادرة على حماية كل حقوقها المائية”.
وقال البابا تواضروس في تصريحات صحفية: “أرجو أن يجعل الله لهذه الخطوة مردودًا إيجابيًا تجنبًا لدخول منطقة القرن الأفريقي في صراعات ونزاعات وحروب تجلب الشر على الجميع”.
وكانت الكنيسة الإثيوبية تابعة للكنيسة المصرية حتى انفصلت عنها عام 1959.
يرى المحلل السياسي الإثيوبي، عبد الشكور عبد الصمد، أن تلك المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية التي وصفها بالعريقة “تتحدث بهذه النبرة بإيعاز من السلطة بعد الاستيلاء عليها ومصادرة قرارها”.
ويقول عبد الصمد إنه “من المؤسف أن تكون القامات التي تلتف حولها الشعوب وتمثل أمل الإنقاذ والمخرج سببًا في إعطاء شرعية للصراع”.
يعود أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، عمار علي حسن، ليتفق مع ذلك قائلًا: “يجب على الجميع معرفة أن حل قضية سد النهضة موجود في هندسة الري وفي نصوص القانون الدولي وليس في الدين”.
[ad_2]
Source link