هروب كارلوس من بلد يصل فيه معدل أحكام الإدانة إلى 99.4 في المئة
[ad_1]
- ديربيل جوردان و سيمون جاك
- بي بي سي
في ليلة باردة من ليالي شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2019، وفي الساعة 10:30 مساء، كان كارلوس غصن، أحد العمالقة السابقين في قطاع صناعة السيارات العالمية، ممددا داخل صندوق على متن طائرة في انتظار الفرار من اليابان.
يتذكر غصن: “كان من المقرر إقلاع الطائرة في الساعة 11 مساء”.
ويضيف: “30 دقيقة من الانتظار داخل صندوق على متن الطائرة، استعدادا لإقلاعها، ربما كانت أطول مدة انتظار حدثت في حياتي”.
هذه أول مرة يروي فيها الرجل، الذي شغل منصب رئيس شركة نيسان ورينو للسيارات، تفاصيل هروبه الجريء.
ويتحدث غصن، في مقابلة حصرية لبي بي سي، عن الطرق التي كان يتنكر بها ليسير في شوارع طوكيو دون أن يعرفه أحد، ولماذا وقع الاختيار على صندوق كبير للمعدات الموسيقية ليهرب داخله من اليابان، والفرحة التي شعر بها عندما وصل أخيرا إلى وطنه، لبنان.
يقول غصن: “يا لها من إثارة، أخيرا سأتمكن من سرد القصة”.
قُبض على غصن في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2018 بعد اتهام شركة نيسان له بتقليل راتبه السنوي وسوء استخدام أموال الشركة، وهو اتهام ينفيه.
كان غصن في ذلك الوقت رئيس مجلس إدارة شركة صناعة السيارات اليابانية، وكان يشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة شركة “رينو” الفرنسية ورئيس تحالف ثلاثي بين شركات صناعة السيارات و”ميتسوبيشي”.
كان قراره بتخفيض التكاليف في شركة نيسان، الذي كان مثار جدل في البداية، بمثابة خطوة يبدو أنها أنقذت شركة صناعة السيارات وأصبح شخصية محترمة ومعروفة للغاية. بيد أنه يصر على أنه تعرض لـ “أضرار جانبية” في معركة ضد النفوذ المتزايد لشركة “رينو” التي لا تزال تستحوذ على 43 في المئة من الشركة اليابانية.
ويعرض المسلسل الوثائقي “ستوريفيل” تفاصيل صعوده الاستثنائي وسقوطه المفاجئ في حلقة بعنوان “كارلوس غصن: الرحلة الأخيرة”، تعرضها بي بي سي 4 يوم الأربعاء 14 يوليو/تموز.
“صدمة”
يصف غصن لحظة اعتقاله في مطار طوكيو قبل ثلاث سنوات قائلا: “بدا الأمر كما لو أن حافلة صدمتك أو حدث لك شيء مؤلم للغاية”.
ويضيف: “الذكرى الوحيدة التي أحملها عن هذه اللحظة هي الصدمة والصدمة الشديدة”.
نُقل غصن إلى مركز احتجاز في طوكيو، وهناك استلم ملابس السجن وحُبس في زنزانة، ويقول: “فجأة أصبح يتعين عليّ أن أتعلم كيف أعيش بدون ساعة، بدون جهاز كمبيوتر، بدون هاتف، بدون أخبار، بدون قلم – بدون أي شيء”.
قضى غصن، على مدار أكثر من عام، فترات طويلة في الحبس أو رهن الإقامة الجبرية في طوكيو بعد الإفراج عنه بكفالة.
لم يكن واضحا متى سيمثُل للمحاكمة، كان الخوف هو أن يستغرق الأمر سنوات، ويواجه غصن عقوبة السجن لمدة 15 عاما أخرى في حالة إدانته، في بلد يصل فيه معدل أحكام الإدانة إلى 99.4 في المئة.
قرر غصن العثور على مخرج من الأزمة، خلال فترة الإقامة الجبرية، عندما قيل له إنه لن يُسمح بأي اتصال مع زوجته كارول.
وقال: “كانت الخطة هي إخفاء وجهي، لذا يجب أن أختبيء في مكان ما. كانت الطريقة الوحيدة التي يمكن أن أختبيء بها هي أن أكون داخل صندوق أو داخل حقيبة أمتعة، حتى لا يستطيع أحد رؤيتي، ولا يمكن لأحد التعرف عليّ، ويُكتب للخطة النجاح”.
وأضاف أن فكرة استخدام صندوق كبير يحتوي عادة على آلات موسيقية “كانت أكثر منطقية، خصوصا أنه في ذلك الوقت كانت تُنظم في اليابان الكثير من الحفلات الموسيقية”.
ولكن كيف يستطيع شخص مشهور جدا، أصبح الآن سيء السمعة، في اليابان الانتقال من منزله في العاصمة والذهاب إلى المطار ثم الهرب؟
يقول غصن إن الخطة كانت تتمثل في التصرف بشكل طبيعي في ذلك اليوم قدر الإمكان.
ويضيف: “يجب أن يكون يوما عاديا، أمارس فيه المشي بشكل طبيعي بملابس عادية، وسلوك طبيعي، على أن يتغير كل شيء فجأة”.
سيتعين على غصن تغيير البدلات، التي اعتاد أن يرتديها لسنوات كمسؤول تنفيذي رفيع المستوى في قطاع السيارات العالمي، بشيء آخر غير رسمي إلى حد ما، ففكر في ارتداء الجينز والأحذية الرياضية.
ويقول: “لك أن تتخيل أنني اضطررت للذهاب إلى أماكن لم أزرها من قبل، وأشتري ملابس لم أشترها من قبل”.
ويضيف: “كل هذا يعد جانبا من طريقة تضمن بها لنفسك أقصى احتمال لتحقيق النجاح، مع عدم لفت الانتباه لشخصك على الإطلاق”.
“اللحظة”
من طوكيو سافر غصن بالقطار السريع إلى أوساكا حيث كانت طائرة خاصة تنتظره في مطار محلي للمغادرة. لكن أولا، الصندوق في انتظار غصن في فندق قريب.
ويقول: “عندما تدخل الصندوق، لا تفكر في الماضي، ولا تفكر في المستقبل، بل فكر فقط في اللحظة التي تعيشها”.
ويضيف: “لست خائفا، لا توجد عاطفة باستثناء التركيز الكبير على أن” هذه هي فرصتك، لا يمكن إضاعتها. فإن ضاعت، ستدفع مقابلها حياتك، حياة العيش رهينة في اليابان”.
نُقل غصن من الفندق إلى المطار بواسطة رجلين، الأب والابن مايكل وبيتر تايلور، كانا ينتحلان صفة موسيقيين.
ويعتقد غصن عموما أنه ظل داخل الصندوق لمدة ساعة ونصف تقريبا، على الرغم من أن الأمر بدا وكأنه استمر لمدة “عام ونصف”.
أقلعت الطائرة الخاصة في الوقت المحدد، وحلّق غصن، الذي أصبح الآن حرا، ليلا، وبدّل الطائرة في تركيا قبل أن يهبط في بيروت صباح اليوم التالي.
لا يوجد لدى لبنان اتفاقية تسليم مجرمين مع اليابان، لذلك سُمح لغصن بالبقاء.
وعلى الرغم من ذلك سلمت الولايات المتحدة الرجلين الأمريكيين، مايكل تيلور وابنه بيتر، منذ ذلك الوقت إلى اليابان وهما يواجهان عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة مساعدة غصن على الهرب.
كما يواجه غريغ كيلي، زميل غصن السابق في شركة نيسان، عقوبة السجن أيضا، وهو لا يزال قيد الإقامة الجبرية في طوكيو بتهمة مساعدة رئيسه السابق في إخفاء أرباحه، وهي تهمة ينفيها كيلي.
ماذا عن الأشخاص الذين تخلفوا عن الركب في اليابان؟
يقول غصن: “علمت أن نهاية محاكمة غريغ كيلي ستنتهي على الأرجح بحلول نهاية العام الجاري. يعلم الله بعد ذلك ماذا ستكون نتائج هذه المحاكمة في تهمة زائفة، كما قلت”.
ويضيف: “أشعر بالأسف تجاه كل الأشخاص الذين وقعوا ضحية نظام عدالة الرهائن في اليابان، جميعهم”.
[ad_2]